المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب التأبين والرثاء) - الحماسة البصرية - جـ ١

[صدر الدين البصري]

الفصل: ‌(باب التأبين والرثاء)

(بَاب التأبين والرثاء)

1 -

قَالَ الْمُغيرَة أَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب مخضرم

(لقد عظمت مُصِيبَتنَا وجلت

عَشِيَّة قيل قد قبض الرَّسُول)

(وأضحت أَرْضنَا مِمَّا عراها

تكَاد بِنَا جوانبها تميل)

(فَقدنَا الْوَحْي والتنزيل فِينَا

يروح بِهِ وَيَغْدُو جبرئيل)

(وَذَاكَ أَحَق مَا ذهبت عَلَيْهِ

نفوس النَّاس أَو كربت تَزُول)

(أفاطم إِن جزعت فَذَاك عذر

وَإِن لم تجزعي ذَاك السَّبِيل)

(فقبر أَبِيك سيد كل قبر

وَفِيه سيد النَّاس الرَّسُول)

2 -

وَقَالَ عبد الله بن أنيس إسلامي

(نفى النّوم مَا لَا تعتليه الأضالع

وخطب جليل لِلْخَلَائِقِ فاجع)

ص: 195

(غَدَاة الناعي إِلَيْنَا مُحَمَّدًا

وَتلك الَّتِي تستك مِنْهَا المسامع)

(فوَاللَّه لَا آسى على هلك هَالك

من النَّاس مَا أرسى ثبير وفارع)

3 -

وَقَالَ عَمْرو بن سَالم الْخُزَاعِيّ اسلامي

(لعمري لَئِن جَادَتْ لَك الْعين بالبكا

لمحقوقة أَن تستهل وتدمعا)

(فيا حَفْص إِلَّا الْأَمر جلّ عَن البكا

غَدَاة نعى الناعي النَّبِي فأسمعا)

(فوَاللَّه لَا أنساه مَا دمت ذَاكِرًا

لشَيْء وَمَا قلبت كفا وإصبعا)

4 -

وَقَالَ حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ

(إِذا تذكرت شجوا من أخي ثِقَة

فاذكر أَخَاك أَبَا بكر بِمَا فعلا)

5 -

وَقَالَ الشماخ بن ضرار الذبياني ويروى لِأَخِيهِ مزرد

(جزيت عَن الْإِسْلَام خيرا وباركت

يَد الله فِي ذَاك الْأَدِيم الممزق)

ص: 196

6 -

وَقَالَ الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط

(أَلا من لِليْل لَا تغور كواكبه

إِذا غَار نجم لَاحَ نجم يراقبه)

(بني هَاشم لَا تعجلونا فَإِنَّهُ

سَوَاء علينا قَاتلُوهُ وسالبه)

(وَإِنَّا وَإِيَّاكُم وَمَا كَانَ مِنْكُم

كصدع الصَّفَا لَا يرأب الصدع شاعبه)

(بني هَاشم كَيفَ الهوادة بَيْننَا

وَعند على سَيْفه وجنئبه)

(لعمرك مَا أنسى ابْن أروى وَقَتله

وَهل ينسين المَاء مَا عَاشَ شَاربه)

(هم قَتَلُوهُ كي يَكُونُوا مَكَانَهُ

كَمَا فعلت يَوْمًا بكسرى مرازبه)

ص: 197

7 -

وَقَالَت ليلى الأخيلية إسلامية

(أبعد عُثْمَان ترجو الْخَيْر أمته

وَكَانَ آمن من يمشي على سَاق)

(خَليفَة الله أَعْطَاهُم وخولهم

مَا كَانَ من ذهب جم وأوراق)

(فَلَا تقولن لشَيْء لست أَفعلهُ

قد قدر الله مَا كل امرىء لاقي)

8 -

وَقَالَ أَبُو الْأسود الدؤَلِي إسلامي

(أَلا أبلغ مُعَاوِيَة بن حَرْب

فَلَا قرت عُيُون الشامتنيا)

(أَفِي الشَّهْر الْحَرَام فجعتمونا

بِخَير النَّاس طرا أجمعينا)

(قتلتم خير من ركب المطايا

وَأكْرمهمْ وَمن ركب السفينا)

(وَمن لبس النِّعَال وَمن حذاها

وَمن قَرَأَ المثاني والمئينا)

(إِذا اسْتقْبلت وَجه أبي حُسَيْن

رَأَيْت الْبَدْر راق الناظرينا)

(وَقد علمت قُرَيْش حَيْثُ كَانَت

بأنك خَيرهَا حسبا ودينا)

ص: 198

9 -

وَقَالَ دعبل بن عَليّ الْخُزَاعِيّ

(مدارس آيَات خلت من تِلَاوَة

ومنزل وَحي مقفر العرصات)

(لآل رَسُول الله بالخيف من منى

وبالبيت والتعريف والجمرات)

(ديار عَليّ وَالْحُسَيْن وجعفر

وَحَمْزَة والسجاد ذِي الثفنات)

(قفا نسْأَل الدَّار الَّتِي خف أَهلهَا

مَتى عهدها بِالصَّوْمِ والصلوات)

(وَأَيْنَ الأولى شطت بهم غربَة النَّوَى

أفانين فِي الْآفَاق مفترقات)

(أحب قصي الدَّار من أجل حبهم

وأهجر فيهم زَوْجَتي وبناتي)

(ألم تراني من ثَلَاثِينَ حجَّة

أروح وأغدو دَائِم الحسرات)

(أرى فيئهم فِي غَيرهم متقسما

وأيديهم فِي فيئهم صفرات)

(فَإِن قلت عرفا أنكروه بمنكر

وغطوا على التَّحْقِيق بِالشُّبُهَاتِ)

(قصاراي مِنْهُم أَن أذوب بغصة

تردد بَين الصَّدْر واللهوات)

(كَأَنَّك بالأضلاع قد ضَاقَ رحبها

لما ضمنت من شدَّة الزفرات)

(لقد خفت فِي الدُّنْيَا وَأَيَّام عيشها

وَإِنِّي لأرجو الْأَمْن بعد وفاتي)

ص: 199

10 -

وَقَالَ سُلَيْمَان بن قَتَّة الْعَدوي هُوَ مولى عمر بن عبد الله التَّيْمِيّ

(مَرَرْت على أَبْيَات آل مُحَمَّد

فَلم أرها أَمْثَالهَا يَوْم حلت)

11 -

وَقَالَ دعبل الْخُزَاعِيّ

(رَأس ابْن بنت مُحَمَّد ووصيه

يَا للرِّجَال على قناة يرفع)

ص: 200

(والمسلمون بمنظر وبمسمع

لَا جازع من ذَا وَلَا متخشع)

(أيقظت أجفانا وَكنت لَهَا كرى

وأنمت عينا لم تكن بك تهجع)

(كحلت بمنظرك الْعُيُون عماية

وأصم نعيك كل أذن تسمع)

(مَا رَوْضَة إِلَّا تمنت أَنَّهَا

لَك مَضْجَع ولخط قبرك مَوضِع)

\

12 -

وَقَالَ حسان بن ثَابت الْأنْصَارِيّ

(بَكت عَيْني وَحقّ لَهَا بكاها

وَمَا يُغني الْبكاء وَلَا العويل)

(على أَسد الْإِلَه غَدَاة قَالُوا

أحمزة ذَلِك الرجل الْقَتِيل)

(أُصِيب الْمُسلمُونَ بِهِ جَمِيعًا

هُنَاكَ وَقد اصيب بِهِ الرَّسُول)

13 -

وَقَالَ جرير بن الخطفي

(إِنِّي تذكرني الزبير حمامة

تَدْعُو بمجمع نخلتين هديلا)

ص: 201

(قَالَت قُرَيْش مَا أذلّ مجاشعها

جارا وَأكْرم ذَا الْقَتِيل فتيلا)

(أفتى الندى وفتى الطعان قتلتم

وفتى الرِّيَاح إِذا تهب بليلا)

14 -

وَقَالَ أَيْضا

(إِن الرزية من تضمن قَبره

وَادي السبَاع لكل جنب مصرع)

(لما أَتَى خبر الزبير تواضعت

سور الْمَدِينَة وَالْجِبَال الخشع)

15 -

وَقَالَت عَاتِكَة بنت نفَيْل فِي زَوجهَا عبد الله بن أبي بكر الصّديق رضي الله عنهما

(فَللَّه عينا من رأى مثله فَتى

أكر وأحمى فِي الْهياج وأصبرا)

(إِذا شرعت فِيهِ الأسنة خاضها

إِلَى الْمَوْت حَتَّى يتْرك الْمَوْت أحمرا)

ص: 202

(فآليت لَا تنفك عَيْني سخينة

عَلَيْك وَلَا يَنْفَكّ جلدي أغبرا)

(مدى الدَّهْر مَا غنت حمامة أيكة

وَمَا طرد اللَّيْل النَّهَار المنورا)

16 -

وَقَالَت فِي زَوجهَا عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

(عين جودى بعبرة ونحيب

لَا تملى على الإِمَام النجيب)

(فجعتنا الْمنون بالفارس الْمعلم

يَوْم الْهياج والتلبيب)

(عصمَة الله والمعين على الدَّهْر

غياث المنتاب والمحروب)

(قل لأهل الضراء والبؤس موتوا

قد سقته الْمنون كأس شعوب)

17 -

وَقَالَت فِي زَوجهَا الزبير بن الْعَوام

(عدر ابْن جرموز بِفَارِس بهمة

يَوْم اللِّقَاء وَكَانَ غير معرد)

(يَا عَمْرو لَو نبهته لوجدته

لَا طائشا رعش الْفُؤَاد وَلَا الْيَد)

(شلت يَمِينك أَن قتلت لمسلما

حلت عَلَيْك عُقُوبَة الْمُتَعَمد)

(إِن الزبير لذُو بلَاء صَادِق

سمح سجيته كريم المحتد)

ص: 203

(كم غمرة قد خاضها لم يثنه

عَنْهَا طرادك يَا ابْن فقع القردد)

(فَاذْهَبْ فَمَا ظَفرت يداك بِمثلِهِ

فِيمَا مضى مِمَّن يروح وَيَغْتَدِي)

18 -

وَقَالَت فِي زَوجهَا الْحُسَيْن بن عَليّ رضي الله عنهما

(وَحسَيْنا فَلَا عدمت حُسَيْنًا

أقصدته أسنة الْأَعْدَاء)

(غادرته بكربلاء صَرِيعًا

جَادَتْ المزن فِي ذرى كربلاء)

وَهَؤُلَاء قد قتلوا عَنْهَا جَمِيعًا رضي الله عنهم فَكَانَ عبد الله بن عمر يَقُول من أَرَادَ أَن يكون شَهِيدا فليتزوج عَاتِكَة بنت نفَيْل

19 -

وَمِمَّا ينْسب إِلَى آدم عليه السلام

(تَغَيَّرت الْبِلَاد وم عَلَيْهَا

فَوجه الأَرْض مغبر قَبِيح)

(تغير كل ذِي ريح وَطعم

وَقل بشاشة الْوَجْه الْمليح)

(أرى طول الْحَيَاة على غما

فَهَل أَنا من حَياتِي مستريح)

20 -

وَقَالَ بعض أَوْلَاد روح بن زنباع الجذامي

(أيا منزلا بالدير أصبح خَالِيا

تلاعب فِيهِ شمأل ودبور)

ص: 204

(كَأَنَّك لم تسكنك بيض أوانس

وَلم يتبختر فِي فنائك حور)

(وَأَبْنَاء أَمْلَاك عباشم سادة

صَغِيرهمْ عِنْد الْأَنَام كَبِير)

(وَإِذا لبسوا ادراعهم فعنابس

وَإِن لبسوا تيجانهم فبدور)

(على أَنهم يَوْم اللِّقَاء ضراغم

وَأَنَّهُمْ يَوْم النوال بحور)

(وَلم يشْهد الصهريج وَالْخَيْل حوله

لَدَيْهِ فساطيط لَهُم وخدور)

(وحولك رايات لَهُم وعساكر

وخيل لَهَا بعد الصهيل شخير)

(ليَالِي هِشَام بالرصافة قاطن

وفيك ابْنه يَا دير وَهُوَ أَمِير)

(إِذْ الْعَيْش غض والخلافة لدنة

وَأَنت طرير وَالزَّمَان غرير)

(وروضك مرتاض ونورك نير

وعيش بني مَرْوَان فِيك نضير)

(بلَى فسقاك الْغَيْث صوب غمامة

عَلَيْك لَهَا بعد الرواح بكور)

(تذكرت قومِي خَالِيا فبكيتهم

بشجو ومثلي بالبكاء جدير)

(فعزيت نَفسِي وَهِي نفس إِذا جرى

لَهَا ذكر قومِي أنة وزفير)

(لَعَلَّ زَمَانا جَار يَوْمًا عَلَيْهِم

لَهُم بِالَّذِي تهوى النُّفُوس يَدُور)

