المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: في ذكر اسمه - الرياض النضرة في مناقب العشرة - جـ ١

[الطبري، محب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌القسم الأول: في مناقب الاعداد

- ‌الباب الأول: فيما جاء متضنًا ذكر العشرة وغيرهم

- ‌مدخل

- ‌ذكر ما جاء في فضل أهل بدر والحديبية:

- ‌ذكر ما جاء في التحزير من الخوض فيما شجر بينهم والنهي عن سبهم

- ‌الباب الثاني: ذكر العشرة وذكر الشجرة

- ‌الباب الثالث: في ذكر ما دون العشرة من العشرة

- ‌الباب الرابع: فيما جاء مختصًّا بالأربعة الخلفاء

- ‌الباب الخامس: فيما اء مختصًا بأبي بكر وعمر وعثمان

- ‌القسم الثاني: في مناقب الأفراد

- ‌الباب الأول: في مناقب خليفة رسول الله أبي بكر الصديق

- ‌الفصل الأول: في ذكر نسبه وإسلام أبويه

- ‌الفصل الثاني: في ذكر اسمه

- ‌الفصل الثالث: في ذكر صفته، رضي الله عنه

- ‌الفصل الرابع: في إسلامه، ذكر بدء إسلامه

- ‌الفصل الخامس: في ذكر من أسلم على يديه

- ‌الفصل السادس: فيماكان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم من الود والخلة في الاهلية

- ‌الفصل السابع: فيما لقي من أذى المشركين بسب دعائه إلى الله تعالى ودفعه المشركين عن النبي وتوبيخه لهم

- ‌الفصل الثامن: في هجرته مع النبي صلى الله عليه وسلم وخدمته له فيها

- ‌الفصل التاسع: في خصائصه

- ‌الفصل العاشر: فيما جاء متضمنًا أفضليته

- ‌الفصل الحادي عشر: فيما جاء متضمنًا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة

- ‌الفصل الثاني عشر: في ذكر نبذ من فضائله

- ‌الفصل الثالث عشر: في ذكر خلافته، وما يتعلق بها

- ‌الفصل الرابع عشر: في ذكر وفاته وما يتعلق بها

- ‌الفصل الخامس عشر: في ذكر ولده

الفصل: ‌الفصل الثاني: في ذكر اسمه

‌الفصل الثاني: في ذكر اسمه

وكان اسمه رضي الله عنه عبد الله وقيل: عبد الكعبة، فلما أسلم سماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله قاله جمهور أهل النسب، وأكثر المحدثين ذكر اسمه عتيقًا، واختلفوا في ذلك فقيل: إنه لقب به في الإسلام وهو أول لقب لقب به في الإسلام، قاله محمد بن حمدويه النيسابوري، وقال ابن إسحاق في جماعة: بل هو اسم سماه به أبوه ويروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها.

وروي عن موسى بن طلحة أنه سمته به أمه واختلفوا لم سمي عتيقًا؟ فقال الليث بن سعد في جماعة: سمي بذلك لعتاقة وجهه وجماله والعتق الجمال وقيل: إن الذي لقبه به لجمال وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكره ابن قتيبة في المعارف. وعن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال: كانت أمه لا يعيش لها ولد فلما ولدته استقبلت به البيت ثم قالت: اللهم إن هذا عتيقك من الموت، فهبه لي، فعاش فسمته عتيقًا وكان يعرف به. رواه الخجندي في الأربعين وغيره وقيل: كان له أخوان: عتق وعتيق فسمي باسم أحدهما، ذكره البغوي في معجمه وقال مصعب وطائفة من أهل النسب: إنما سمي عتيقًا؛ لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به.

وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: سمي بذلك؛ لأنه قديم في الخير والعتيق: القديم تقول منه: عتق بضم التاء عتقًا وعتاقة وقال آخرون: سمي بذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى هذا" فسمي عتيقًا لذلك، روته عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: وإن اسمه الذي سماه به أهله لعبد الله، ذكره أبو عمر وغيره وعليه أكثر المحدثين.

وعن عبد الله بن الزبير قال: كان اسم أبي بكر عبد الله بن عثمان فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت عتيق الله من النار" فسمي عتيقًا لذلك. خرجه الترمذي وأبو حاتم ولا تضاد بين هذه الأقوال كلها؛ إذ يجوز أن يكون أحد الأبوين لقبه بذلك لمعنى ثم تابعه الآخر عليه له أو لمعنى آخر، ثم استعملته قريش وأقرته عليه، ثم أقر عليه بعد الإسلام.

وما يروى عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا بكر، أنت عتيق الله من النار" فمن يومئذ سمي عتيقًا فمعناه والله أعلم، فمن ذلك اليوم اشتهر به حتى لا يعرف له اسم سواه.

ص: 78

"ذكر اسمه الصديق":

واختلف في ذلك لأي معنى فقيل: كان هذا اللقب قد غلب عليه في الجاهلية؛ لأنه كان في الجاهلية وجيهًا رئيسًا من رؤساء قريش، وكانت إليه الأشناق وهي الديات كان إذا تحمل شنقًا قالت قريش: صدقوه، وأمضوا حمالته وحملها من قام معه، وإذا تحملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.

