الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس، فعن أنس رضي الله عنه قال:((كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قِبَلَ الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((لم تراعوا، لم تراعوا))، وهو على فرس لأبي طلحة عُرِيٍّ، ما عليه سرج
…
)) (1).
7 - الدعاء وكثرة الذكر:
من أعظم وأقوى عوامل النصر: الاستغاثة بالله، وكثرة ذكره؛ لأنه القوي القادر على هزيمة أعدائه، ونصر أوليائه، قال تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (2)، وقال الله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (3)، وقال عز وجل:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} (4)، وقد أمر الله بالذكر والدعاء عند لقاء العدو، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} (5)؛ لأنه سبحانه النصير، فنعم المولى، ونعم
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل، برقم 6033، ومسلم، كتاب الفضائل، باب في شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدمه للحرب، برقم 2307.
(2)
سورة البقرة، الآية:186.
(3)
سورة غافر، الآية:60.
(4)
سورة الأنفال، الآية:9.
(5)
سورة الأنفال، الآية:45.
النصير، وقال سبحانه وتعالى:{وَمَا النَّصْرُ إِلَاّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (1)؛ ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو ربه في معاركه، ويستغيث به، فينصره، ويمدّه بجنوده، ومن ذلك أنه نظر صلى الله عليه وسلم يوم بدر إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل صلى الله عليه وسلم القبلة، ورفع يديه، واستغاث بالله، وما زال يطلب المدد من الله وحده، مادًّا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله تعالى:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} (2)، فأمدّه الله بالملائكة (3)، وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يدعو الله في جميع معاركه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:((اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب [مجري السحاب] [هازم الأحزاب] اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم وانصرنا عليهم)) (4)، وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال: ((اللهم أنت عضدي (5)، وأنت نصيري، بك
(1) سورة آل عمران، الآية:126.
(2)
سورة الأنفال، الآية:9.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب قول الله تعالى:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} ، برقم 3953، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة، برقم 1763.
(4)
مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو، برقم 1742، من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما.
(5)
أنت عضدي: يعني عوني. سنن الترمذي، برقم 3584.
أحول (1)، وبك أصول، وبك أقاتل)) (2)، وعن أبي بردة بن عبد الله أن أباه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوماً قال:((اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم)) (3)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما:((حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم حين أُلقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قال له الناس: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ})) (4)، وهكذا ينبغي أن يكون المجاهدون في سبيل الله تعالى؛ لأن الدعاء يدفع الله به من البلاء ما الله به عليم.
فعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَرُدُّ القضاء إلا الدعاءُ، ولا يزيدُ في العمر إلا البرُّ)) (5).
(1) أحول: أي أتحرك، قيل: احتال، وقيل: أدفع وأمنع، من حال بين الشيئين إذا منع أحدهما عن الآخر. النهاية في غريب الحديث، باب الحاء مع الواو، 1/ 462، وانظر: عون المعبود، 7/ 296.
(2)
أبو داود، كتاب الجهاد، باب ما يدعى عند اللقاء، برقم 2632، واللفظ له، والترمذي بنحوه، كتاب الدعوات، باب في الدعاء إذا غزا، برقم 3584، وحسنه، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/ 499، وفي صحيح الترمذي، 3/ 183.
(3)
أبو داود، كتاب الوتر، باب ما يقول الرجل إذا خاف قوماً، برقم 1537، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، 2/ 142، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 10/ 286.
(4)
البخاري، كتاب التفسير، سورة آل عمران، باب قوله سبحانه وتعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} ، برقم 4563، 4564.
(5)
الترمذي، كتاب القدر، باب ما جاء: لا يرد القدر إلا الدعاء، برقم 2139، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 2/ 225، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 154.