(فيفرح محزون وينعم بائس

وَيُطلق من ضيق الوثاق أَسِير)

ص: 205

(رويدك إِن الْيَوْم يتبعهُ غَد

وَإِن صروف الدائرات تَدور)

21 -

وَقَالَ زِيَاد الْأَعْجَم يرثي الْمُغيرَة بن الْمُهلب

(قل للقوافل والغزي إِذا غزوا

والباكرين وللمجد الرَّائِح)

(إِن السماحة والشجاعة ضمنا

قبرا بمرو على الطَّرِيق الْوَاضِح)

(وَإِذا مَرَرْت بقبره فاعقر بِهِ

كوم الهجان وكل طرف سابح)

(وانضح جَوَانِب قَبره بدمائها

فَلَقَد يكون أَخا دم وذبائح)

(مَاتَ الْمُغيرَة بعد طول تعرض

للْقَتْل بَين أسنة وصفائح)

(فانع الْمُغيرَة للْمُغِيرَة إِذْ بَدَت

شعواء مشعلة كنبح النابح)

(ملك أغر متوج يسمو لَهُ

طرف الصّديق وغض طرف الْكَاشِح)

(يَا لهفتي يَا لهفتي لَك كلما

خيف الغوار على المدل الماسح)

(فَلَقَد فقدت مسودا ذَا نجدة

كالبدر أَزْهَر ذِي جدي ونوافح)

(كَانَ الْملاك لديننا ورجاءنا

وملاذنا فِي كل خطب فادح)

22 -

وَقَالَ الأشجع بن عَمْرو السّلمِيّ

(مضى ابْن سعيد حِين لم يبْق مشرق

وَلَا مغرب إِلَّا لَهُ فِيهِ مادح)

ص: 206

23 -

وَقَالَ عبيد الله بن قيس الرقيات أموي الشّعْر

(رحم الله أعظما دفنوها

بسجستان طَلْحَة الطلحات)

(كَانَ لَا يحرم الْخَلِيل وَلَا

يعتل بالبخل طيب العذرات)

(سبط الْكَفّ بالنوال إِذا مَا

كَانَ جود الْخَلِيل حسن العدات)

(فلعمر الَّذِي اجتباك لقد

كنت رحيب الفناء سهل المبات)

(لم أجد بعْدك الأخلاء إِلَّا

كثماد منزوحة وقلات)

24 -

وَقَالَ عَبدة بن الطَّبِيب إسلامي

(عَلَيْك سَلام الله قيس بن عَاصِم

وَرَحمته مَا شَاءَ أَن يترحما)

(تَحِيَّة من غادرته غَرَض الردى

إِذا زار عَن شخط بلادك سلما)

ص: 207

(فَمَا كَانَ قيس هلكه هلك وَاحِد

وَلكنه بُنيان قوم تهدما)

25 -

وَقَالَ مَرْوَان بن أبي حَفْصَة

(مضى لسبيله معن وَأبقى

محامد لن تبيد وَلنْ تنالا)

(هوى الْجَبَل الَّذِي كَانَت نزار

تهد من الْعَدو بِهِ الجبالا)

(فَإِن يَعْلُو الْبِلَاد لَهُ خشوع

فقد كَانَت تطول بِهِ اختيالا)

(وَلم يَك طَالب الْمَعْرُوف يَنْوِي

إِلَى غير ابْن زَائِدَة ارتحالا)

(وَكَانَ النَّاس كلهم لِمَعْنٍ

إِلَى أَن زار حفرته عيالا)

(ثوى من كَانَ يحمل كل ثقل

ويسبق فيض رَاحَته السؤالا)

(مضى لسبيله من كنت ترجو

بِهِ عثرات دهرك أَن تقالا)

(فلست بِمَالك عبرات عَيْني

أَبَت بدموعها إِلَّا انهمالا)

(كَأَن الشَّمْس يَوْم أُصِيب معن

من الإظلام ملبسة جلالا)

(يَرَانَا النَّاس بعْدك فل دهر

أَبى لجدودنا إِلَّا اغتيالا)

(فلهف أبي عَلَيْك إِذا العطايا

جعلن مني كواذب واعتلالا)

ص: 208

(فلهف أبي عَلَيْك إِذا الْأُسَارَى

شكوا حلقا بأسوقهم ثقالا)

(ولهف ابي عَلَيْك إِذا القوافي

لممتدح بهَا ذهبت ضلالا)

(أَقَمْنَا بِالْيَمَامَةِ بعد معن

مقَاما لَا نُرِيد بِهِ زمالا)

(وَقُلْنَا أَيْن نَذْهَب بعد معن

وَقد ذهب النوال فَلَا نوالا)

(فَمَا بلغت أكف ذَوي العطايا

يَمِينا من يَديك وَلَا شمالا)

26 -

وَقَالَ الْحُسَيْن بن مطير الْأَسدي

(ألما على معن وقولا لقبره

سقتك الغوادي مربعًا ثمَّ مربعًا)

27 -

وَقَالَ لبيد بن ربيعَة العامري مخضرم

(بلينا وَمَا تبلى النُّجُوم الطوالع

وتبلى الْجبَال بَعدنَا والمصانع)

28 -

وَقَالَ أَيْضا

(أخْشَى على أَرْبَد الحتوف وَلَا

أرهب نوء السماك والأسد)

ص: 209

(أفجعني الْوَعْد وَالصَّوَاعِق

بالفارس يَوْم الكريهة النجد)

29 -

وَقَالَ متمم بن نُوَيْرَة إسلامي

(لقد لامني عِنْد الْقُبُور على البكا

رفيقي لتذراف الدُّمُوع السوافك)

(فَقَالَ أَتَبْكِي كل قبر رَأَيْته

لقبر ثوى بَين اللوى الدكادك)

(فَقلت لَهُ إِن السى يبْعَث الأسى

ذروني فَهَذَا كُله قبر مَالك)

30 -

وَقَالَ أَيْضا

(لعمري وَمَا عمري بتأبين هَالك

وَلَا جزع مِمَّا أصَاب فأوجعا)

ص: 210

31 -

وَقَالَ أَيْضا

(أرقت ونام الأخلياء وهاجني

مَعَ اللَّيْل هم فِي الْفُؤَاد وجيع)

(وهيج لي حزنا تذكر مَالك

فَمَا بت إِلَّا والفؤاد مروع)

(إِذا عِبْرَة ورعتها بعد عِبْرَة

أَبَت واستهلت عِبْرَة ودموع)

(لذكرى حبيب بعد هدء ذكرته

وَقد حَان من تالي النُّجُوم طُلُوع)

(إِذا رقأت عَيْنَايَ ذَكرنِي بِهِ

حمام تنادي فِي الغصون وُقُوع)

(كَأَن لم أجالسه وَلم أمس لَيْلَة

أرَاهُ وَلم نصبح وَنحن جَمِيع)

32 -

وَقَالَ أَبُو خرَاش الْهُذلِيّ

(تَقول أرَاهُ بعد عُرْوَة لاهيا

وَذَلِكَ رزء لَو علمت جليل)

(فَلَا تحسبي أَنِّي تناسيت عَهده

وَلَكِن صبري يَا أميم جميل)

(ألم تعلمي أَن قد تفرق قبلنَا

خَلِيلًا صفاء مَالك وَعقيل)

ص: 211

(أَبى الصَّبْر ني لَا يزَال يهيجني

مبيت لنا فِيمَا مضى ومقيل)

(وَإِنِّي إِذا مَا الصُّبْح آنست ضوءه

يعاودني قطع على ثقيل)

33 -

وَقَالَت قتيلة بنت النَّضر بن الْحَارِث وَكَانَ النَّبِي

قد قتل أَبَاهَا وَهُوَ أول من ضربت رقبته فِي الْإِسْلَام وقاتله عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

(يَا رَاكِبًا إِن الأثيل مَظَنَّة

من صبح خَامِسَة وَأَنت موفق)

34 -

وَقَالَ مليل بن الدهقانة التغلبي

(أَلا لَيْسَ الرزية فقد مَال

وَلَا شَاة تَمُوت وَلَا بعير)

(وَلَكِن الرزية فقد قرم

يَمُوت لمَوْته قوم كثير)

ص: 212

35 -

وَقَالَ العطوي مُحدث

(وَلَيْسَ صرير النعش مَا تسمعونه

وَلكنه أصلاب قوم تقصف)

(وَلَيْسَ نسيم الْمسك ريا جنوطه

وَلكنه ذَاك الثَّنَاء المخلف)

36 -

وَقَالَ أخر

(يَا قبر لَا تظلم عَلَيْهِ فطالما

جلى بغرته دجى الإظلام)

(أعجب لقبر قيس شبر قد حوى

ليثا وبحر ندى وَبدر تَمام)

(فطالما اصطت على أبوابه

ركب الْمُلُوك وَجلة الأقوام)

(يَا وَيْح أيد اسلمتك إِلَى الثرى

مَا كنت تسلمها إِلَى الإعدام)

37 -

وَقَالَ أَبُو خرَاش خويلد بن مرّة الْهُذلِيّ وَكَانَ قد خرج خرَاش وَلَده هُوَ وَأَخُوهُ عُرْوَة مَعًا فأغارا على بطنين من ثمالة يُقَال لَهما بَنو رزام وَبَنُو بِلَال فَأَما بَنو بِلَال فَأخذُوا

ص: 213

عُرْوَة فَقَتَلُوهُ وَأما بَنو رزام فَأخذُوا خراشا فأرادوا قَتله فَألْقى رجل مِنْهُم رِدَاءَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ انج بِنَفْسِك ففحص كَأَنَّهُ ظَبْي فتبعوه ففاتهم فَأتى اباه فَأخْبرهُ خَبره فَقَالَ

(حمدت الهي بعد عُرْوَة إِذْ نجا

خرَاش وَبَعض الشَّرّ أَهْون من بعض)

38 -

وَقَالَ قس بن سَاعِدَة الأيادي وَكَانَ لَهُ أَخَوان يصحبانه فماتا قبله فَأَقَامَ على قبريهما حَتَّى لحق بهما

(خليلي هبا طالما قد رقدتما

أجد كَمَا لَا تقضيان كراكما)

(ألم تعلما أَنِّي بسمعان مُفْرد

وَمَالِي فِيهِ من نديم سواكما)

ص: 214

(أقيم على قبريكا لست بارحا

طوال اللَّيَالِي أَو يُجيب صداكما)

(كأنكما وَالْمَوْت أقرب غَايَة

بجسمي فِي قبريكما قد أتاكما)

وَذكروا أَن رجلَيْنِ من بني أَسد خرجا فِي بعث الْحجَّاج فآخيا دهقانا بهَا فِي مَوضِع يُقَال لَهُ راوند فَمَاتَ أَحدهمَا وَبَقِي الآخر والدهقان ينادمان قَبره يشربان كأسين ويصبان على قَبره كأسا فَمَاتَ الدهْقَان وَبَقِي الْأَسدي وَكَانَ اسْمه عِيسَى بن قدامَة الْأَسدي ينادم قبريهما وَيشْرب قدحا وَيصب على قبريهما قدحين ويترنم بِهَذِهِ الأبيات وَقيل كَانُوا ثَلَاثَة من أهل الْكُوفَة فِي بعث الْحجَّاج يتنادمون وَلَا يخالطون أحدا فَمَاتَ أحدهم وَبَقِي صَاحِبَاه فَمَاتَ الآخر وَبَقِي عِيسَى بن قدامَة وَكَانَ أحد الثَّلَاثَة فَقَالَ يرثيهما

(خليلي هبا طالما قد رقدتما

أجدكما لَا تقضيان كراكما)

(ألم تعلما مَالِي براوند كلهَا

وَلَا بخزاق من صديق سواكما)

(جرى النّوم مجْرى الْعظم وَاللَّحم مِنْكُمَا

كَأَن الَّذِي يسْقِي الْعقار سقاكما)

(فَأَي أَخ يجفو أَخا بعد مَوته

فلست الَّذِي من بعد موت جفاكما)

(أصب على قبريكما من مدامة

فَإِن النّوم لم تذوقاها ترو ثراكما)

ص: 215

(أناديكما كَيْمَا تجيبا وتنطقا

وَلَيْسَ مجابا صَوته من دعاكما)

(أَمن طول نوم لَا تجيبان دَاعيا

خليلي مَا هَذَا الَّذِي قد دهاكما)

(قضيت بِأَنِّي لَا محَالة هَالك

وَأَنِّي سيعروني الَّذِي قد عراكما)

(سأبكيكما طول الْحَيَاة وَمَا الَّذِي

يرد على ذِي عولة إِن بكاكما)

39 -

وَقَالَ الطرماح

(فَتى لَو يصاغ الْمَوْت صِيغ كمثله

إِذا الْخَيل جالت فِي مساجلها قدما)

(وَلَو أَن موتا كَانَ سَالم رهبة

من النَّاس إنْسَانا لَكَانَ لَهُ سلما)

40 -

وَقَالَ آخر

(يروم جسيمات العلى فينالها

فَتى فِي جسيمات المكارم رَاغِب)

