المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلام الشيخ علي محفوظ الحنفي من كتابه الإبداع في مضار الابتداع حول الذكر الجماعي - الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع

[محمد بن عبد الرحمن الخميس]

الفصل: ‌كلام الشيخ علي محفوظ الحنفي من كتابه الإبداع في مضار الابتداع حول الذكر الجماعي

‌كلام الشيخ علي محفوظ الحنفي من كتابه الإبداع في مضار الابتداع حول الذكر الجماعي

كلام الشيخ علي محفوظ الحنفي من كتاب الإبداع في مضار الابتداع حول الذكر الجماعي

رفع الصوت بالذكر

قال الشيخ علي محفوظ: ومن البدع المكروهة رفع الصوت بالذكر في المسجد كما يقع من أرباب الطرق الذين ينصبون حلقات الذكر (المحرف) وكذا رفع الصوت بالقرآن فيه إذ المطلوب في القراءة والذكر السر لحديث (السر بالقرآن كالسر بالصدقة) رواه غير واحد، ولقوله تعالى:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} (1) أي اذكره سرا تذللا وخوفا منه تعالى، (و) فوق السر (دون الجهر) أي قصدا بينهما (بالغدو والآصال) أول النهار وآخره (ولا تكن من الغافلين) عن ذكر الله تعالى. وفسر الاعتداء في قوله تعالى:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (2) بالجهر بالدعاء. ومما جاء في الحض على ترك الجهر بالذكر والدعاء قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} (3) أي وإن تجهر بذكر الله من دعاء وغيره فاعلم أنه غني عن جهرك لأنه تعالى يعلم ما أسررته للغير وأخفى منه وهو ما لم تبح به لأحد. وقد صح عن ابن مسعود –رضي الله عنه أنه سمع قوما

1- سورة الأعراف، 205.

2-

سورة الأعراف، 55.

3 – سورة طه، 7

ص: 99

اجتمعوا في مسجد يهللون ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم جهرا فذهب إليهم وقال ما عهدنا ذلك على عهده صلى الله عليه وسلم وما أراكم إلا مبتدعين فما زال يذكر ذلك حتى أخرجهم من المسجد.

(ومن هذا) ظهر لك حال ما ابتدع الناس من قراءة العشر جهرا قبل الشروع في الصلاة خصوصا العصر، وكذلك الجهر بختم الصلاة المعروف فإن كل ذلك على هذه الكيفية المعروفة من البدع المكروهة – من حيث أنه جعل شعارا للصلاة جماعة في وقتها، ووضع الشعائر من اختصاصات الشارع وليس لغيره أن يحدث شيئا من الشعائر من عند نفسه وسيأتي هذا في بدع العبادات.

الجهر بالذكر: ومن البدع السيئة الجهر بالذكر أو بقراءة القرآن أو البردة أو دلائل الخيرات ونحو ذلك، وكل هذا مكروه للإجماع على أن السنة في تشييع الجنازة السكوت وجمع الفكر للتأمل في الموت وأحواله وعليها عمل السلف –رضوان الله عليهم- ولا يقال إنه بدعة مستحسنة لأن محل استحسان البدعة إذا لم تكن مصادرة لفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم فضلا عن كون الاستحسان لا يكون إلا من أهل الحل والعقد الذين لا يقدمون على ذلك إلا بعد إذن النبي – عليه الصلاة والسلام لهم صريحا كما نص عليه الإمام الشعراني وغيره من المحققين وأين هم؟

فالصواب عدم رفع الصوت بشيء وترك كل ما خالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم اتباعا لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح إذ الخير كله في اتباعه وكل الشر في الابتداع قال الله تعالى في كتابه العزيز: {قُلْ إِنْ

ص: 100

كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1) فقد جعل العلامة على محبة العبد لمولاه اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم. أخرج ابن أبي حاتم أن الحسن البصري –رضي الله عنه قال: كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقا من عمل فأنزل هذه الآية.

فمن ادعى محبة الله تعالى ولم يتبع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كذاب وكتاب الله تعالى يكذبه. وقال تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} (2) وسبيل المؤمنين هو الكتاب والسنة، وقال صلى الله عليه وسلم:"ليس منا من عمل بسنة غيرنا"(3) وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى يحب الصمت عند ثلاث: عند تلاوة القرآن، وعند الزحف، وعند الجنازة"(4) ، روه الطبراني في الكبير عن زيد بن أرقم –رضي الله عنه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن تتبع الجنازة بنياحة أو مجمرة أو راية (ولكراهة النبي صلى الله عليه وسلم لرفع الصوت مع الجنازة ولو بذكر وقراءة القرآن شنعت الصحابة –رضي الله عنهم على من رفع صوته بقوله استغفروا للميت حيث قالوا لا غفر الله لك، مع أنه لفظ قليل دال على طلب الدعاء من الحاضرين للميت المحتاج إليه. فما بالك باللغط الواقع الآن) .

وقال في المدخل ما ملخصه: العجب من أهل الميت يأتون بجماعة

1- سورة آل عمران 31

2-

سورة النساء، 115

3-

رواه البخاري [4911] .

4-

رواه البخاري [6351] .

ص: 101

يسمونهم بالفقراء يذكرون أمام الجنازة وهو من الحدث في الدين ومخالف لسنة سيد المرسلين وأصحابه والسلف الصالح يجب منعه على من له قدرة مع الزجر والأدب ويزيد بعضهم زعقات النساء من خلفهم وكشف الوجوه واللطم على الخدود وما أشبه ذلك، وكله ضد ما كانت عليه جنائز السلف لأن جنائزهم كانت على التزام الأدب والسكون والخشوع حتى أن صاحب المصيبة كان لا يعرف من بينهم لكثرة حزن الجميع وما أخذهم من القلق والانزعاج بسبب الفكر فيما هم إليه صائرون، وعليه قادمون. حتى لقد كان بعضهم يريد أن يلقى صاحبه لضرورات تقع له عنده فيلقاه في الجنازة فلا يزيد على السلام الشرعي شيئا كما قال الحسن البصري –رضي الله عنه:"ميت غد يشيع ميت اليوم" وانظر إلى قول ابن مسعود – رضي الله عنه لمن قال في الجنازة استغفروا لأخيكم يعني الميت فقال له لا غفر الله لك. فإذا كان هذا حالهم في تحفظهم من رفع الصوت بمثل هذا اللفظ. فما بالك بما يفعله غالب أهل هذا الزمان من رفع الأصوات بنحو ما تقدم اهـ.

وقال الإمام النووي –رحمه الله تعالى-: الصواب ما كان عليه السلف من السكوت في حال السير مع الجنازة فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غيرهما لأنه أسكن للخاطر وأجمع للفكر فيما يتعلق بالجنازة وهو مطلوب في هذا الحال، هذا هو الحق ولا تغتر بكثرة من يخالفه (فقد قال) الفضيل بن عياض –رضي الله عنه ألزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة

ص: 102

الهالكين. وقد روينا في سنن البيهقي ما يقتضي ما قلته (وأما) ما يفعله الجهلة من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضعه فحرام بإجماع العلماء، وقد أوضحت قبحه وغلظ تحريمه وفسق من تمكن من إنكاره فلم ينكره في كتاب آداب القراءة انتهى ونحوه لشيخ الإسلام في الروض.

وقال الرملي في شرح المنهاج: ويكره ارتفاع الأصوات في سير الجنازة لما رواه البيهقي أن الصحابة –رضي الله عنهم – كرهوا رفع الصوت عند الجنائز والقتال والذكر، وكره جماعة قول المنادي مع الجنازة استغفروا الله له فقد سمع ابن عمر رجلا يقول ذلك فقال لا غفر الله لك، والصواب كما في المجموع ما كان عليه السلف من السكوت في حال السير فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غيرهما بل يشتغل بالتفكير في الموت وما بعده وفناء الدنيا وأن هذا آخرها وما يفعله جهلة القراء من القراءة بالتمطييط وإخراج الكلام عن موضعه فحرام يجب إنكاره انتهى ومثل هذا للعلامة ابن حجر في شرح المنهاج.

قال في الفتاوى الهندية ما ملخصه: وعلى متبعي الجنازة الصمت ويكره لهم تحريما رفع الصوت بالذكر وقراءة القرآن فإن أراد أن يذكر الله يذكره في نفسه انتهى ومثله في سائر كتب السادة الحنفية.

