المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المطلب الرابع الفتن] - أشراط الساعة - الغفيلي

[عبد الله بن سليمان الغفيلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌[تمهيد]

- ‌[المبحث الأول أهمية الإيمان بالغيبيات]

- ‌[المبحث الثاني وجوب الإيمان بكل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المبحث الثالث الكتب المصنفة في أشراط الساعة]

- ‌[الفصل الأول معنى أشراط الساعة وعلاماتها وأدلتها من الكتاب والسنة]

- ‌[المبحث الأول معنى الأشراط والعلامات لغة]

- ‌[المبحث الثاني معنى الأشراط والعلامات اصطلاحا]

- ‌[المبحث الثالث الأدلة من الكتاب على أشراط الساعة وعلاماتها]

- ‌[المبحث الرابع الأدلة من السنة على أشراط الساعة وعلاماتها]

- ‌[الفصل الثاني أقسام أشراط الساعة]

- ‌[المبحث الأول أشراط الساعة الصغرى]

- ‌[المطلب الأول بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المطلب الثاني انشقاق القمر]

- ‌[المطلب الثالث نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى لها]

- ‌[المطلب الرابع الفتن]

- ‌[المطلب الخامس خروج الدجالين والكذابين أدعياء النبوة]

- ‌[المطلب السادس ولادة الأمة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاء الشاء في البنيان]

- ‌[المطلب السابع قبض العلم وظهور الجهل]

- ‌[المطلب الثامن تكليم السباع والجماد للإنس]

- ‌[المطلب التاسع قطع الأرحام وسوء الجوار وظهور الفساد]

- ‌[المطلب العاشر كثرة الزلازل وظهور الخسف والقذف والمسخ الذي يعاقب الله به بعض هذه الأمة]

- ‌[المبحث الثاني أشراط الساعة الكبرى]

- ‌[المطلب الأول خروج المهدي]

- ‌[المسألة الأولى معنى المهدي]

- ‌[المسألة الثانية اسمه واسم أبيه ونسبه]

- ‌[المسألة الثالثة صفة المهدي]

- ‌[المسألة الرابعة مكان خروج المهدي وزمانه ومدة مكثه في الأرض]

- ‌[المسألة الخامسة تواتر أحاديث المهدي]

- ‌[المسألة السادسة أقسام الناس في المهدي]

- ‌[المطلب الثاني فتنة المسيح الدجال]

- ‌[المطلب الثالث نزول عيسى ابن مريم عليه السلام]

- ‌[المسألة الأولى الأدلة على نزوله من الكتاب والسنة]

- ‌[المسألة الثانية صفات عيسى عليه السلام]

- ‌[المسألة الثالثة مكان نزوله]

- ‌[المسألة الرابعة الأحاديث الواردة في نزول عيسى عليه السلام متواترة]

- ‌[المسألة الخامسة الحكمة من نزول عيسى عليه السلام دون غيره]

- ‌[المسألة السادسة الأمور التي تكون في زمن عيسى عليه السلام]

- ‌[قتل المسيح الدجال]

- ‌[هلاك يأجوج ومأجوج]

- ‌[القضاء على كل الشرائع والحكم بالإسلام]

- ‌[رفع الشحناء والتباغض من بين الناس وانتشار الأمن والرخاء بين الخلق]

- ‌[المسألة السابعة موت عيسى عليه السلام ودفنه]

- ‌[المطلب الرابع خروج يأجوج ومأجوج]

- ‌[المسألة الأولى أصل يأجوج ومأجوج ونسبهم]

- ‌[المسألة الثانية الأدلة على خروجهم من القرآن والسنة]

- ‌[المسألة الثالثة السد ويأجوج ومأجوج]

- ‌[المسألة الرابعة هلاك يأجوج ومأجوج وطيب العيش وبركته بعد موتهم]

- ‌[المطلب الخامس طلوع الشمس من مغربها]

- ‌[المطلب السادس خروج الدابة]

- ‌[المسألة الأولى الأدلة على خروجها من الكتاب والسنة]

- ‌[المسألة الثانية صفة الدابة]

- ‌[المسألة الثالثة مكان خروج الدابة]

- ‌[المسألة الرابعة عمل الدابة]

- ‌[المطلب السابع الدخان الذي يكون في آخر الزمان]

- ‌[المسألة الأولى الأدلة من الكتاب والسنة]

- ‌[المسألة الثانية اختلاف العلماء حول المراد بالدخان ومتى يحدث]

- ‌[المطلب الثامن الخسوفات الثلاثة]

- ‌[المطلب التاسع النار التي تحشر الناس]

- ‌[المسألة الأولى الأدلة على خروجها]

- ‌[المسألة الثانية الجمع بين الأحاديث الواردة في مكانها]

- ‌[المسألة الثالثة مكان الحشر]

- ‌[المسألة الرابعة زمان الحشر]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[المصادر والمراجع]

الفصل: ‌[المطلب الرابع الفتن]

[المطلب الرابع الفتن]

المطلب الرابع: الفتن الفتن بكسر الفاء وفتح التاء جمع فتنة، قال ابن فارس (1) الفاء والتاء والنون أصل صحيح يدل على الابتلاء والاختبار (2) .

