المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الذين هم بسنته مستمسكون، - الخطب المنبرية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

[محمد بن عبد الوهاب]

الفصل: عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الذين هم بسنته مستمسكون،

عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الذين هم بسنته مستمسكون، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد فيا أيها الناس، اتقوا الله حق تقاته، وتدبروا ما أنزل إليكم من حكمه وآياته، واعلموا أن الله لم يخلقكم عبثا، ولم يضرب عنكم صفحا؛ بل خلقكم لمعرفته وعبادته، وأمركم بتوحيده وطاعته، وأرسل رسله مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة؛ فقامت بذلك حجته على العباد، وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا، وظهرت أعلام الملة والدين. فتداركوا أعماركم قبل انخرام آجالها وحياتها، فقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون. ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 1. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

‌خطبة أيضا

الحمد لله المتوحد في الجلال بكمال الجمال تعظيما وتكبيرا، المتفرد بتصرف الأحوال على التفصيل والإجمال تقديرا وتدبيرا، المتعالي بعظمته

1 سورة البقرة آية: 21-22.

ص: 48

ومجده الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، أطلع شمس الرسالة في حنادس الظلم سراجا منيرا، ومن بها على أهل الأرض فيا لها من نعمة لا يستطيعون لها شكورا، فجر ينابيع الهداية في قلوب من سبقت لهم منه الحسنى تفجيرا.

أحمده حمد من يعلم أنه لم يزل ولا يزال بجميع المحامد جديرا، وأستعينه استعانة من لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأكبره تكبيرا. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله رحمة للعالمين، ومحجة للسالكين وحجة على العباد أجمعين، فأبى أكثر الناس إلا كفورا.

اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى. عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وأن تخلصوا له الأعمال، وتراقبوه في جميع الأحوال، وأن تتقربوا إليه من طاعته بما يرضيه، وتجتنبوا مساخطه ومناهيه. فقد صح عن نبيكم صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني 1") . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. وزنوها قبل أن توزنوا. وتأهبوا للعرض الأكبر على الله، يومئذ تعرضون لا تخفى على الله منكم خافية 2".

وقال الحسن رحمه الله: "إن أيسر الناس حسابا يوم القيامة الذين حاسبوا أنفسهم لله في هذه الدنيا، فوقفوا عند همومهم وأعمالهم، فإن كان الذي هموا به

1 سبق تخريجه ص 7.

2 في طبعة أم القرى بدون على الله.

ص: 49