الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الشرب قائماً
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أحاديث في النهي عن الشرب قائماً، فهل معنى ذلك أن الشرب قائماً حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الشرب قائماً، منها ما رواه مسلم (2024) (2025) عَنْ أَنَسٍ وأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَجَرَ (في لفظ: نَهَى) عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا.
ووردت أحاديث أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائماً، منها:
ما رواه البخاري (1637) مسلم (2027) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ.
وروى البخاري (5615) عن عَلِيّ رضي الله عنه أنه شَرِبَ قَائِمًا ثم قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ.
وروى أحمد (797) أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه شَرِبَ قَائِمًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّاسُ كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهُ فَقَالَ: مَا تَنْظُرُونَ! إِنْ أَشْرَبْ قَائِمًا فَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُ قَائِمًا، وَإِنْ أَشْرَبْ قَاعِدًا فَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُ قَاعِدًا. قال أحمد شاكر في تحقيق المسند: إسناده صحيح اهـ.
وروى الترمذي (1881) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَمْشِي، وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ. صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث بأن النهي ليس للتحريم، وإنما هو محمول على الإرشاد، وأن الأفضل أن يشرب جالساً، وأحاديث شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائماً تدل على جواز ذلك.
قال النووي رحمه الله:
"لَيْسَ فِي هَذِهِ الأَحَادِيث بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى إِشْكَال ، وَلا فِيهَا ضَعْف ، بَلْ كُلّهَا صَحِيحَة ، وَالصَّوَاب فِيهَا أَنَّ النَّهْي فِيهَا مَحْمُول عَلَى كَرَاهَة التَّنْزِيه. وَأَمَّا شُرْبه صلى الله عليه وسلم قَائِمًا فَبَيَان لِلْجَوَازِ ، فَلا إِشْكَال وَلا تَعَارُض ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَتَعَيَّن الْمَصِير إِلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْف يَكُون الشُّرْب قَائِمًا مَكْرُوهًا وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؟
فَالْجَوَاب: أَنَّ فِعْله صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ بَيَانًا لِلْجَوَازِ لا يَكُون مَكْرُوهًا ، بَلْ الْبَيَان وَاجِب عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم ، فَكَيْف يَكُون مَكْرُوهًا وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّة مَرَّة وَطَافَ عَلَى بَعِير مَعَ أَنَّ الإِجْمَاع عَلَى أَنَّ الْوُضُوء ثَلاثًا وَالطَّوَاف مَاشِيًا أَكْمَل ، وَنَظَائِر هَذَا غَيْر مُنْحَصِرَة ، فَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُنَبِّه عَلَى جَوَاز الشَّيْء مَرَّة أَوْ مَرَّات ، وَيُوَاظِب عَلَى الأَفْضَل مِنْهُ، وَهَكَذَا كَانَ أَكْثَر وُضُوئِهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاث ثَلاثًا ، وَأَكْثَر طَوَافه مَاشِيًا ، وَأَكْثَر شُرْبه جَالِسًا، وَهَذَا وَاضِح لا يَتَشَكَّك فِيهِ مَنْ لَهُ أَدْنَى نِسْبَة إِلَى عِلْم. وَاللَّهُ أَعْلَم" اهـ.
وهذا الجمع بين الأحاديث قد قال به الْخَطَّابِيّ وَابْن بَطَّال والطَّبَرِيُّ. . . وغيرهم.
قال الحافظ في "فتح الباري":
وَهَذَا أَحْسَن الْمَسَالِك وَأَسْلَمهَا وَأَبْعَدهَا مِنْ الاعْتِرَاض اهـ.
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (22/133) :
"الأصل أن يشرب الإنسان قاعداً، وهو الأفضل، وله أن يشرب قائماً، وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمرين للدلالة على أن الأمر في ذلك واسع" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب