المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌زيادة إيضاح لهذا الباب - الخصائص الكبرى - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌ذكر المعجزات الَّتِي وَقعت عِنْد انفاد كتبه صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُلُوك

- ‌ففزعوا لذَلِك وَقَالَ أدخلوه فادخلت عَلَيْهِ وَعِنْده بطارقته فأعطيته الْكتاب فقرىء عَلَيْهِ فَإِذا فِيهِ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى قَيْصر صَاحب الرّوم فنخر إِبْنِ أَخ لَهُ أَحْمَر أَزْرَق سبط الشّعْر فَقَالَ لَا تقْرَأ الْكتاب الْيَوْم لِأَنَّهُ بَدَأَ بِنَفسِهِ

- ‌ذكر حلية الانبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام

- ‌ذكر المعجزات الَّتِي وَقعت عِنْد وفادة الْوُفُود عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر بَقِيَّة المعجزات الَّتِي لم تدخل فِي الْأَبْوَاب السَّابِقَة

- ‌ذكر معجزاته فِي ضروب الْحَيَوَانَات

- ‌ذكر معجزاته صلى الله عليه وسلم فِي أَنْوَاع الجمادات

- ‌فَائِدَة فِي عدم احتراق المنديل الَّذِي كَانَ يمسح بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَجهه وَخُرُوجه من النَّار مبيضا

- ‌ذكر المعجزات فِي رُؤْيَة الْمعَانِي بِصُورَة الاجسام

- ‌ذكر المعجزات فِي رُؤْيَة أَصْحَابه الْمَلَائِكَة وَسَمَاع كَلَامهم مِمَّا لم يتَقَدَّم ذكره

- ‌دَعَا جِبْرِيل عليه السلام

- ‌ذكر المعجزات فِي رُؤْيَة أَصْحَابه الْجِنّ وَسَمَاع كَلَامهم مِمَّا لم يتَقَدَّم ذكره

- ‌كرّ المعجزات فِيمَا أخبر بِهِ من المغيبات فَكَانَ كَمَا أخبر سوى مَا تقدم فِي الْأَبْوَاب السَّابِقَة

- ‌ذكر المعجزات فِيمَا أخبر بِهِ من الكوائن بعده فَوَقع كَمَا أخبر

- ‌أَخْبَار خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه

- ‌خلَافَة بني الْعَبَّاس

- ‌ذكر وقْعَة صفّين

- ‌ذكر المعجزات فِي إِجَابَة الدَّعْوَات مِمَّا لم يتَقَدَّم ذكره

- ‌رقية الْحمى وَدُعَاء أَدَاء الدّين

- ‌رقية الْجِنّ

- ‌دُعَاء النّوم

- ‌دُعَاء النجَاة من الظَّالِمين وتسيير الْحَوَائِج

- ‌دُعَاء دفع الْفقر

- ‌ذكر أيات فِي منامات رؤيت فِي عَهده صلى الله عليه وسلم غير مَا تقدم

- ‌ذكر موازاة الْأَنْبِيَاء فِي فضائلهم بفضائل نَبينَا صلى الله عليه وسلم

- ‌زِيَادَة إِيضَاح لهَذَا الْبَاب

- ‌دُعَاء قَضَاء الْحَوَائِج وَدُعَاء زَوَال الشدائد

- ‌دُعَاء رد الْبَصَر للأعمي

- ‌ذكر الخصائص الَّتِي اخْتصَّ بهَا عَن أمته من وَاجِبَات ومحرمات ومباحات وكرامات مِمَّا لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر

- ‌قسم الْوَاجِبَات وَالْحكمَة فِي اخْتِصَاصه بهَا زِيَادَة الدَّرَجَات والزلفى

- ‌فَائِدَة

- ‌قسم الْمُحرمَات

- ‌قسم الْمُبَاحَات

- ‌فَائِدَة

- ‌قسم الكرامات

- ‌فَائِدَة

- ‌ذكر مَا وَقع عِنْد وَفَاته صلى الله عليه وسلم من المعجزات والخصائص

- ‌ذكر آيَات وَقعت على إِثْر وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي غزوات أَصْحَابه وَنَحْوهَا

الفصل: ‌زيادة إيضاح لهذا الباب

وَقد كنت قلت هَذَا الْكَلَام أَولا استنباطا من هَذَا الحَدِيث من غير أَن أَقف عَلَيْهِ فِي كَلَام أحد من الْعلمَاء ثمَّ رَأَيْت الْبَدْر بن الصاحب أَشَارَ إِلَيْهِ فِي تَذكرته وَوجدت من شواهده حَدِيث السَّارِق الَّذِي أَمر بقتْله وَالْمُصَلي الَّذِي أَمر بقتْله وَقد تقدم فِي بَاب المغيبات

‌زِيَادَة إِيضَاح لهَذَا الْبَاب

فقد أشكل فهمه على قوم وَلَو تأملوا لاتضح لَهُم المُرَاد بالشريعة وَالْحكم بِالظَّاهِرِ وبالحقيقة الحكم الْبَاطِن وَقد نَص الْعلمَاء على أَن غَالب الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام بعثوا ليحكموا بِالظَّاهِرِ دون مَا اطلعوا عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها وَبعث الْخضر عليه السلام ليحكم بِمَا اطلع عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها وَلَكِن الأنبيا لم يبعثوا بذلك أنكر مُوسَى عَلَيْهِ قَتله الْغُلَام وَقَالَ لَهُ {لقد جِئْت شَيْئا نكرا} لِأَن ذَلِك خلاف الشَّرْع فَأَجَابَهُ بِأَنَّهُ أَمر بذلك وَبعث فَقَالَ وَمَا فعلته عَن أَمْرِي وَهَذَا معنى قَوْله لَهُ إِنَّك على علم إِلَى أَخّرهُ

قَالَ الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ فِي شرح البُخَارِيّ المُرَاد بِالْعلمِ التَّنْفِيذ وَالْمعْنَى لَا يَنْبَغِي لَك أَن تعلمه لتعمل بِهِ لن الْعَمَل بِهِ منَاف لمقْتَضى الشَّرْع وَلَا يَنْبَغِي أَن اعلمه فاعمل بِمُقْتَضَاهُ لِأَنَّهُ منَاف لمقْتَضى الْحَقِيقَة قَالَ فعلى هَذَا لَا يجوز للْوَلِيّ التَّابِع للنَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا اطلع على حَقِيقَة أَن ينفذ ذَلِك بِمُقْتَضى الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا أَن ينفذ الحكم الظَّاهِر انْتهى

وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي الأصابه قَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره الجهور على أَن الْخضر نَبِي وَكَانَ علمه معرفَة بواطن أوحيت إِلَيْهِ وَعلم مُوسَى الجكم الظَّاهِر فَأَشَارَ إِلَى أَن المُرَاد فِي الحَدِيث بالعلمين الحكم بالباطن وَالْحكم بِالظَّاهِرِ لَا أَمر آخر

ص: 328

وَقد قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ إِن الَّذِي بعث بِهِ الْخضر شَرِيعَة لَهُ فَالْكل شَرِيعَة

وَأما نَبينَا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ أَمر أَولا أَن يحكم بِالظَّاهِرِ دون مَا اطلع عَلَيْهِ من الْبَاطِن والحقيقة كغالب الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلِهَذَا قَالَ نَحن نحكم بِالظَّاهِرِ وَفِي لفظ إِنَّمَا اقضي بِالظَّاهِرِ وَالله يتَوَلَّى السرائر وَقَالَ غنما أَقْْضِي بِنَحْوِ مَا اسْمَع فَمن قَضيته لَهُ بِحَق آخر فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَة من النَّار وَقَالَ للْعَبَّاس أما ظاهرك فَكَانَ علينا وَأما سريرتك فَإلَى الله

وَكَانَ يقبل عذر المتخلفين عَن غَزْوَة تَبُوك ويكل سرائرهم إِلَى الله وَقَالَ فِي تِلْكَ الْمَرْأَة لَو كنت راجما أحدا من غير بَيِّنَة لرجمتها وَقَالَ أَيْضا لَوْلَا الْقُرْآن لَكَانَ لي وَلها شَأْن فَهَذَا كُله صَرِيح فِي أَنه يحكم بِظَاهِر الشَّرْع بِالْبَيِّنَةِ أَو الإعتراف دون مَا اطلعه الله عَلَيْهِ من بواطن الْأُمُور وحقائقها ثمَّ أَن الله تَعَالَى زَاده شرفا وَأذن لَهُ أَن يحكم بالباطن وَمَا اطلع عَلَيْهِ من حقائق المور فَجمع لَهُ بَين مَا كَانَ للأنبياء وَمَا كَانَ للخضر خُصُوصِيَّة خصّه الله بهَا وَلم يجمع الْأَمْرَانِ لغيره

وَقد قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره أجمع الْعلمَاء على بكرَة أَبِيهِم أَنه لَيْسَ لأحد أَن يقتل بِعِلْمِهِ إِلَّا النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَشَاهد ذَلِك حَدِيث الْمُصَلِّي وَالسَّارِق الَّذين أَمر بِقَتْلِهِمَا فَإِنَّهُ اطلع على بَاطِن أَمرهمَا وَعلم مِنْهُمَا مَا يُوجب الْقَتْل وَلَو تفطن الَّذين لم يفهموا إِلَى إستشهادي بِهَذَيْنِ الْحَدِيثين فِي آخر الْبَاب لعرفوا ان المُرَاد الحكم بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِن فَقَط لَا شَيْء آخر لَا يَقُوله مُسلم وَلَا كَافِر وَلَا مجانين المارستان