قال الجوهري: الشنق ما دون الدية، وقيل: سمي صديقًا؛ لتصديقه النبي صلى الله عليه وسلم في خبر الإسراء. عن عائشة قالت: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يحدث الناس بذلك، فارتد ناس كانوا آمنوا به، وسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن قال ذلك لقد صدق قالوا: تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ فقال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك في خبر السماء في غدوة وروحة؛ فلذلك سمي الصديق. خرجه الحاكم في المستدرك وابن إسحاق وقال مكان غدوة وروحة: في ساعة من ليل أو نهار، وزاد: فهذا أبعد مما تعجبون منه.

ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا نبي الله، حدث هؤلاء أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة؟ قال:"نعم" قال: يا نبي الله فصفه لي فإني قد جئته، قال الحسن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رفع لي حتى نظرت إليه" فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر فيقول أبو بكر: صدقت أشهد أنك رسول الله، كلما وصف له منه شيئًا قال: صدقت أشهد أنك رسول الله قال حتى إذا انتهى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "وكنت يا أبا بكر الصديق" فسماه يومئذ الصديق.

قال الحسن: وإن الله عز وجل أنزل فيمن ارتد عن إسلامه لذلك: {وَمَا

ص: 79

جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} 1 وقول أبي بكر: صفه لي يحتمل معنيين:

أحدهما: إظهار صدق النبي صلى الله عليه وسلم لقومه، فإنهم كانوا يثقون بقول أبي بكر فإذا طابق خبره صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم أبو بكر وصدقه به كان حجة عليهم ظاهرة.

الثاني: طمأنينة قلبه كقول2 إبراهيم عليه السلام: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} 3 لا أن أبا بكر كان عنده شك، كلا بدليل تصديقه أول وهلة والله أعلم.

وعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله تعالى رفع لي بيت المقدس وأنا عند الكعبة، فجعلت أنظر إليه وإلى ما فيه، ولقد رأيت جهنم وأهلها فيها وأهل الجنة في الجنة قبل أن يدخلوها كما أنظر إليك، فخبرت بذلك قومي فكذبوني غير أبي بكر الصديق".

وعن مولى أبي هريرة قال أبو بكر بن أبي قحافة: أراه قال عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليلة أسري به: "قلت لجبريل عليه السلام: إن قومي لا يصدقونني، قال لي جبريل: يصدقك أبو بكر وهو الصديق". خرجهما في فضائل أبي بكر وخرج الباقي الملا في سيرته وقيل: سمي صديقًا لبداره إلى تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به عمومًا، ويشهد لراجحية هذا القول أن الصديق في اللغة -فعيل- معناها المبالغة في التصديق أي: يصدق بكل شيء أول وهلة.

ويؤيده حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل أنتم

1 سورة الإسراء الآية: 60.

2 أي: الذي حكاه عنه الله تعالى بقوله: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} .

3 سورة البقرة الآية: 26.

ص: 80

تاركون لي صاحبي؟ قلت: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت" وسيأتي الحديث مستوعبًا إن شاء الله تعالى.

وعن النزال بن سبرة قال: وافقت من علي ذات يوم طيب نفس ومزاحًا فقلنا: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن أصحابك قال: كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابي فقلنا: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن أصحابك خاصة قال: لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب إلا وهو لي صاحب، قلنا: فأخبرنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سلوني قالوا: أخبرنا عن أبي بكر بن أبي قحافة قال: ذاك امرؤ سماه الله الصديق على لسان جبريل عليه السلام وعلى لسان محمد صلى الله عليه وسلم كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضيه لديننا فرضيناه لدنيانا، خرجه الخلعي وابن السمان في الموافقة.

وعن أبي إسحاق السبيعي عن أبي يحيي قال: لا أحصي كم سمعت عليا على المنبر يقول: إن الله عز وجل سمى أبا بكر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم صديقًا، خرجه في فضائله.

وعن علي بن أبي طالب أنه كان يحلف بالله العظيم أن الله عز وجل أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق، خرجه السمرقندي وصاحب الصفوة.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عرج بي إلى السماء فما رأيت شيئًا إلا وجدت اسمي فيه مكتوبًا: محمد رسول الله، وأبو بكر الصديق خليفتي" خرجه ابن عرفة العبدي والثقفي الأصبهاني.

وعن الزهري يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يكون خلفي اثنا عشر خليفة، أبو بكر الصديق لا يلبث إلا قليلًا" خرجه صاحب الصفوة وقد سبق هذا الحديث في مناقب الثلاثة من رواية عمر، وفيه ذكر الثلاثة: أبي بكر وعمر وعثمان، خرجه ابن الضحاك والصوفي عن يحيى بن معين. ولا حجة في هذه الأحاديث لأحد المعنيين بعينه، بل يجوز أن يكون سماه

ص: 81