المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَمِنْهَا انه كَانَ يُؤْخَذ عَن الدُّنْيَا حَالَة الْوَحْي وَلَا تسْقط - الخصائص الكبرى - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌ذكر المعجزات الَّتِي وَقعت عِنْد انفاد كتبه صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُلُوك

- ‌ففزعوا لذَلِك وَقَالَ أدخلوه فادخلت عَلَيْهِ وَعِنْده بطارقته فأعطيته الْكتاب فقرىء عَلَيْهِ فَإِذا فِيهِ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى قَيْصر صَاحب الرّوم فنخر إِبْنِ أَخ لَهُ أَحْمَر أَزْرَق سبط الشّعْر فَقَالَ لَا تقْرَأ الْكتاب الْيَوْم لِأَنَّهُ بَدَأَ بِنَفسِهِ

- ‌ذكر حلية الانبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام

- ‌ذكر المعجزات الَّتِي وَقعت عِنْد وفادة الْوُفُود عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر بَقِيَّة المعجزات الَّتِي لم تدخل فِي الْأَبْوَاب السَّابِقَة

- ‌ذكر معجزاته فِي ضروب الْحَيَوَانَات

- ‌ذكر معجزاته صلى الله عليه وسلم فِي أَنْوَاع الجمادات

- ‌فَائِدَة فِي عدم احتراق المنديل الَّذِي كَانَ يمسح بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَجهه وَخُرُوجه من النَّار مبيضا

- ‌ذكر المعجزات فِي رُؤْيَة الْمعَانِي بِصُورَة الاجسام

- ‌ذكر المعجزات فِي رُؤْيَة أَصْحَابه الْمَلَائِكَة وَسَمَاع كَلَامهم مِمَّا لم يتَقَدَّم ذكره

- ‌دَعَا جِبْرِيل عليه السلام

- ‌ذكر المعجزات فِي رُؤْيَة أَصْحَابه الْجِنّ وَسَمَاع كَلَامهم مِمَّا لم يتَقَدَّم ذكره

- ‌كرّ المعجزات فِيمَا أخبر بِهِ من المغيبات فَكَانَ كَمَا أخبر سوى مَا تقدم فِي الْأَبْوَاب السَّابِقَة

- ‌ذكر المعجزات فِيمَا أخبر بِهِ من الكوائن بعده فَوَقع كَمَا أخبر

- ‌أَخْبَار خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه

- ‌خلَافَة بني الْعَبَّاس

- ‌ذكر وقْعَة صفّين

- ‌ذكر المعجزات فِي إِجَابَة الدَّعْوَات مِمَّا لم يتَقَدَّم ذكره

- ‌رقية الْحمى وَدُعَاء أَدَاء الدّين

- ‌رقية الْجِنّ

- ‌دُعَاء النّوم

- ‌دُعَاء النجَاة من الظَّالِمين وتسيير الْحَوَائِج

- ‌دُعَاء دفع الْفقر

- ‌ذكر أيات فِي منامات رؤيت فِي عَهده صلى الله عليه وسلم غير مَا تقدم

- ‌ذكر موازاة الْأَنْبِيَاء فِي فضائلهم بفضائل نَبينَا صلى الله عليه وسلم

- ‌زِيَادَة إِيضَاح لهَذَا الْبَاب

- ‌دُعَاء قَضَاء الْحَوَائِج وَدُعَاء زَوَال الشدائد

- ‌دُعَاء رد الْبَصَر للأعمي

- ‌ذكر الخصائص الَّتِي اخْتصَّ بهَا عَن أمته من وَاجِبَات ومحرمات ومباحات وكرامات مِمَّا لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر

- ‌قسم الْوَاجِبَات وَالْحكمَة فِي اخْتِصَاصه بهَا زِيَادَة الدَّرَجَات والزلفى

- ‌فَائِدَة

- ‌قسم الْمُحرمَات

- ‌قسم الْمُبَاحَات

- ‌فَائِدَة

- ‌قسم الكرامات

- ‌فَائِدَة

- ‌ذكر مَا وَقع عِنْد وَفَاته صلى الله عليه وسلم من المعجزات والخصائص

- ‌ذكر آيَات وَقعت على إِثْر وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي غزوات أَصْحَابه وَنَحْوهَا

