الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم قتل الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قتل الخنزير في الإسلام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يحرم أكل الخنزير بإجماع العلماء، لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ
…
) المائدة/3.
وأما قتل الخنزير فقد ذهب الجمهور إلى جواز قتله، وذهب بعضهم إلى وجوبه، وذهب آخرون إلى استحبابه.
والحجة في ذلك أمران:
الأول: أنه أسوأ من الفواسق التي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتلها، فيقتل من باب أولى.
والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن عيسى عليه السلام إذا نزل آخر الزمان قتل الخنزير، وأن هذا من العدل الذي سيقيمه من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
روى البخاري (2222) ومسلم (155) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ، حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ) .
وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيح في كتاب البيوع: "باب قتل الخنزير".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري": " قَوْلُهُ: (بَابُ قَتْلِ الْخِنْزِيرِ) أَيْ هَلْ يُشْرَعُ كَمَا شُرِعَ تَحْرِيمُ أَكْلِهِ؟ وَوَجْهُ دُخُولِهِ فِي أَبْوَابِ الْبَيْعِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مَا أُمِرَ بِقَتْلِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ، قَالَ اِبْنُ التِّينِ: شَذَّ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ: لَا يُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَاوَةٌ. قَالَ: وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِهِ مُطْلَقًا " انتهى.
وبوب البخاري أيضا في كتاب المظالم والغصب: " باب كسر الصليب وقتل الخنزير ".
قال الحافظ ابن حجر في شرحه: " وَفِي إِيرَادِهِ هُنَا إِشَارَة إِلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ خِنْزِيرًا أَوْ كَسَرَ صَلِيبًا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَأْمُورًا بِهِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ عليه الصلاة والسلام بِأَنَّ عِيسَى عليه السلام سَيَفْعَلُهُ ، وَهُوَ إِذَا نَزَلَ كَانَ مُقَرِّرًا لِشَرْع نَبِيّنَا صلى الله عليه وسلم ، كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلّ جَوَاز كَسْر الصَّلِيبِ إِذَا كَانَ مَعَ الْمُحَارِبِينَ ، أَوْ الذِّمِّيِّ إِذَا جَاوَزَ بِهِ الْحَدَّ الَّذِي عُوهِدَ عَلَيْهِ ، فَإِذَا لَمْ يَتَجَاوَزْ وَكَسَرَهُ مُسْلِم كَانَ مُتَعَدِّيًا لِأَنَّهُمْ عَلَى تَقْرِيرِهِمْ عَلَى ذَلِكَ يُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ ، وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَعْمِيمِ عِيسَى كَسْر كُلِّ صَلِيبٍ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْجِزْيَةَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُ نَسْخًا لِشَرْع نَبِيّنَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بَلْ النَّاسِخ هُوَ شَرْعُنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّنَا لِإِخْبَارِهِ بِذَلِكَ وَتَقْرِيره " انتهى.
وقال ابن حزم رحمه الله: " وأما الخنازير فروينا من طريق البخاري [وذكر حديث نزول عيسى عليه السلام] فأخبر عليه السلام أن قتل الخنزير من العدل الثابت في ملته التي يحييها عيسى أخوه عليهما السلام " انتهى.
وقال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " قَوْله صلى الله عليه وسلم: (لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِل فِيكُمْ عِيسَى بْن مَرْيَم صلى الله عليه وسلم حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِر الصَّلِيب ، وَيَقْتُل الْخِنْزِير ، وَيَضَع الْجِزْيَة ، وَيَفِيض الْمَال حَتَّى لَا يَقْبَلهُ أَحَد)
…
وَفِيهِ دَلِيل لِلْمُخْتَارِ مِنْ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور أَنَّا إِذَا وَجَدْنَا الْخِنْزِير فِي دَار الْكُفْر أَوْ غَيْرهَا وَتَمَكَّنَّا مِنْ قَتْله قَتَلْنَاهُ ، وَإِبْطَال لِقَوْلِ مَنْ شَذَّ مِنْ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ فَقَالَ: يُتْرَك إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَاوَة " انتهى.
وفي "فتاوى الرملي رحمه الله"(1/97) : "سئل: هل يندب قتل الخنزير أم لا؟
فأجاب بأنه يندب قتله".
وممن صرح بوجوب قتله ابن بطال، والخطابي رحمهما الله.
قال ابن بطال رحمه الله في شرح البخاري (6 / 344) : " أجمع العلماء على أن بيع الخنزير وشراءه حرام، وأجمعوا على قتل كل ما يُستضر به ويؤذي مما لا يبلغ أذى الخنزير، كالفواسق التى أمر النبي صلى الله عليه وسلم المُحْرِم بقتلها، فالخنزير أولى بذلك، لشدة أذاه، ألا ترى أن عيسى ابن مريم يقتله عند نزوله، فقتله واجب " انتهى.
ونقل الدميري في "حياة الحيوان" عن الخطابي قوله: " وفي قوله: " ويقتل الخنزير " دليل على وجوب قتل الخنازير، وبيان أن أعيانها نجسة، وذلك أن عيسى عليه السلام إنما ينزل في آخر الزمان وشريعة الإسلام باقية " انتهى.
ثالثا:
لا يباح قتل الخنزير في حالين:
الأولى: أن يكون لأهل الذمة ولم يظهروه، فإذا أظهروه جاز قتله.
وفي "الموسوعة الفقهية"(20 / 36) : " اتفق الفقهاء على أن أهل الذمة يقرون على ما عندهم من خنازير إلا أنهم يمنعون من إظهارها ، ويمنعون من إطعامها مسلما ، فإذا أظهروها أتلفت ولا ضمان. وقيد الشافعية عدم تمكينهم من إظهارها بأن يكونوا بين أظهر المسلمين ، أما إذا انفردوا ببلد بأن لم يخالطهم مسلم لم يتعرض لهم " انتهى.
والثانية: أن يترتب على قتل الخنزير مفسدة أعظم من قتله، كأن تحدث فتنة أو ضرر عظيم على المسلمين بسبب قتله؛ والقاعدة: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب