المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطبة عند دخول رمضان له أيضا - الخطب المنبرية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

[محمد بن عبد الوهاب]

الفصل: ‌خطبة عند دخول رمضان له أيضا

اتقوا الله تعالى، فقد أسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة فاشكروه، وأوصاكم بالتمسك بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فاقبلوا وصية ربكم وأطيعوه. ولا تجعلوا أمره ونهيه وراء ظهوركم فيهلككم كما أهلك من قبلكم لما آسفوه. وتقربوا إليه بشكر نعمه عليكم وراقبوه، فكم نعمة آتاكم، وكم فتنة وقاكم، وكم عدو كفاكم، فاشكروه عباد الله على ما أولاكم. فالسعيد من استعمل ما أوتيه من النعم في طاعة خالقه ومربيه، والشقي من صرفه في إرادته وشهواته ولم يؤد حق الله تعالى الواجب فيه.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ رضي الله عنهوَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} 1. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

‌خطبة عند دخول رمضان له أيضا

الحمد لله الذي خص بالفضل والتشريف بعض مخلوقاته، وأودع فيها من عجائب حكمه وبديع إتقانه، ما شهدت العقول السليمة بأنها

1 سورة إبراهيم آية: 6-7-8.

ص: 23

من أكبر آياته. خلق فقدر، ودبر فيسر. وربك أعلم حيث يجعل رسالاته، ويختص من شاء 1 بفضله وكراماته. أحمده حمد عبد يعلم أنه هو المحمود على جميع أقضيته وأحكامه وتدبيراته. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فيما يستحقه على العبد من طاعاته وعباداته.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أظهر الله به الإسلام بعد اندراس قواعده وأفول شموخه ونسيان آياته.

اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين له على دينه ومحبته وموالاته، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى حق تقاته. وسارعوا إلى مغفرته ومرضاته، قبل انصرام العمر وفوات أوقاته وساعاته. واعلموا أنه قد نزل بساحتكم شهر كريم، وموسم عظيم، خصه الله على سائر الشهور بالتشريف والتكريم، أنزل فيه القرآن العظيم، وفرض صيامه وجعله أحد أركان الإسلام التي لا يقوم بناؤه على غيرها ولا يستقيم. وسن قيامه نبيكم الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ففي الحديث:"من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه2") . وفيه أيضا: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه 3") . وفي الحديث: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما 4".

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ

1 هكذا في طبعة أم القرى ، وفي طبعة السلفية: بدون "من شاء".

2 صحيح البخاري (5:17) .

3 صحيح البخاري (5:155) .

4 صحيح البخاري (5:25) .

ص: 24