الفصل: وَمِنْهَا انه كَانَ يُؤْخَذ عَن الدُّنْيَا حَالَة الْوَحْي وَلَا تسْقط

وَمِنْهَا انه كَانَ يُؤْخَذ عَن الدُّنْيَا حَالَة الْوَحْي وَلَا تسْقط عَن الصَّلَاة وَالصَّوْم وَسَائِر الْأَحْكَام ذكره ابْن الْقَاص فِي التخليص والقفال وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ فِي زَوَائِد الرَّوْضَة وَجزم بِهِ ابْن سبع

وَمِنْهَا انه كَانَ يلْزمه اتمام كل تطوع شرع فِيهِ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَة وَأَصلهَا

وَمِنْهَا انه كَانَ مطالبا بِرُؤْيَة مُشَاهدَة الْحق مَعَ معاشرة النَّاس بِالنَّفسِ وَالْكَلَام

وَمِنْهَا انه كلف من الْعلم وَحده مَا كلفه النَّاس بأجمعهم

وَمِنْهَا انه يدْفع بِالَّتِي هِيَ أحسن

وَمِنْهَا انه كَانَ يغان على قلبه فيستغفر الله كل يَوْم سبعين مرّة ذكر هَذِه كلهَا ابْن الْقَاص من أَصْحَابنَا فِي تلخيصه وَابْن سبع

وَحكى الْجِرْجَانِيّ فِي الشافي وَجها ان الامامة فِي مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم افضل من الْأَذَان بِخِلَاف غَيره لانه عليه الصلاة والسلام لَا يقر على السَّهْو الْغَلَط بِخِلَاف غَيره

قلت وَهَذَا الْوَجْه يَنْبَغِي ان يقطع بِهِ وَيجْعَل مَحل الْخلاف فِي التَّفْضِيل بَين الاقامه وَالْأَذَان فِي غَيره

‌قسم الْمُحرمَات

وفائته التكرمة حَيْثُ تنزه عَن سفساف الْأُمُور وَحمل على مَكَارِم الْأَخْلَاق ولان اجْرِ ترك الْمحرم اكثر من الْمَكْرُوه

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم الزَّكَاة وَالصَّدَََقَة عَلَيْهِ وعَلى آله وعَلى موَالِيه وموالي آله

اخْرُج مُسلم عَن الْمطلب بن رَبِيعه ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ان هَذِه الصَّدقَات

ص: 404

إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس وانها لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد

واخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وعبد الله بن بسر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يقبل الْهَدِيَّة وَلَا يقبل الصدقه

واخرج ابْن سعد عَن الْحسن ان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ان الله حرم على الصَّدَقَة وعَلى أهل بَيْتِي

واخرج احْمَد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أُتِي بِطَعَام من غير اهله سَأَلَ عَنهُ فَإِن قيل هَدِيَّة اكل وان قيل صدقه لم يَأْكُل

واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اسْتعْمل النَّبِي صلى الله عليه وسلم الأرقم الزُّهْرِيّ على السّعَايَة فاستتبع أَبَا

واخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اسْتعْمل النَّبِي صلى الله عليه وسلم الأرقام الزُّهْرِيّ على السّعَايَة فاستتبع أَبَا رَافع مولى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأتي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا ابا رَافع ان الصَّدَقَة حرَام على مُحَمَّد وعَلى ال مُحَمَّد

واخرجه احْمَد وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي رَافع وَفِيه فَقَالَ ان الصَّدَقَة لَا تحل لنا وان مولى الْقَوْم من انفسهم

واخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ قَالَ قلت للْعَبَّاس سل النَّبِي صلى الله عليه وسلم ان يستعملك على الصَّدَقَة فَسَأَلَهُ فَقَالَ ماكنت لاستعملك على غسالة الْأَيْدِي