وَقد ذكر بعض السّلف أَن الْخضر إِلَى الْآن ينفذ الْحَقِيقَة وَأَن الَّذين يموتون فَجْأَة هُوَ الَّذِي يقتلهُمْ فَإِن صَحَّ ذَلِك فَهُوَ فِي هَذِه الْأمة بطرِيق النِّيَابَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ صَار من أَتْبَاعه كَمَا أَن عِيسَى عليه السلام لما ينزل يحكم بشريعة النَّبِي صلى الله عليه وسلم نِيَابَة عَنهُ وَيصير من أَتْبَاعه وَأمته

ص: 329

بَاب كَلَامه صلى الله عليه وسلم لله عز وجل عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى

قَالَ الشَّيْخ عز الدّين ابْن عبد السَّلَام وَمن خَصَائِصه أَن الله وكلم مُوسَى بِالطورِ وبالوادي الْمُقَدّس زكلم نَبينَا صلى الله عليه وسلم عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى وَجمع لَهُ بَين الْكَلَام والرؤية وَبَين الْمحبَّة والخلة

أخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (قَالَ لي رَبِّي عز وجل نحلت إِبْرَاهِيم خلتي وَكلمت مُوسَى تكليما وأعطيتك يَا مُحَمَّد خلتي ومحبتي وكلمتك كفاحا)

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سلمَان قَالَ قيل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم كلم الله مُوسَى تكليما وَخلق عِيسَى من روح الْقُدس وَاتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَاصْطفى آدم فَمَا أَعْطَيْت من الْفضل فهبط جِبْرِيل فَقَالَ إِن رَبك يَقُول إِن كنت اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا فقد اتخذتك حبيبا وَإِن كنت كلمت مُوسَى فِي الأَرْض تكليما فقد كلمتك فِي السَّمَاء وَإِن كنت خلقت عِيسَى من روح الْقُدس فقد خلقت إسمك من قبل أَن أخلق الْخلق بألفي سنة وَلَقَد وطِئت فِي السَّمَاء موطأ لم يطأه أحد قبلك وَلَا يطأه أحد بعْدك وَإِن كنت اصطفيت آدم فقد ختمت بك النبياء وَمَا خلقت خلقا اكرم على مِنْك وَقد أَعطيتك الْحَوْض والشفاعة والناقة والقضيب والتاج والهرواة وَالْحج وَالْعمْرَة وَشهر رَمَضَان والشفاعة كلهَا لَك حَتَّى ظلّ عَرْشِي فِي الْقِيَامَة عَلَيْك مَمْدُود وتاج الْحَمد على رَأسك مَعْقُود وقرنت إسمك مَعَ إسمي فَلَا أذكر فِي مَوضِع حَتَّى تذكر معي وَلَقَد خلقت الدُّنْيَا وَأَهْلهَا لعرفهم كرامتك ومنزلتك عِنْدِي ولولاك مَا خلقت الدُّنْيَا

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (إِن الله أعْطى مُوسَى الْكَلَام وَأَعْطَانِي الرُّؤْيَة وفضلني بالْمقَام الْمَحْمُود والحوض المورود)

ص: 330

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (لما أسرِي بِي قربني رَبِّي حَتَّى كَانَ بيني وَبَينه كقاب قوسين أَو أدنى وَقَالَ لي يَا مُحَمَّد هَل غمك أَن جعلتك آخر النَّبِيين قلت لَا قَالَ فَهَل غم أمتك إِن جعلتهم آخر الْأُمَم قلت لَا قَالَ أخبر أمتك إِنِّي جعلتهم آخر الْأُمَم لأفضح الْأُمَم عِنْدهم وَلَا أفضحهم عِنْد المم)

بَاب كَلمه صلى الله عليه وسلم الله تَعَالَى بأنواع الْوَحْي

قَالَ الشَّيْخ عز الدّين وَمن خَصَائِصه صلى الله عليه وسلم أَن الله تَعَالَى كَلمه بأنواع الْوَحْي وَهِي ثَلَاثَة الرُّؤْيَا الصادقة وَالْكَلَام بِغَيْر وَاسِطَة والتكليم بِوَاسِطَة جِبْرِيل

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بالنصر بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر أَمَامه وَشهر خَلفه وأيتائه جَوَامِع الْكَلم ومفاتيح خَزَائِن الأَرْض وَعلم كل شَيْء إِلَّا الْخمس قيل وَالْخمس أَيْضا وَالروح وَبَين لَهُ فِي أَمر الدَّجَّال مَا لم يبين لنَبِيّ قبله وتسميته أَحْمد وهبوط إسْرَافيل عَلَيْهِ عد هَذِه الْأَخِيرَة ابْن سبع وَجمع لَهُ بَين النُّبُوَّة وَالسُّلْطَان

أخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أَعْطَيْت مَا لم يُعْط أحد من الْأَنْبِيَاء نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت مَفَاتِيح الأَرْض وَسميت أَحْمد وَجعل لي التُّرَاب طهُورا وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم)

وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (فضلت على الْأَنْبِيَاء بست أَعْطَيْت جَوَامِع الْكَلم ونصرت بِالرُّعْبِ وَأحلت لي الْغَنَائِم وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأرْسلت إِلَى الْخلق كَافَّة وَختم بِي النَّبِيُّونَ)

وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (اعطيت خمْسا لم يُعْطهنَّ بني قبلي نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت جَوَامِع الْكَلم وَأحلت لي الْغَنَائِم وَذكر خَصْلَتَيْنِ ذهبتا عني) وَأخرجه أَبُو نعيم فذكرهما (أرْسلت إِلَى الْأَبْيَض وَالْأسود والأحمر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا)

ص: 331

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نصر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالرُّعْبِ على عدوه مسيرَة شَهْرَيْن

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (فضلت على الْأَنْبِيَاء بِخمْس بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة وذخرت شَفَاعَتِي لأمتي ونصرت بِالرُّعْبِ شهرا أَمَامِي وشهرا خَلْفي وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا طهُورا وَأحلت لي الغنائملم تحل لأحد قبلى)

وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ (إِن جِبْرِيل أَتَانِي فبشرني أَن الله أمدني بِالْمَلَائِكَةِ وأتاني النَّصْر وَجعل بَين يَدي الرعب وأتاني السُّلْطَان وَالْملك وَطيب لي ولأمتي الْغَنَائِم وَلم تكن لأحد قبلنَا)

وَقَالَ الْغَزالِيّ فِي الْأَحْيَاء لأجل إجتماع النُّبُوَّة وَالْملك والسلطنة لنبينا صلى الله عليه وسلم كَانَ أفضل من سَائِر الْأَنْبِيَاء فَأَنَّهُ أكمل الله تَعَالَى بِهِ صَلَاح الدّين وَالدُّنْيَا وَلم يكن السَّيْف وَالْملك لغيره من الْأَنْبِيَاء)

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَقل رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا} قَالَ أخرجه الله تَعَالَى من مَكَّة مخرج صدق وَأدْخلهُ الْمَدِينَة مدْخل صدق قَالَ وَعلم نَبِي الله صلى الله عليه وسلم أَنه لَا طَاقَة لَهُ بِهَذَا الْأَمر إِلَّا بسُلْطَان فَسَأَلَ سُلْطَانا نَصِيرًا لكتاب الله وحدوده وفرائضه ولإقامة كتاب الله فَإِن السُّلْطَان عزة من الله جعلهَا بَين أظهر عباده لَوْلَا ذَلِك لأغار بَعضهم على بعض أكل شديده ضعيفهم

وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت جَوَامِع الْكَلم وبينما أَنا نَائِم إِذْ جىء بمفاتييح خَزَائِن الأَرْض فَوضعت بَين يَدي) قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فقد ذهب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُم تنتثلونها

ص: 332

قَالَ ابْن شهَاب بَلغنِي أَن جَوَامِع الْكَلم أَن الله تَعَالَى يجمع لَهُ الْأُمُور الْكَثِيرَة الَّتِي كَانَت تكْتب فِي الْوَحْي قبله فِي الْأَمر الْوَاحِد والأمرين أَو نَحْو ذَلِك

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَات يَوْم وَجِبْرِيل على الصَّفَا فَقَالَ يَا جِبْرِيل مَا أَمْسَى لآل مُحَمَّد سفة من دَقِيق وَلَا كفة من سويق فَلم يكن كَلَامه بأسرع من أَن سمع هدة من السَّمَاء فَأَتَاهُ إسْرَافيل فَقَالَ إِن الله سمع مَا ذكرت فَبَعَثَنِي إِلَيْك بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض وامرني أَن أعرض عَلَيْك أَسِير مَعَك جبال تهَامَة زمردا وياقوتا وذهبا وَفِضة فعلت فَإِن شِئْت نَبيا ملكا وَإِن شِئْت نَبيا عبدا فَأَوْمأ إِلَيْهِ جِبْرِيل أَن تواضع فَقَالَ بل نَبيا عبدا ثَلَاثًا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لقد هَبَط عَليّ ملك من السَّمَاء مَا هَبَط على نَبِي قبلي وَلَا يهْبط على أحد بعدِي وَهُوَ إسْرَافيل فَقَالَ أَنا رَسُول رَبك إِلَيْك أَمرنِي أَن أخيرك إِن شِئْت نَبيا عبدا وَإِن شِئْت نَبيا ملكا فَنَظَرت إِلَى جِبْرِيل فأوما إِلَيّ أَن تواضع فَلَو أَنِّي قلت نَبيا ملكا لَسَارَتْ الْجبَال معي ذَهَبا

وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَأَبُو نعيم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أتيت بمقاليد الدُّنْيَا على فرس أبلق جَاءَنِي بهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ قطيفة من سندس)

أخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (عرض عَليّ رَبِّي ليجعل لي بطحاء مَكَّة ذَهَبا فَقلت لَا يَا رب وَلَكِنِّي أشْبع يَوْمًا وأجوع يَوْمًا فَإِذا جعت تضرعت إِلَيْك وذكرتك وَإِذا شبعت حمدتك وشكرتك)

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت دخلت عَليّ امْرَأَة من الْأَنْصَار فرأت فرَاش رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عباءة مثنية فَانْطَلَقت فَبعثت إِلَيّ بفراش حشوه

ص: 333

الصُّوف فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَة قلت يَا رَسُول الله فُلَانَة الْأَنْصَارِيَّة دخلت عَليّ فرأت فراشك فَذَهَبت فَبعثت إِلَيّ بِهَذَا فَقَالَ رديه فَلم أرده وأعجبني أَن يكون فِي بَيْتِي حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ رديه يَا عَائِشَة فوَاللَّه لَو شِئْت لأجرى الله معي جبال الذَّهَب وَالْفِضَّة

وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق إِسْحَاق بن بشر عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما عير الْمُشْركُونَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بالفاقة فَقَالُوا مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام وَيَمْشي فِي الْأَسْوَاق حزن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لذَلِك فَنزل عَلَيْهِ جِبْرِيل عليه السلام فَقَالَ إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول {وَمَا أرسلنَا قبلك من الْمُرْسلين إِلَّا إِنَّهُم ليأكلون الطَّعَام ويمشون فِي الْأَسْوَاق} ثمَّ أَتَاهُ رضوَان خَازِن الْجنان وَمَعَهُ سفط من نور يتلألأ فَقَالَ هَذِه مَفَاتِيح خَزَائِن الدُّنْيَا فَنظر النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيل كالمستشير لَهُ فَضرب جِبْرِيل بيدَيْهِ الأَرْض أَن تواضع فَقَالَ يَا رضوَان لَا حَاجَة لي فِيهَا فَنُوديَ أَن أرفع بَصرك فَرفع فَإِذا السَّمَوَات فتحت أَبْوَابهَا إِلَى الْعَرْش وبدت جنَّة عدن فَرَأى منَازِل الْأَنْبِيَاء وغرفهم وَإِذا مَنَازِله فَوق منَازِل الْأَنْبِيَاء فَقَالَ رضيت

ويرون أَن هَذِه الْآيَة أنزلهَا رضوَان {تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك} الْآيَة

قَالَ أبن عَسَاكِر هَذَا حَدِيث مُنكر إِسْحَاق كَذَّاب وجويبر ضَعِيف

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَأَبُو يعلى عَن أبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أَعْطَيْت فواتح الْكَلم وجوامعه وخواتمه)

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (أُوتيت مَفَاتِيح كل شَيْء إِلَّا الْخمس){إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة

ص: 334

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أُوتِيَ نَبِيكُم صلى الله عليه وسلم مَفَاتِيح كل شَيْء غير الْخمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة

وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رسوا الله صلى الله عليه وسلم (مَا بعث نَبِي إِلَّا حذر أمته الدَّجَّال وَأَنِّي قد بَين لي فِي أمره مَا لم يبين لأحد أَنه أَعور وَأَن ربكُم لَيْسَ بأعور)

فصل

ذهب بَعضهم إِلَى أَنه صلى الله عليه وسلم أُوتِيَ علم الْخمس أَيْضا وَعلم وَقت السَّاعَة وَالروح وَأَنه أَمر بكتم ذَلِك

بَاب من خَصَائِصه صلى الله عليه وسلم أَن الأَرْض كَانَت تطوى لَهُ

قَالَ ابْن سبع من خَصَائِصه أَنه كَانَ يبيت جائعا وَيُصْبِح طاعما وَأَنه لم يكن أحد يغلبه بِالْقُوَّةِ وَأَنه كَانَ إِذا أَرَادَ الطّهُور وَلم يجد المَاء مد أَصَابِعه فتنفجر مِنْهَا المَاء حَتَّى يقْضِي طهوره وَأَن الله جمع لَهُ بَين الْمحبَّة والحله وَالْكَلَام وَكَلمه بِموضع لم يطأه ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَأَن الأَرْض كَانَت تطوى لَهُ

ص: 335

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بشرح الصَّدْر وَوضع الْوزر وَرفع الذّكر وَهُوَ إقتران إسمه باسم الله تَعَالَى وبوعده بالمغفرة وَهُوَ يمشي حَيا صَحِيحا وَبِأَنَّهُ حبيب الرَّحْمَن وَسيد ولد آدم وأكرام الْخلق على الله فَهُوَ أفضل من سَائِر الْمُرْسلين وَالْمَلَائِكَة وَعرض أمته عَلَيْهِ بأسرهم حَتَّى رَآهُمْ وَعرض عَلَيْهِ مَا هُوَ كَائِن فِي أمته حَتَّى تقوم السَّاعَة وَخص بالبسملة والفاتحة وَآيَة الْكُرْسِيّ وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة والمفصل والسبع الطول

قَالَ تَعَالَى {ألم نشرح لَك صدرك ووضعنا عَنْك وزرك الَّذِي أنقض ظهرك ورفعنا لَك ذكرك} وَقَالَ تَعَالَى {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر}

وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد جيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (فضلت على الْأَنْبِيَاء بست لم يُعْطهنَّ أحد كَانَ قبلي غفر لي مَا تقدم من ذَنبي وَمَا تَأَخّر وَأحلت لي الْغَنَائِم وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأعْطيت الْكَوْثَر ونصرت بِالرُّعْبِ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَن صَاحبكُم لصَاحب لِوَاء الْحَمد يَوْم الْقِيَامَة تَحْتَهُ آدم فَمن دونه)

قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام من خَصَائِصه أَنه أخبرهُ الله بالمغفرة وَلم ينْقل أَنه أخبر أحدا من الْأَنْبِيَاء بِمثل ذَلِك بل الظَّاهِر أَنه لم يُخْبِرهُمْ بِدَلِيل قَوْلهم فِي الْموقف نَفسِي نَفسِي

وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره فِي آيَة الْفَتْح هَذَا من خَصَائِصه صلى الله عليه وسلم الَّتِي لَا يُشَارِكهُ فِيهَا غَيره

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (سَأَلت رَبِّي مَسْأَلَة ووددت أَنِّي لم أكن سَأَلته إِيَّاهَا قلت يَا رب إِنَّه قد كَانَ قبلي

ص: 336

رسل مِنْهُم من كَانَ يحيى الْمَوْتَى وَمِنْهُم من سخرت لَهُ الرّيح قَالَ ألم أجدك يَتِيما فآويتك ألم أجدك ضَالًّا فهديتك ألم أجدك عائلا فأغنيتك ألم أشرح لَك صدرك وَوضعت عَنْك وزرك ألم أرفع لَك ذكرك قلت بلَى يَا رب

وَأخرج ابْن سعد عَن مجمع بن جَارِيَة قَالَ لما كُنَّا بضجنان رَأَيْت النَّاس يركضون وَإِذ هم يَقُولُونَ أنزل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فركضت مَعَ النَّاس حَتَّى توافينا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَإِذا هُوَ يقْرَأ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَلَمَّا نزل بهَا جِبْرِيل قَالَ يهنيك يَا رَسُول الله فَلَمَّا هَناه جِبْرِيل هَناه الْمُسلمُونَ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَأَبُو نعيم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي قَوْله تَعَالَى {ورفعنا لَك ذكرك} قَالَ قَالَ لي جِبْرِيل قَالَ الله إِذا ذكرت ذكرت معي

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ رفع الله ذكره فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلَيْسَ خطيب وَلَا متشهد وَلَا صَاحب صَلَاة إِلَّا يُنَادي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله

وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (لما فرغت مِمَّا أَمرنِي الله بِهِ من أَمر السَّمَوَات قلت يَا رب إِنَّه لم يكن نَبِي قبلي إِلَّا وَقد أكرمته جعلت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى كليما وسخرت لداود الْجبَال ولسليمان الرّيح وَالشَّيَاطِين وأحييت لعيسى الْمَوْتَى فَمَا جعلت لي قَالَ أَو لَيْسَ قد أَعطيتك أفضل من ذَلِك لَهُ أَن لَا أذكر إِلَّا ذكرت معي وَجعلت صُدُور أمتك أناجيل يقرؤن الْقُرْآن ظَاهرا وَلم أعْطهَا أمة وأنزلت إِلَيْك كلمة من كنوز عَرْشِي لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَفِي حَدِيث الْإِسْرَاء السَّابِق أَن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه عز وجل فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أَرْسلنِي رَحْمَة للْعَالمين وكافة للنَّاس وَأنزل عَليّ الْفرْقَان فِيهِ تبيان

ص: 337

كل شَيْء وَجعل أمتِي خير أمة أخرجتللناس وَجعل أمتِي أمة وسطا وَجعل أمتِي هم الْآخرُونَ وهم الْأَولونَ وَشرح لي صَدْرِي وَوضع عني وزري وَرفع لي ذكري وَجَعَلَنِي فاتحا وخاتما فَقَالَ إِبْرَاهِيم بِهَذَا فَضلكُمْ مُحَمَّد

