المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(نبذ من قول من رثى نفسه حيا) - الحماسة البصرية - جـ ١

[صدر الدين البصري]

الفصل: ‌(نبذ من قول من رثى نفسه حيا)

(فَرَمَاهُ الزَّمَان مِنْهُ بِيَوْم

غادر المعمر الخصيب خرابا)

(فَكَأَن الجموع وَالْعدَد الدهم

وَذَاكَ النَّعيم كَانَ خرابا)

178 -

وَقَالَ أَبُو دَاوُد الْإِيَادِي

(لَا أعد الإقتار عدما وَلَكِن

فقد من قد رزئته الإعدام)

(من شباب كَأَنَّهُمْ أَسد غيل

خالطت فرط جدها الأحلام)

(وكهول بني لَهُم أولوهم

مأثرات تهابها الأقوام)

(فهم للملاينين ليان

وعرام إِذا يُرَاد العرام)

(وسماح لَدَى الجدوب إِذا مَا

أقحط الْعَام واستقل الرهام)

(سلط الْمَوْت والمنون عَلَيْهِم

فَلهم فِي صدى الْمَقَابِر هام)

(فعلى مثلهم تساقط نَفسِي

حسرات وَذكرهمْ لي سقام)

(نبذ من قَول من رثى نَفسه حَيا)

179 -

وَقَالَ مَالك بن الريب بن قرط التَّمِيمِي

(أَلا لَيْت شعري هَل أبيتن لَيْلَة

بوادي الغضا أزجي القلاص النواجيا)

ص: 278

(تذكرت من يبكي عَليّ فَلم أجد

سوى السَّيْف وَالرمْح الرديني باكيا)

(واشقر مجدوب يجر عنانه

إِلَى الْمَوْت لم يتْرك لَهُ الْمَوْت ساقيا)

(يُقَاد ذليلاً بعد مَا مَاتَ ربه

يُبَاع بخس بعد مَا كَانَ غاليا)

(أَقُول لِأَصْحَابِي ارفعوني فإنني

يقر بعيني أَن سُهَيْل بداليا)

(فَمَا صَاحِبي رحلي دنا الْمَوْت فانزلا

برابية إِنِّي مُقيم لياليا)

(وخطا بأطراف الأسنة مضجعي

وردا على عَيْني فضل ردائيا)

(وَلَا تحسداني بَارك الله فيكما

من الأَرْض ذَات الْعرض أَن توسعاليا)

(فقد كنت عطافا إِذا الْخَيل أحجمت

سَرِيعا لَدَى الهيجا إِلَى من دعانيا)

(فطورا تراني فِي طلاء ونعمة

وَيَوْما تراني وَالْعتاق ركابيا)

(وَيَوْما تراني فِي رحى مستديرة

تخرق أَطْرَاف الرماح ثيابيا)

(فَلَا تنسيا عهدي خليلي أنني

تقطع أوصالي وتبلي عظاميا)

ص: 279

(وقوما على بِئْر الشبيك فأسمعا

بهَا الْوَحْش وَالْبيض الحسان الروانيا)

(بأنكما خلفتماني بقفرة

تهيل على الرّيح فِيهَا السوافيا)

(يَقُولُونَ لَا تبعد وهم يدفنوني

وَأَيْنَ مَكَان الْبعد إِلَّا مكانيا)

(غَدَاة غَد يَا لهف نَفسِي على غَد

إِذا رَاح أَصْحَابِي وخلفت ثاويا)

(واصبح مَالِي من طريف وتالد

لغيري وَكَانَ المَال بالْأَمْس ماليا)

(فيا رَاكِبًا إِمَّا عرضت فبلغا

بني مَالك بن الريب أَن لَا تلاقيا)

(وعطل قلوصي فِي الركاب فَإِنَّهَا

ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا)

(أقلب طرفِي فِي الرفاق فَلَا أرى

بِهِ من عُيُون المؤنسات مراعيا)

(وبالرمل منا نسْوَة لَو شهدنني

بكين وفدين الطَّبِيب المداويا)

(عَجُوز وأختاي اللَّتَان أصيبتا

وَبنت أبي ليلى تهيج البواكيا)

(صريع على أَيدي الرِّجَال بقفرة

يسوون لحدي حَيْثُ حم قضائيا)