واخرج ابْن ابْن سعد عَن عبد الْملك بن الْمُغيرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَا بني عبد الْمطلب ان الصَّدَقَة أوساخ النَّاس فَلَا تَأْكُلُوهَا وَلَا تعملوا عَلَيْهَا

وَأخرج مُسلم وَابْن سعد عَن الْمطلب بن ربيعَة بن الْحَارِث قَالَ جِئْت انا وَالْفضل بن الْعَبَّاس فَقُلْنَا يَا رَسُول الله جِئْنَا لتؤمرنا على هَذِه الصَّدقَات فَسكت وفع رَأسه الى سقف الْبَيْت حَتَّى أردنَا ان نكلمه فَأَشَارَتْ إِلَيْنَا زَيْنَب من وَرَاء حجابها كَأَنَّهَا تَنْهَانَا عَن كَلَامه وَأَقْبل فَقَالَ ان الصَّدَقَة لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد وانما هِيَ اوساخ النَّاس

قَالَ الْعلمَاء لما كَانَت الصَّدَقَة أوساخ النَّاس نزه منصبه الشريف عَن ذَلِك وانجز الى بسبه آله وايضا فالصدقة تُعْطى على سَبِيل الترحم الْمَبْنِيّ على ذَلِك الْآخِذ فأبدلوا

ص: 405

عَنْهَا بِالْغَنِيمَةِ الْمَأْخُوذَة بطرِيق الْعِزّ والشرف المنبئ عَن عز الْآخِذ وذل الْمَأْخُوذ مِنْهُ

وَقد اخْتلف عُلَمَاء السّلف هَل شَاركهُ فِي ذَلِك الْأَنْبِيَاء أم اخْتصَّ بِهِ دونهم فَقَالَ بِالْأولِ الْحسن والبصري وَبِالثَّانِي سُفْيَان بن عيينه

ثمَّ الزَّكَاة وَصدقَة التَّطَوُّع بِالنِّسْبَةِ اليه صلى الله عليه وسلم سَوَاء وَأما آله فمذهبنا انه لَا يحرم عَلَيْهِم سوى الزَّكَاة وَأما صَدَقَة التَّطَوُّع فَتحل لَهُم فِي الْأَصَح وَفِي وَجه عندنَا وَهُوَ مَذْهَب الْمَالِكِيَّة انها تحرم عَلَيْهِم أَيْضا وَفِي وَجه ثَالِث تحرم عَلَيْهِم الْخَاصَّة دون الْعَامَّة كالمساجد ومياه الْآبَار

وَحكى ابْن الصّلاح عَن أمالي ابي الْفرج السَّرخسِيّ ان فِي صرف الْكَفَّارَة وَالنّذر الى الْهَاشِمِي قَوْلَيْنِ وَفِي جَوَاز كَونهم عمالا على الزَّكَاة وَجْهَان اصحهما ايضا الْمَنْع والاحاديث السَّابِقَة صَرِيحَة فِيهِ

بَاب لايصح لآل مُحَمَّد اكل ثمن اُحْدُ من ولد اسماعيل

اخْرُج احْمَد عَن عمرَان بن حُصَيْن الضَّبِّيّ ان لاجلا حَدثهُ قَالَ كَانَ شَيْخَانِ للحي قد انْطلق ابْن لَهما فلحق النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَا ائته فأطلبه مِنْهُ فَإِن أبي الا الْفِدَاء فافتده فَأَتَيْته فطلبته مِنْهُ فَقَالَ هُوَ ذَا فأت بِهِ اباه فَقلت الْفِدَاء يَا نَبِي الله فَقَالَ انه لايصلح لنا آل مُحَمَّد ان نَأْكُل ثمن اُحْدُ من ولد اسماعيل هَذَا الحكم الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث لم أر أحدا من الْفُقَهَاء نبه عَلَيْهِ

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم اكل مَا لَهُ ريح كريهه فِي اُحْدُ الْوَجْهَيْنِ