(فَإِن تمس وحشا دَاره فلربما

تواهق أَفْوَاجًا إِلَيْهَا المواكب)

(يحيون بساما كَأَن جَبينه

هِلَال بدا وانجاب عَنهُ السحائب)

(وَمَا غَائِب من كَانَ يُرْجَى إيابه

وَلكنه من غيب الْمَوْت غَائِب)

ص: 216

41 -

وَقَالَ دُرَيْد بن الصمَّة الْقشيرِي مخضرم

(نصحت لعَارض وَأَصْحَاب عَارض

ورهط بني السَّوْدَاء وَالْقَوْم شهدي)

42 -

وَقَالَ آخر فِي معنى قَول دُرَيْد فَلَمَّا عصوني

(عَصَانِي قومِي والرشاد الَّذِي بِهِ

أمرت وَمن يعْص المجرب ينْدَم)

(فصبرا بني بكر على الْمَوْت إِنَّنِي

أرى عارضا ينهل بِالْمَوْتِ وَالدَّم)

43 -

وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن زيد الْعَدوي

(ذكرت أبي أروى فنهنهت عِبْرَة

من الدمع مَا كَانَت عَن النَّحْر تنجلي)

(أبعد الَّذِي بالنعف نعف كويكب

رهينة رمس ذِي تُرَاب وجندل)

(أذكر بالبقيا على من أصابني

وبقياي إِنِّي جَاهد غير مؤتلي)

(يَقُول رجال مَا أُصِيب لَهُم أَب

وَلَا من أَخ أقبل على المَال تعقل)

(أنختم علينا كلكل الْحَرْب مرّة

فَنحْن منيخوها عَلَيْكُم بكلكل)

ص: 217

44 -

وَقَالَت الخنساء بنت الشريد مخضرمة

(تعرقني الدَّهْر نهسا وحزا

وأوجعني الدَّهْر قرعا وغمزا)

45 -

وَقَالَت ترثي أخاها صخرا

(يَا صَخْر وراد مَاء قد تناذره

أهل الْمَوَارِد مَا فِي ورده عَار)

46 -

وَقَالَت أَيْضا

(أَلا يَا صَخْر لَا أنساك حَتَّى

أُفَارِق مهجتي ويشق رمسي)

47 -

وَقَالَت أَيْضا

(وَمَا كرّ إِلَّا كَانَ أول طَاعن

وَلَا أبصرته الْخَيل إِلَّا اقشعرت)

(فيدرك ثأرا وَهُوَ لم يخطه الْغنى

فَمثل أخي يَوْمًا بِهِ الْعين قرت)

(فلست أرزي بعده برزية

فأذكره إِلَّا سلت وتجلت)

48 -

وَقَالَت أَيْضا

(أبعد ابْن عَمْرو من أَلا الشريد

حلت بِهِ الأَرْض أثقالها)

ص: 218

49 -

وَقَالَت أَيْضا وتروى لصخر أَخِيهَا

(إِذا مَا امْرُؤ أهْدى لمَيت تَحِيَّة

فحياك رب النَّاس عني معاويا)

(وهون وجدي أنني لم أقل لَهُ

كذبت وَلم أبخل عَلَيْهِ بماليا)

50 -

وَقَالَت أَيْضا

(أعيناي جودا وَلَا تجمدا

أَلا تبكيان لصخر الندى)

(طَوِيل النجاد رفيع الْعِمَاد

سَاد عشيرته أمردا)

(يكلفه الْقَوْم مَا عالهم

وَإِن كَانَ أَصْغَرهم مولدا)

51 -

وَقَالَت الفارعة بنت شَدَّاد المرية فِي أَخِيهَا

(هلا سقيتم بني جرم أسيركم

نَفسِي فداؤك من ذِي غلَّة صادي)

ص: 219

(شهاد أندية رفاع ألوية

سداد أوهية فتاح أسداد)

(نحار راغية قتال طاغية

حَلَال رابية فكاك أقياد)

(قَوَّال محكمَة نقاض مبرمة

فراج مُبْهمَة طلاع أنجاد)

52 -

وَقَالَت ليلى الأخيلية ترثي تَوْبَة بن الْحمير

(لعمرك مَا بِالْمَوْتِ عَار على الْفَتى

إِذا لم تصبه فِي الْحَيَاة المعاير)

(وَمَا أحد حَيّ وَإِن كَانَ سالما

بأجلد مِمَّن غيبته الْمَقَابِر)

(وَمن كَانَ مِمَّا يحدث الدَّهْر جازعاً

فَلَا بُد يَوْمًا أَن يرى وَهُوَ صابر)

(وَلَيْسَ لذِي عَيْش من الْمَوْت مهرب

وَلَيْسَ على الْأَيَّام والدهر غابر)

(وكل جَدِيد أَو شباب إِلَى بلَى

وكل امرىء يَوْمًا إِلَى الله صائر)

(وكل قريني ألفة لتفرق

شتاتاً وَإِن عاشا وَطَالَ التعاشر)

(فَلَا يبعندك الله يَا توب هَالكا

أَخا الْحَرْب إِذْ دارت عَلَيْك الدَّوَائِر)

(فأقسم لَا أَنْفك أبكيك مَا دعت

على فنن وَرْقَاء أَو طَار طَائِر)

(قَتِيل بني عَوْف فيا لهفتي لَهُ

وَمَا كنت إيَّاهُم عَلَيْهِ أحاذر)

ص: 220

(ولكنني قد كنت أخْشَى قَبيلَة

لَهَا بدروب الشَّام باد وحاضر)

53 -

وَقَالَت أَيْضا

(فَإِن تكن الْقَتْلَى بَوَاء فأنكم

فَتى مَا قتلتم آل عَوْف بن عَامر)

(فَلَا يبعدنك الله يَا توب إِنَّمَا

لِقَاء المنايا دارعاً مثل حاسر)

(أَتَتْهُ المنايا دون درع حَصِينَة

وأسمر خطي وأرقب ضامر)

(فَنعم الْفَتى إِن كَانَ تَوْبَة فَاجِرًا

وَفَوق الْفَتى إِن كَانَ لَيْسَ بفاجر)

(فَتى ينهل الْحَاجَات ثمَّ يعلها

فيطلعها عَنهُ ثنايا المصادر)

(فَتى كَانَ أَحْيَا من فاتة حيية

وَأَشْجَع من لَيْث بخفان خادر)

(فَتى كَانَ للْمولى سناء ورفعة

وللطارق الساري قرى غير باسر)

(فَتى لَا تخطاه الركاب وَلَا يرى

لقدر عيالاً غير جَار مجاور)

(كَأَن فَتى الفتيان تَوْبَة لم ينخ

قَلَائِص يفحصن الْحَصَى بالكراكر)

54 -

وَقَالَت أَيْضا

(لقد علم الْجُوع الَّذِي بَات سارياً

على الضَّيْف وَالْجِيرَان أَنَّك قَاتله)

ص: 221

(وَإنَّك رحب الباع يَا توب للقرى

إِذا مَا لئيم الْقَوْم ضَاقَتْ مَنَازِله)

(يبيت قرير الْعين من بَات جَاره

ويضحى بِخَير ضَيفه ومنازله)

(أَتَتْهُ المنايا حِين تمّ شبابه

وأقصر عَنهُ كل قرم ينازله)

(وَعَاد كليث الغاب يحمي عرينه

وترضى بِهِ أشبابه وحلائله)

55 -

وَقَالَت زَيْنَب بنت الطثرية أموية الشّعْر

(أرى الأثل من بطن العقيق مجاوري

مُقيما قد غالت يزِيد غوائله)

(فَتى قد قد السَّيْف لَا متضائل

وَلَا رهل لباته وأباجله)

ص: 222

(فَتى لَا يرى قد الْقَمِيص يخصره

ولكنما توهى الْقَمِيص كواهله)

(يَسُرك مَظْلُوما ويرضيك ظَالِما

وكل الَّذِي حَملته فَهُوَ حامله)

(إِذا جد عِنْد الْجد أرضاك جده

وَذُو بَاطِل إِن شِئْت أرضاك باطله)

(إِذا الْقَوْم أموا بَيته فَهُوَ عَامِد

لأحسن مَا ظنُّوا بِهِ فَهُوَ فَاعله)

(إِذا نزل الأضياف كَانَ عذوراً

على الْحَيّ حَتَّى تستقل مراجله)

(وَقد كَانَ يرْوى المشرفي بكفه

ويبلغ أقْصَى حجرَة الْحَيّ نائله)

(فَتى لَيْسَ لِابْنِ الْعم كالذئب إِن رأى

بِصَاحِبِهِ يَوْمًا دَمًا فَهُوَ آكله)

(مضى وورثناه دريس مفاضة

وأبيض هندياً طَويلا حمائله)

56 -

وَقَالَ الشمردل الْيَرْبُوعي أموي الشّعْر

(لعمري لَئِن غالت أخي دَار غربَة

وآب إِلَيْنَا سَيْفه ورواحله)

(وحلت بِهِ أثقالها الأَرْض وانْتهى

بمثواه مِنْهَا وَهُوَ عف مآكله)

ص: 223

(لقد ضمنت جلد القوى كَانَ يتقى

بِهِ جَانب الثغر الْمخوف زلازله)

(وُصُول إِذا اسْتغنى وَإِن كَانَ مقتراً

من المَال لم تحف الصّديق مسَائِله)

(إِلَى الله أَشْكُو لَا إِلَى النَّاس فَقده

ولوعة حزن أوجع الْقلب دَاخله)

(أَبى الصَّبْر أَن الْعين بعْدك لم تزل

يخالط جفنيها قذى مَا تزايله)

(وَكنت أعير الدمع قبلك من بَكَى

فَأَنت على من مَاتَ بعْدك شاغله)

(يذكرنِي هيف الْجنُوب ومنتهى

نسيم الصِّبَا رمساً عَلَيْهِ جنادله)

(وَسورَة أَيدي الْقَوْم إِذْ حلت الحبى

حبى الشيب واستغوى أَخا الْحلم جاهله)

(لعمرك أَن الْمَوْت منا لمولع

بِمن كَانَ يُرْجَى نَفعه ونوافله)

(فعيني إِن أبكاكما الدَّهْر فابكيا

لمن نَصره قد بَان عَنَّا ونائله)

(إِذا استعبرت عوذ النِّسَاء وشمرت

مآزر يَوْم لَا توارى خلاخله)

(أخي لَا بخيل فِي الْحَيَاة بِمَالِه

عَليّ وَلَا مستبطىء الْفَرْض خازله)

(فَمَا كنت ألْقى لامرىء عِنْد موطن

أَخا كَأَخِي لَو كَانَ حَيا أبادله)

ص: 224

57 -

وَقَالَت جنوب أُخْت عَمْرو ذِي الْكَلْب الهذلية جَاهِلِيَّة

(سَأَلت بِعَمْرو أخي صُحْبَة

فأفظعني حِين ردوا السؤالا)

(أتيح لَهُ نمراً أجبل

فنالا لعمرك مِنْهُ منالا)

(فأقسم يَا عَمْرو لَو نبهاك

إِذن نبها مِنْك دَاء عضالا)

(إِذن نبها لَيْث عريسة

مفيتاً مُفِيدا نفوساً ومالا)

(إِذن نبها غير رعديدة

وَلَا طائشاً دهشاً حِين صالا)

(وَقد علم الضَّيْف والمرملون

إِذا اغبر أفق وهبت شمالا)

(بأنك كنت الرّبيع المغيث

لمن يعتفيك وَكنت الثمالا)

(وخرق تجاوزت مجهوله

بأدماء حرف تشكى الكلالا)

(فَكنت النَّهَار بِهِ شمسه

وَكنت دجى اللَّيْل فِيهِ الهلالا)

58 -

وَقَالَت الخنساء

(وقائلة والنعش قد فَاتَ خطوها

لتدركه يَا لهف نَفسِي على صَخْر)

ص: 225

59 -

وَقَالَت أَيْضا

(وَمَا الْغَيْث فِي جعد الثرى دمث الربى

تبعق فِيهِ الْعَارِض المتهلل)

60 -

وَقَالَت عمْرَة الخثعمية ترثي ولديها

(لقد زَعَمُوا أَنِّي جزعت عَلَيْهِمَا

وَهل جزع أَن قلت وإبأباهما)

61 -

وَقَالَت صَفِيَّة الباهلية

(كُنَّا كغصنين فِي جرثومة سمقا

حينا بِأَحْسَن مَا يسمو لَهُ الشّجر)

(حَتَّى إِذا قيل قد طَالَتْ فروعهما

وطاب فيئاهما واستنيع الثَّمر)

(أخلى على واحدي ريب الزَّمَان وَمَا

يبْقى الزَّمَان على شَيْء وَلَا يذر)

(كُنَّا كأنجم ليل بَينهَا قمر

يجلو الدجى فهوى من بَينهَا الْقَمَر)

(فَاذْهَبْ حميدا على مَا كَانَ من مضض

فقد ذهبت فَأَنت السّمع وَالْبَصَر)

ص: 226

62 -

وَقَالَت الخرنق بنت هفان ترثي أَبَاهَا وَزوجهَا وَابْنهَا

(لَا يبعدن قومِي الَّذين هم

سم العداة وَآفَة الجزر)

(النازلين بِكُل معترك

والطيبين معاقد الأزر)

(قوم إِذا ركبُوا سَمِعت لَهُم

لَغطا من التاييه والزجر)

(والخالطين نحيتهم بنضارهم

وَذَوي الْغنى مِنْهُم بِذِي الْفقر)

(هَذَا ثنائي مَا بقيت لَهُم

وَإِذا هَلَكت أجنني قَبْرِي)

63 -

وَقَالَت امْرَأَة ترثي أَبَاهَا

(إِذا مَا دَعَا الدَّاعِي عليا وجدتني

أراع كَمَا رَاع العجول مهيب)

(وَكم من سمى لَيْسَ مثل سميه

وَإِن كَانَ يدعى باسمه فيجيب)

64 -

وَقَالَت زهراء الْكلابِيَّة

(تأوهت من ذكري ابْن عمي ودرنه

نقا هائل جعد الثرى وصفيح)

ص: 227

(وَكنت أَنَام اللَّيْل من ثقتي بِهِ

وَأعلم أَن لَا ضيم وَهُوَ صَحِيح)

(فَأَصْبَحت سالمت الْعَدو وَلم أجد

من السّلم بدا والفؤاد جريح)

65 -

وَقَالَت فَاطِمَة بنت الأحجم الْخُزَاعِيَّة

(يَا عين جودي عِنْد كل صباح

جودي بأَرْبعَة على الْجراح)

66 -

وَقَالَت الخرنق بنت قُحَافَة

(أعاذلتي على رزء أفيقي

فقد أشرقتني بالعذل ريقي)

(فَلَا وَأَبِيك آسى بعد بشر

على حَيّ يَمُوت وَلَا صديق)

67 -

وَقَالَت ليلى بنت طريف التغلبية ترثي أخاها الْوَلِيد

(بتل ثباتاً رسم قبر كَأَنَّهُ

على علم فَوق الْجبَال منيف)

ص: 228

(تضمن جوداً حاتمياً ونائلاً

وَسورَة مِقْدَام وقلب حصيف)

(أَلا قَاتل الله الجثا حَيْثُ أضمرت

فَتى كَانَ للمعروف غير عيوف)

(خَفِيف على ظهر الْجواد إِذا عدا

وَلَيْسَ على أعدائه بخفيف)

(أيا شجر الخابور مَالك مورقاً

كَأَنَّك لم تحزن على ابْن طريف)

(فَتى لَا يحب الزَّاد إِلَّا من التقى

وَلَا المَال إِلَّا من قِنَا وسيوف)

(فقدناه فقدان الرّبيع وليتنا

فديناه من سَادَاتنَا بألوف)

(وَمَا زَالَ حَتَّى أرهق الْمَوْت نَفسه

شجى لعدو أولجا لضعيف)

(فَإِن يَك أرداه يزِيد بن مزِيد

فَرب زحوف لفها بزحوف)

(عَلَيْك سَلام الله وَقفا فإنني

أرى الْمَوْت وقاعاً بِكُل شرِيف)

68 -

وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب الْهُذلِيّ مخضرم

(أَمن الْمنون وريبها تتوجع

والدهر لَيْسَ بمعتب من يجزع)

69 -

وَقَالَ منقذ بن عبد الرَّحْمَن الْهِلَالِي من مخضرمي الدولتين

(الدَّهْر لاءم بَين فرقتنا

وكذاك فرق بَيْننَا الدَّهْر)

ص: 229

70 -

وَقَالَ الشمردل اللَّيْثِيّ أموي الشّعْر

(لهفي عَلَيْك للهفة من خَائِف

يَبْغِي جوارك حِين لَيْسَ مجير)

71 -

وَقَالَ النَّابِغَة الذبياني جاهلي واسْمه زِيَاد

(لَا يهنئى النَّاس مَا يرعون من كلأ

وَمَا يسوقون من أهل وَمن مَال)

72 -

وَقَالَ ربيعَة بن عبيد القعْنبِي [وَهُوَ أَبُو ذؤاب قَاتل عتيبة بن شهَاب] وَلَيْسَ فِي الْعَرَب ربيعَة غَيره

(أبلغ قبائل جَعْفَر إِن جِئْتهَا

مَا إِن أحاول جَعْفَر بن كلاب)

ص: 230

73 -

وَقَالَ مكرز بن حَفْص بن الْأَحْنَف الْكِنَانِي الجاهلي

(لَا يبعدن ربيعَة بن مكدم

وَسَقَى الغوادي قَبره بذنوب)

74 -

وَقَالَ كَعْب الأشقري

(لحاك الله يَا شَرّ المطايا

أعن قبر الْمُهلب تنفرينا)

ص: 231

(فلولا أنني رجل غَرِيب

لَكُنْت على ثَلَاث تحجلينا)

75 -

وَقَالَ الْأَزْرَق بن المكعبر

(أتنفر عَن عَمْرو ببيداء نَاقَتي

وَمَا كَانَ ساري اللَّيْل ينفر عَن عَمْرو)

(لقد حببت عِنْدِي الْحَيَاة حَيَاته

وحبب سُكْنى الْقَبْر مذ صَار فِي الْقَبْر)

76 -

وَقَالَ كَعْب بن سعد بن عقبَة الغنوي جاهلي

(تَقول سليمى مَا لجسمك شاحباً

كَأَنَّك يحميك الطَّعَام طَبِيب)

(فَقلت وَلم أعي الْجَواب لقولها

وللدهر فِي صم الصلاب نصيب)

(تتَابع أَحْدَاث تخرمن إخوتي

وشيبن راسي والخطوب تشيب)

ص: 232

(أَتَى دون حُلْو الْعَيْش حَتَّى أمره

نكوب على آثارهن نكوب)

(لعمري لَئِن كَانَت أصابة مُصِيبَة

أخي والمنايا للرِّجَال شعوب)

(لقد عجمت مني الْحَوَادِث ماجداً

عروفاً بِصَرْف الدَّهْر حِين يريب)

(وقور فَأَما حلمه فمروح

علينا وَأما جَهله فعزيب)

(فَتى الْحَرْب إِن حَارَبت كَانَ سهامها

وَفِي السّلم مفضال الْيَدَيْنِ وهوب)

(فَتى لَا يُبَالِي أَن يكون بجسمه

إِذا نَالَ خلات الرِّجَال شحوب)

(غنينا بِخَير حقبة ثمَّ جلحت

علينا الَّتِي كل الْأَنَام تصيب)

(فَلَو كَانَ حَيّ يفتدى لفديته

بِمَا لم تكن عَنهُ النُّفُوس تطيب)

(فَإِن تكن الْأَيَّام أحسن مرّة

إِلَيّ فقد عَادَتْ لَهُنَّ ذنُوب)

(وخبرتماني إِنَّمَا الْمَوْت بالقرى

فَكيف وهاتا هضبة وقليب)

(أخي مَا أخي لَا فَاحش عِنْد بَيته

وَلَا ورع عِنْد اللِّقَاء هيوب)

(إِذا مَا تراآه الرِّجَال تحفظُوا

فَلم تنطق العوراء وَهُوَ قريب)

(على خير مَا كَانَ الرِّجَال نَبَاته

وَمَا الْخَيْر إِلَّا قسْمَة وَنصِيب)

(حَلِيف الندى يَدْعُو الندى فَيُجِيبهُ

سَرِيعا ويدعوه الندى فيجيب)

(هُوَ الْعَسَل الماذي حلما وشيمة

وَلَيْث إِذا يلقى الْعَدو غضوب)

(حَلِيم إِذا مَا سُورَة الْجَهْل أطلقت

حبى الشيب للنَّفس اللجوج غلوب)

(هوت أمه مَا يبْعَث الصُّبْح غادياً

وماذا يُؤدى اللَّيْل حِين يؤوب)

ص: 233

(كعالية الرمْح الرديني لم يكن

إِذا ابتدر الْقَوْم الفعال يُجيب)

(أَخُو شتوات يعلم الْحَيّ أَنه

سيكثر مَا فِي قدره ويطيب)

(إِذا حل لم يقْض المقامة بَيته

وَلكنه الْأَدْنَى بِحَيْثُ يثوب)

(كَأَن أَبَا المغوار لم يوف مرقباً

إِذا ربأ الْقَوْم الْغُزَاة رَقِيب)

(وَلم يدع فتياناً كراماً لميسر

إِذا اشْتَدَّ من ريح الشتَاء هبوب)

(ليبكك عان لم يجد من يُعينهُ

وطاوي الحشا نائي المزار غَرِيب)

(بَكَيْت أَخا لَا واء يحمد يَوْمه

كريم رُؤُوس الدارعين ضروب)

(حبيب إِلَى الزوار غشيان بَيته

جميل الْمحيا شب وَهُوَ أديب)

(فَتى أريحي كَانَ يَهْتَز للندى

كَمَا اهتز ماضي الشفرتين قضيب)

(كَأَن بيُوت الْحَيّ مَا لم يكن بهَا

بسابس لَا يلقى بِهن عريب)

(وداع دَعَا من يُجيب إِلَى الندى

فَلم يستجبه عِنْد ذَاك مُجيب)

(فَقلت ادْع أُخْرَى وارفع الصَّوْت دَعْوَة

لَعَلَّ أَبَا المغوار مِنْك قريب)

77 -

قَول مهلهل

(نبئت أَن النَّار بعْدك أوقدت

واستب بعْدك يَا كُلَيْب الْمجْلس)

ص: 234

78 -

وَقَالَ يحيى بن زِيَاد الْحَارِثِيّ من شعراء الدولة العباسية

(نعى ناعياً عَمْرو بلَيْل فأسمعا

فراعا فؤاداً كَانَ قدماً مروعا)

(دفعنَا بك الْأَيَّام حَتَّى إِذا أَتَت

تريدك لم نسطع لَهَا عَنْك مدفعا)

(فطاب ثرى أفْضى إِلَيْك وَإِنَّمَا

يطيب إِذا كَانَ الثرى لَك مضجعا)

(مضى واستقبل صَاحِبي واستقبل الدَّهْر مصرعي

وَلَا بُد أَن ألْقى حمامي فأصرعا)

(مضى فمضت عني بِهِ كل لَذَّة

تقر بهَا عَيْنَايَ فانقطعا مَعًا)

(وَمَا كنت إِلَّا السَّيْف لَاقَى ضريبة

فقطعها ثمَّ انثنى فتقطعا)

79 -

وَقَالَ أَبُو تَمام حبيب بن أَوْس الطَّائِي

(أَصمّ بك الناعي وَإِن كَانَ أسمعا

وَأصْبح مغنى الْجُود بعْدك بلقعا)

(مصيفاً أَفَاضَ الْحزن فِيهِ جداولاً

من الدمع حَتَّى خلته صَار مربعًا)

(وَمَا كنت إِلَّا السَّيْف لَاقَى ضريبة

فقطعها ثمَّ انثنى فتقطعا)

(فَتى كَانَ شربا للعفاة ومرتعا

فَأصْبح للهندية الْبيض مرتعا)

(فَتى كلما ارتاد الشجاع من الردى

مفرا غَدَاة المازق ارتاد مصرعا)

ص: 235

(إِذا سَاءَ يَوْم فِي الكريهة منْظرًا

تصلاه علما أَن سيحسن مسمعا)

80 -

وَقَالَت ماوية بنت الأحت [ترثي] بنيها

(هوت امهم مَاذَا بهم يَوْم صرعوا

بجيشان من أوتاد ملك تهدما)

(أَبَوا أَن يَفروا والقنا فِي نحورهم

وَأَن يرتقوا من خشيَة الْمَوْت سلما)

(وَلَو أَنهم فروا لكانوا أعزة

وَلَكِن رَأَوْا صبرا على الْمَوْت أكرما)

81 -

وَقَالَ أَبُو مكنف أَبُو سلمى من ولد زُهَيْر بن أبي سلمى

(أبعد أبي الْعَبَّاس يستعتب الدَّهْر

وَمَا بعده للدهر عُقبى وَلَا عذر)

(إِذا مَا أَبُو الْعَبَّاس خلى مَكَانَهُ

فَلَا حملت أُنْثَى وَلَا مَسهَا طهر)

(وَلَا أمْطرت أَرضًا سَمَاء وَلَا جرت

نُجُوم وَلَا لدت لشاربها الْخمر)

(كَأَن بني الْقَعْقَاع يَوْم وَفَاته

نُجُوم سَمَاء خر من بَينهَا الْبَدْر)

(توفيت الآمال يَوْم انقضائه

وَأصْبح فِي شغل عَن السّفر السّفر)

82 -

وَقَالَ أَبُو تَمام حبيب بن أَوْس الطَّائِي

(كَذَا فليجل الْخطب وليفدح الْأَمر

فَلَيْسَ لعين لم يفض ماءها عذر)

ص: 236

83 -

وَقَالَ عبد السَّلَام بن رغبان ديك الْجِنّ

(على هَذِه كَانَت تَدور النوائب

وَفِي كل جَمِيع للذهاب مَذَاهِب)

(نزلنَا على حكم الزَّمَان وَأمره

وَقد يقبل النّصْف الألد المشاغب)

(وتضحك سنّ الْمَرْء وَالْقلب عَابس

ويرضى الْفَتى عَن دهره وَهُوَ عَاتب)

(أَلا أَيهَا الركْبَان وَالرَّدّ وَاجِب

قفوا خبرونا مَا تَقول النوادب)

(إِلَى أَي فتيَان الندى سبق الردى

وأيهم انتابت حماه النوائب)

(أَلا يَا أَبَا الْعَبَّاس كم رد رَاغِب

لفقدك ملهوفاً وَكم جب غارب)

(وَيَا قبر جد كل الْقُبُور بجوده

ففيك سَمَاء ثرة وسحائب)

(فَإنَّك لَو تَدْرِي بِمَا فِيك من علا

عَلَوْت فلاحت فِي ذراك الْكَوَاكِب)

(أَخ كنت تدمى مهجتي وَهُوَ نَائِم

حذاراً وتعمى مقلتي وَهُوَ غَائِب)

ص: 237

(فَمَاتَ فَمَا صبري على الْأجر وَاقِفًا

وَلَا أَنا فِي عمر إِلَى الله رَاغِب)

(أأسعى لأحظى فِيك بِالْأَجْرِ إِنَّه

لسعي إِذا مسني لَدَى الله غَائِب)

(وَمَا الْإِثْم إِلَّا الصَّبْر عَنْك وَإِنَّمَا

عواقب حمد أَن تذم العواقب)

(يَقُولُونَ مِقْدَار على الْحر وَاجِب

فَقلت وإعوال على الْحر وَاجِب)

(هُوَ الْقلب لما حَان يَوْم ابْن أمه

وهى جَانب مِنْهُ وَخلف جَانب)

(فَتى كَانَ مثل السَّيْف من حَيْثُ جِئْته

لنائبة تَأْتِيك فَهُوَ مضَارب)

(بكاك أَخ لم تحوه بِقرَابَة

بلَى إِن إخْوَان الصفاء أقَارِب)

(وأظلمت الدُّنْيَا الَّتِي كنت جارها

كَأَنَّك للدنيا أَخ ومناسب)

(يبرد نيران المصائب أنني

أرى زَمنا لم تبْق فِيهِ مصائب)

84 -

وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب خويلد بن محرب الْهُذلِيّ

(عرفت الديار كرقم الدواة

يزبرها الْكَاتِب الْحِمْيَرِي)

85 -

وَقَالَ المتنخل مَالك بن عُوَيْمِر بن عُثْمَان الْهُذلِيّ جاهلي

(أَقُول لما أَتَانِي الناعيان بِهِ

لَا يبعد الرمْح ذُو النصلين وَالرجل)

ص: 238

(رباء شماء لَا يأوي لقلتهما

إِلَّا السَّحَاب وَإِلَّا الأوب والسبل)

(ويل امهِ رجلا تأبى بِهِ غبنا

إِذا تجرد لَا خَال وَلَا بخل)

(السالك الثغرة الْيَقظَان كالئها

مشي الهلوك عَلَيْهَا الخيعل الْفضل)

(فَاذْهَبْ فَأَي فَتى فِي النَّاس أحرزه

فِي حتفه ظلم دعجٌ وَلَا جبل)

86 -

وَقَالَ أَبُو الهيذام عَامر بن الضَّحَّاك الْكلابِي

(سأبكيك بالبيض الرقَاق وبالقنا

فَإِن بهَا مَا يدْرك الْمَاجِد الوترا)

(وَلست كمن يبكي أَخَاهُ بعبرة

يعصرها من جفن مقلته عصرا)

(وَإِنَّا أنَاس مَا تفيض دموعنا

على هَالك منا وَإِن قَصم الظهرا)

87 -

وَقَالَ عقيل بن علفة المري

(لتغد المنايا حَيْثُ شَاءَت فَإِنَّهَا

محللة بعد الْفَتى ابْن عقيل)

ص: 239

88 -

وَقَالَ طريف أَبُو وهب الْعَبْسِي فِي أَبِيه

(لقد شمت الْأَعْدَاء بِي وتغيرت

عُيُون أَرَاهَا بعد موت أبي عَمْرو)

(تجرأ على الدَّهْر لما فقدته

وَلَو كَانَ حَيا لاجترأت على الدَّهْر)

(أَلا لَيْت أُمِّي لم تلدني وليتني

سبقتك إِذْ كُنَّا إِلَى غَايَة نجري)

(وَكنت بِهِ أكنى فَأَصْبَحت كلما

كنيت بِهِ فاضت دموعي على نجري)

(وَقد كنت ذَا نَاب وظفر على العدى

فَأَصْبَحت لَا يَخْشونَ نابي وَلَا ظفري)

(وقاسمني دهري بنى مشاطرا

فَلَمَّا تقضى شطره عَاد فِي شطري)

89 -

وَقَالَ شقران العذري أموي الشّعْر

(أجدك لن تزل الدَّهْر عَيْني

لَهَا فِي أثر ذِي ثِقَة سجوم)

(وإخوان رزئهم فبانوا

كَمَا انْقَضتْ من الْفلك النُّجُوم)

ص: 240

90 -

وَقَالَ أَبُو قحفان الْأَعْشَى عَامر بن الْحَارِث بن عون الْبَاهِلِيّ وتروى للدعجاء ابْنة الْمُنْتَشِر وتروى لليلى بنت وهب الباهلية أُخْت الْمُنْتَشِر

(إِنِّي أَتَتْنِي لِسَان لَا أسر بهَا

من علو لَا عجب مِنْهَا وَلَا سخر)

91 -

وَقَالَ الحطية يرثي عَلْقَمَة بن علاثة الْكلابِي

(لعمري لنعم الْحَيّ من آل جَعْفَر

بحوران أَمْسَى أعلقته الحبائل)

92 -

وَقَالَ خلف بن خَليفَة الْبَاهِلِيّ أموي الشّعْر

(أعاتب نَفسِي أَن تبسمت خَالِيا

وَقد يضْحك الموتور وَهُوَ حَزِين)

ص: 241

(وبالدير أشجاني وَكم من شج لَهُ

دوين الْمصلى بِالبَقِيعِ شجون)

(ربى حولهَا أَمْثَالهَا إِن أتيتها

قرينك أشجاناً وَهن سُكُون)

(كفى الهجر أَنا لم يضح لَك أمرنَا

وَلم يأتنا عَمَّا لديك يَقِين)

93 -

وَقَالَ عبد الْملك بن عبد الرَّحِيم الْحَارِثِيّ

(وأنى لأرباب الْقُبُور لغابط

بسكنى سعيد بَين أهل الْمَقَابِر)

(وَإِنِّي لمفجوع بِهِ إِذْ تكاثرت

عداتي وَلم أهتف سواهُ بناصر)

(فَكنت كمغلوب على نصل سَيْفه

وَقد حز فِيهِ نصل حران ثَائِر)

(أتيناه زواراً فأمجدنا قرى

من البث والداء الدخيل المخامر)

(وأبنا بزرع قد نما فِي صدورنا

من الوجد يسقى بالدموع البوادر)

(وَلما حَضَرنَا لاقتسام تراثه

وجدنَا عظيمات اللهى والمآثر)

(فأسمعنا بِالصَّمْتِ رَجَعَ حَدِيثه

فأبلغ بِهِ من نَاطِق لم يحاور)

94 -

وَقَالَ سَلمَة بن يزِيد بن الْمجمع الحعفي

(أَقُول لنَفْسي فِي الْخَلَاء ألومها

لَك الويل مَا هَذَا التجلد وَالصَّبْر)

ص: 242

95 -

وَقَالَ مَرْوَان بن أبي حَفْصَة

(لقد أَصبَحت تختال كل بَلْدَة

بِقَبْر أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَقَابِر)

(أَتَتْهُ الَّذِي ابتزت سُلَيْمَان ملكه

وألوت بِذِي القرنين مِنْهَا الدَّوَائِر)

(أَتَتْهُ فغالته المنايا وعدله

ومعروفه فِي الشرق والغرب ظَاهر)

(وَلَو كَانَ تَجْرِيد السيوف يردهَا

ثنت حَدهَا عَنهُ السيوف البواتر)

(بأيد بهَا تُعْطى الصوارم حَقّهَا

وتروى لَدَى الروع الرماح الشواجر)

96 -

وَقَالَت امْرَأَة من بلحارث بن كَعْب

(فَارِسًا مَا غادروه ملحما

غير زميل وَلَا نكس وكل)

(لم يَشَأْ طاربه ذُو ميعة

لَاحق الآطال نهد ذُو خصل)

(غير أَن الْبَأْس مِنْهُ شِيمَة

وصروف الدَّهْر تجْرِي بالأجل)

97 -

وَقَالَ عبد الْأَعْلَى بن كناسَة الْمَازِني

(أبعدت من يَوْمك الْفِرَار فَمَا

جَاوَزت حَيْثُ انْتهى بك الْقدر)

ص: 243

(لَو كَانَ يُنجى من الردى حذر

نجاك مِمَّا أَصَابَك الحذر)

(يَرْحَمك الله من أخي ثِقَة

لم يَك فِي صفو وده كدر)

(فَهَكَذَا يذهب الزَّمَان ويفنى

الْعلم فِيهِ ويدرس الْأَثر)

98 -

وَقَالَ [آخر]

(إِذا مَا امْرُؤ أثنى بآلاء ميت

فَلَا يبعد الله الْوَلِيد بن أدهما)

(فَمَا كَانَ مفراحاً إِذا الْخَبَر مَسّه

وَلَا كَانَ منانا إِذا هُوَ أنعما)

(لعمرك مَا وارى التُّرَاب فعاله

وَلكنه وارى ثيابًا وأعظما)

99 -

وَقَالَ النَّابِغَة الذبياني

(فَإِن يهْلك أَبُو قَابُوس يهْلك

ربيع النَّاس والشهر الْحَرَام)

(ونأخذ بعده بذناب عَيْش

أجب الظّهْر لَيْسَ لَهُ سَنَام)

100 -

وَقَالَ مُحَمَّد بن بشير بن خَارِجَة العدواني وتروى لأبي البلهاء عُمَيْر بن عَامر مولى يزِيد بن مزِيد

(نعم الْفَتى فجعت بِهِ إخوانه

يَوْم البقيع حوادث الْأَيَّام)

ص: 244

(سهل الفناء إِذا حللت بِبَابِهِ

طلق الْيَدَيْنِ مؤدب الخدام)

(وَإِذا رَأَيْت خَلِيله وشقيقه

لم تدر أَيهمَا أَخُو الْأَرْحَام)

101 -

وَقَالَ حَاطِب بن قيس

(سَلام على الْقَبْر الَّذِي ضم أعظما

تحوم الْمَعَالِي حوله فتسلم)

(سَلام عَلَيْهِ كلما ذَر شارق

وَمَا امْتَدَّ قطع من دجى اللَّيْل مظلم)

(فيا قبر عَمْرو جاد أَرضًا تعطفت

عَلَيْك ملث دَائِم الْقطر مرزم)

(تَضَمَّنت جسماً طَابَ حَيا وَمَيتًا

فَأَنت بِمَا ضمنت فِي الأَرْض معلم)

(فَلَا يبعدنك الله يَا عَمْرو هَالكا

فقد كنت نور الْخطب والخطب مظلم)

02 -

وَقَالَ الرّبيع بن زِيَاد الْعَبْسِي جاهلي

(إِنِّي أرقت فَلم أغمض حَار

من سيىء النبأ الْجَلِيل الساري)

103 -

وَقَالَ عكرشة الْعَبْسِي وَكَانَ قد خرج إِلَى الشَّام فَهَلَك بنوه بالطاعون

(سقى الله أجداثاً ورائي تركتهَا

بحاضر قنسرين من سبل الْقطر)

ص: 245

(مضوا لَا يُرِيدُونَ الرواح وغالهم

من الدَّهْر أَسبَاب جرين على قدر)

(وَلَو يَسْتَطِيعُونَ الرواح تروحوا معي

وغدوا فِي المصبحين على ظهر)

(لعمري لقد وارت وضمت قُبُورهم

أكفا شَدَّاد الْقَبْض بالأسل السمر)

(غطارفة زهر مضوا لسبيلهم

فلهفي على تِلْكَ الغطارفة الزهر)

(أبعد بني الدَّهْر أَرْجُو غضارة

من الْعَيْش أَو آسى لما فَاتَ من عمري)

(يذكرنيهم كل خير رَأَيْته

وَشر فَمَا انْفَكَّ مِنْهُم على ذكر)

(وَآخر عهدي مِنْك يَا شغب شمة

بشرح وداعا والمطي بِنَا تسري)

