الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتأويل، لا تجديد الدين ولا إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة.
هداهم الله تعالى إلى سواء السبيل". اهـ (1)
قلت: صدق رحمه الله؛ فإن التجديد المعتبر هو إحياء ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الحق والهدى، وما ربى عليه أصحابه رضي الله عنهم أجمعين. وأما غير ذلك مما هو مخالف له فلا يعتبر تجديداً، بل هو إحداث في الدين، وتشويه لجماليته. فكم قوض أهل الكلام من جهمية ومعتزلة وأشاعرة من القواعد والأصول باسم التجديد؟! وهكذا لو تتبعت كل فرقة من الفرق لوجدت عندها الكثير من ذلك. فأحق الناس بالتجديد هم من كان أتبع للنبي صلى الله عليه وسلم، وأحفظ لسنته، وأشد تعظيماً لها، وهم السلف الصالح رضوان الله عليهم، ومن سار على منهجهم إلى يوم الدين.
السبب التاسع: إبطال دعوى التقريب بين الملل والنحل:
هذه الدعوى التي قام سوقها، واستوت على ساقها، في رواق منظمات أممية في التقريب بين الحضارات والأديان، وأخرى جهوية في التأليف بين الفرق والمذاهب الإسلامية، قد عقدت لأجلها ندوات ومؤتمرات، وأسست لها مجامع ومؤسسات تعنى بها وتروج لأفكارها ومبادئها، واتخذها المتزلفون
(1) عون المعبود (11/ 391 - 392).
مطية للارتزاق، ووسيلة للوظائف السامية والمناصب العالية، بذلوا من أجل الدرهم دينهم، واستبدلوا بالدنيا أخراهم.
بهذه الموسوعة الميسَّرة للقارئين، بما ضمته من مواقف السلف الأخيار في البراءة من الشرك وأهله، والمبتدعة على اختلاف نحلهم ومشاربهم، وتنوع فرقهم، توضح بجلاء بطلان هذه الدعوى الزائفة الرامية إلى الانسلاخ من الدين، واعتبار القيم الإنسانية فوق كل شيء، حتى الشرائع بزعمهم، المقصود بهذه الدعوى أولاً وآخراً شريعتنا المحمدية التي نسخت الشرائع قبلها، وعفَّت آثارها، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} (1).
ثم إن ترويج الخلاف والاختلاف واعتباره أصلاً في الدين، وأن كل الفرق -الإسلامية زعموا- على اختلافها، وتضارب أفكارها، وتقاطع مساراتها، مجسَّم واحد لجسم واحد؛ وأنها كلها في تنوع متكامل، يجب أن تخضع لقول من قال "لنتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضها بعضاً فيما اختلفنا فيه".
هذا القول المحدث المبتور، لم يؤثر عن واحد من الأعلام الذين أوردنا أقوالهم في وجوب الالتزام بالسنة وموالاة القائمين بها، واجتناب الشرك والمشركين، والمبتدعة والمبتدعين.
(1) آل عمران الآية (85).
وقد كشفنا أصول هذه الفرق كلها، والرد عليها، ومواقف السلف منها، وبينا خطرها على الأمة، بما لا يدع مجالاً للارتياب في أمرها، في كتابنا "أهل الأهواء والبدع والفتن والاختلاف"، الذي نعمل على إعداده للطبع وإتحاف القراء الكرام به قريباً إن شاء الله تعالى، يسر الله ذلك آمين.