أخرج احْمَد وَالْحَاكِم عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ نزل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على أبي ايوب وَكَانَ إِذا اكل طَعَاما بعث اليه بفضله فَينْظر الى مَوضِع يَد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ يارسول الله لم أر أثر أصابعك قَالَ انه كَانَ فِيهِ ثوم قَالَ احرام هُوَ قَالَ لَا انك لست مثلي إِنَّه يأتيني الْملك

ص: 406

واخرج الشَّيْخَانِ عَن جَابر قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِقدر فِيهِ خضراوات من بقول فَوجدَ لَهَا ريحًا فَسَأَلَ فَأخْبر بِمَا فِيهَا من الْبُقُول فَقَالَ قربوها الى بعض اصحابه فَلَمَّا رَآهُ كره اكلها قَالَ كل فَإِنِّي أُنَاجِي من لَا تناجي

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم الاكل مُتكئا فِي أحد الْوَجْهَيْنِ

أخرج البُخَارِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أما أَنا فَلَا آكل مُتكئا

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَمْرو قَالَ مارؤي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْكُل مُتكئا قطّ

وَأخرج ابْن سعد وابو يعلى بِسَنَد حسن عَن عَائِشَة ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا يَا عَائِشَة لَو شِئْت لَسَارَتْ معي جبال الذَّهَب أَتَانِي ملك وَإِن حجزته لتساوي الْكَعْبَة فَقَالَ ان رَبك يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول لَك ان شِئْت نَبيا ملكا وَإِن شِئْت نَبيا عبدا فَأَشَارَ الى جِبْرِيل ضع نَفسك فَقلت نَبيا عبدا قَالَت فَكَانَ بعد ذَلِك لَا يَأْكُل مُتكئا وَيَقُول آكل كَمَا يَأْكُل العَبْد واجلس كَمَا يجلس العَبْد

وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ بلغنَا انه اتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم ملك لم يَأْته قبلهَا وَمَعَهُ جِبْرِيل فَقَالَ الْملك وَجِبْرِيل صَامت ان رَبك يخيرك بَين ان تكون نَبيا ملكا وَبَين أَن تكون نَبيا عبدا فَنظر إِلَى جِبْرِيل كالمستأمر لَهُ فَأَشَارَ اليه ان تواضع فَقَالَ بل نَبيا عبدا فزعموا انه لم يَأْكُل مُنْذُ قَالَهَا مُتكئا حَتَّى فَارق الدُّنْيَا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله أرسل إِلَى نبيه صلى الله عليه وسلم ملكا من الملائكه مَعَه جِبْرِيل فَقَالَ إِن الله يخيرك بَين أَن تكون عبدا نَبيا وَبَين ان تكون ملكا نَبيا فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيل كالمستشير لَهُ فَأَشَارَ جِبْرِيل الى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ان تواضع فَقَالَ بل أكون عبدا نَبيا فَمَا اكل بعد تِلْكَ الْكَلِمَة طَعَاما مُتكئا حَتَّى لَقِي ربه

ص: 407

وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِأَعْلَى مكه يَأْكُل مُتكئا فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّد أكل الْمُلُوك فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن انس ان جِبْرِيل جَاءَ الى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَأْكُل مُتكئا فَقَالَ الاتكاء من النِّعْمَة فَاسْتَوَى قَاعِدا فَمَا رؤى بعد ذَلِك مُتكئا وَقَالَ إِنَّمَا أَنا عبد آكل كَمَا يَأْكُل العَبْد واشرب كَمَا يشرب العَبْد

قَالَ الْخطابِيّ المُرَاد بالمتكئ هُنَا الْجَالِس الْمُعْتَمد على وطأ تَحْتَهُ وَأقرهُ الْبَيْهَقِيّ وَابْن دحيه وَالْقَاضِي عِيَاض وَنسبه للمحققين وَقَالَ بَعضهم المُرَاد بِهِ المائل على جنب

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم الْكِتَابَة وَالشعر

قَالَ الله تَعَالَى {الَّذين يتبعُون الرَّسُول النَّبِي الْأُمِّي} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك إِذا لارتاب المبطلون} وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا علمناه الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}