(فَكَانَ وداعاً لَا تلاقي بعده

بَعيدا إِلَى الْيَوْم الْقِيَامَة والحشر)

(وَأبْدى لي الشحناء من كَانَ مخفيا

عداوته لما تغيب فِي الْقَبْر)

104 -

وَقَالَ مرّة بن مَالك العذري

(وباكية تبْكي عديا وَإِنَّمَا

ثنت لي أحزاناً فَثَابَ غرامها)

(قُبُور تحاماها الجيوش مهابة

وخوفاً وَإِن لم يبد إِلَّا رمامها)

(إِذا ذكر الْأَعْدَاء وَقع سيوفها

وَطعن قناها لم يطعها منامها)

ص: 246

(تفانوا وَلم يبقوا وكل قَبيلَة

سريع إِلَى ورد الْحمام كرامها)

105 -

وَقَالَ عدي بن ربيعَة جاهلي يرثي أَخَاهُ مهلهلا

(ضربت صدرها إِلَيّ وَقَالَت

يَا عدي لقد وقتك الأواقي)

(مَا أَرْجَى فِي الْعَيْش بعد ندامى

قد أَرَاهُم سقوا بكأس حلاق)

(إِن تَحت الْأَحْجَار حزماً وعزما

وخصيماً أَلد ذَا مغلاق)

(حَيَّة فِي الوجار أَرْبَد لَا ينفع

مِنْهُ السَّلِيم نفثة راق)

(فَارس يضْرب الكتيبة بِالسَّيْفِ

دراكاً كلاعب المخراق)

ص: 247

106 -

وَقَالَ نَهَار بن توسعة

(أَلا ذهب الْغَزْو المقرب للغنى

وَمَات الندى والحزم بعد الْمُهلب)

(أَقَامَا بمرو الروذ رهنى ضريحة

وَقد غيبا فِي كل شَرق ومغرب)

107 -

وَقَالَ سلم الخاسر فِي مُحَمَّد بن الْمهْدي

(بِمَوْت أَمِير الْمُؤمنِينَ مُحَمَّد

زها الْمَوْت واختالت عَلَيْهِ الْمَقَابِر)

(رَأَيْت المنايا يفتخرن بِمَوْتِهِ

كَأَن المنايا تبتغي من تفاخر)

(فَلَو بَكت الْأَيَّام مَيتا بَكت لَهُ

سوالفها والباقيات الغوابر)

(وَمَا النَّاس إِلَّا للفناء مصيرهم

لكل امرىء من يَوْمه مَا يحاذر)

108 -

وَقَالَ آخر وتروى لعَلي بن أبي طَالب رضي الله عنه

(لكل اجْتِمَاع من خليلين فرقة

وكل الَّذِي دون الْمَمَات قَلِيل)

(وَإِن افتقادي وَاحِدًا بعد وَاحِد

دَلِيل على أَن لَا يَدُوم خَلِيل)

109 -

وَقَالَ كَعْب بن جعيل أموي الشّعْر

(برابية الثرثار قبر ترابه

يضم الْغَمَام الْجُود وَالشَّمْس والبدرا)

ص: 248

(رَأَتْ تغلب العلياء عِنْد مصابه

عُيُون الأعادي نَحْو أعينها خزرا)

(وودت نُجُوم الجو يَوْم حملنه

على النعش لَو كَانَت بأجمعها قبرا)

(مُنَافَسَة مِنْهَا عَلَيْهِ وضنة

على الترب أَن تحوي المآثر والفخرا)

(وَمَا بخلت عَيْنَايَ بالدمع بعده

على هَالك إِلَّا ذكرت لَهَا عمرا)

(فتسمح لي بالدمع حزنا لذكره

وتبعث مِنْهُ لَا بكيا وَلَا نزرا)

110 -

وَقَالَ ابْن أم حزنة واسْمه ثَعْلَبَة بن حزن بن زيد مَنَاة إسلامي وَرَوَاهَا الخالديان لمَالِك بن نُوَيْرَة وَلَيْسَت لَهُ

(ألوم النائبات من اللَّيَالِي

وَمَا تَدْرِي اللَّيَالِي من ألوم)

(وَكَانَ أخي زعيم بني تَمِيم

وكل قَبيلَة فلهَا زعيم)

(وَكَانَ إِذا الشدائد أرهقتني

يقوم بهَا وأقعد لَا أقوم)

ص: 249

111 -

وَقَالَ عمَارَة بن عقيل

(رحم الله خَالِدا فَلَقَد مَاتَ

حميدا وعاش ذَا إفضال)

(لم يمت مُوسِرًا من المَال لَكِن

مُوسِرًا من محامدٍ وفعال)

112 -

وَقَالَ الضَّحَّاك بن عقيل

(ديار أقفرت من بعد قوم

بهم يستمطر الْبَلَد المحول)

(ورثناهم مَنَازِلهمْ فزالوا

وَأي نعيم دنيا لَا يَزُول)

113 -

وَقَالَ آخر

(عافوا حِيَاض الْمَوْت فاختلجتهم

حِيَاض المنايا عَن لئيم المشارب)

(فماتوا جَمِيعًا خشيَة الْعَار وابتنوا

مَكَارِم ناطوا عزها بالكواكب)

(شروا أنفساً كَانُوا قَدِيما أضنة

بهَا طَمَعا فِي باقيات العواقب)

(وأضحوا وهم سنوا الْوَفَاء وأورثوا

مَوَارِيث مجد ذكرهَا غير ذَاهِب)

114 -

وَقَالَ الغطمش الضَّبِّيّ

(سقى الله قبراً كنت رَوْضَة عيشه

وجنته كَيفَ استبد بك الدَّهْر)

ص: 250

(لقد كنت عَن لحظ الْعُيُون رَقِيقه

يُؤثر فِيك اللحظ وَالنَّظَر الشزر)

(جميل وَحقّ الله فِي مثلك البكا

وأجمل [لي] مِنْهُ التجلد وَالصَّبْر)

(فَإِن صبرت نَفسِي فَذَلِك شيمتي

وَإِن جزعت يَوْمًا فَأَنت لَهَا عذر)

115 -

وَقَالَ تَوْبَة بن مُضر [س] العذري

(رَأَتْ إخوتي بعد اجْتِمَاع تفَرقُوا

فَلم يبْق إِلَّا وَاحِد مِنْهُم فَرد)

(تقسمهم ريب الْمنون كَأَنَّمَا

على الدَّهْر فيهم أَن يُفَرِّقهُمْ عهد)

116 -

وَقَالَ آخر

(فَمَا تقشعر الأَرْض إِن نزلُوا بهَا

وَلكنهَا تزهو بهم وتطيب)

(أصَاب الحيا تِلْكَ الْقُبُور وشققت

عَلَيْهِنَّ من غر السَّحَاب جُيُوب)

ص: 251

117 -

وَقَالَ أَبُو عَطاء السندي فِي نصر بن سيار [من مخضرمي الدولتين]

(فاضت دموعي على نصر وَمَا ظلمت

عين تفيض على نصر بن سيار)

(يَا نصر من للقاء الْحَرْب إِن لقحت

يَا نصر بعْدك أَو للضيف وَالْجَار)

(الخندفي الَّذِي يحمي حقيقتهم

فِي كل يَوْم مخوف الشين والعار)

(والقائد الْخَيل قبا فِي أعنتها

بالقوم حَتَّى يلف الْغَار بِالْغَارِ)

(من كل أَبيض كالمصباح من مُضر

يجو بسنته الظلماء للساري)

(مَاض على الهول مِقْدَام إِذا اعترضت

سمر الرماح وَولى كل فرار)

(إِن قَالَ قولا وفى بالْقَوْل موعده

إِن الْكِنَانِي واف غير غدار)

118 -

وَقَالَ أهبان بن همام بن نَضْلَة الْأَسدي جاهلي

(خليلي عوجا إِنَّهَا حَاجَة لنا

على قبر همام سقته الرواعد)

ص: 252

(على قبر من يُرْجَى نداه ويبتغى

قراه إِذا لم يحمد الأَرْض حَامِد)

(كريم النثا حُلْو الشَّمَائِل بَينه

وَبَين المرجى نفنف متباعد)

(إِذا نَازع الْقَوْم الْأَحَادِيث لم يكن

عييا وَلَا عبأ على من يقاعد)

(وَضعنَا الْفَتى كل الْفَتى فِي حفيرة

بحوين قد ناحت عَلَيْهِ العوائد)

(صَرِيعًا كنصل السَّيْف تضرب حوله

ترائبهن المعولات الفواقد)

119 -

وَقَالَ الْفضل بن عبد الصَّمد الرقاشِي فِي جَعْفَر الْبَرْمَكِي

(أما وَالله لَوْلَا خوف واش

وَعين للخليفة لَا تنام)

(لطفنا حول جذعك واستلمنا

كَمَا للنَّاس بِالْحجرِ استلام)

(فَمَا أَبْصرت بعْدك يَا ابْن يحيى

حساماً قده السَّيْف الحسام)

(على الْمَعْرُوف وَالدُّنْيَا جَمِيعًا

ودولة آل برمك السَّلَام)

ص: 253

120 -

وَقَالَ أَوْس بن حجر التَّمِيمِي جاهلي

(أيتها النَّفس أجملي جزعا

إِن الَّذِي تحذرين قد وَقعا)

(إِن الَّذِي جمع السماحة والنجدة

والبأس والندى جمعا)

(الألمعي الَّذِي يظنّ بك الظَّن

كَأَن قد رأى وَقد سمعا)

121 -

وَقَالَ مُسلم بن الْوَلِيد الْأنْصَارِيّ

(وَإِنِّي وَإِسْمَاعِيل يَوْم وَفَاته

لكالجفن يَوْم الروع فَارقه النصل)

(يذكرنيك الْجُود وَالْفضل والحجى

وَقيل الْخَنَا وَالْعلم والحلم وَالْجهل)

(فألقاك فِي مذمومها متنزها

وألقاك فِي محمودها وَلَك الْفضل)

(وَأحمد من أخلاقك الْبُخْل إِنَّه

بعرضك لَا بِالْمَالِ حاشى لَك الْبُخْل)

122 -

وَقَالَ مرّة بن منقذ التنوخي وتروى لمقرب التنوخي

(جسور لَا يروع عِنْدهم

وَلَا يثنى عزيمته اتقاء)

(حَلِيم فِي شراسته إِذا مَا

حبا الحلماء أطلقها المراء)

(فَإِن تكن الْمنية أقصدته

وحم عَلَيْهِ بالتلف الْقَضَاء)

(فقد أودى بِهِ كرم ومجد

وعود بالمكارم وَابْتِدَاء)

ص: 254

123 -

وَقَالَ عدي بن الرّقاع العاملي يُخَاطب منَازِل قومه أموي الشّعْر

(فسقيت من دَار وَإِن لم تسمعي

أصواتنا صوب الرّبيع المسبل)

(ورعيت من دَار وَإِن لم تنطقي

بِجَوَاب حاجتنا وَإِن لم تعقلي)

(قد كَانَ أهلك بُرْهَة لَك زِينَة

فتبدلوا بَدَلا وَلم تستبدلي)

(فأبكى إِذا بَكت الْمنَازل أَهلهَا

معذورة وظلمت إِن لم تفعلي)

124 -

وَقَالَ رجل من بني تَمِيم هُوَ الفرزدق

(لَو لم يفارقني عَطِيَّة لم أهن

وَلم أعْط أعدائي الَّذِي كنت أمنع)

(شُجَاع إِذا لَاقَى ورام إِذا رمى

وهاد إِذا مَا أظلم اللَّيْل مصدع)

(سأبكيك حَتَّى نتفد الْعين ماءها

ويشفى مني الدمع مَا أتوجع)

ص: 255

125 -

وَقَالَ الفرزدق همام بن غَالب

(ألم تَرَ أَنِّي يَوْم جو سويقة

بَكَيْت فنادتني هنيدة ماليا)

(فَقلت لَهَا إِن الْبكاء لراحة

بِهِ يشتفي من ظن أَن لَا تلاقيا)

126 -

وَقَالَ آخر

(أمنت شبا الزَّمَان فَمَا أُبَالِي

أيعدل بعد يَوْمك أم يجور)

(وَكنت سرُور قلبِي والمرجى

فَلَمَّا مت فارقني السرُور)

127 -

وَقَالَ الضَّبِّيّ

(لما مَضَت قبله اللَّيَالِي

وأحدثت بعده أُمُور)

(واعتضت باليأس عَنهُ صبرا

فاعتدل الْحزن وَالسُّرُور)

(فلست أخْشَى وَلَا أُبَالِي

مَا فعلت بعْدك الدهور)

(فليجهد الدَّهْر فِي مساتي

فَمَا عَسى جهده يضير)

ص: 256

128 -

وَله فِي طَاهِر بن الْحُسَيْن

(وقوفك تَحت ظلال السيوف

أقرّ الْخلَافَة فِي دارها)

(كَأَنَّك مطلع بالقلوب

إِذا مَا تناجت بأسرارها)

