الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في سبيل الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)) (1)، وقد ثبت عنه – عليه الصلاة والسلام – أن أول من يُقضى عليه يوم القيامة ثلاثة، وذكر منهم من قاتل ليقال: هو جريء – أي شجاع - (2).
12 - الرغبة فيما عند الله تعالى:
مما يعين على النصر على الأعداء هو الطمع في فضل الله، وسعادة الدنيا والآخرة؛ ولهذا نصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، ومما يدلّ على الرغبة فيما عند الله تعالى ما يأتي:
أولاً: ما فعل عمير بن الحمام في بدر حينما قال عليه الصلاة والسلام: ((قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض))، فقال يا رسول الله، جنة عرضها السموات والأرض؟ قال:((نعم))، قال: بخٍ بخٍ (3)، فقال صلى الله عليه وسلم:((ما يحملك على قولك بخ بخ؟))، قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال:((فإنك من أهلها))، فأخرج تمرات من قرنه (4)، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل (5).
(1) متفق عليه: البخاري، برقم 2810، ومسلم، برقم 1904، وتقدم تخريجه.
(2)
مسلم، كتاب الإمارة، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، برقم 1905.
(3)
بخ، بخ: كلمة تقال عند المدح، والرِّضَى بالشيء، وتُكَرر للمبالغة. النهاية لابن الأثير، 1/ 250.
(4)
قَرَنه: أي: جَعْبَته، ويُجْمَع على: أقْرُن، وأقْران، كجَبَل وأجْبُل وأجبال. النهاية لابن الأثير، 4/ 81.
(5)
مسلم، كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، برقم 1901.
ثانيًا: ما فعل أنس بن النضر – عمّ أنس بن مالك – يوم أحد، تأخر رضي الله عنه عن معركة بدر، فشق عليه ذلك، وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه، وإن أراني الله مشهدًا فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرانيَ الله تعالى ما أصنع (1)، فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فاستقبل سعد بن معاذ، فقال له أنس: يا أبا عمرو، واهاً لريح الجنة (2)، أجده دون أحد، فقاتلهم حتى قتل، فَوُجِدَ في جسده بضع وثمانون: من بين ضربة، وطعنة، ورمية، فما عرفته أخته – الرُّبيع بنت النضر – إلا ببنانه، ونزلت هذه الآية:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} (3)، فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه (4).
والمسلم المجاهد في سبيل الله تعالى إذا رغب فيما عند الله تعالى، فإنه لا يبالي بما أصابه، رغبة في الفوز العظيم.
فلست أبالي حين أقتل مسلمًا
…
على أي جنب كان في الله مصرعي
(1) أي: ليرين الله الناس ما أصنع، ويبرزه لهم، وقال القرطبي كأنه ألزم نفسه إلزاماً مؤكداً، ولم يظهره مخافة ما يتوقع من التقصير في ذلك. عمدة القاري، للعيني، 14/ 103.
(2)
واهاً: قاله إما تعجباً، وإما تشوقاً إلى الجنة. انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 23.
(3)
سورة الأحزاب، الآية:23.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة أحد، برقم 4048، ومسلم، واللفظ له، كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، برقم 1903.