وَأخرج ابْن ابي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ أهل الْكتاب يَجدونَ فِي كتبهمْ ان مُحَمَّدًا لَا يخط بِيَمِينِهِ وَلَا يقْرَأ كتابا فَنزلت وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب ولاتخطه بيمينك الآيه

قَالَ الرَّافِعِيّ وَإِنَّمَا يتَّجه القَوْل بتحريمهما إِذا قُلْنَا انه كَانَ يحسنهما

وَتعقبه النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة فَقَالَ لَا يمْتَنع تحريمهما وَإِن لم يحسنهما وَتَكون المُرَاد تَحْرِيم التَّوَصُّل إِلَيْهِمَا وَالصَّوَاب أَنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يحسنهما

ذهب بَعضهم الى خِلَافه متمسكا بِحَدِيث الْقَضِيَّة انه صلى الله عليه وسلم كتب هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله وَالْجَوَاب ان المُرَاد بكتب أَمر بالكتابه

ص: 408

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن عبد الله بن عتبَة عَن أَبِيه قَالَ مَا مَاتَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَرَأَ وَكتب سَنَده ضَعِيف وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ هَذَا حَدِيث مُنكر

قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْحسن الهيتمي وأظن ان مَعْنَاهُ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يمت حَتَّى قَرَأَ عبد الله بن عتبَة وَكتب يَعْنِي أَنه كَانَ يعقل فِي زَمَانه

وَوَقع فِي اطراف أبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي حَدِيث الْقَضِيَّة أَنه صلى الله عليه وسلم اخذ الْكتاب وَلَيْسَ يحسن أَن يكْتب فَكتب مَكَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُحَمَّدًا

وَذكر عمر بن شيبَة فِي كتاب الْكتاب لَهُ انه صلى الله عليه وسلم كتب بِيَدِهِ يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَأَنه لم يكن يعلم الْكِتَابَة قبل ذَلِك وَأَن ذَلِك من معجزاته أَن علم الْكتاب من وقته وَقَالَ بِهَذَا القَوْل جمَاعَة من الْمُحدثين مِنْهُم أَبُو در الْهَرَوِيّ وَأَبُو الْفَتْح النَّيْسَابُورِي وَالْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد اللَّخْمِيّ وَالْقَاضِي أَبُو جَعْفَر السمناني الأصولي

قَالَ أَبُو الْوَلِيد كَانَ من أوكد معجزاته أَنه يكْتب من غير تعلم

وَقَالَ بَعضهم كتب فِي ذَلِك الْيَوْم غير عَالم بِالْكِتَابَةِ وَلَا مُمَيّزا لحروفها لكنه أَخذ الْقَلَم بِيَدِهِ فَخط بِهِ مَا لم يميزه هُوَ فاذا هُوَ كتاب ظَاهر بَين على حسب المُرَاد

وَمِمَّا يدل على تَحْرِيم الشّعْر عَلَيْهِ مَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول مَا ابالي مَا أتيت إِن أَنا شربت ترياقا اَوْ تعلّقت تَمِيمَة أَو قلت الشّعْر من قبل نَفسِي

واخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يبنون الْمَسْجِد

(هَذَا الْحمال لَا حمال خَيْبَر

هَذَا أبر رَبنَا وأطهر)

وَكَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول إِنَّه لم يقل شَيْئا من الشّعْر إِلَّا قد قيل قبله الا هَذَا

وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ للْعَبَّاس بن مرداس أَرَأَيْت قَوْلك

ص: 409

(أصبح نهي وَنهب العبيد

بَين الاقرع وعيينه)

فَقَالَ أَبُو بكر بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله مَا أَنْت بشاعر وَلَا راوية وَلَا يَنْبَغِي لَك إِنَّمَا قَالَ بَين عيينه والاقرع

