الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ
632 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «هَلْ تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟» قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «فَهَلْ تَرَوْنَ الشَّمْسَ فِي يَوْمٍ مُصْحِيَةً؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: " فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَهُمَا، لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ. يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: أَيْ فُلَانُ، لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَلَمْ أُكْرِمْكَ، أَلَمْ أُرَيِّسْكَ، أَلَمْ أُسَخِّرُ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ، أَلَمْ أَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ؟ فَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ ". قَالَ: " فَيَقُولُ: فَهَلْ ظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ " قَالَ: " فَيَقُولُ: لَا، وَاللَّهِ يَا رَبِّ ". قَالَ: " فَيَقُولُ: إِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي ". قَالَ: «ثُمَّ يُؤْتَى بِرَجُلٍ فَيَقُولُ اللَّهُ كَمَا قَالَ لِلْأَوَّلِ، وَيَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُ» . قَالَ: " فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي ". قَالَ: " ثُمَّ يُؤْتَى بِالثَّالِثِ فَيَقُولُ كَمَا قَالَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ، وَتَصَدَّقْتُ وَصَلَّيْتُ، فَلَا يَدَعُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا اسْتَطَاعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: فَهَا هُنَا إِذًا. فَيَقُولُ اللَّهُ: أَفَلَا نَبْعَثُ شَاهِدًا عَلَيْكَ. فَيَتَفَكَّرُ فِي نَفْسِهِ: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ؟ فَيَخْتِمُ اللَّهُ عَلَى فِيهِ، وَيَنْطِقُ فَخِذُهُ، وَيَشْهَدُ عَلَيْهِ عِظَامُهُ وَلَحْمُهُ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ، وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ، قَالَ: وَ {تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور: 24] ". قَالَ: " فَيَقُومُ مُنَادٍ فَيُنَادِي: أَلَا يَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَيَتْبَعُ أَصْحَابُ الشَّيَاطِينِ الشَّيَاطِينَ، وَأَصْحَابُ الْأَصْنَامِ الْأَصْنَامَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا اتَّبَعَهُ، حَتَّى يُورِدُوهُمْ جَهَنَّمَ " قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 283⦘
: «وَنَبْقَى أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ» ، فَيَقُولُهَا ثَلَاثًا، " فَنُقَامُ عَلَى مَقَامِ هَؤُلَاءِ فَنَقُولُ: نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ، فَيَقُولُونَ: آمَنَّا بِاللَّهِ لَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَهَذَا مُقَامُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، وَهُوَ يَأْتِينَا. ثُمَّ يَنْطَلِقُونَ حَتَّى يَأْتُوا الصِّرَاطَ أَوِ الْجَسْرَ، وَعَلَيْهِ كَلَالِيبُ مِنْ نَارٍ يَخْطَفُ النَّاسَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَلَّتِ الشَّفَاعَةُ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، فَإِذَا جَاوَزَ الْجَسْرَ، فَمَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فَكُلُّ خَزَنَةِ الْجَنَّةِ تُنَادِيهِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا مُسْلِمُ هَذَا خَيْرٌ فَتَعَالَ " قَالَ: فَقَالُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ الْعَبْدَ لَا ثَوَاءَ عَلَيْهِ. قَالَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» .
633 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ، نَحْوَهُ.
634 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا رِبْعِيُّ بْنُ عُلَيَّةَ، أَخُو إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟» قَالَ: قُلْنَا: لَا. قَالَ: «فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالَ: قُلْنَا: لَا. قَالَ: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قَالَ: " فَيُقَالُ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَتَبِعَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، وَيَتْبَعُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْقَمَرَ الْقَمَرَ، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، وَيَتْبَعُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ الْأَصْنَامَ، وَكُلُّ مَنْ يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ شَيْئًا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ مُنَافِقُوهُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، وَيَبْقَى أَهْلُ الْكِتَابِ " قَالَ: وَقَلَّلَهُمْ بِيَدِهِ، قَالَ: " فَيُقَالُ لَهُمْ: أَلَا تَتَّبِعُونَ مَا كُنْتُمْ
⦗ص: 284⦘
تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَعْبُدُ اللَّهَ، وَلَمْ نَرَ اللَّهَ تَعَالَى. قَالَ: فَكَيْفَ؟ " قَالَ: «فَيَكْشِفُ اللَّهُ عَنْ سَاقٍ» . قَالَ: «فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ رِيَاءً وَسُمْعَةً إِلَّا وَقَعَ عَلَى قَفَاهُ» . قَالَ: «ثُمَّ يُوضَعُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ» . قَالَ: «وَإِنَّهُ لَدَحْضٌ مَزِلَّةٌ، وَإِنَّ لَهُ كَلَالِيبَ وَخَطَاطِيفَ» . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَا أَدْرِي فَلَعَلَّهُ قَالَ: حَشِيشَةٌ يَنْبُتُ بِنَجْدٍ، يُقَالُ لَهُ: السَّعْدَانُ. قَالَ: وَنَعَتَهَا. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: " وَالْأَنْبِيَاءُ بِجَنْبَتَيِ الصِّرَاطِ وَأَكْثَرُ قَوْلِهِمْ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يَمُرُّ ". - أَوْ قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ يُجِيزُ» - قَالَ: «فَيَمُرُّونَ عَلَيْهِ مِثْلَ الْبَرْقِ، وَمِثْلَ الرِّيحِ، وَمِثْلَ أَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسْلَمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُكَلِّمٌ، وَمُكَرْدَسٌ فِي النَّارِ، فَإِذَا جَاوَزُوا» - أَوْ قَالَ: «فَإِذَا قَطَعُوا» - قَالَ: " فَمَا أَحَدُكُمْ فِي حَقٍّ لَهُ فِيهِ أَشَدَّ مُنَاشَدَةً مِنْهُمْ فِي إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي النَّارِ، فَيَقُولُونَ: أَيْ رَبِّ كُنَّا نَغْزُو جَمِيعًا، وَنَحُجُّ جَمِيعًا، وَنَعْقِدُ جَمِيعًا، فَبِمَ نَجَوْنَا الْيَوْمَ وَهَلَكُوا؟ " قَالَ:" فَيَقُولُ اللَّهُ: انْظُرُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ زِنَةُ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ ". قَالَ: " فَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَقُولُ: انْظُرُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ ". قَالَ: «فَيَخْرُجُونَ» . قَالَ: وَيَقُولُ أَبُو سَعِيدٍ: بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَأَظُنُّهُ يُرِيدُ {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا، وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47] قَالَ: " فَيُقْذَفُونَ فِي نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ ". قَالَ: «فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ. أَمَا تَرَوْنَ مَا يَكُونُ مِنَ النَّبْتِ إِلَى الشَّمْسِ يَكُونُ أَصْفَرَ، وَمَا يَكُونُ فِي الظِّلِّ يَكُونُ أَخْضَرَ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ قَدْ رَعَيْتَ الْغَنَمَ. قَالَ: «قَدْ رَعَيْتُ الْغَنَمَ»
635 -
ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ، صَحْوًا لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟» قَالَ: قُلْنَا: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:«هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، صَحْوًا لَيْسَ فِيهِ سَحَابٌ؟» قَالَ: قُلْنَا: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:" مَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ إِلَّا كَمَا لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ قَالَ: أَلَا لِيَلْحَقْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ صَنَمًا وَلَا وَثَنًا وَلَا صُورَةً إِلَّا ذَهَبُوا، حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي النَّارِ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ وَغُبَّرَاتُ أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ تَعْرِضُ جَهَنَّمَ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا. ثُمَّ تُدْعَى الْيَهُودُ فَيَقُولُ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ. فَيَقُولُ: كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ، فَمَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف: 23] فَيَقُولُ: أَفَلَا تَرِدُونَ؟، فَيَذْهَبُونَ حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي النَّارِ ". قَالَ: " ثُمَّ تُدْعَى النَّصَارَى فَيَقُولُ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ. فَيَقُولُ: كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلَا وَلَدٍ، فَيَقُولُ: مَاذَا تُرِيدُونَ؟ فَيَقُولُونَ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف: 23] فَيَقُولُ: أَفَلَا تَرِدُونَ؟ فَيَذْهَبُونَ فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ. فَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، ثُمَّ يَتَبَدَّى اللَّهُ لَنَا فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَيَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ لَحِقَتْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ وَبَقِيتُمْ، فَلَا يُكَلِّمُهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ: فَارَقَنَا النَّاسُ، وَنَحْنُ كُنَّا إِلَى صُحْبَتِهِمْ أَحْوَجَ، لَحِقَتْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِي كُنَّا نَعْبُدُ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ آيَةٌ تَعْرِفُونَهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقٍ، فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا أَجْمَعِينَ، وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَسْجُدُ فِي
⦗ص: 286⦘
الدُّنْيَا سُمْعَةً وَلَا رِيَاءً وَلَا نِفَاقًا، إِلَّا عَلَى ظَهْرِهِ طَبَقَ، وَأَخَذَ كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ بَرَّنَا وَمُسِيئَنَا، وَقَدْ عَادَ لَنَا فِي صُورَتِهِ الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَنَقُولُ: نَعَمْ ". ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
636 -
ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْحِزَامِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ دَلْهَمِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاجِبِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ لَقِيطِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ، قَالَ دَلْهَمٌ: وَحَدَّثَنِي أَيْضًا أَبِي الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ لَقِيطَ بْنَ عَامِرٍ خَرَجَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: نَهِيكُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ، قَالَ لَقِيطٌ: فَخَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبِي حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لِانْسِلَاخِ رَجَبٍ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَقَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكُمْ صَوْتِي مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِأَسْمَعَكُمُ الْيَوْمَ، أَلَا هَلْ مِنِ امْرِئٍ بَعَثَهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا: اعْلَمْ لَنَا مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَعَلَّهُ أَنْ يُلْهِيَهُ حَدِيثُ نَفْسِهِ، أَوْ حَدِيثُ صَاحِبِهِ، أَوْ يُلْهِيَهُ الضُّلَّالُ، أَلَا وَإِنِّي مَسْؤُولٌ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ أَلَا اسْمَعُوا تَعِيشُوا، أَلَا اجْلِسُوا اجْلِسُوا ". فَجَلَسَ النَّاسُ وَقُمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي حَتَّى إِذَا فَرَغَ لَنَا فُؤَادُهُ وَبَصَرُهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَكَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ؟ قَالَ: فَضَحِكَ، لَعَمْرُ اللَّهِ، وَهَزَّ رَأْسَهُ وَعَلِمَ أَنِّي أَبْتَغِي سَقَطَهُ وَقَالَ:«ضَنَّ رَبُّكَ بِمَفَاتِيحِ خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ» وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقُلْتُ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «قَدْ عَلِمَ مَتَى مَنِيَّةُ أَحَدِكُمْ وَلَا تَعْلَمُونَ، وَعَلِمَ الْمَنِيَّ حِينَ يَكُونُ فِي الرَّحِمِ وَلَا تَعْلَمُونَهُ، وَعَلِمَ مَا فِي غَدٍ، قَدْ عَلِمَ مَا أَنْتَ طَاعِمٌ غَدًا وَلَا تَعْلَمُ، وَيَعْلَمُ يَوْمَ الْغَيْثِ لَيُشْرِفَ عَلَيْكُمْ آزِلِينَ مُشْفِقِينَ فَيَظَلُّ يَضْحَكُ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ غَوْثَكُمْ قَرِيبٌ» . قَالَ لَقِيطٌ: فَقُلْتُ: لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا. «وَعَلِمَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ» . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَائِلُكَ
⦗ص: 287⦘
عَنْ حَاجَتِي فَلَا تَعْجَلْنِي. قَالَ: «سَلْ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنَا مِمَّا تَعْلَمُ وَلَا نَعْلَمُ، فَإِنَّا مِنْ قَبِيلٍ لَا يُصَدِّقُونَ تَصْدِيقَنَا أَحَدٌ مِنْ مَذْحِجٍ الَّتِي تَرْبُو عَلَيْنَا، وَخَثْعَمٍ الَّتِي تُوَالِينَا، وَعَشِيرَتِنَا الَّتِي نَحْنُ مِنْهَا. قَالَ:" تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ، ثُمَّ يُتَوَفَّى نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ، ثُمَّ تُبْعَثُ الصَّيْحَةُ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا يَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا مَاتَ، وَالْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ مَعَ رَبِّكَ، فَأَصْبَحَ رَبُّكَ يَطُوفُ فِي الْأَرْضِ، وَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبِلَادُ، فَأَرْسَلَ رَبُّكَ السَّمَاءَ تَهْضِبُ مِنْ عِنْدِ الْعَرْشِ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا يَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ مَصْرَعِ قَتِيلٍ وَلَا مَدْفِنِ مَيِّتٍ إِلَّا شَقَّ الْغَيْثُ عَنْهُ، حَتَّى يَخْلُقَهُ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ فَيَسْتَوِيَ جَالِسًا، فَيَقُولُ رَبُّكَ: مَهْيَمْ؟ فَيَقُولُ: أَمْسِ الْيَوْمَ يَا رَبِّ، لِعَهْدِهِ بِالْحَيَاةِ يَحْسَبُهُ قَرِيبًا لِعَهْدِهِ بِأَهْلِهِ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَجْمَعُنَا بَعْدَمَا تُمَزِّقُنَا الرِّيَاحُ وَالْبَلَاءُ وَالسِّبَاعُ؟ قَالَ: " أُنَبِّئُكَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فِي آلَاءِ اللَّهِ: فِي الْأَرْضِ أَشْرَفْتَ عَلَيْهَا مَرَّةً بَالِيَةً، فَقُلْتَ: أَنَّى تَحْيَا أَبَدًا، ثُمَّ أَرْسَلَ رَبُّكَ عَلَيْهِ السَّمَاءَ، فَلَمْ يَلْبَثْ عَلَيْهَا إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى أَشْرَفْتَ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ شَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَعَمْرُ إِلَهِكَ لَهَذَا أَقْدَرُ عَلَى أَنْ يَجْمَعَكُمْ مِنَ الْمَاءِ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ نَبَاتَ الْأَرْضِ، فَتَخْرُجُونَ مِنَ الِاسْتِقْرَارِ بَيْنَ الْقُبُورِ مِنْ مَصَارِعِكُمْ، فَتَنْظُرُونَ إِلَيْهِ سَاعَةً وَيَنْظُرُ إِلَيْكُمْ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ وَنَحْنُ مِلْءُ الْأَرْضِ وَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَنَنْظُرُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: " أُنَبِّئُكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي آلَاءِ اللَّهِ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَةٌ مِنْهُ صَغِيرَةٌ، تَرَوْنَهُمَا سَاعَةً وَاحِدَةً وَيَرَيَانِكُمْ، وَلَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا، وَلَعَمْرُ إِلَهِكَ لَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى أَنْ يَرَاكُمْ وَتَرَوْنَهُ مِنْهُمَا إِنْ تَرَوْنَهُمَا وَيَرَيَانِكُمْ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا يَفْعَلُ بِنَا إِذَا لَقِينَاهُ؟ قَالَ: " تُعْرَضُونَ عَلَيْهِ بَادِيَةٌ لَهُ صِفَاحُكُمْ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْكُمْ خَافِيَةٌ، فَيَأْخُذُ رَبُّكَ بِيَدِهِ غَرْفَةً مِنَ الْمَاءِ، فَيَنْضَحُ بِهِ قِبَلَكُمْ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا تُخْطِئُ وَجْهَ أَحَدِكُمْ قَطْرَةٌ، فَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَيَدَعُ وَجْهَهُ مِثْلَ الرَّيْطَةِ الْبَيْضَاءِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُخْطَمُ مِثْلُ الْمُخْطَمِ الْأَسْوَدِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ نَبِيُّكُمْ وَيَفْتَرِقُ عَلَى أَثَرِهِ الصَّالِحُونَ، أَلَا فَتَسْلِكُونَ جِسْرًا مِنَ النَّارِ، يَطَأُ أَحَدُكُمُ الْجَمْرَةَ فَيَقُولُ: حَسِّ. يَقُولُ رَبُّكَ تبارك وتعالى: أَوَانُهُ. أَلَا فَتَطَّلِعُونَ عَلَى حَوْضِ الرَّسُولِ، لَا يَظْمَأُ وَاللَّهِ
⦗ص: 288⦘
نَاهِلُهُ أَبَدًا، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا يَبْسُطُ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَدَهُ إِلَّا وَقَعَ عَلَيْهَا قَدَحٌ يُطَهِّرُهُ مِنَ الطَّوْفِ وَالْبَوْلِ وَالْأَذَى، وَتُحْبَسُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَلَا تَرَوْنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا ". قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبِمَ نُبْصِرُ؟ قَالَ:«مِثْلُ بَصَرِ سَاعَتِكَ هَذِهِ، وَذَلِكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي يَوْمٍ أَشْرَقَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَاجَهَتِ الْجِبَالَ» . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبِمَا نُجْزَى مِنْ سَيِّئَاتِنَا وَحَسَنَاتِنَا؟ قَالَ:«الْحَسَنَةُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا أَوْ يَعْفُو اللَّهُ» . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا الْجَنَّةُ؟ فَمَا النَّارُ؟ قَالَ:«لَعَمْرُ إِلَهِكَ، إِنَّ النَّارَ لَهَا سَبْعَةُ أَبُوابٍ، مَا فِيهِنَّ بَابَانِ إِلَّا وَبَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ الرَّاكِبِ سَبْعِينَ عَامًا» . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَلَى مَا نَطَّلِعُ مِنَ الْجَنَّةِ؟ قَالَ:«عَلَى أَنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفَّى، وَأَنْهَارٍ مِنْ كَأْسٍ مَا بِهَا صُدَاعٌ وَلَا نَدَامَةٌ، وَأَنْهَارٍ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَمَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَفَاكِهَةٍ، وَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا تَعْلَمُونَ، وَخَيْرٌ مِنْ مِثْلِهِ مَعَهُ، وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ» . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَنَا بِهَا أَزْوَاجٌ وَفِيهِنَّ الصَّالِحَاتُ؟ قَالَ:«الصَّالِحَاتُ لِلصَّالِحِينَ، يَلَذُّونَهُنَّ مِثْلَ لَذَاذَتِكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَيَلَذُّونَكُمْ، غَيْرَ أَنْ لَا تَوَالُدَ» . قَالَ لَقِيطٌ: فَقُلْتُ: أَفْضَلُ مَا نَحْنُ بَالِغُونَ فَتَهُونُ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى مَا أُبَايِعُكَ؟ فَبَسَطَ يَدَهُ وَقَالَ:«عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَزِيَالِ الْمُشْرِكِ، وَأَنَّهُ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ» . قُلْتُ: وَإِنَّ لَنَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. قَالَ: فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ وَبَسَطَ أَصَابِعَهُ، فَظَنَّ أَنَّهُ مُشْتَرِطٌ شَيْئًا، قَالَ: قُلْتُ: نَحِلُّ مِنْهَا حَيْثُ نَشَاءُ، وَلَا يَجْنِي عَلَى امْرِئٍ إِلَّا نَفْسُهُ. قَالَ: فَبَسَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ قَالَ: «ذَلِكَ لَكَ، تَحِلُّ حَيْثُ شِئْتَ، وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ إِلَّا نَفْسُكَ» . قَالَ: فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ، وَقَالُ:«هَا إِنَّ ذَيْنِ، هَا إِنَّ ذَيْنِ، هَا إِنَّ ذَيْنِ لَمِنْ نَفَرٍ، لَعَمْرُ إِلَهِكَ إِنْ حَدَثَتْ أَلَا إِنَّهُ لَمِنْ أَتْقَى النَّاسِ لِلَّهِ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ» . قَالَ كَعْبُ بْنُ الْخُدَارِيَّةُ، أَحَدُ بَنِي أَبِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «بَنُو الْمُنْتَفِقِ، وَأَهْلُ ذَلِكَ بَنُو الْمُنْتَفِقِ مِنْهُمْ» . قَالَ: وَانْصَرَفْتُ فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ قَدْ مَضَى مِنْ خَيْرٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ
⦗ص: 289⦘
عُرْضِ قُرَيْشٍ: وَاللَّهِ إِنَّ أَبَاكَ الْمُنْتَفِقَ لَفِي النَّارِ، قَالَ: فَكَأَنَّهُ وَقَعَ نَارٌ بَيْنَ جِلْدِ وَجْهِي وَجَسَدِي مِمَّا قَالَ لِأَبِي عَلَى دَوَاسِّ النَّاسِ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: وَأَبُوكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَإِذَا الْأُخْرَى أَجْمَلُ، فَقُلْتُ: وَأَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَأَهْلِي، لَعَمْرُكَ مَا أَتَيْتَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْرٍ عَامِرِيٍّ فَقُلْ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ مُحَمَّدٌ وَأَبْشِرْ بِمَا يَسُوؤُكَ، تُجَرُّ عَلَى وَجْهِكَ وَبَطْنِكَ فِي النَّارِ ". قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا فَعَلَ بِهِمْ، وَقَدْ كَانُوا عَلَى عَمَلٍ لَا يُحْسِنُونَ إِلَّا إِيَّاهُ، وَكَانُوا يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُصْلِحُونَ؟ قَالَ:«ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى بَعَثَ فِي آخِرِ كُلِّ سَبْعِ أُمَمٍ نَبِيًّا، فَمَنْ عَصَى نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ، وَمَنْ أَطَاعَهُ كَانَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ»
637 -
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَ عِنْدَنَا شَيْخٌ بِالْبَصْرَةِ، وَكَانَ كَبِيرَ السِّنِّ، صَاحِبَ غَزْوٍ وَخَيْرٍ يُقَالُ لَهُ: النَّضْرُ بْنُ طَاهِرٍ أَبُو الْحَجَّاجِ، كَتَبْنَا عَنْهُ حَدِيثًا كَثِيرًا، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، وَسُلَيْمَانَ وَالنَّاسِ، ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَ دَلْهَمٍ، بِطُولِهِ. حَدَّثَنِي بِهِ عَنْ دَلْهَمٍ، فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّكَ لَقِيتَ دَلْهَمًا؟ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فَنَزَلَ مَوْضِعًا قَدْ سَمَّاهُ، فَسَأَلْتُ: فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَذْكُرُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَدِمَ الْبَصْرَةَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي شُهْرَتِهِ لَوْ قَدِمَ لَكَتَبَ عَنْهُ النَّاسُ. ثُمَّ وَقَفْتُ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ بَعْدَهُ عَلَى الْكَذِبِ، وَرَأَيْتُهُ بَعْدَمَا كُفَّ بَصَرُهُ، وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَعَنْ غَيْرِهِ بِأَحَادِيثَ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَتَتَابَعَ فِي الْكَذِبِ، نَسْأَلُ اللَّهَ الْعِصْمَةَ
638 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا
⦗ص: 290⦘
رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ أُمِّي؟ قَالَ:«أُمُّكَ فِي النَّارِ» . قَالَ: قُلْتُ: فَأَيْنَ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِكَ؟ قَالَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ مَعَ أُمِّي؟»