المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإهتداء إلى حكم حضور الجمعة على المسافر القار في بلد أو مار إذا سمع النداء - نفح العبير - جـ ٤

[عبد الله بن مانع الروقي]

فهرس الكتاب

- ‌من أحكام التعدد

- ‌الإهتداء إلى حكم حضور الجمعة على المسافر القار في بلد أو مارٍّ إذا سمع النداء

- ‌فصل في أقوال أهل العلم

- ‌من آداب السفر وأحكامه

- ‌مسائل هامة في السفر

- ‌حديث (نهى أن يُضحى بأعضب القرن والأذن)

- ‌قنوت النوازل

- ‌1 - دليل المشروعية:

- ‌2 - في أي الصلوات يشرع:

- ‌3 - القنوت في صلاة الجمعة:

- ‌4 - لمن يشرع القنوت:

- ‌5 - موضع القنوت:

- ‌6 - صفة القنوت:

- ‌7 - صفة الدعاء:

- ‌تغطية المحرم وجهه

- ‌1 - أبو الزبير:

- ‌2 - إبراهيم بن أبي حرة:

- ‌3 - عمرو بن دينار:

- ‌(أ) الثوري:

- ‌(ب) ابن عيينة:

- ‌(ج) يونس بن نافع:

- ‌(د) ابن جريج:

- ‌(هـ) عمرو بن الحارث:

- ‌(و) حماد بن زيد:

- ‌(ز) سَليم (بفتح السين) بن حيان:

- ‌4 - رواية أيوب السختياني:

- ‌5 - رواية الحكم بن عتيبة:

- ‌6 - عبد الكريم الجزري:

- ‌7 - طريق أبي بشر:

- ‌(أ) شعبة:

- ‌(ب) هشيم:

- ‌(ج) خلف بن خليفة:

- ‌(د) أبو عوانة:

- ‌8 - قتادة بن دعامة:

- ‌9 - عطاء بن السائب:

- ‌10 - فضيل بن عمرو:

- ‌11 - مطر الوراق:

- ‌12 - سالم الأفطس:

- ‌خلاصة ما مضى

- ‌أولاً:

- ‌ثانيًا:

- ‌ثالثًا:

- ‌رابعًا:

- ‌خامسًا:

الفصل: ‌الإهتداء إلى حكم حضور الجمعة على المسافر القار في بلد أو مار إذا سمع النداء

‌الإهتداء إلى حكم حضور الجمعة على المسافر القار في بلد أو مارٍّ إذا سمع النداء

ص: 23

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد

فهذا بحث متعلق بمسألة حضور الجمعة للمسافر النازل في البلد هل يجب عليه حضور الجمعة أم لا؟ وقد أسميته: (الاهتداء إلى حكم حضور الجمعة على المسافر القار في بلد أو مار إذا سمع النداء).

وقبل الشروع في هذه المسألة أقول إن المسافر له حالتان:

الأولى: حال استقلال بجماعة المسافرين وانفصاله عن البلد.

الثانية: حال استقرار في بلد لا يقطع حكم السفر.

ففي الصورة الأولى: هل تجب الجمعة على المسافرين وحدهم؟

والجواب: يقال إن الجمعة لا تجب على المسافرين؛ بل لو صلوها جمعة لا تصح منهم، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سافر أسفارًا كثيرة في حياته عليه الصلاة والسلام؛ ولم ينقل عنه حرف واحد أنه جمع بأصحابه، وقد صادفته الجمعة في أسفاره كثيرًا ولو صلى الجمعة في أسفاره لكانت الهمم متوافرة على نقل ذلك. ولا أدل على ذلك من سفره لحجه عليه الصلاة والسلام؛ فقد وافق يوم عرفة يوم الجمعة، ومع ذلك فقد صلى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا وقد سماها جابر الظهر

ص: 25

كما في صحيح مسلم (1218)، ولم يجهر بالقراءة وأيضًا خطب قبل الأذان خطبة واحدة ثم أذن وصلى، وهذا العلم به ظاهر لأهل العلم لا يكادون يختلفون في ذلك (1). وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» [رواه مسلم].

وإنما محل البحث في:

الصورة الثانية: وهي إذا كان المسافر مستقرًا في بلد استقرارًا لا يقطع أحكام السفر فهل يجب عليه حضور الجمعة أم لا؟

وسيأتي الكلام على هذه المسألة لاحقًا.

وقد وردت آثار في نفي وجوب الجمعة على المسافر لا بأس بذكرها مع الكلام على أسانيدها ثم نذكر - إن شاء الله - كلام أهل العلم.

أولاً: حديث تميم الداري:

أخرجه البيهقي (3/ 184) من طريق محمد بن طلحة عن الحكم عن ضرار بن عمرو عن أبي عبد الله الشامي عن تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجمعة واجبة إلا على امرأة أو صبي أو مريض أو عبد أو مسافر» وهذا

(1) انظر: «الموطأ» (1/ 107)، و «مجموع الفتاوى» (17/ 48)، وكذلك (24/ 177)، فما بعدها (مهم جدًا) و [ج16] من «فتاوى ابن عثيمين» .

ص: 26

الحديث واه جدًا فضرار بن عمرو منكر الحديث، كما قال البخاري وأورد له العقيلي هذا الحديث في «ضعفائه» (2/ 222) وقال: لا يتابع عليه وأبو عبد الله الشامي لا يعرف كما قال الذهبي في «الميزان» . والحديث قال عنه أبو زرعة الرازي عبيد الله ابن عبد الكريم قال: هذا حديث منكر «علل ابن أبي حاتم» (2/ 212).

ثانيًا: حديث جابر:

أخرجه الدارقطني في «السنن» (2/ 3) والبيهقي (3/ 174) وابن عدي في «كامله» (2425) وابن الجوزي في «التحقيق» (788) من طريق ابن لهيعة عن معاذ بن محمد الأنصاري عن أبي الزبير عن جابر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا مريض أو مسافر أو امرأة أو صبي أو مملوك فمن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه، والله غني حميد» وهذا الحديث كسابقه واه جدًا.

ابن لهيعة ضعيف ومعاذ بن محمد قال العقيلي: في حديثه وهم، وقال ابن عدي: منكر الحديث، وذكر حديثه هذا وضعفه الحافظ في «التلخيص» (2/ 65)، وقال ابن عبد الهادي لا يصح، وكذا قال الذهبي. انظر «التحقيق» لابن الجوزي (4/ 121).

ص: 27

ثالثًا: حديث أبي هريرة:

أخرجه الطبراني في «الأوسط» (2/ 196) من طريق إبراهيم بن حماد بن أبي حازم المديني، ثنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خمسة لا جمعة عليهم المرأة والمسافر والعبد والصبي وأهل البادية» قال الطبراني: لم يروه عن مالك إلا إبراهيم.

والحديث أخرجه الدارقطني في «غرائب مالك» ، كما ذكره الحافظ في «لسان الميزان» ، (1/ 268) قال الدارقطني: تفرد به إبراهيم وكان ضعيفًا.

رابعًا: حديث ابن عمر:

أخرجه الدارقطني في «السنن» (2/ 4) والطبراني في «الأوسط» (882) من طريق عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس على المسافر جمعة» وهذا إسناده ضعيف جدًا كذلك، فعبد الله بن نافع قال أبو حاتم: فيه منكر الحديث وهو أضعف ولد نافع؛ وقال البخاري: منكر الحديث، والمحفوظ في هذا الحديث الوقف على ابن عمر، أخرجه البيهقي (3/ 184) من طريق ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث حدثني عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: ليس على المسافر جمعة، قال البيهقي: هذا هو الصحيح موقوف ورواه عبد الله بن نافع عن أبيه فرفعه. اهـ. وقد رواه ابن المنذر (4/ 19) وعبد الرزاق (5198)(3/ 172) موقوفًا.

ص: 28

خامسًا: مرسل الحسن:

روى عبد الرزاق (3/ 174) عن ابن عيينة عن عمرو (هو ابن دينار) عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس على المسافر جمعة» وهو ضعيف لإرساله، والحسن هو ابن محمد بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي مدني تابعي ثقة، وأبوه هو ابن الحنفية.

وأما الآثار عن الصحابة والتابعين:

فمنها أثر ابن عمر المتقدم وهو صحيح ثابت:

أثر علي: أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (4/ 19) من طريق أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال: (ليس على المسافر جمعة)، والحارث واه، وروى عبد الرزاق (3/ 168) وابن أبي شيبة (2/ 1.1) وغيرهما من طريق سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي أنه قال:(لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع) إسناده صحيح.

أثر عبد الرحمن بن سمرة: وأخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (4352) وابن المنذر في «الأوسط» (4/ 36) من طريق هشام بن حسان عن الحسن قال: كنا مع عبد الرحمن بن سمرة في بعض بلاد فارس سنتين وكان لا يجمع ولا يزيد على ركعتين. وإسناده صحيح،

ص: 29

وأخرجه البيهقي (3/ 185) من طريق يونس بن عبيدة عن الحسن قال: كنا مع عبد الرحمن بن سمرة بخراسان نقصر الصلاة ولا نُجمِّع. قال البيهقي: هكذا وجدته في كتابي، ولا نُجمِّع بالتشديد ورفع النون.

أثر أنس: وأخرج ابن المنذر (4/ 2) من طريق يونس عن الحسن أن أنسًا أقام بنيسابور سنة أو سنتين وكان يصلي ركعتين ولا يجُمِّع، إسناده صحيح.

أثر عمر بن عبد العزيز: وأخرج ابن أبي شيبة من طريق رجاء بن أبي سلمة عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك قال: خرج عمر بن عبد العزيز من دبق وهو يومئذ أمير المؤمنين فمر بحلب يوم الجمعة فقال الأمير: جمع فإنا سفر، وإسناده لا بأس به.

أثر مسروق وعروة بن المغيرة وجماعة من أصحاب ابن مسعود: وأخرج ابن أبي شيبة (2/ 1.4) عن أبي أسامة عن أبي العميس عن علي بن الأقمر قال: خرج مسروق وعروة بن المغيرة ونفر من أصحاب عبد الله فحضرت صلاة الجمعة فلم يجمعوا وحضروا الفطر ولم يفطروا. إسناده ثابت.

وأخرج عبد الرزاق عن الثوري عن مغيرة عن إبراهيم (وهو النخعي) قال: كانوا لا يجمعون في سفر ولا يصلون إلا ركعتين. صحيح، ورواه ابن أبي

ص: 30

شيبة عن أبي الأحوص عن المغيرة به بلفظ: كان أصحابنا يغزون فيقيمون السنة أو نحو ذلك يقصرون الصلاة ولا يجمعون.

أثر طاووس: وأخرج عبد الرزاق (3/ 172) عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: ليس على المسافر جمعة.

أثر الزهري: وأخرج عبد الرزاق (3/ 174) برقم (52.5) عن معمر عن الزهري قال: سألته عن المسافر يمر بقرية فينزل فيها يوم الجمعة؟ قال: إذا سمع الأذان فليشهد الجمعة. صحيح.

وعلَّقه البخاري في صحيحه من رواية إبراهيم بن سعد عنه ويأتي الكلام عليه وله سياق آخر عند عبد الرزاق برقم (5188) بالإسناد نفسه.

ص: 31