الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبقة الثانية
فيمن قصد الهند من أهل القرن الثاني
أبو عطاء السندي
أبو عطاء السندي الشاعر المشهور مولى بني أسد ثم مولى عمرو بن سماك ابن حصين
الأسدي، إسمه أفلح بن يسار وقيل: مرزوق، كان سندياً عجمياً لا يفصح وفي لسانه عجمة
ولثغة وكان إذا تكلم لا يفهم كلامه، وكان مع ذلك من أحسن الناس بديهة وأشدهم
عارضة وتقدماً، وهو من مخضرمي الدولتين، مدح بني أمية وبني هاشم، وله في كتاب
الحماسة مقاطيع نادرة منها قوله:
ذكرتك والخطى يخطر بيننا وقد نهلت منا المثقفة السمر
فوالله ما أدري وإني لصادق أداء عراني من حبابك أم سحر
فإن كان سحراً فاعذريني على الهوى وإن كان داء غيره فلك العذر
وقوله في ابن هبيرة وقد قتله المنصور بواسط بعد أن أمنه:
ألا إن عيناً لم تجد يوم واسط عليك بجاري دمعها لجمود
عشية قام الناتحات وشققت جيرب بأيدي مأتم وخدود
فإن تمس مهجور الفناء فربما أقام به بعد الوفود وفود
فإنك لم تبعد على متعهد بلى كان من تحت التراب بعيد
وكان إذا تكلم لا يفهم كلامه ولذلك قال لسليمان بن سليم الكلبي:
أعورتني الرواة يا ابن سليم وأبى أن يقيم شعري لساني
وغلا بالتي أجمجم صدري وجفاني لعجمتي سلطاني
وازدرتني العيون إذ كان لوني حالكاً مجتوى من الألوان
فضربت الأمور ظهراً لبطن كيف احتال حيلة لبيان
وتمنيت أنني كنت بالشعر فصيحاً وكان بعض بياني
ثم أصبحت قد انخت ركابي عند رحب الفناء والأعطان
فأعطني ما تضيق عنه رواتي بفصيح من صالح الغلمان
يفهم الناس ما أقول من الشعر فإن البيان قد أعياني
واعتمدني بالشكر يا ابن سليم في بلادي وسائر البلدان
سترى فيهم قصائد غراً فيك سباقة بكل لسان
فأمر له بوصيف فسماه عطاء وتبناه وتكنى به ورواه شعره، فكان إذا أراد إنشاد مديح
لمن يمتدحه أو يجتديه أو إنشاء شعر أمره فأنشد.
قيل إنه قال يوماً: وإلا منذ لدن ذاوتا وقلت ليبأ ما إنك تصنأ- يعني وإنك منذ دعوتك
وقلت: لبيك، ما كنت تصنع؟.
وشهد أبو عطاء حرب بني أمية وبني العباس وآب مع بني أمية وقتل غلامه عطاء مع ابن
هبيرة وانهزم هو.
وحكى المدائني أن أبا عطاء كان يقاتل المسودة وقدامه رجل من بني مرة يكنى أبا زياد قد
عثر فرسه فقال لأبي عطاء: أعطني فرسك! أقاتل عني وعنك- وقد كانا أيقنا بالهلاك-
فأعطاه أبو عطاء فرسه، فركبه المرى ومضى على وجهه ناجياً فقال أبو عطاء:
لعمرك إنني وأبا زياد لكالساعي إلى لمع السراب
رأيت لخيله يطغون فيها وفي الطمع المذلة للرقاب
فما أغناك عن طلب ورزق وما أغناك عن سرق الدواب
وأشهد أن مرة حي صدق ولكن لست فيهم في النصاب
وعن المدائني أن يحيى بن زياد الحارثي وحماد الراوية كان بينهما وبين معلى بن هبيرة ما
يكون بين الشعراء من المنافسة وكان معلى يحب أن يطرح حماداً في لسان من يهجوه، قال
حماد: فقال لي يوماً بحضرة يحيى بن زياد: أتقول لأبي عطاء السندي أن يقول: زج وجرادة
ومسجد بني شيطان؟ قال حماد: فقلت له: نعم، فما تجعل لي على ذلك؟ قال: بغلتي
بسرجها ولجامها! فأخذت عليه بالوفاء وثقا وجاء أبو عطاء إلينا فقال: مرهبا مرهبا!
هياكم الله! بلفظ الحاء هاء لأنه أعجمي فرحبنا به وعرضنا عليه العشاء فأبى وقال: هل
عندكم نبيذ؟ فأتيناه بنبيذ كان عندنا فشرب حتى أحمرت عيناه فقلت له: يا أبا عطاء!
كيف علمك باللغز؟ فقال: جيد، فقلت:
ابن لي ان سألت أبا عطاء يقينا كيف علمك بالمعاني
فقال:
خبير آلم فاسأل تزدني بها تبا وآيات المثاني
أراد عالم- تجدني- طبا، فقلت: