المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قضايا لا يجوز الحوار فيها - الحوار مع أصحاب الأديان مشروعيته وشروطه وآدابه

[أحمد بن سيف الدين تركستاني]

الفصل: ‌قضايا لا يجوز الحوار فيها

‌قضايا لا يجوز الحوار فيها

إذا اقتنعنا بمشروعية الحوار وفائدته الظاهرة، فينبغي أن ننظر إلى أنه مشروع بحدوده وجدواه، فالحوار ليس مشروعاً مشروعية مطلقة لكي يتناول كل شأن، فهو ليس من قبيل الترف الفكري ولا الفضول وحب الاستطلاع وتشقيق الجدل في المسائل. هنالك قضايا محددة ليس من الجائز الخوض فيها بحوار أو جدال إما بسبب محدودية العقل البشري إزاءها أو بسبب عدم ترتب أي ثمرة علمية أو عملية من ورائها، أو لأنها محسومة أساساً بنص شرعي أو إجماع.

ص: 38

إن الخوض في البحث في ذات الله تعالى مثلاً منهي عنه شرعاً، فهذا ليس مجال بحث ولا جدال ولا حوار، لأن القول في ذلك الشأن الجليل هو من قبيل الخوض بلا علم ذلك أن العلم شرط أولي لخوض الحوار وهو شرط معدوم في هذه الحالة. وهو هنا من جملة ما نهى الله عنه في قوله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} . وهنالك مسائل كثيرة لا يترتب حكم عملي عليها مثل أكثر المسائل التي خاض فيها من يسمون بفلاسفة المسلمين كالفارابي وابن رشد وابن سينا وكثير من الصوفية كابن عربي وابن سبعين والسهروردي وغيرهم. ومن المسائل التي ينهى عن الجدال فيها كل ما حكم الله ورسوله فيه بنص محكم جلي أو ما جاء فيه إجماع لعلماء الإسلام. إن كل ما يحرم الحديث فيه شرعاً لا يجوز الحوار فيه مطلقاً كما لا يجوز الجدال في أمره، وهكذا فالأحكام القطعية في الدين ليست مناطاً للحوار أو الجدال من أجل إعادة النظر فيها أو تقويمها أو تغييرها.

ص: 39

وهنالك قضايا كثيرة لا ينبغي فيها الحوار لأنها تقود إلى مزيد من الشقاق والفتنة، كالجدال في شأن الصحابة رضي الله عنهم أو تفضيل مواقف بعضهم على بعض في أيام الفتن، أو الجدال على أسس سياسية أو قومية متعصبة أو ما نحا ذلك النحو من أنواع الخلاف الذي يثير القلق والبلبلة في المجتمع.

ص: 40