المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: تعريف الذكر الجماعي - الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع

[محمد بن عبد الرحمن الخميس]

الفصل: ‌المبحث الأول: تعريف الذكر الجماعي

مجال فيها للاجتهاد، بل لا بد من لزوم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وشريعته فيها، لأنها شرع من عند الله تعالى، فلا يجوز التقرب إلى الله بتشريع شيء لم يشرعه الله تعالى، وإلا كان هذا اعتداء على حق الله تعالى في التشريع، ومنازعة لله تعالى في حكمه، وقد قال تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21] .

قال السعدي في تفسير هذه الآية: "

{شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} من الشرك والبدع وتحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله ونحو ذلك، مما اقتضته أهواؤهم، من أن الدين لا يكون إلا ما شرعه الله تعالى، ليدين به العباد، ويتقربوا به إليه. فالأصل: الحجر على كل أحد أن يشرع شيئا ما جاء عن الله تعالى ولا عن رسوله

" اهـ. (1)

فلا ينبغي، بل ولا يجوز التقرب إلى الله تعالى إلا بما شرع، وبما بين على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن هنا كان لزاما على المسلم أن يلزم السنة في كل عباداته، وألاّ يحيد عنها قيد أنملة، وإلا أحبط عمله وأبطله إذا كان مخالفا هدي رسول الله صلى الله وسلم في العمل.

ولهذا فإن المسلم ينبغي له ألا يحدث في ذكره لله شيئا مخالفا لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، وإلا كان مبتدعا في الدين،

1- انظر: تفسير السعدي المسمى (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)(6/ 609) ، ط مؤسسة السعيدية بالرياض.

ص: 11

‌المبحث الأول: تعريف الذكر الجماعي

الذكر الجماعي يتركب من كلمتين، وإليك بيان معنى كل منهما:

أولا: (الذّكر) : بالكسر: الشيء الذي يجري على اللسان (1) ، وتارة يقصد به الحفظ للشيء.

قال الراغب في المفردات: "الذكر: تارة يقال ويراد به: هيئة للنفس بها يمكن للإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة، وهو كالحفظ إلا أن الحفظ يقال اعتبارا باحترازه، والذكر يقال اعتبارا باستحضاره. وتارة يقال لحضور الشيء القلب أو القول. ولذلك قيل منهما ضربان: ذكر عن نسيان. وذكر لا عن نسيان، بل عن إدامة الحفظ"(2) .

وأما معنى الذكر في الشرع فهو كل قول سيق للثناء والدعاء. أي ما تعبّدنا الشارع بلفظ منّا يتعلق بتعظيم الله، والثناء عليه، بأسمائه وصفاته، وتمجيده وتوحيده، وشكره وتعظيمه، أو بتلاوة كتابه، أو بمسألته ودعائه. (3)

ثانيا: معنى (الجماعي) : هو ما ينطق به المجتمعون للذكر بصوت

1- القاموس المحيط (507) ، لسان العرب لابن منظور (5/ 48) .

2-

مفردات الراغب (328) .

3-

انظر: الموسوعة الفقهية (21/ 220) ، والفتوحات الربانية (1/ 18) .

ص: 10

واحد، يوافق فيه بعضهم بعضًا (1) .

والمقصود بكلامنا وقولنا: الذكر الجماعي هو ما يفعله بعض الناس من الاجتماع أدبار الصلوات المكتوبة، أو في غيرها من الأوقات والأحوال ليرددوا بصوت جماعي أذكارًا وأدعية وأورادا وراء شخص معين، أو دون قائد، لكنهم يأتون بهذه الأذكار في صيغة جماعية ومن صوت واحد، فهذا هو المقصود من وراء هذا البحث.

1- الموسوعة الفقهية (21/ 252) .

ص: 11