وَفِيه فَقَالَ تبارك وتعالى لَهُ سل فَقَالَ إِنَّك اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وأعطيته ملكا عَظِيما وَكلمت مُوسَى تكليما وَأعْطيت دَاوُد ملكا عَظِيما وألنت لَهُ الْحَدِيد وسخرت لَهُ الْجبَال وَأعْطيت سُلَيْمَان ملكا عَظِيما وسخرت لَهُ الْإِنْس وَالْجِنّ والشيطان والرياح وأعطيته ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وَعلمت عِيسَى التَّوْرَاة والانجيل وَجَعَلته يبرىء الأكمه والأبرص وأعذته وَأمه من االشيطان الرَّجِيم فَلم يكن لَهُ عَلَيْهِمَا سَبِيل فَقَالَ لَهُ ربه تبارك وتعالى قد اتخذتك خَلِيلًا وَهُوَ مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة حبيب الرَّحْمَن وأرسلتك إِلَى النَّاس كَافَّة وَجعلت أمتك هم الْآخرُونَ وهم الْأَولونَ وَجعلت أمتك لَا تجوز لَهُم خطْبَة حَتَّى يشْهدُوا أَنَّك عَبدِي ورسولي وجعلتك اول النَّبِيين خلقا وأخرهم بعثا وأعطيتك سبعا من المثاني وَلم أعْطهَا نَبيا قبلك واعطيتك خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم أعْطهَا نَبيا قبلك وجعلتك فاتحا خَاتمًا

قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فضلني رَبِّي بست قذف فِي قُلُوب عدوي الرعب من مسيرَة شهر وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحد قبلي وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأعْطيت فواتح الْكَلَام وجوامعه وَعرضت عَليّ أمتِي فَلم يخف عَليّ التَّابِع والمتبوع مِنْهُم

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حُذَيْفَة بن أسيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (عرضت عَليّ أمتِي البارحة لَدَى هَذِه الْحُجْرَة اولها وَآخِرهَا) فَقَالَ يَا رَسُول الله عرض عَلَيْك من خلق فَكيف من لم يخلق فَقَالَ صوروا لي فِي الطين حَتَّى أَنِّي لأعرف بالإنسان مِنْهُم من أحدكُم بِصَاحِبِهِ

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أنزل عَليّ آيَة لم تنزل على نَبِي بعد سُلَيْمَان غَيْرِي (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

ص: 338

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أغفل النَّاس آيَة من كتاب الله لم تنزل على أحد سوى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَلا ان يكون سُلَيْمَان بن دَاوُد {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الضريس كِلَاهُمَا فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ آيَة الْكُرْسِيّ أعطيها نَبِيكُم من كنز تَحت الْعَرْش وَلم يُعْطهَا أحد قبل نَبِيكُم

وَأخرج أَبُو عبيد عَن كَعْب قَالَ إِن مُحَمَّدًا أعطي أَربع آيَات لم يُعْطهنَّ مُوسَى {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} حَتَّى ختم سُورَة الْبَقَرَة فَتلك ثَلَاث آيَات وَآيَة الْكُرْسِيّ

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن حُذَيْفَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (أَعْطَيْت هَذِه الْآيَات من آخر سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُعْطهَا نَبِي قبلي) وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر مَرْفُوعا مثله

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ ترددوا فِي الايتين من آخر سُورَة الْبَقَرَة {آمن الرَّسُول} إِلَى خاتمتها فَإِن الله اصْطفى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم

وَأخرج الْحَاكِم عَن معقل بن يسَار قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أَعْطَيْت فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة من تَحت الْعَرْش والمفصل نَافِلَة)

وَأخرج مُسلم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ ملك فَقَالَ اُبْشُرْ بنورين اوتيتهما لم يؤتهما نَبِي قبلك فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن وَاثِلَة بن السقع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أَعْطَيْت مَكَان التَّوْرَاة السَّبع الطوَال وَمَكَان الزبُور المئين وَمَكَان الانجيل المثاني وفضلت بالمفصل)

ص: 339

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ هِيَ السَّبع الطوَال وَلم يُعْطهنَّ أحدا إِلَّا النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأعْطِي مُوسَى مِنْهُم إثنتين

وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أُوتِيَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سبعا من المثاني والطوال وأوتي مُوسَى سِتا فَلَمَّا ألْقى الألواح ذهبت إثنتان وَبَقِي أَربع

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى سبعا من المثاني قَالَ دخرت لنبيكم صلى الله عليه وسلم لم تدخر لنَبِيّ لسواه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى نجيا واتخذني حبيبا ثمَّ قَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُوثِرَنَّ حَبِيبِي على خليلي ونجيي)

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وابو نعيم عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (مُوسَى صفي الله وَأَنا حبيب ربه)

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِد فَإِذا سَحَابَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (سلم على ملك قَالَ لم أزل أستاذن رَبِّي فِي لقائك حَتَّى إِذا كَانَ الأوان أذن لي أَنِّي أُبَشِّرك أَنه لَيْسَ اُحْدُ أكْرم على الله مِنْك)

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم أكْرم الْخلق على الله يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ إِن أكْرم خَلِيقَة الله على الله يَوْم الْقِيَامَة

ص: 340

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ إِن أكْرم خَلِيقَة الله على الله أَبُو الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم

بَاب التَّفْرِقَة بَينه صلى الله عليه وسلم وَبَين الْأَنْبِيَاء فِي الْخطاب

قَالَ أَبُو نعيم وَمن خَصَائِصه التفرقه بَينه وَبَين الْأَنْبِيَاء فِي الْخطاب فَإِن الله تَعَالَى قَالَ لداود {وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله} وَقَالَ لنبينا صلى الله عليه وسلم {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} منزها لَهُ عَن ذَلِك بعد الإقسام عَلَيْهِ وَقَالَ عَن مُوسَى ففرت مِنْكُم لما خفتكم وَقَالَ عَن نَبينَا صلى الله عليه وسلم {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا} الْآيَة فكنى عَن خُرُوجه وهجرته بِأَحْسَن الْعبارَات وَكَذَا نسب الْإِخْرَاج إِلَى عدوه فِي قَوْله {إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا} {من قريتك الَّتِي أخرجتك} وَلم يذكرهُ بالفرار الَّذِي فِيهِ نوع غَضَاضَة انْتهى

بَاب فرض الصَّدَقَة على من ناجاه صلى الله عليه وسلم

وَمن خَصَائِصه أَن الله فرض على من ناجاه أَن يقدم بَين يَدي نَجوَاهُ صَدَقَة وَلم يعْهَد ذَلِك لأحد من الْأَنْبِيَاء قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة}

وَأخرج ابْن ابي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ إِن الْمُسلمين أَكْثرُوا الْمسَائِل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى شَقوا عَلَيْهِ فَأَرَادَ الله أَن يُخَفف عَن نبيه فَلَمَّا قَالَ ذَلِك ضن كثيرا من النَّاس وَكفوا عَن الْمَسْأَلَة فَأنْزل الله بعد هَذَا (أَأَشْفَقْتُم) الْآيَة فَوسعَ الله عَلَيْهِم وَلم يضيق

ص: 341

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ من ناجى النَّبِي صلى الله عليه وسلم تصدق بِدِينَار وَكَانَ أول من صنع ذَلِك عَليّ بن أبي طَالب ثمَّ نزلت الرُّخْصَة فَإِذا لم تَفعلُوا وَتَابَ الله عَلَيْكُم

بَاب فرض طَاعَته صلى الله عليه وسلم على الْعَالم)

قَالَ أَبُو نعيم وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى فرض طَاعَته على الْعَالم فرضا مُطلقًا لَا شَرط فِيهِ وَلَا إستثناء فَقَالَ {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} وَقَالَ {من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله} وَإِن الله تَعَالَى أوجب على النَّاس التأسي بِهِ قولا وفعلا مُطلقًا بِلَا إستثناء فَقَالَ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} وَاسْتثنى فِي التأسي بخليله فَقَالَ لقد كَانَ لكم أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم إِلَى أَن قَالَ {إِلَّا قَول إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ} قَالَ وَمن خَصَائِصه أَن الله تَعَالَى قرن إسمه باسمه فِي كِتَابه عِنْد ذكر طَاعَته ومعصيته وفرائضه وَأَحْكَامه ووعده ووعيده تَشْرِيفًا وتعظيما فَقَالَ تَعَالَى {وَأَطيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول} (وأطيعو الله وَرَسُوله إِن كُنْتُم مُؤمنين){ويطيعون الله وَرَسُوله} إِنَّمَا الْمُؤمنِينَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله

ص: 342

{بَرَاءَة من الله وَرَسُوله} {وأذان من الله وَرَسُوله} اسْتجِيبُوا لله وللرسوله {وَمن يعْص الله وَرَسُول} {شاقوا الله وَرَسُوله} {وَمن يُشَاقق الله وَرَسُوله} وَمن يحادد الله وَرَسُوله {وَلم يتخذوا من دون الله وَلَا رَسُوله} {يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} {مَا حرم الله وَرَسُوله} {قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول} {فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ} {فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} {مَا آتَاهُم الله وَرَسُوله} {سيؤتينا الله من فَضله وَرَسُوله} {أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله} {كذبُوا الله وَرَسُوله} {أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ}

بَاب وَصفه صلى الله عليه وسلم عضوا عضوا

قَالَ ابْن سبع وَمن خَصَائِصه إِن الله سبحانه وتعالى وَصفه فِي كِتَابه عضوا عضوا فَقَالَ تَعَالَى فِي وَجهه {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء} وَقَالَ تَعَالَى فِي عَيْنَيْهِ {لَا تَمُدَّن عَيْنَيْك} وَفِي لِسَانه {فَإِنَّمَا يسرناه بلسانك} وَفِي يَده وعنقه {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك} وَفِي صَدره وظهره {ألم نشرح لَك صدرك ووضعنا عَنْك وزرك الَّذِي أنقض ظهرك} ) وَفِي قلبه {نزله على قَلْبك}

ص: 343