قَالَ الْعلمَاء ماروي عَنهُ صلى الله عليه وسلم من الرجز كَقَوْلِه هَل أَنْت إِلَّا إِصْبَع دميت وَغَيره مَحْمُول على أَنه لم يَقْصِدهُ وَلَا يُسمى شعرًا إِلَّا ماكان مَقْصُودا وَكَذَا وَقع فِي الْقُرْآن آيَات موزونة لانها لم تقصد

قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وكما يحرم عَلَيْهِ الْكتاب تحرم عَلَيْهِ الْقِرَاءَة فِي الْكتاب لقَوْله تَعَالَى وَمَا كنت تتلومن قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك قَالَ وكما يحرم عَلَيْهِ قَول الشّعْر تحرم عَلَيْهِ رِوَايَته

قَالَ الْحَرْبِيّ وَلم يبلغنِي أَنه صلى الله عليه وسلم أنْشد بَيْتا تَاما على رويته بل أما الصَّدْر كَقَوْل لبيد

(أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل

) أَو الْعَجز كَقَوْل طرفَة

(ويأتيك بالاخبار من لم تزَود

)

فَإِن انشد بيات كَامِلا غَيره كبيت الْعَبَّاس بن مرداس

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَ مَا جمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَيت شعر قطّ 0

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم نزع لامته إِذا لبسهَا قبل ان يُقَاتل

أخرج أَحْمد وَابْن سعد عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْم أحد رَأَيْت كَأَنِّي فِي درع حَصِينَة وَرَأَيْت بقرًا منحرة فأولت أَن الدرْع الْمَدِينَة 0

ص: 410

وَالْبَقر نقر فَإِن شِئْتُم اقمتم بِالْمَدِينَةِ فَإِن دخلُوا علينا قاتلناهم فِيهَا فَقَالُوا وَالله مَا دخلت علينا فِي الْجَاهِلِيَّة أفتدخل علينا فِي الاسلام قَالَ فشأنكم إِذن فَذَهَبُوا فَلبس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لامته فَقَالُوا مَا صنعنَا رددنا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَأْيه فَجَاءُوا فَقَالُوا شَأْنك يَا رَسُول الله قَالَ الْآن إِنَّه لَيْسَ لنَبِيّ إِذا لبس لامته أَن يَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم الْمَنّ ليستكثر

قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تمنن تستكثر}

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ لاتعط عَطِيَّة تلتمس بهَا أفضل مِنْهَا

وَأجْمع الْمُفَسِّرُونَ على أَن ذَلِك خَاص بِهِ صلى الله عليه وسلم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا آتيتم من رَبًّا} الْآيَة قَالَ هَذَا هُوَ الرِّبَا الْحَلَال يهدي الشَّيْء ليثاب أفضل مِنْهُ ذَلِك لاله وَلَا عَلَيْهِ وَنهى عَنهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم مد الْعين الى مَا متع بِهِ النَّاس

قَالَ تَعَالَى {وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم} الْآيَة وَهَذَا الحكم نَقله الرَّافِعِيّ عَن صَاحب الايضاح وَجزم النَّوَوِيّ فِي أصل الروضه وَابْن القَاضِي فِي التَّلْخِيص

ص: 411

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم الصَّلَاة على من عَلَيْهِ دين

كَانَ ذَلِك أول الاسلام ثمَّ نسخ لما حصل التَّوَسُّع وَتقدم حَدِيثه فِي قسم الْوَاجِبَات

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم امساك كارهته

أخراج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة أَن ابْنة الجون لما دخلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وردنا مِنْهَا قَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك فَقَالَ لقد عذت بعظيم إلحقي بأهلك

قَالَ ابْن الملقن فِي خَصَائِصه وَفهم من ذَلِك أَنه يحرم عَلَيْهِ نِكَاح كل امْرَأَة كرهت صحبته قَالَ وَيشْهد لذَلِك إِيجَاب التَّخْيِير الْمُتَقَدّم

وَأخرج ابْن سعد عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا خطب فَرد لم يعد فَخَطب امْرَأَة فَقَالَ استأمر أبي فَلَقِيت أَبَاهَا فَأذن لَهَا فَلَقِيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت لَهُ فَقَالَ قد التحفنا لحافا غَيْرك

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم نِكَاح الْكِتَابِيَّة

أخرج ابو دَاوُد فِي ناسخه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ نسَاء أهل الْكتاب

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى لَا تحل لَك النِّسَاء من بعد قَالَ يهوديات وَلَا نصرانياه لَا يَنْبَغِي أَن يكن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ قَالَ

ص: 412

الْأَصْحَاب لَان ازواجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وزوجات لَهُ فِي الآخر مَعَه فِي دَرَجَته فِي الْجنَّة ولانه أشرف من أَن يضع مَاءَهُ فِي رحم كَافِرَة ولانها تكره صحبته ولان الله تَعَالَى شَرط فِي اباحة النِّسَاء لَهُ الْهِجْرَة فَقَالَ {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} فَإِذا حرم عَلَيْهِ الْمسلمَة الَّتِي لم تهَاجر فَغير الْمسلمَة أولى

قَالَ أَبُو اسحاق من اصحابنا وَلَو نكح كِتَابِيَّة لهديت إِلَى الاسلام كَرَامَة لَهُ وَذهب بعض أَصْحَابنَا إِلَى تَحْرِيم تسريه بالأمة الْكِتَابِيَّة أَيْضا لَكِن الْأَصَح فِيهَا الْحل

قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فِي الْحَاوِي وَقد استمتع صلى الله عليه وسلم بأمته رَيْحَانَة قبل أَن تسلم وعَلى هَذَا فَهَل عَلَيْهِ تخييرها بَين أَن تسلم فيمسكها أَو تقيم على دينهَا فيفارقها فِيهِ وَجْهَان

أَحدهمَا نعم لتَكون من زَوْجَاته فِي الْآخِرَة وَالثَّانِي لَا لانه لما عرض على ريحانه الاسلام فَأَبت لم يزلها عَن ملكه وَأقَام على الِاسْتِمْتَاع

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم نِكَاح الْمسلمَة الَّتِي لم تهَاجر

أخرج التزمذي وَحسنه وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن اصناف النِّسَاء إِلَّا ماكان من الْمُؤْمِنَات الْمُهَاجِرَات قَالَ تَعَالَى {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} فأحل لَهُ الفتيات الْمُؤْمِنَات وَامْرَأَة مؤمنه إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي وَحرم كل ذَات دين غير الأسلام وَقَالَ تَعَالَى (يَا ايها النَّبِي إِنَّا احللنا لَك أَزوَاجك) الى قَوْله تَعَالَى {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} وَحرم مَا سوى ذَلِك من اصناف النِّسَاء

ص: 413

بَاب تَحْرِيمه نِكَاح الأمه الْمسلمَة

وَمن خَصَائِصه تَحْرِيم نِكَاح الْمسلمَة فِي الْأَصَح لِأَن جَوَازه مَشْرُوط بخوف الْعَنَت وَهُوَ صلى الله عليه وسلم مَعْصُوم وبفقدان طول الْحرَّة ونكاحه غير مفتقر إِلَى الْمهْر وَلِأَن من نكح أمة كَانَ وَلَده مِنْهَا رَقِيقا ومنصبه منزه عَن ذَلِك

وَقَالَ الرَّافِعِيّ لَكِن من جوز ذَلِك قَالَ خوف الْعَنَت إِنَّمَا يشْتَرط فِي حق الأمه وَكَذَا فقد الطول وعَلى هَذَا يجوز لَهُ الزِّيَادَة على أمة وَاحِدَة بِخِلَاف الْأمة وَلَو قدر نِكَاحه أمة فَأَتَت بِولد لم يكن رَقِيقا وَلَا يلْزمه قيمَة الْوَلَد لسَيِّدهَا على الصَّحِيح لَان الرّقّ مُتَعَذر

قَالَ الامام وَلَو قدر نِكَاح غرور فِي حَقه عليه السلام وَلم يلْزمه قيمَة الْوَلَد