وقال في دليل الطالب وشرحه للسادة الحنبلية: ويكره رفع الصوت والصيحة معها وعند رفعها يعني الجنازة ولو بالذكر والقرآن ويسن لمتبعها أن يكون متخشعا متفكرا في مآله ومتعظا بالموت وبما يصير

ص: 103

إليه الميت وقول القائل مع الجنازة استغفروا الله ونحوه بدعة عند الإمام أحمد وكرهه وحرمه أبو حفص (ويحرم) ويكره أن يتبعها مع منكر وهو عاجز عن إزالته.

وجملة القول أن السنة في اتباع الجنائز الصمت والتفكر والاعتبار وبهذا كان عمل الصحابة فمن بعدهم، وأن ابتاعهم سنة، ومخالفتهم بدعة، وقد قال الإمام مالك –رضي الله عنه:" لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها".

الذكر المحرف: ومن بدعهم المحرمة أنهم خرجوا عن الذكر الشرعي إلى ذكر محرف يخالف الكتاب والسنة والإجماع على ما سيأتي بيانه، ويقولون وجدنا أشياخنا هكذا يذكرون بحضرة العلماء وهم ساكتون – فإن الذكر الذي لا يوافق قوله تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (1) وقوله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (2) وقوله صلى الله عليه وسلم: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله"(3) وغير ذلك من الآيات والأحاديث الصحيحة حرام بإجماع الأمة ومرود على فاعله (كيف لا) وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أصحاب البدع كلاب النار"(4) وعن عائشة –رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"(5) متفق عليه وفي رواية لمسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"(6) وهؤلاء قد أحدثوا في الدين ما ليس منه وتعبدوا بما لم يرد عن

1- سورة محمد 19

2-

سورة آل عمران 2.

3-

سبق تخريجه

4-

ضعفه الألباني في الضعيفة رقم 2792.

5-

سبق تخريجه.

6-

سبق تخريجه.

ص: 104

النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا عن صالح المؤمنين – ولا ريب أن تحريف أسماء الله تعالى من أقبح البدع المحرمة إذ فيه إخراجها عن حقيقتها الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من الإلحاد المحرم بالإجماع. فقد قال الفخر الرازي وغيره من أكابر المفسرين عند قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) إن من جملة الإلحاد أن تسميه تعالى بما لم يسم به نفسه كالسخي وأبي المكارم لعدم وروده وإن دل على كمال فما بالك بالألفاظ التي شاع سماعها من غالب أرباب الطرق اليوم المشتملة على الفظاظة والكيفيات المنكرة فهم يتقربون إلى الله تعالى بالسيئات فهي أحرى باسم الإلحاد والضلال. وقال العارف الصاوي في حاشيته على الجلالين: "ويطلق الإلحاد على التسمية بما لم يرد وهو بهذا المعنى حرام لأن أسماءه توقيفية فيجوز أن يقال يا جواد لا أن يقال يا سخي. ويقال يا عالم دون عاقل. وحكيم دون طبيب وهكذا. فمن خرج في ذكره عن الكتاب والسنة فقد أهلك نفسه ومن تبعه اهـ".

وأما قولهم وجدنا أشياخنا هكذا يذكرون بحضرة العلماء فهو لا يصدر إلا من جاهل لجواز أن هؤلاء الأشياخ جاهلون بأمر دينهم - أو أكابر استغرقوا في حب خالقهم حتى خرجوا بذلك عن حد التكليف – وعلى كلا الاحتمالين لا يصح الاقتداء بهم لأنه حينئذ لا يصلحون

1- سورة الأعراف، 180

ص: 105

للوراثة ولا يورث عن الأشياخ إلا ما يكون منهم حالة الصحو موافقا للشريعة والعارفون منهم لا يخرجون في أحوالهم عنها قيد شعرة ما داموا في صحوهم وقد تبرأوا ممن يخرج في حركاته وسكناته عن الكتاب والسنة.

كيف لا يتبرأون وقد تبرأ من ذلك الأئمة المجتهدون الذين وقفوا على حقيقة الأمور فعن أبي حنيفة – رحمه الله تعالى- أنه كان يقول: "إياكم والقول في دين الله تعالى بالرأي وعليكم بالسنة فمن خرج عنها ضل – وكان يقول لا ينبغي لأحد أن يقول حتى يعلم أن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقبله وقد تبرأ ممن يخرج عن الكتاب والسنة". (وعن) الإمام الشافعي –رحمه الله تعالى- أنه كان يقول: "إذا رأيتم كلامي يخالف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعملوا بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم واضربوا بكلامي الحائط، وكان يقول كل شيء خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط ولا يقوم معه رأي ولا قياس، فإن الله تعالى قطع العذر بقوله صلى الله عليه وسلم فليس لأحد معه أمر ولا نهي (وروي) عن الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله أنه كان إذا سئل عن مسألة يقول أو لأحدكم كلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما صح عن الثلاثة صح عن الإمام مالك –رحمه الله، روى ابن عبد البر أن ابن عيسى قال سمعت مالكا ابن أنس يقول: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه.

وقال أبو يزيد البسطامي –رحمه الله لو نظرتم إلى رجل أعطى من

ص: 106

الكرامات حتى يرتقي في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة –وقال سيد الطائفة الجنيد علمنا هذا (يعني التصوف) مقيد بالكتاب والسنة- وقال الإمام الكبير أبو الحسن النوري قرين الجنيد من رأيته يدعي مع الله تعالى حالة تخرجه عن حد العلم الشرعي فلا تقربن منه فإنه مبتدع لأن من لم تشهد الشريعة لأفعاله وأقواله فهو مبتدع وإن جرت عليه أحوال خارقة العادة لأن ذلك من جملة المكر به. وقال أبو القاسم النصر أباذي الصوفي الكبير: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة وترك الأهواء والبدع. وسئل أبو علي الحسن بن علي الجوزجاني كيف الطريق إلى الله فقال الطرق إلى الله كثيرة وأوضح الطرق وأبعدها عن الشبه اتباع السنة قولا وفعلا وعزما وعقدا ونية لأن الله يقول: {وَإِنْ تُطِيعُوه تَهْتَدُوا} (1) فقيل له كيف الطريق إلى السنة فقال مجانبة البدع وابتاع ما أجمع عليه الصدر الأول من علماء الإسلام والتباعد عن مجالس الكلام وأهله ولزوم طريقة الاقتداء، وبذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} (2) إلى غير ذلك مما هو مأثور عند أكابر الصوفية مما يدل على أنهم بنوا طريقهم على أصوات ثلاث – الاقتداء بالنبي – صلوات الله وسلامه عليه- في أخلاقه وأفعاله، وأكل الحلال، وإخلاص النية في جميع الأعمال، وأنهم مجمعون على

1- سورة النور، 54

2-

سورة النحل 123

ص: 107

تعظيم الشريعة مقيمون على متابعة السنة غير مخلين بشيء من آداب الدين، متفقون على أن من خالف الكتاب والسنة وبنى أمره على غيرهما مفتر كذاب هلك في نفسه وأهلك من اغتر به ممن ركن إلى أباطيله.

فتبين بهذا أن قول المحرفين للذكر هكذا وجدنا أشياخنا يذكرون لا يصح أن يكون دليلا على الشريعة بل ينادى عليهم بالسفه وعدم الروية {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} (1) وأما قولهم بحضرة العلماء وهم ساكتون فهو باطل أيضا لجواز أن يكون سكوت العلماء عن هؤلاء الجهلة لظنهم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يفيد عندهم بل ذلك هو الظن في هداة الأمة الذين هم ورثة الأنبياء، ويجوز أن من حضرهم كان ممن تسموا باسم العلماء وليسو منهم - وجملة القول حجتهم داحضة. وكما يحرم الذكر بما لم يوافق الكتاب والسنة أو الإجماع يحرم سماعه لأن للسامع حكم المسموع كما أن للناظر حكم المنظور – والساكت على الجريمة شريك الجاني ولذا كان السامع للغيبة في الإثم كالناطق بها نسأله تعالى السلامة.

1- سورة البقرة، 170

ص: 108