الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
تابع لسنة 626ه
ـ
أحد خدم الخليفة إلى المارستان العضدي ومعهم عبد العزيز ابن القبيطي، واعتبرت الحوائج التي في المخرن فسأل صاحب المخزن خازن المارستان والطبيب والقوام كم تكفي هذه الحوائج مرضى المارستان، فاتفقوا علي أن تكفيهم سنة، فقال قد أنهى ابن القبيطي أن المارستان خال من الحوائج وأنه يشتري ما يحتاج إليه المرضى ثم أمر به فصفع إلى أن وقع الى الأرض وتقدم بحمله الى حجرة المجانين فحبس بها مسلسلاً وأفرج عنه بعد شهر.
وفي غرة رجب المبارك فرقت الرسوم بالبدرية وفتح الرباط المستجد بدار الروم الذي أنشأه الخليفة المستنصر بالله مجاور المسجد ذي المنارة الذ أمر بعمارته وأسكنه جماعة من الصوفية وجعل شيخهم الشيخ أبا نصر بن عبد الرزاق بن عبد القادر وخلع عليه وعلى الجماعة وعملت به الدعوة.
وفيه استدعي شهاب الدين محمود بن أحمد الزنجاني مدرس النظامية إلى دار الوزارة فأخذ وهو على السدة يذكر الدروس وعزل وتوجه إلى داره بغير طرحه، ورتب عوضه عماد الدين أبو بكر محمد بن يحيى السلامي المعروف بابن الحبير وخلع عليه وأقره على تدريسه بمدرسة فخر الدولة ابن المطلب يعقد المصطنع وعلى المدرسة الاسبهبذية بين الدربين.
وفيه أحضر أبو القاسم علي ابن البوري إلى باب النوبي وضرب مائة عصا وقطع لسانه وحمل إلى حبس المدائن وكان شابا حسن الصورة تام الخلقة جميلاً نقل عنه ما اقتضت السياسة أن يعمل به ذلك، نعوذ بالله من طوارق الليل والنهار.
وفي شعبان تكامل بناء المسجد المستجد المعروف بقمرية بالجانب الغربي على شاطىء دجلة المقابل للرباط البسطامي ونقل إليه الفرش والآلات وقناديل الذهب والفضة والشموع وغير ذلك، وفتح في شهر رمضان ورتب فيه مصليا الشيخ عبد الصمد ابن أحمد بن أبي الجيش وأثبت فيه ثلاثون صبياً يتلقنون القرآن عليه. ورتب فيه معيد يحفظهم التلاقين ورتب أيضا فيه الشيخ حسن بن الزبيدي محدثاً يقرأ عليه الحديث النبوي في كل يوم اثنين وخميس. ورتب أيضا قارىء للحديث وجعل في المسجد خزانة للكتب وحمل إليها كتب كثيرة، وفيها نفذ فخر الدين أبو طالب أحمد بن الدامغائي والشيخ أبو البركات عبد الرحمن بن شيخ الشيوخ والأمير فلك الدين محمد بن سنقر الطويل الى جلال الدين منكوبري بن خوارز مشاه محمد بن تكش مع رسول كان وصل منه وهو يومئذ على خلاط محاصراً لها ونفذ له معهم تشريفات وكراع ولباس الفتوة. ووكل فخر الدين بن الدامغار في فتوته من الخليفة المستنصر بالله والشيخ أبو البركات نقيب الفتوة وكان ذلك بموجب سؤاله.
وفي غرة ذي القعدة خلع على الأمير شمس الدين أصلانتكين وأخرج نائباِ عن أمير الحاج فورد الخبر الى بغداد أن قوماً من عرب البطنين خرجوا على الحاج وعدلوا بهم عن الطريق المسلوكة في كل سنة وطلبوا منهم خفارة واختطفوا من أطرافهم وأسفرت الحال الى تقرير أثني عشر ألف دينار تسلم إليهم وينصرفون عنهم فصححت لهم نفقات السبل ومال المخزن المعد للصدقة من غير الزام أحد من الحاج بشيء وانفصلوا عنهم فتقدم الخليفة بالتعيين على الأمير جمال الدين قشتمر وأن يخرج معه خمسة الآف فارس ويقصد الاعراب المذكورين فتوجه في ثاني عشر ذي الحجة فلما وصل الكوفة عين على جماعة نفذهم طلائع فلما وصل لينة عاد منهم من أخبره أن مددهم من الثعلبة الى زرود وهم يرقبون وصل الحاج فرحل من لينة على غير الطريق المسلوك فوصل من الطوالع من أخبره أن بينه وبين العرب نحو مرحلتين وهم نزول بالحضرا والثعلبية فجعل امراء العسكر ومشايخ العرب وعين لهم وقت اللقاء ثم ركب وسار ليلته أجمع حتى وصل إليهم فاقتتلوا أشد قتال فانهزمت العرب وقتل منهم خلق كثير فاحتوى العسكر على أموالهم دون أولادهم ونسائهم وأقاموا بالموضع المذكور إلى أن وصل الحاج الثعلبية واجتمعوا بهم واصطحبوا راجعين إلى بغداد.