(فكرات طرفك مريرة

إِلَيْك تفاحص أَخْبَارهَا)

(وَفِي راحتيك الردى والندى

وكلتاهما طوع ممتارها)

(وأقضية الله محتومة

وَأَنت منفذ أقدارها)

129 -

وَقَالَ عكرشة أَبُو الشغب فِي وَلَده

(قد كَانَ شغب لَو أَن الله عمره

عزا تزاد بِهِ فِي عزها مُضر)

(لَيْت الْجبَال تداعت يَوْم مصرعه

دكا فَلم يبْق من أحجارها حجر)

(فَارَقت شغبا وَقد قوست من كبر

بئس الحليفان طول الْحزن وَالْكبر)

130 -

وَقَالَ آخر

(لَا يبعد الله أَقْوَامًا رزئتهم

بانوا لوقت مناياهم وَقد بعدوا)

(أضحت قُبُورهم شَتَّى ويجمعهم

حَوْض المنايا وَلم يجمعهُمْ بلد)

ص: 257

(رعوا من الْمجد أكنافا إِلَى أجل

حَتَّى إِذا بلغت أظماؤهم رقدوا)

(كَانَت لَهُم همم فرقن بَينهم

إِذا القعاديد عَن أَمْثَالهَا قعدوا)

(بذل الْجَمِيل وتفريج الْجَلِيل

وَإِعْطَاء الجزيل إِذا لم يُعْطه أحد)

131 -

وَقَالَ حَارِثَة بن بدر فِي زِيَاد بن أَبِيه

(صلى الْإِلَه على قبر وطهره

عِنْد الثوية يسفي فَوْقه المور)

(زفت إِلَيْهِ قُرَيْش نعش سَيِّدهَا

فثم كل التقى وَالْبر مقبور)

(أَبَا الْمُغيرَة وَالدُّنْيَا مفجعة

وَإِن من غرت الدُّنْيَا لمغرور)

(قد كَانَ عنْدك بِالْمَعْرُوفِ معرفَة

وَكَانَ عنْدك للنكراء تنكير)

(وَكنت تغشى وَتُعْطِي المَال من سَعَة

لِأَن بَيْتك أضحى وَهُوَ معمور)

(النَّاس بعْدك قد خفت حلومهم

كَأَنَّمَا نفخت فِيهَا الأعاصير)

132 -

وَقَالَت امْرَأَة ترثي زَوجهَا

(لعمري وَمَا عمري عَليّ بهين

لنعم الْفَتى غادرتم آل خثعما)

ص: 258

(وَكَانَ إِذا مَا أورد الْخَيل بيشة

إِلَى جنب أشراج أَنَاخَ فألجما)

(فارسلها رهوا رعالا كَأَنَّهَا

جَراد زفته ريح نجد فأتهما)

133 -

وَقَالَت امْرَأَة ترثي أخاها

(هَل خبر الْقَبْر سائليه

أم قر عينا بزائريه)

(أم هَل ترَاهُ أحَاط علما

بالجسد المستكن فِيهِ)

(لَو يعلم الْقَبْر من يواري

تاه على كل من يَلِيهِ)

(يَا موت لَو تقبل افتداء

كنت بنفسي سأفتديه)

(أنعى بريدا إِلَى حروب

تحسر عَن منظر كريه)

(يَا جبلا كَانَ ذَا امْتنَاع

وركن عز لآمليه)

(وَيَا مَرِيضا على فرَاش

تؤذيه أَيدي ممرضيه)

(وَيَا صبورا على بلَاء

كَانَ بِهِ الله يَبْتَلِيه)

(ذهبت يَا موت بِابْن أُمِّي

بالسيد الْفَاضِل النبيه)

(تحلو نعم عِنْده سماحا

وَلم يقل قطّ لَا بِفِيهِ)

(يَا موت مَاذَا أردْت مني

حققت مَا كنت أتقيه)

(دهر رماني بفقد إلفي

أَذمّ دهري وأشتكيه)

ص: 259

(آمنك الله كل روع

وَكلما كنت تتقيه)

134 -

وَقَالَت امْرَأَة من بني عذرة

(لقد غادر الركب اليمانون خَلفهم

شَدِيد نِيَاط الْقلب ذَا مرّة شزر)

(ترى خَيره فِي السهل لَا حزن بعده

إِذا كَانَ بعض الْخَيْر فِي جبل وعر)

135 -

وَقَالَ آخر يرثي زَوجته

(فَإِن يكن الزَّمَان عدا علينا

ففاقم شعبنا بعد اتِّفَاق)

(فَكل هوى يصير إِلَى انْقِضَاء

كَمَا صَار الْهلَال إِلَى محاق)

(فَإِن تَكُ قد نأت ونأيت عَنْهَا

وَفرق بَيْننَا حدث الشقاق)

(فَكل قرينَة وقرين إلْف

مصيرهما إِلَى أمد الْفِرَاق)

136 -

وَقَالَ آخر

(وَكنت مجاورا لبني سعيد

فأفقدنيهم ريب الزَّمَان)

ص: 260

(فَلَمَّا أَن فقدت بني سعيد

فقدت الود إِلَّا بِاللِّسَانِ)

137 -

وَقَالَ لبيد بن ربيعَة العامري

(يَا أَرْبَد الْخَيْر الْكَرِيم جدوده

أفردتني أَمْشِي بقرن أعضب)

138 -

وَقَالَ أَيْضا

(لعمري لَئِن كَانَ الْمخبر صَادِقا

لقد رزئت فِي حَادث الدَّهْر جَعْفَر)

(أَخا لي أما كل شَيْء سَأَلته

فيعطي وَأما كل ذَنْب فَيغْفر)

(فَإِن يَك نوء من سَحَاب أَصَابَهُ

فقد كَانَ يَعْلُو كل قرن ويظفر)

139 -

وَقَالَ كثير بن أبي جُمُعَة الملحي

(عداني أَن أزورك غير بغض

مقامك بَين مصفحة شَدَّاد)

(فَلَا تبعد فَكل فَتى سَيَأْتِي

عَلَيْهِ الْمَوْت يطْرق أَو يغادي)

(وكل ذخيرة لَا بُد يَوْمًا

وَإِن بقيت تصير إِلَى نفاد)

(فلوفوديت من حدث اللَّيَالِي

فديتك بالطريف وبالتلاد)

ص: 261

140 -

وَقَالَ عتِيك بن قيس

(برغم العلى والجود وَالْمجد والندى

طواك الردى يَا خير حاف وناعل)

(لقد غال صرف الدَّهْر مِنْك مرزأ

نهوضا بأعباء الْأُمُور الأثاقل)

(فإمَّا تصبك الحادثات بنكبة

رمتك بهَا إِحْدَى الدَّوَاهِي الضايل)

(فَلَا تبعدن إِن الحتوف موارد

وكل فَتى من صرفهَا غير وَائِل)

141 -

وَقَالَ عَمْرو بن أَحْمَر الْبَاهِلِيّ مخضرم

(أَبَت عَيْنَاك إِلَّا أَن تلجا

وتختالا بمائهما اختيالا)

(كَأَنَّهُمَا شعيبا مستغيث

يزجي طالعا بهما ثقالا)

(وَهِي خرزاهما فالماء يجْرِي

خلالهما وينسل انسلالا)

(على حيين فِي عَاميْنِ شَتَّى

فقد عَنَّا طلابهما وطالا)

ص: 262

(وَأَيَّام الْمَدِينَة ودعونا

فَلم يدعوا لقائلة مقَالا)

(فأية لَيْلَة تَأْتِيك سَهوا

فَتُصْبِح لَا ترى مِنْهُم خيالا)

(يؤرقنا أَبُو حَنش وطلق

وعمار وآونة أثالا)

(أَرَاهُم رفقتي حَتَّى إِذا مَا

تجافى اللَّيْل وانخزل انخزالا)

(إِذا أَنا كَالَّذي يجْرِي لورد

إِلَى آل فَلم يدْرك بِلَالًا)

142 -

وَقَالَ أَبُو حزابة الْحَنْظَلِي

(لعمري لقد هدت قُرَيْش عروشنا

بأبيض نفاح العشيات أزهرا)

(وَكَانَ حصادا للمنايا زرعنه

فَهَلا تركن النبت مَا دَامَ أخضرا)

(لحا الله قوما أسلموك وجردوا

عناجيج أعطتها يَمِينك ضمرا)

(أما كَانَ فيهم ماجد ذُو حفيظة

يرى الْمَوْت فِي بعض المواطن أفخرا)

143 -

وَقَالَ أَبُو عدي العبلي

(تَقول أُمَيْمَة لما رَأَتْ

نشوزي عَن المضجع الْأَنْفس)

ص: 263

(وَقلة نومي على مضجعي

لَدَى هجعة الْأَعْين النعس)

(أَبى مَا عرَاك فَقلت الهموم

عرين أَبَاك فَلَا تبلسي)

(لفقد الْأَحِبَّة إِذْ نالها

سِهَام من الْحَدث المبيس)

(فَذَاك الَّذِي غالني فاعلمي

وَلَا تسألي بامرئ متعس)

(أذلوا قناتي لمن رامها

وَقد ألصقوا الرغم بالمعطس)

144 -

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد التَّيْمِيّ فِي يزِيد بن مزِيد

(أحقا أَنه أودي بزيد

تبين أَيهَا الناعي المشيد)

(أَتَدْرِي من نعيت وَكَيف فاهت

بِهِ شفتاك واراك الصَّعِيد)

(أحامي الْمجد وَالْإِسْلَام أودى

فَمَا للْأَرْض وَيحك لَا تميد)

(تَأمل هَل ترى الْإِسْلَام مَالَتْ

دعائمه وَهل شَاب الْوَلِيد)

(وَهل تسقى الْبِلَاد عشار مزن

بدرتها وَهل يخضر عود)

ص: 264

(ألم تعجب لَهُ أَن المنايا

فتكن بِهِ وَهن لَهُ جنود)

(ليبكك شَاعِر لم يبْق دهر

لَهُ نشبا وَقد كسد القصيد)

145 -

وَقَالَ يَعْقُوب بن الرّبيع بن حَارِثَة فِي امْرَأَته

(فَلَو أنني إِذْ حم يَوْم وفاتها

أحكم فِي عمري لشاطرتها عمري)

(فَحل بِنَا الْمَقْدُور فِي سَاعَة مَعًا

فَمَاتَتْ وَلَا أَدْرِي ومت وَلَا تَدْرِي)

146 -

وَقَالَ ديك الْجِنّ عبد السَّلَام فِي مَعْنَاهُ

(لامت قبلك بل أَحَي وَأَنت مَعًا

وَلَا بقيت إِلَى يَوْم تموتينا)

(لَكِن نَعِيش كَمَا نهوى ونأمله

ويرغم الله فِينَا أنف واشينا)

(حَتَّى إِذا مَا انتقضت أَيَّام مدتنا

وحان من يَوْمنَا مَا كَانَ يعدونا)

(متْنا كِلَانَا كغصني بانة ذبلا

من بعد مَا استورقا واستنضرا حينا)

147 -

وَقَالَ آخر

(لَئِن كَانَت الْأَحْدَاث طولن عبرتي

بفقدك أَو أسكن قلبِي التخضعا)

ص: 265

(لقد أمنت نَفسِي المصائب كلهَا

فَأَصْبَحت مِنْهَا آمنا أَن أروعا)

(فَمَا اتَّقى فِي الدَّهْر بعْدك نكبة

وَلَا أرتجى للدهر مَا عِشْت مرجعا)

148 -

وَقَالَ الأشجع السّلمِيّ

(حَلَفت لقد أنسى يزِيد بن مزِيد

ربيعَة مِنْهَا فقد كل فقيد)

(فَتى يمْلَأ الْعَينَيْنِ حسنا وبهجة

ويملأهما قلب كل حسود)

149 -

وَقَالَ آخر

(رمتنا المنايا يَوْم مَاتَ بحادث

بطئ تداني شعبه المتبدد)

(فَقل للمنايا مَا تركت بَقِيَّة

علينا فعيثي كَيفَ شِئْت وأفسدي)

150 -

وَقَالَ الْحكمِي

(طوى الْمَوْت مَا بيني وَبَين مُحَمَّد

وَلَيْسَ لما تطوى الْمنية ناشر)

ص: 266

(وَكنت عَلَيْهِ أحذر الْمَوْت وجده

فَلم يبْق لي شَيْء عَلَيْهِ أحاذر)

(لَئِن عمرت دور بِمن لَا أحبه

لقد عمرت مِمَّن أحب الْمَقَابِر)

151 -

وَقَالَ مُحَمَّد بن يزِيد الْأمَوِي

(هَانَتْ عَليّ نَوَائِب الدَّهْر

فلتجر كَيفَ تحب أَن تجْرِي)

(هَل بعد يَوْمك مَا أحاذره

يَا بكر كل مُصِيبَة بكر)

152 -

وَقَالَ الفرزدق همام بن غَالب

(أَبَا خَالِد ضَاعَت خُرَاسَان بعدكم

وَقَالَ ذَوُو الْحَاجَات أَيْن يزِيد)

(فَلَا قطرت بِالريِّ بعْدك قَطْرَة

وَلَا اخضر بالمروين بعْدك عود)

153 -

وَقَالَ الأبيرد بن المعذر الْيَرْبُوعي

(تطاول ليلى لَا أَنَام تقلبا

كَأَن فِرَاشِي حَال من دونه الْجَمْر)

ص: 267

(أراقب من ليل التَّمام نجومه

لدن غَابَ قرن الشَّمْس حَتَّى بدا الْفجْر)

(تذكر علق بَان منا بنصره

ونائله يَا حبذا ذَلِك الذّكر)

(فان تكن الْأَيَّام فرقن بَيْننَا

فقد عذرتنا فِي صحابته الْعذر)

(أحقا عباد الله أَن لست لاقيا

بريدا طوال الدَّهْر مَا لألأ العفر)

(فَتى لَيْسَ كالفتيان إِلَّا خيارهم

من الْقَوْم جزل لَا قَلِيل وَلَا وعر)

(فَتى إِن هُوَ اسْتغنى تخرق فِي الْغنى

وَإِن كَانَ فقر لم يؤد مَتنه الْفقر)

(ترى الْقَوْم فِي العزاء ينتظرونه

إِذا ضل رأى الْقَوْم أَو حزب الْأَمر)

(فليتك كنت الْحَيّ فِي النَّاس بَاقِيا

وَكنت أَنا الْمَيِّت الَّذِي أدْرك الدَّهْر)

154 -

وَقَالَ الغطمش الضَّبِّيّ

(إِلَى الله أَشْكُو لَا إِلَى النَّاس أنني

أرى الأَرْض تبقى والأخلاء تذْهب)

(أخلاي لَو غير الْحمام أَصَابَكُم

عتبت وَلَكِن مَا على الدَّهْر معتب)

ص: 268

155 -

وَقَالَ الْأَشْهب بن رميلة التهثلي

(وَإِن الَّذِي حانت بفلج دِمَاؤُهُمْ

هم الْقَوْم كل الْقَوْم يَا أم خَالِد)

(هم ساعد الدَّهْر الَّذِي يَتَّقِي بِهِ

وَمَا خير كف لَا تنوء بساعد)

(أسود شرى لاقت أسود خُفْيَة

تساقت على لوح سمام الأساود

156 -

وَقَالَ الْحَارِث بن ضرار النَّهْشَلِي

(سقى جدثا أَمْسَى بدومة ثاويا

من الدَّلْو الجوزاء غاد ورائح)

(ليبك يزِيد ضارع لخصومة

ومختبط مِمَّا تطيح الطوائح)

157 -

وَقَالَ ذُو الإصبع بن حرثان بن محرث العدواني

(عذير الْحَيّ من عدوان

كَانُوا حَيَّة الأَرْض)

(بغى بَعضهم بَعْضًا

فَلم يرعوا على بعض)

(فقد أَمْسوا أَحَادِيث

بِرَفْع القَوْل والخفض)

ص: 269

(وَمِنْهُم كَانَت السادات

والموفون بالقرض)

(وَمِنْهُم حكم يقْضى

فَلَا ينْقض مَا يقْضى)

(وَمِنْهُم من أجَاز الْحَج

بِالسنةِ وَالْفَرْض)

(وهم كَانُوا فَلَا تكذب

ذَوي الْعِزَّة والنهض)

(لَهُم كَانَت جمام الما

ء لَا المزحى وَلَا البرض)

158 -

وَقَالَ آخر

(أَلا لله مَا مردى جروب

حواه بَين حضنيه الظليم)

(وَقد بَانَتْ عَلَيْهِ مهى رماح

حواسر مَا تنام وَلَا تنيم)

159 -

وَقَالَ الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف وَفِي رِوَايَة بَعضهم

(إِذا مَا دَعَوْت الصَّبْر بعْدك والبكا

أجَاب البكا طَوْعًا وَلم يجب الصَّبْر)

(فَإِن يَنْقَطِع مِنْك الرَّجَاء فَإِنَّهُ

سَيبقى عَلَيْك الْحزن مَا بقى الدَّهْر)

160 -

وَقَالَ آخر [فَاخِتَة بنت عدي]

(لعمرك مَا خشيت على أبي

رماح بني مُقَيّدَة الْحمار)

ص: 270

(وَلَكِنِّي خشيت على أَبى

رماح الْجِنّ أَو إياك حَار)

161 -

وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة

(طوتك خطوب دهرك بعد نشر

كَذَاك خطوبه نشرا وطيا)

162 -

وَقَالَ الفرزدق

(نعاء ابْن ليلى للسماح وللندى

وأيدي شمال باردات الأنامل)

163 -

وَقَالَ جرير بن الخطفى يرثى عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه

(نعى النعاة أَمِير الْمُؤمنِينَ لنا

يَا خير من حج بَيت الله واعتمرا)

(حملت أمرا عَظِيما فاصطبرت لَهُ

وَقمت فِيهِ بِإِذن الله يَا عمرا)

(الشَّمْس طالعة لَيست بكاسفة

تبكى عَلَيْك نُجُوم اللَّيْل والقمرا)

164 -

وَقَالَ النَّابِغَة الجعدى

(سَأَلتنِي جارتي عَن أمتِي

وَإِذا مَا عى ذُو اللب سَأَلَ)

ص: 271

(سَأَلتنِي عَن أنَاس هَلَكُوا

شرب الدَّهْر عَلَيْهِم وَأكل)

(وَأرَانِي طَربا من بعدهمْ

طرب الواله أَو كالمختبل)

165 -

وَقَالَ أَعْرَابِي يرثى ولد عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه

(تعز أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُ

لما قد ترى يغذى الْوَلِيد ويولد)

(هَل ابْنك إِلَّا من سلالة آدم

لكل على حَوْض الْمنية مورد)

166 -

وَقَالَ ديك الْجِنّ عبد السَّلَام

(لَيْسَ يخْشَى جَيش الْحَوَادِث من جنداه

وَفْدًا صبَابَة ودموع)

(قمر حِين رام أَن يتجلى

سَار فِيهِ المحاق قبل الطُّلُوع)

(فلذة من صميم قلبِي وجزؤ

من فُؤَادِي وَقطعَة من ضلوعي)

(لصغير أعَار رزء كَبِير

وفريد أذاق فقد جَمِيع)

(إِن تكن فِي التُّرَاب خير ضجيع

كنت لَهُ فِي الْمعَاد خير شَفِيع)

167 -

وَقَالَ إِسْحَاق بن خلف فِي بنت لَهُ

(أضحت أُمَيْمَة معمورا بهَا الرَّجْم

لقى صَعِيد عَلَيْهَا الترب مرتكم)

(قد كنت أخْشَى عَلَيْهَا أَن تقدمني

إِلَى الْمَمَات فيبدى وَجههَا الْعَدَم)

ص: 272

(للْمَوْت عِنْدِي أياد لست أنكرها

أَحْيَا سُرُورًا وَبِي مِمَّا أَتَى ألم)

168 -

وَقَالَ أَيْضا

(أُمَيْمَة تهوى عَيْش شيخ يسره

لَهَا الْمَوْت قبل الويل لَو أَنَّهَا تَدْرِي)

(يخَاف عَلَيْهَا نكبة الدَّهْر بعده

وَهل ختن يُرْجَى أعف من الْقَبْر)

169 -

وَقَالَ آخر يحب ابْنَته

(رَأَيْت رجَالًا يكْرهُونَ بناتهم

وفيهن لَا تكذب نسَاء صوالح)

(وفيهن وَالْأَيَّام تذْهب بالفتى

عوائد لَا يمللنه ونوائح)

170 -

وَقَالَ عمرَان بن حطَّان الشَّيْبَانِيّ وَأَبُو رياش نَسَبهَا إِلَى مُحَمَّد بن عبد الله الْأَزْدِيّ وتروى لِابْنِ الْعَرَبيَّة الْيَشْكُرِي

(لقد زَاد الْحَيَاة إِلَى حبا

بَنَاتِي إنَّهُنَّ من الضِّعَاف)

ص: 273

(مَخَافَة أَن يرين الْبُؤْس بعدِي

وَأَن يشربن رنقا بعد صَاف)

(وَأَن يعرين إِن كسى الْجَوَارِي

فيبدي الضّر عَن رمم عجاف)

(وَأَن يضطرهن الدَّهْر بعدِي

إِلَى قحم غليظ الْقلب جَاف)

(ولولاهن قد أَبْصرت رشدي

وَفِي الرَّحْمَن للضعفاء كَاف)

171 -

وَقَالَ إِسْحَاق بن خلف

(لَوْلَا أُمَيْمَة لم أجزع من الْعَدَم

وَلم أجب فِي الدياجي حندس الظُّلم)

ص: 274

(مَخَافَة الْفقر يَوْمًا أَن يلم بهَا

فَيكْشف السّتْر عَن لحم على وَضم)

(للْمَوْت عِنْدِي أياد لست ناسيها

لما كفاني مَا أخْشَى على الْحرم)

(قد كنت أحذر أَن يبتزها عدم

فَيكْشف السّتْر عَن خيم وَعَن كرم)

(تهوي حَياتِي وأهوى مَوتهَا شفقا

وَالْمَوْت أكْرم نزال على الْحرم)

(وَزَادَنِي رَغْبَة فِي الْعَيْش معرفتي

ذل الْيَتِيمَة يجفوها ذَوُو الرَّحِم)

(إِذا تذكرت بِنْتي حِين تندبني

فاضت لرحمة بِنْتي عبرتي بدمي)

172 -

وَقَالَ حطَّان بن الْمُعَلَّى الْعَبْدي

(أنزلني الدَّهْر على حكمه

من شامخ عَال إِلَى خفض)

173 -

وَقَالَ بشر بن النكث الثَّقَفِيّ

(أَلا لَيْت شعري إِن سليمَة فاتها

من الْمَوْت مَا تلقى من النَّاس والدهر)

(إِذا ظلموها حَقّهَا وتناصروا

عَلَيْهَا ولجوا فِي القطيعة والهجر)

(فتدعو أَبَاهَا والصفائح دونه

ولبيك لَو أَنِّي أجبْت من الْقَبْر)

ص: 275

174 -

وَقَالَ جرير بن الخطفي

(لَوْلَا الْحيَاء لهاجى استعبار

ولزرت قبرك والحبيب يزار)

(كَانَت إِذا طرق الضجيع فراشها

صين الحَدِيث وعفت الْأَسْرَار)

(لن يلبث القرناء أَن يتفرقوا

ليل يكر عَلَيْهِم ونهار)

(كَانُوا الخليط هم الخليط فزايلوا

وَلَقَد تبدل بالديار ديار)

175 -

وَقَالَ ثَابت قطنة بن كَعْب الْعَتكِي

(كل الْقَبَائِل بايعوك على الَّذِي

تَدْعُو إِلَيْهِ طائعين وَسَارُوا)

(حَتَّى إِذا حمى الوغى وتركتهم

نصب الأسنة أسلموك وطاروا)

(إِن يَقْتُلُوك فَإِن قَتلك لم يكن

عارا عَلَيْك وَرب قتل عَار)

176 -

وَقَالَ أراكة بن عبد الله بن سُفْيَان الثَّقَفِيّ يرثي وَلَده عمرا وَكَانَ قد اسْتَخْلَفَهُ عبيد الله بن الْعَبَّاس على الْيمن لما شخص إِلَى عَليّ عليه السلام فَقتله بسر بن أَرْطَاة وَقتل وَلَدي عبيد الله

(لعمري لقد اردى ابْن أَرْطَاة فَارِسًا

بِصَنْعَاء كالليث الهزبر أبي أجر)

ص: 276

(فَقلت لعبد الله إِذْ خن باكيا

بدمع على الْخَدين منهمل يجْرِي)

(تبين فَإِن كَانَ البكا رد هَالكا

على أحد فاجهد بكاك على عَمْرو)

(وَلَا تبك مَيتا بعد ميت أجنه

عَليّ وعباس وَآل أبي بكر)

177 -

وَقَالَ آخر

(اسال الرّيح إِن احارت جَوَابا

واسألن إِن أجبْت عَنَّا السحابا)

(هَل جرى ذيل تيك أَو جاد هَذَا

لِأُنَاس أعز منا جنابا)

(خلق النَّاس سوقة وعبيدا

وخلقنا الْمُلُوك والأربابا)

(كَانَ ذُو أصبح الرّبيع غياثا

يحْسب النَّاس سيبه إحسابا)

(يمطر الْبُؤْس وَالنَّعِيم وتبدي

راحتاه مثوبة وعقابا)

(وطىء الأَرْض بالجنود اقتدارا

واقتسارا حَتَّى أذلّ الصعابا)

(وتغض الْعُيُون من دون الْأَمْلَاك

إِمَّا بدا وتحنو الرّقاب) ا

ص: 277