المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تخريج حديث أبي الدرداء في فضل الذكر - نفح العبير - جـ ٣

[عبد الله بن مانع الروقي]

الفصل: ‌تخريج حديث أبي الدرداء في فضل الذكر

‌تخريج حديث أبي الدرداء في فضل الذكر

حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: بلى. قال: «ذكر الله» .

أخرجه الترمذي في «سننه» (3388): حدثنا الحُسين بن حُريث حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند عن زياد مولى ابن عياش عن أبي بحرية عن أبي الدرداء به، ورواه مالك عن زياد قال: قال أبو الدرداء فوقفه وهو منقطع.

وأخرجه ابن ماجه (3790) عن يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا المغيرة بن عبد الرحمن وأخرجه أحمد (5/ 195) عن يحيى بن سعيد ومكي وعفان خمستهم عن عبد الله بن سعيد به.

وأخرجه الحاكم (1/ 496)، والبغوي (5/ 15) وابن عبد البر في «التمهيد» (6/ 58)، قال الترمذي: وروى بعضهم عنه فأرسله. يعني عن عبد الله بن سعيد. ولم أقف على من أرسله ويكفي أن الذين رووه موصولًا فيهم القطان.

وهذا إسناد صحيح عبد الله بن سعيد بن أبي هند قال عنه في «التهذيب» : قال أحمد في رواية أبي طالب: ثقة والدوري عن يحيى: ثقة، وقال الآجري عن أبي داود: ثقة، وقال يحيى بن سعيد: كان صالحًا يعرف وينكر، وقال النسائي: لا بأس به، وقال أبو حاتم: ضعيف، ولخص في «التقريب» الكلام عليه بقوله: صدوق

ص: 57

ربما وهم روى له الجماعة.

وزياد مولى ابن عياش هو زياد بن أبي زياد مسيرة المخزومي وثقه النسائي وابن حبان وابن عبد البر وفي «التقريب» : ثقة روى له مسلم والترمذي وابن ماجه وأبو بحرية عبد الله بن قيس الكندي السكوني التراغمي وثقة يحيى وقال العجلي: شامي تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في «الثقات» ووثقه ابن عبد البر وفي «التقريب»: مخضرم ثقة روى له الأربعة.

وقد استشكل في هذا الحديث تفضيل الذكر على الجهاد مع ما روي في الجهاد من الفضائل، وقد أجاب بعض أهل العلم عن هذا قال ابن القيم (ص58) من الوابل: ..... وفي «الترمذي» عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه يقول: «إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه» وهذا الحديث هو فصل الخطاب والتفصيل بين الذاكر والمجاهد، فإن الذاكر المجاهد أفضل من الذاكر بلا جهاد، والمجاهد الغافل، والذاكر بلا جهاد أفضل من المجاهد الغافل عن الله تعالى، فأفضل الذاكرين المجاهدون وأفضل المجاهدين الذاكرون

إلخ.

قال الحافظ في «الفتح» (11/ 210): وأخرج الترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث أبي الدرداء مرفوعًا .. فذكره. قال: وقد أشرت إليه مستشكلًا في أوائل الجهاد مع ما ورد في فضل المجاهد أنه كالصائم لا يفطر، وكالقائم لا يفتر وغير ذلك مما يدل على أفضليته على غيره من الأعمال الصالحة وطريق الجمع والله أعلم أن المراد بذكر الله في حديث أبي الدرداء الذكر الكامل وهو ما يجتمع فيه ذكر اللسان والقلب بالتفكر في المعنى واستحضار عظمة الله تعالى، وأن الذي يحصل له ذلك يكون أفضل ممن يقاتل الكفار مثلًا من غير استحضار لذلك، وأن أفضلية الجهاد إنما هي بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرد،

ص: 58

فمن اتفق له جمع ذلك كمن يذكر الله بلسانه وقلبه باستحضاره، وكل ذلك حال صلاته أو في صيامه أو تصدقه أو قتاله الكفار مثلًا فهو الذي بلغ الغاية القصوى والعلم عند الله تعالى، وأجاب القاضي أبو بكر العربي بأنه ما من عمل صالح إلا والذكر مشترط في تصحيحه، فمن لم يذكر الله بقلبه عند صدقته أو صيامه مثلًا فليس عمله كاملًا، فصار الذكر أفضل الأعمال من هذه الحيثية ويشير إلى ذلك حديث:«نية المؤمن أبلغ من عمله» (1) اهـ. كلام الحافظ والله أعلم.

وقال شيخنا ابن باز: الحديث جيد، ومعناه مثل ما قال:(إذا اجتمع ذكر اللسان والقلب فهو أفضل)(2).

(1) رواه العسكري في «الأمثال» والبيهقي في «الشعب» عن أنس والطبراني عن سهل بن سعد، والديلمي عن أبي موسى، وضعفه ابن دِحيْة والبيهقي، والألباني وغيرهم، وشرحه شيخ الإسلام في «الفتاوى الكبرى» (1/ 4) وقال: ذكره بعضهم وروي مرفوعًا ولم يزد.

(2)

قرئ على شيخنا يوم الأحد 20/ 7/1417هـ، وعلق بما تقدم.

ص: 59