المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وقت نزول القرآن الكريم: - نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

[محمد بن عبد الرحمن الشايع]

الفصل: ‌وقت نزول القرآن الكريم:

‌وقت نزول القرآن الكريم:

أكثر نزول القرآن الكريم نهاراً حضراً، وقد نزل يسير منه في السفر وقليل منه في الليل، وقد تتبع العلماء ذلك فذكروا ما وقفوا عليه منه، فمن ذلك:

ما نزل في الثلاثة الذين خلفوا في قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} (التوبة: 118) ففي الصحيح من حديث كعب: فأنزل الله توبتنا حين بقي الثلث الأخير من الليل.1

ومنه سورة "المنافقون" فقد أخرج الترمذي عن زيد بن أرقم أنها نزلت ليلاً في غزوة تبوك.2 وذكر ابن إسحاق أنها نزلت في غزوة بني المصطلق.3

ومنه سورتا المعوذتين فعن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزلت الليلة آيات لم يرَ مثلهن: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ".4

ومنه قوله تعالى في سورة المائدة (67) : {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى

1 من حديث طويل أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، باب قوله تعالى لقد تاب الله على النبي. 6/209، وفي المغازي باب حديث كعب بن مالك، 5/130 وأخرجه مسلم، كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب، 4/2120 رقم 2769.

2 أخرجه الترمذي: كتاب التفسير، باب سورة المنافقين، (5/89) رقم 3369 وقال حديث حسن صحيح.

3 انظر السيرة النبوية لابن كثير (3/300) .

4 أخرجه مسلم في صحيحه (1/558) حديث رقم 814.

ص: 38

نزلت هذه الآية {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة، فقال لهم: يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله"1

قال ابن عقيلة: وكان ذلك في غزوة ذات الرقاع.2 وأخرج الطبراني عن عصمة بن مالك الخطمي قال: كنا نحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل حتى نزلت. فترك الحرس.3 فدلت هاتان الروايتان أنها نزلت في السفر ليلاً.

وقد ذكر أبو القاسم الحسن بن محمد النيسابوري (ت406) في كتابه التنبيه على فضل علوم القرآن من وجوه شرف علوم القرآن؛ معرفة تفصيل نزول القرآن الكريم زماناً، ومكاناً، وأوصافاً. فقال:

"من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته، وترتيب ما نزل بمكة والمدنية، وما نزل بمكة وحكمه مدني، وما نزل بالمدينة وحكمه مكي، وما نزل بمكة في أهل المدينة، وما نزل بالمدينة في أهل مكة، وما يشبه نزول المكي في المدني، وما يشبه نزول المدني في المكي، وما نزل بالجحفة، وما نزل ببيت المقدس، وما نزل بالطائف، وما نزل بالحديبية، وما نزل ليلاً، وما نزل نهاراً، وما نزل مشيعاً، وما نزل مفرداً، والآيات المدنيات، وما حمل من مكة إلى المدينة، وما حمل من المدينة إلى مكة، وما حمل من المدينة إلى الحبشة، وما نزل مجملاً، وما نزل مفسراً، وما اختلف فيه فقال بعضهم: مدني، وقال بعضهم:

1 أخرجه الترمذي في جامعه في كتاب التفسير باب ومن سورة المائدة (5/251) حديث رقم 3046، وقال عنه: حديث غريب. وأخرجه الحاكم في المستدرك وصححه، ووافقه الذهبي (2/313) وذكره نحوه الواحدي في أسباب النزول (195-) .

2 انظر الزيادة والإحسان (1/326) ، وقد أخرجه ابن أبي حاتم عن جابر كذلك (1/318) .

3 ذكره السيوطي في الإتقان (1/83) .

ص: 39

مكي، فهذه خمسة وعشرون وجهاً من لم يعرفها، ويميز بينها، لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله تعالى".1

وقد فسرت وفصلت هذه الأنواع مع التمثيل لها بما وردت به الروايات في البرهان للزركشي، والإتقان للسيوطي، والزيادة والإحسان لابن عقيلة المكي مما لا حاجة معه لزيادة الكلام في بسطه ونقله.2

وما ذكره النيسابوري هنا من وجوب معرفة هذه الأنواع والتمييز بينها وجعل ذلك شرطاً للتفسير لا يسلَّم له وفيه نظر. فليس كله مما له أثر في التفسير.

1 التنبيه على فضل علوم القرآن. لأبي القاسم النيسابوري. منشور في مجلة المورد العراقية. بتحقيق محمد عبد الكريم كاظم. عدد (4) ، مجلد (17) ، عام 1409هـ. الصفحات (305-322) .

2 انظر البرهان للزركشي (1/192) ، والإتقان للسيوطي (1/36-) والزيادة والإحسان لابن عقيلة المكي (1/263) .

ص: 40