وفيها عزل محيي الدين يوسف ابن الجوزي عن النظر بخزانة الغلات بباب المراتب ورتب عوضه كمال الدين عبد الرحمن بن ياسين ثم عزل أيضاً عن ديوان الجوالي ورتب عوضه محي الدين محمد بن فضلان وتقدم إليه باعتماد الشرع المطهر في أخذ الجزية من أهل الذمة فزاد على من عليه دون الدينار لأنه لا يجوز في مذهب الشافعي رضي الله عنه أن يؤخذ من أحد أقل من دينار إذا كان فقيراً وأن كان متوسطا أخذ منه ديناران وأن كان غنيا أخذ منه أربعة دنانير، لايجوز أن ينقص أحد من أهل هذه الطبقات الثلاث عن هذه المقادير اقتداء بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه جعل أهل السواد ثلاث طبقات على ما تقدم شرحه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه لما بعث معاذاً الى اليمن قاضياً أمره أن يأخذ من كل حالم دينارا وفي رواية ومن الغني أربعة دنانير ومن المتوسط دينارين ولا تقدير لاكثر الجزية فإنه لو طالب الامام أو نائبه أضعاف ذلك جاز حتى لو امتنعوا من اداء الزيادة كانوا ناقضين للعهد، وفيها توفى يعقوب بن صابر الحراني الأصل البغدادي المولد المنجنيقي. كان شيخاً فاضلاً مقدماً على أهل صناعته وعنده أدب ويقول الشعر فمن شعره:
هل لمن يرتجي البقاء خلود
…
وسوى الله كل حي يبيد
والذي كان من تراب وأن عا
…
ش طويلاً الى التراب يعود
ومصير الانام طرا الى ما
…
صار فيه آباؤهم والجدود
منها:
أين حواء أين آدم اذ فا تهما الخلد والثوى والخلود
أين عاد بل أين جنة عاد
…
ارم ابن صالح وثمود
وهي طويلة، آخرها:
لا الشقي الغوي من نوب الأ
…
يام ينجو ولا السعيد الرشيد
ومتى سلت المنايا سيوفا
…
فالموالي حصيدها والعبيد
ومن شعره:
كلفت بعلم المنجنيق ورمية
…
لهدم الصياصي وافتتاح المرابط
ونظم القوافي والمديح لشقوتي
…
فلم أخل في الحالين من قصد حائط
وكان كثير الدخول على الوزير ناصر بن مهدي، ثم صار اذا جاء يجلس ظاهر الستر، فقال:
قولوا لمولانا الوزير الذي
…
أضاع ودي ونوى هجري
وصوت إن جئت إلى بابه
…
أجلسني في ظاهر الستر
ان كان ذنبي إنني شاعر
…
فاصفخ فقد ثبت من الشعر
ثم انقطع عنه مدة، فلما دخل إليه أنكر عليه انقطاعه، فقال:
وقالوا قد صددت وملت عنا
…
فقلت أبيت تكرار المحال
أنفت من الوداد إلى إناس
…
رأوا حالي ولم يرثوا لحالي
ثم هجاه فقال:
خليلي قولا للخليفة أحمد
…
توق وقيت السوء ما أنت صانع
وزيرك هذا بين أمرين فيهما
…
صنيعك ياخير البرية ضائع
لئن كان حقا من سلالة حيدر
…
فهذا وزير في الخلافة طامع
وأن كان فيما يدعي غير صادق
…
فاضيع ما كانت لديه الصنائع
وله في غلام ثقيل الروادف:
يقعده في النهوض ردف
…
قيامتي دونه تقوم
أفديه من مقعد مقيم
…
عندي به المقعد المقيم
وله في زامر:
وزامر بات نديما لنا
…
ما بين سكران ومخمور
تقتلنا الخمر ونحيا به
…
كأنه ينفخ في الصور
وأنشد يوما قول القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني:
القني في لظى فإن غيرتني
…
فتيقن ان لست بالياقوت
شمل النسج كل من حاك لكن
…
نسج داود ليس كالعنكبوت
فقال في جوابها:
أيها المدعي الفخار دع الفخر
…
لذي الكبرياء والجبروت
نسج داود لم يفد صاحب الغا
…
ر وكان الفخار للعنكبوت
وكذلك النعام يبتلع الجمر
…
وما الجمر للنعام يقوت
وبقاء السمند في لهب النار
…
مزيل فضيلة الياقوت
وفيها، توفي أبو الفضل جبريل بن زطينا كاتب الديوان كان أولاً نصرانياً وأسلم في أيام الخلفية الناصر لدين الله وكان ذا فضل وأدب وله نظم ونثر وأشياء مستحسنة، ومن شعره:
ان سهرت عينك في طاعة
…
فذاك خير لك من نوم