المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطبة له أيضا - الخطب المنبرية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

[محمد بن عبد الوهاب]

الفصل: ‌خطبة له أيضا

أعرض عما جاءت به الرسل وغلب عليه الشقاء والهوى؟ كيف وجدوا عقوبات الذنوب؟ وكيف كان الحال بمن بغى وطغى؟ بلغتهم دعوة الرسل فلم يجيبوا. ورفعت إليهم المواعظ فلم يلتفتوا ولم ينيبوا. فجاءهم أمر الله بغتة وأصيبوا. فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا؟ سل عنهم تلك القصور الدامرة، والقبور الدائرة، والعظام الناخرة. وكيف كان السؤال والجواب؟ وهل وجدوا لهم من دون الله ملجأ ووزرا؟ فاتقوا الله عباد الله واعملوا ليوم العرض والجزاء. ولا تكونوا ممن أعرض عن ذكر ربه ولم يرد إلا الحياة الدنيا. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} 1. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل، لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

‌خطبة له أيضا

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، فصل وبين وقرر صراطا مستقيما ومنهجا. ونصب ووضح من براهين معرفته

1 سورة لقمان آية: 33-34.

ص: 12

وتوحيده سلطانا مبينا وحججا. أحمده سبحانه حمد عبد جعل له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة ترفع الصادقين إلى منازل المقربين درجا. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي وضع الله برسالته عن المكلفين آصارا وأغلالا وحرجا. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه خير الأنام طريقة وأهداهم منهجا، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد، فيا أيها الناس، اتقوا الله حق تقواه، وسارعوا إلى مغفرته ورضاه. فقد خلقكم لأمر عظيم. وهيأكم لشأن جسيم. خلقكم لمعرفته وعبادته، وأمركم بتوحيده وطاعته. وجعل لكم ميعادا تجتمعون فيه للحكم فيكم، وفصل القضاء بينكم؛ فخاب وشقي عبد أخرجه الله من رحمته التي وسعت كل شيء وجنة عرضها السموات والأرض. وإنما يكون الأمان غدا لمن خاف واتقى، وباع قليلا بكثير، وفانيا بباق، وشقوة بسعادة.

عباد الله، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين تتقلبون، ويستخلفها بعدكم الباقون؟ ألا ترون أنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله؟ قد انقضى أجله وانقطع عمله، فتضعونه في بطن صدع من الأرض غير ممهد ولا موسد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وواجه الحساب. فاتقوا الله عباد الله، وبادروا بالتوبة قبل أن يغلق الباب، ويسبل الحجاب.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} 1. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني

1 سورة آل عمران آية: 185.

ص: 13