الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من هذه السلسة المباركة، سميته بـ:"الاعتصام بالكتاب والسنن وفهم السلف عند حدوث الأهواء والفتن والاختلاف" في ثلاث مجلدات لطيفة؛ أحدها في الآيات الدالة على الاعتصام بالكتاب والسنة مع توجيهها، والثاني في الأحاديث الواردة في الباب، والثالث في فهم السلف، وهو جرد وسرد لأقوالهم في الباب نفسه.
وفي موسوعتنا هذه قد أوردنا من أقوال السلف في تقرير هذا الأمر ضمن مواقفهم من المبتدعة ما يسر الناظر فيه، ويثلج صدر أحباب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتسننين بها.
ب- الرد على المخالف:
قد يستهجن بعض العوام وأشباه العلماء، وكثير من المثقفين والأدباء، والحزبيين، رد السلفيين على المخالفين من المبتدعة والمضلين والمميعين لأحكام الدين، حيث جندوا أنفسهم لكشف باطلهم وإبطال دعوتهم، فثارت ثائرة القوم بالإنكار والتنديد، والتبديع والتقريع، وأن هذا المسلك خلاف ما عليه السلف الذين يدعي السلفيون الانتساب إليهم!!
وما علم القوم أن الرد على المخالف لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم هو محض النصح لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم كما سبق، وهو منهج السلف الأخيار لم يفارقوه برهة، ولم يتخلف أحد منهم عن القول به طوال تاريخ الإسلام.
وما أوردناه في هذا السفر من أقوال هذا الجم الغفير من الأعلام الذين يقارب عددهم المئتين والألف علَم، برهان ساطع في وجوب النصح للمسلمين، وتحذيرهم من المتقولين على الله بغير علم، الذين هم أعظم جرماً وأقبح جرأة في قيلهم وفعلهم، فالرد عليهم واجب، والتحذير منهم لازم.
قال ابن القيم رحمه الله: "وأما القول على الله بلا علم: فهو أشد هذه المحرمات تحريماً، وأعظمها إثماً؛ ولهذا ذكر في المرتبة الرابعة من المحرمات التي اتفقت عليها الشرائع والأديان، ولا تباح بحال؛ بل لا تكون إلا محرمة، وليست كالميتة والدم ولحم الخنزير الذي يباح في حال دون حال.
فإن المحرمات نوعان: محرم لذاته لا يباح بحال. ومحرم تحريماً عارضاً في وقت دون وقت. قال الله تعالى في المحرم لذاته: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (1)، ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه فقال:{وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} ، ثم انتقل منه إلى ما هو أعظم منه فقال:{وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)} .
فهذا أعظم المحرمات عند الله وأشدها إثماً؛ فإنه يتضمن الكذب على الله ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغيير دينه وتبديله، ونفي ما أثبته، وإثبات ما نفاه،
(1) الأعراف الآية (33).