قَالَ ابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب وَفِي إِمْكَان تصور نِكَاح الْغرُور ووطئة فِيهِ نظر إِذا قُلْنَا أَن وطي الشُّبْهَة حرَام مَعَ كَونه لَا إِثْم فِيهِ فَيجوز أَن يصان جَانِبه الْعلي عَن ذَلِك وَيجوز أَن يُقَال بِجَوَازِهِ لَان الاثم مَفْقُود بِإِجْمَاع كالنسيان

بَاب اخْتِصَاصه صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيم خَائِنَة الْأَعْين

أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم الْفَتْح أَمن النَّاس إِلَّا أَرْبَعَة نفر مِنْهُم عبد الله بن أبي سرح فَاخْتَبَأَ عِنْد عُثْمَان بن عَفَّان فَلَمَّا دَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس إِلَى الْبيعَة جَاءَ بِهِ فَقَالَ يَا رَسُول الله بَايع عبد الله فَرفع رَأسه فَنظر إِلَيْهِ ثَلَاثًا كل ذَلِك يأبي فَبَايعهُ بعد ثَلَاث ثمَّ أقبل على أَصْحَابه فَقَالَ أما فِيكُم رجل رشيد يقوم إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْت يَدي عَن بيعَته ليَقْتُلهُ قَالُوا مَا يُدْرِينَا يَا رَسُول الله مَا فِي نَفسك هلا أَوْمَأت بِعَيْنِك قَالَ انه لَا يَنْبَغِي أَن تكون لنَبِيّ خَائِنَة الْأَعْين

ص: 414

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن الْمسيب مُرْسلا نَحوه وَآخره فَقَالَ الايماء خيانه لَيْسَ لنَبِيّ ان يومي

قَالَ الرَّافِعِيّ خَائِنَة الاعين هِيَ الايماء إِلَى مُبَاح من قبل أَو ضرب على خلاف مَا يظْهر ويشعر بِهِ الْحَال وَلَا يحرم ذَلِك على غَيره الا فِي مَحْظُور

وَاسْتدلَّ بِهِ صَاحب التَّلْخِيص على أَنه لم يكن لَهُ عليه السلام أَن يخدع فِي الْحَرْب وَخَالفهُ الْمُعظم

قَالَ الرَّافِعِيّ لِأَنَّهُ اشْتهر أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أَرَادَ سفر أَو ري بِغَيْرِهِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث كَعْب بن مَالك وَالْفرق أَن الرَّمْز يزري بالرامز بِخِلَاف الايهام فِي الامور الْعِظَام

قلت وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر فِي مدخله الْمَدِينَة ايه النَّاس عني فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لنَبِيّ ان يكذب فَكَانَ أَبُو بكر إِذا سُئِلَ مَا أَنْت قَالَ باغي فَإِذا قتل من الَّذِي مَعَك قَالَ هاد يهديني وَهَذَا يدل على أَن التورية فِي الْأُمُور الْخَاصَّة لَا تلِيق أَيْضا بالأنبياء فان الَّذِي قَالَه أَبُو بكر لم يكن كذبا وَإِنَّمَا هُوَ تورية وَمرَاده يهديني سَبِيل الْخَيْر وَلكنه سمي كذبا لما كَانَ بصورته وَبِهَذَا يَتَّضِح حَدِيث قَول ابراهيم علية الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الشَّفَاعَة إِنِّي كذبت ثَلَاث كذبات وَإِنَّمَا هن توريات فَالظَّاهِر أَن من خَصَائِص الانبياء الْمَنْع من ذَلِك فَلذَلِك عدهن على نَفسه

بَاب تَحْرِيم الاغارة إِذا سمع التَّكْبِير

عد ابْن سبع من خَصَائِص تَحْرِيم الاغارة إِذا سمع التَّكْبِير ويستدل لَهُ بِمَا اخرجه الشَّيْخَانِ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ اذا غزا قوما لم يكن يَغْزُو بِنَا حَتَّى يصبح وَينظر فان سمع أذانا كف عَنْهُم وان لم يسمع اذانا اغار عَلَيْهِم

ص: 415