180 -

وَقَالَ عَمْرو بن أَحْمَر الْبَاهِلِيّ

(شربت الشكاعي والتددت ألدة

وَأَقْبَلت أَفْوَاه الْعُرُوق المكاويا)

ص: 280

(لأنسأ فِي عمري قَلِيلا وَمَا أرى

لدائي إِن لم يشفه الله شافيا)

(فيا صَاحِبي رحلي سَوَاء عَلَيْكُمَا

أداويتما العصران أم لم تداويا)

(وَفِي كل عَام تدعوان أطبة

إِلَيّ وَمَا يَجدونَ إِلَّا هواهيا)

(فَإِن تحسما عرقا من الدَّاء تتركا

إِلَى جنبه عرقا من الدَّاء ساقيا)

181 -

وَقَالَ أَبُو الطمحان القيني

(أَلا عللاني قبل نوح النوائح

وَقبل ارتقاء النَّفس بَين الجوانح)

(وَبعد غَد يَا لهف نَفسِي على غَد

إِذا رَاح أَصْحَابِي وَلست برائح)

(إِذا رَاح أَصْحَابِي تفيض عيونهم

وغودرت فِي لحد على صفائحي)

(يَقُولُونَ هَل أصلحتم لأخيكم

وَمَا الْقَبْر فِي الأَرْض الفضاء بِصَالح)

182 -

وَقَالَ لبيد بن ربيعَة العامري

(تمنى ابنتاي أَن يعِيش أَبوهُمَا

وَهل أَنا إِلَّا من ربيعَة أَو مُضر)

183 -

وَقَالَ هدبة بن خشرم

(وَلَا تنكحي إِن فرق الدَّهْر بَيْننَا

أغم الْقَفَا وَالْوَجْه لَيْسَ بأنزعا)

ص: 281

184 -

وَقَالَ عَبدة بن الطَّبِيب

(ابْني إِنِّي قد كَبرت ورابني

بَصرِي وَفِي لمصلح مستمتع)

(فلئن هَلَكت فقد بنيت مساعيا

يبْقى لكم مِنْهَا مآثر أَربع)

(ذكر إِذا ذكر الْكِرَام يزينكم

ووراثة الْحسب الْمُقدم تَنْفَع)

(ومقام أَيَّام لَهُنَّ فَضِيلَة

عِنْد الحفيظة والمجامع تجمع)

ص: 282

(ولهى من الْكسْب الَّذِي يغنينكم

يَوْمًا إِذا احْتضرَ النُّفُوس المطمع)

(ونصيحة فِي الصَّدْر ثَابِتَة لكم

مَا دمت أبْصر فِي الْحَيَاة وأسمع)

(أوصيكم بتقى الْإِلَه فَإِنَّهُ

يُعْطي الزغائب من يَشَاء وَيمْنَع)

(وببر والدكم وَطَاعَة أمره

إِن الأبر من الْبَنِينَ الأطوع)

(ودعوا الضغينة لَا تكن من شَأْنكُمْ

إِن الضغينة للأقارب تقطع)

(واعصوا الَّذِي يزجي الضغاين بَيْنكُم

منتصحا ذَاك السمام المنقع)

(يزجي عقاربه ليَبْعَث بَيْنكُم

حَربًا كَمَا بعث الْعُرُوق الأخدع)

(وَلَقَد علمت بِأَن قصري حُفْرَة

غبراء تحملنِي إِلَيْهَا شرجع)

(إِن الْحَوَادِث يخْتَر من وَإِنَّمَا

عمر الْفَتى فِي أَهله مستودع)

(يسْعَى وَيجمع حَاسِدًا مستهتراً

جدا وَلَيْسَ بآكل مَا يجمع)

تمّ بِحَمْد الله وَحسن توفيقه طبع الْجُزْء الأول من الحماسة البصرية لسَيِّد الأدباء وعمدة البلغاء صدر الدّين عَليّ بن أبي الْفرج بن الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ رحمه الله يَوْم الْأَرْبَعَاء الْحَادِي عشر من شهر جُمَادَى الْآخِرَة سنة 1383 هـ 30 اكتوبر سنة 1963 م ويليه الْجُزْء الثَّانِي من بَاب الْأَدَب إِن شَاءَ الله تَعَالَى

ص: 283