الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتحقيق ما أبطله، وإبطال ما حققه، وعداوة من والاه، وموالاة من عاداه، وحب ما أبغضه، وبغض ما أحبه، ووصفه بما لا يليق به في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله.
فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه ولا أشد إثماً. وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات؛ فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم.
ولهذا اشتد نكير السلف والأئمة لها، وصاحوا بأهلها من أقطار الأرض، وحذروا فتنتهم أشد التحذير، وبالغوا في ذلك ما لم يبالغوا مثله في إنكار الفواحش والظلم والعدوان؛ إذ مضرة البدع وهدمها للدين ومنافاتها له أشد". (1)
ج- تحقيق الولاء والبراء:
إن كثيراً مما ألف في القديم والحديث من الكتب باسم: الفرق الإسلامية، أو الفكر الإسلامي، متضمن لكثير من الأخطاء العقدية والمنهجية التي ينسبها أصحابها لمعتقد أهل السنة وهم برآء منها، وكثير من القراء لا يعلم أن معظم ما كُتب فيها ما هو إلا أخطاء وانحرافات وبدع، حذر منها علماء السنة بحق وهم السلف، ودفعوها بقولهم وفعلهم ومواقفهم، طيلة العصور التاريخية.
فالإسلام هو الكتاب والسنة وفهم سلفي انبثق منهما، وما سوى ذلك
(1) مدارج السالكين (1/ 372).
فلا يجوز أن ينسب إلى الإسلام لا من قريب ولا من بعيد، وإنما هي أخطاء وانحرافات عقدية ومنهجية يتحمل أصحابها تبعاتها في الدنيا وفي الآخرة؛ {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)} (1). فنرجو الله تعالى أن يثيب محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم.
لذلك كان ولاء السلف للسنة وعلى السنة، والبراء من البدعة ودعاتها والقائمين عليها، لمناهضتهم السنة ومفارقتها وقيامهم بخلافها، ومخالفتهم نهجها، واختلافهم عليها.
"فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلاً يتعاطى شيئاً من الأهواء والبدع معتقداً، أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره، ويتبرأ منه، ويتركه حياً وميتاً، فلا يسلم عليه إذا لقيه، ولا يجيبه إذا ابتدأ إلى أن يترك بدعته، ويراجع الحق. والنهي عن الهجران فوق الثلاث فيما يقع بين الرجلين من التقصير في حقوق الصحبة والعشرة دون ما كان ذلك في حق الدين؛ فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة إلى أن يتوبوا". قاله البغوي رحمه الله. (2)
وقال أيضاً: "إن هجران أهل البدع على التأبيد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) النحل الآية (25).
(2)
شرح السنة (1/ 224).
خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج معه، فأمر بهجرانهم إلى أن أنزل الله توبتهم، وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم براءتهم، وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم، وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة، ومهاجرتهم.
قال ابن عمر رضي الله عنهما لمن سأله عن القوم الخائضين في القدر: "أخبرهم أني بريء منهم، وأنهم مني برآء". (1)
وقال أبو قلابة: لا تجالسوا أصحاب الأهواء، أو قال: أصحاب الخصومات، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون.
وقال رجل من أهل البدع لأيوب السختياني: يا أبا بكر! أسألك عن كلمة. فولى وهو يقول بيده: ولا نصف كلمة.
وقال سفيان الثوري: من سمع بدعة، فلا يحكها لجلسائه، لا يلقيها في قلوبهم (2).
قال الشيخ: "ثم هم مع هجرانهم كفوا عن إطلاق اسم الكفر على أحد من أهل القبلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم من أمته. وروي عن جماعة من السلف تكفير من قال بخلق القرآن، روي ذلك عن مالك، وابن عيينة، وابن
(1) رواه مسلم (1/ 8/36).
(2)
علق الإمام الذهبي رحمه الله على قول الإمام سفيان الثوري - كما في السير (7/ 261): قلت: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير؛ يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة.