المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة … بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ - الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: وجوب الرجوع إلى السنة وتحريم مخالفتها

- ‌مدخل

- ‌الأحاديث الداعية إلى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء:

- ‌تحكم الخلف بالسنة بدل التحاكم إليها:

- ‌أصول الخلف التي تركت السنة بسببها:

- ‌الفصل الثاني: بطلان تقديم القياس وغيره على الحديث

- ‌مدخل

- ‌أمثلة من الأحاديث الصحيحة التي خولفت بتلك القواعد:

- ‌الفصل الثالث: حديث الآحاد حجة في العقائد والأحكام

- ‌مدخل

- ‌الأدلة على وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة:

- ‌إفادة كثير من أخبار الآحاد العلم واليقين:

- ‌فساد قياس الخبر الشرعي على الأخبار الأخرى في إفادة العلم:

- ‌مثالان على موقف بعض الفقهاء من الحديث وجهلهم بالسنة:

- ‌الفصل الرابع: التقليد واتخاذه مذهبا ودينا

- ‌حقيقة التقليد والتحذير منه:

- ‌العلم هو قول الله ورسوله:

- ‌جواز التقليد للعاجز عن معرفة الدليل:

- ‌محاربة المذهبيين للاجتهاد وإيجابهم التقليد على كل أحد:

- ‌كثرة الخلاف في المقلدين وقلته في أهل الحديث:

- ‌واجب الشباب المسلم المثقف اليوم:

الفصل: ‌ ‌مقدمة … بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ

‌مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102]{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1] . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 70، 71]

أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

ص: 3

وبعد فإنه على الرغم من قوة تيار الكفر والضلال الذي يحول أن يسوق أمتنا بعصاه ويلقي بها في مهاوي الضياع والفناء وعلى الرغم من محاولة أنصار الجاهلية الحديثة جهدهم وتجميعهم جندهم ليقطعوا هذه الأمة الإسلامية العريقة عن عقيدتها ويجتثوا إسلامها من حياتها فإن هناك بصيصا من النور ورفيفا من الأمل يلمحه المراقب للأحداث متمثلا في ذاك التيار الوليد الذي يحبو ويحاول الحركة ويتلمس الطرق كي يصد ذاك التيار الأهوج المدمر ويرده على أعقابه وينقذ البلاد والعباد من آثاره وأخطاره.

وما ذاك التيار الحبيب إلا هذه البراعم الندية والزهرات المتفتحة هنا وهناك من الشباب المسلم المؤمن الذي فتح عينيه على الحياة واستيقظ على صيحات بعض الدعاة والمصلحين الذين حركوا فيه الغيرة والحمية وأثاروا فيه العاطفة الدينية والنفس الأبية ويحاول هؤلاء الشباب أن ينهضوا بالأمة بعد طول تأخر وينقذوها من الأعداء والأخطار فيسعون جادين مخلصين ويدأبون غير هيابين ولا وجلين ولكنهم سرعان ما يفاجؤون بأنهم ما يزالون في مكانهم وأنهم قد رجعوا بعد طول سير وشدة نصب إلى موضعهم الذي كانوا قد انطلقوا منه وغادروه فيأسفون لذلك ويحزنون وييأس بعضهم فيقعد ويعيد الكرة ويسعى من جديد آخرون ويجرب هؤلاء ويعملون ولكن تجربتهم لا تكون خيرا

ص: 4

من سابقتهم ولا بأفضل من سالفتهم وتتكرر هذه الحالة مرات ومرات.

نعم هذه حالة عامة الدعاة إلى الله في هذه الأزمان حيرة وضياع وتيه وغموض وفوضى وارتجال وعمل بدون جدوى لا يعرفون الطريق الصحيح ولا يهتدون إلى الماهر الخريت الذي يخلصهم من حيرتهم وينقذهم من متاهتهم ويجعل جهودهم تنصب في السبيل المجدي وأعمالهم تصرف في الوجه المفيد المرضي الذي يؤدي إلى الغاية المطلوبة ويحقق الهدف المنشود.

وما الطريق الصحيح إلا طريق الكتاب والسنة وفهمهما على المنهج الذي فهمه سلفنا الصالح – رضوان الله عليهم – والعمل بهما والدعوة إليهما والثبات على أمرهما وما الأدلاء الحاذقون إلا العلماء بالكتاب والسنة والعاملون بهما والمخلصون لهما والمهتدون بهديهما.

وعبثا يحاول الشباب المسلم الوصول إلى نصرة الإسلام وإنقاذ كرامة المسلمين عن غير هذه السبيل وعبثا تحاول الحركات الإسلامية تحقيق الغاية المنشودة المنشودة من دون الاستعانة بهؤلاء الأدلاء الخبراء الماهرين.

وقد من الله عز وجل علينا – وله الحمد الجزيل والمنة والفضل الكبير والنعمة – فهيأ لنا عالما حقيقيا هو من بقي السلف

ص: 5

الصالح والأئمة الهداة فدلنا على العلم المستفاد من الكتاب والسنة وهدانا الله بواسطته على ما اختلف فيه الأقوام من الحق بإذنه وأطلعنا على الكنوز الثمينة والجواهر الغالية المبثوثة في كلام الله وكلام رسوله فأحسسنا برد الراحة والاطمئنان بعد طول تعب ونصب وشعرنا بالقناعة الكاملة والفهم الصحيح بعد طول تحير وتخبط فرأينا من حق أمتنا علينا عامة ومن حق شباب الإسلام علينا خاصة أن ندلهم على الخير الذي وفقنا بصرنا الله تعالى به ونرشدهم إلى سبيل الهدى ونتعاون معهم على تجنب أسباب المتاهة والردى وبالله تعالى التوفيق والتأييد دائما وأبدا.

ولذلك فقد حرصنا على أن نزود المسلمين بين الحين والآخر بكل ما نطلع عليه من العلم النافع والدراسة الجادة القويمة التي تعرض عليهم الإسلام الحق واضحا بلا غموض سهلا من غير تعقيد نقيا من من غير شوائب صافيا من كل قذى وكدر مقرونة فيه المسائل بأدلتها والآراء بمآخذها يغني الدارسين عن المؤلفات الكثيرة الواسعة ويقنعهم بالحجج النيرة ويجنبهم التخبط والضياع والاختلاف والاضطراب وينشئ فيهم الوحدة الفكرية التي تتولد عنها الوحدة الشعورية ثم يتبعها إن شاء الله تعالى بعد ذلك وحدة العمل لإقامة الدين والجهاد من أجل تطبيقة وتبليغه والتمين له في العالمين.

ص: 6

ونريد بهذه الكتب والرسائل أن تكون المنطلق العلمي الصحيح والقاعدة الفكرية القوية لدعاة الإسلام ولذلك فنحن نعرضها على أهل الرأي والفكر الإسلامي وعلى العلماء المسلمين والدعاة المؤمنين كي يروا فيها رأيهم ويدلوا فيها بدلوهم ونحن نرحب بكل نقد بناء ونشكر صاحبه ونعده مساهمة عملية في إنجاح عملنا والوصول به إلى مرحلة الإثمار والنضوج ولكننا نرى أنه يجب أن تتحقق في كل نقد يكتب أو ينشر الصفات الثلاثة الآتية:

1 – الإخلاص لله سبحانه وتعالى فيه بأن يكون قصد صاحبه منه الوصول إلى الحق والقيام بواجب النصيحة.

2 – العلم والفهم الصحيحان المستندان إلى أصلي الدين الأصيلين وركنيه البارزين كتاب الله وسنة نبيه.

الأدب الإسلامي الرفيع والأسلوب العلمي الموضوعي الخالي عن التشهير والتحقير والتسخيف والتجهيل اللهم إلا لمن تعدى وظلم وأساء وافترى.

وهذه الرسالة التي أقدمها اليوم لأستاذنا العلامة محمد ناصر الدين الألباني بعنوان: "الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام" وهي محاضرة كان ألقاها في مؤتمر اتحاد الطلبة المسلمين الذي انعقد في مدينة غرناطة ببلاد أسبانيا النصرانية حاليا الأندلس الإسلامية سابقا في شهر رجب عام 1392 هـ الموافق

ص: 7

لشهر آب من سنة 1972م.

وقد تحدث فيها المؤلف عن موقف المسلم الصحيح من السنة ومكانتها وحجيتها وجعلها في أربعة فصول تحدث في الفصل الأول عن منزلة السنة في الإسلام وواجب المسلمين في الرجوع إليها والتحذير من مخالفتها.

وتحدث في الفصل الثاني عن بطلان محاولات الخلف لمخالفتها وفساد ما تذرعوا به لذلك من القياس وبعض القواعد الأصولية التي اصطنعوها وضربوا بالسنة عرض الحائط من أجلها.

وأما الفصل الثالث فقد خصصه المؤلف – حفظه الله تعالى – للتدليل على بطلان القاعدة التي وضعها بعض علماء الكلام قديما وأشاعها بعض العلماء والدعاة حديثا وهي دعواهم أن حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة وبين خطأ واضعي هذه القاعدة حيث فرقوا بسببها بين أحاديث العقائد وأحاديث الأحكام دون دليل صحيح ظاهر وإنما لمجرد التوهم والتخيل.

ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن هذا الموضوع قد تعرض له أستاذنا هنا بشيء من الاختصار لأنه كان قد بحثه بحثا مفصلا موسعا واستقصى فيه أهم ما يمكن ذكره من الأدلة على بطلان ذاك الرأي في رسالة خاصة عنوانها "حديث الآحاد والعقيدة" وهي محاضرة كان قد ألقاها في جمع من الشباب المسلم الواعي

ص: 8

في دمشق منذ نحو خمسة عشر عاما وكان لها أثر حميد في إضعاف انتشار الرأي المذكور وإحراج مروجيه ومشيعيه في أوساط المثقفين وقد يسر الله نشرها بعنوان "وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة" برقم "5".

وأما الفصل الرابع والأخير من رسالتنا هذه فقد عرض فيه المؤلف إلى الأمر الثالث والخطير الذي أدى إلى إضعاف مكانة السنة عند الناس وتعطيل العمل بها وذلك هو التقليد الذي عم وطم جميع نواحي الفكر والحياة في العالم الإسلامي لعدة قرون من الزمان والذي أناخ بكلكله على العقول والنفوس فأمات فيها الابتكار وقتل العبقريات ودفن المواهب وحرم الناس فيما حرم من هدى ربهم سبحانه وصدهم عن الانتفاع بالخير الذي جاءهم عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم ركونا إلى اجتهادات علماء لم يرضوا لتلاميذهم أن يقلدوهم فيها من غير بصيرة بل كل منهم نصح من بعده ألا يقدموا على كتاب الله وسنة رسوله شيئا من الأقوال والآراء والاجتهادات أو فتوى تخالف قول الله وقول رسوله ورجوعهم عنها في حياتهم وبعد مماتهم.

وقد أهاب أستاذنا في ختام المحاضرة بالشباب المسلم أن يرجعوا إلى الكتاب والسنة في كل ما يبلغهم منهما وأن يعملوا لتحقيق مرتبة الاتباع في نفوسهم حسب استطاعتهم وإمكانياتهم

ص: 9

فبذلك يفردون الرسول صلى الله عليه وسلم وحده بالاتباع كما أفرده الله تعالى وحده بالعبودية وبذلك يحققون فعلا – لا قولا فقط – معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وبذلك يحققون في أنفسهم – عملا لا دعوى – شعار "الحاكمية لله تعالى وحده" بعد أن أعلنوه شعارا وتغنوا به قولا وبذلك أيضا ينشئون "الجيل القرآني الفريد" الذي يحقق دولة الإسلام المنشودة بإذن الله تعالى.

هذا وقد نالت هذه المحاضرة استحسانا كبيرا من جماهير الطلبة المثقفين المسلمين الذين استمعوا إليها لما رأوا فيها من المناقشة العلمية الموضوعية والرأي الصائب القويم وأرسلوا عدة رسائل إلى المؤلف يطلبون منه طبعها ونشرها ليعم النفع بها كل مسلم مخلص غيور يبحث عن الحق ويتمسك به.

كما يحسن أن ننبه هنا إلى أن لأستاذنا الفاضل موضوعا ثالثا عن السنة هو محاضرة كان قد ألقاها منذ نحو سنتين في جمع من الشباب المسلم في بلاد قطر العزيزة تحدث فيها عن أهمية السنة النبوية ومنزلتها في التشريع الإسلامي والحاجة إليه من أجل فهم القرآن ومعرفة تفسيره وعساها يقدر لها كذلك النشر قريبا بإذن الله.

هذا وقد طلبنا من أستاذنا الكريم إجابة الطلبات الكثيرة لطبع هذه المحاضرة القيمة ونشرها فوافق – جزاه الله تعالى خيرا – على ذلك مشكورا فقمنا بقراءتها عليه ونقحناها بإشرافه

ص: 10

ووضعنا عناوين صغيرة لأفكارها الأساسية تسهيلا على القارئ ومساعدة له على إدراك عناصر الموضوع الرئيسية وهذا نوع من الترتيب الحديث والتنظيم الجيد للكتابة نافع ومفيد1.

وقد رأيت أن أقدم بين يدي الرسالة بتعريفات لبعض المصطلحات الحديثية التي لها صلة بالموضوع وبفوائد هامة يحسن بيانها وأرجو الله تعالى أن ينفع بهذه الرسالة كثيرين وأن يجزي كاتبها وناشرها ومبلغها خير الجزاء وبه سبحانه التوفيق والسداد ومنه وحده العون والاستمداد.

1 ثم يسر الله أيضا نشرها بعنوان "منزلة السنة في الإسلام" ضمن هذه السلسلة برقم "4".

ص: 11