وقال الأزهري (3) جماع معنى الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان وأصلها مأخوذ من قولك " فتنت الفضة والذهب " أذبتهما بالنار ليتميز الرديء من الجيد، ومن هذا قول الله تعالى:{يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13](4) أي يحرقون بالنار (5) .

وقد وردت كلمة الفتنة في القرآن الكريم بمعنى الابتلاء والامتحان، ومن ذلك قوله تعالى:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ - وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2 - 3](6) .

" ومعنى: (وهم لا يفتنون) أي وهم لا يبتلون، ومعنى (فتنا) أي اختبرنا الذين من قبلهم من الأمم ممن أرسلنا إليهم رسلنا، فقالوا مثل ما قالته أمتك يا محمد بأعدائهم، وتمكيننا إياهم من أذاهم، كموسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل فابتليناهم بفرعون وملئهم، وكعيسى إذ أرسلناه إلى بني إسرائيل فابتلينا من اتبعه بمن تولى عنه، فكذلك ابتلينا أتباعك بمخالفيك من أعدائك "(7) .

(1) هو أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازى، أبو الحسين، من أئمة اللغة والأدب، أصله من قزوين، وأقام مدة في همذان، من أشهر كتبه: معجم مقاييس اللغة، والمجمل، وجامع التأويل في التفسير، توفي في الري سنة 395 هـ. سير أعلام النبلاء (17 / 103) .

(2)

معجم مقاييس اللغة (4 / 472) .

(3)

هو أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر الأزهري الهروي اللغوي الشافعي، قال الذهبي: كان رأسا في اللغة والفقه، ثقة، ثبتا دينا، له كتاب تهذيب اللغة، توفي سنة 371 هـ، سير أعلام النبلاء (16 / 315) .

(4)

سورة الذاريات، الآية:13.

(5)

تهذيب اللغة (14 / 296) .

(6)

سورة العنكبوت، الآية: 1 - 3.

(7)

تفسير ابن جرير الطبري (25 / 128) .

ص: 53

وعرف الجرجاني (1) الفتنة بقوله: " الفتنة ما يتبين به ما للإنسان من الخير والشر، يقال: فتنت الذهب بالنار إذا أحرقته بها لتعلم أنه خالص أو مشوب، ومنه الفتان وهو الحجر الذي يجرب به الذهب والفضة "(2) .

وأما الفتن التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، وأن أمته سوف تبتلى بالكثير منها، وأنها ترسل عليها إرسال القطر فهي من قبيل الاختبار والامتحان؛ ليتبين حال الإنسان فيها من الخير والشر وتعلقه بها، كما يوجد فيها بعض المعاني الأخرى المذكورة عند أهل اللغة من القتل والاختلاف والعذاب وتغير الأحوال والأزمنة.

قال الحافظ ابن حجر: " وأصل الفتنة الامتحان والاختبار، واستعملت في الشرع في اختبار كشف ما يكره، ويقال فتنت الذهب إذا اختبرته بالنار لتنظر جودته، وفي الغفلة عن المطلوب كقوله: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] (3) وتستعمل في الإكراه على الرجوع عن الدين كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: 10] (4) واستعملت أيضا في الضلال والإثم والكفر والعذاب، ويعرف المراد حيثما ورد بالسياق والقرائن"(5) .

وقد دلت نصوص كثيرة صحيحة على أن من علامات الساعة كثرة الهرج، وهو القتل واللغط وظهور الفتن وانتشارها ونزولها في البلاد وكبر بلائها وهولها، حتى يمسي المرء المسلم من شدة وقعها كافرا، ويصبح مؤمنا، ويصبح مؤمنا ويمسي كافرا، وتجيء الفتنة تلو الأخرى فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتظهر أخرى، فيقول هذه هذه إلى أن يشاء الله، فلا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، وكلما طال الزمان

(1) هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي الحنفي المعروف بالشريف الجرجاني، فيلسوف، ومن كبار العلماء في العربية، ولد بجرجان سنة 740 هـ، وتوفي سنة 816 هـ.

بغية الوعاة (2 / 196 - 197) ، البدر الطالع (1 / 488) .

(2)

التعريفات (212) .

(3)

سورة التغابن، الآية:15.

(4)

سورة البروج، الآية:10.

(5)

فتح الباري (11 / 176) .

ص: 54

بأهله وبعد بهم كانت الفتن أشد ومصائبها أعظم، كما شهدت بذلك نصوص الشرع، ودلت عليه الحوادث والوقائع، فعن الزبير بن عدي قال:«أتينا أنس بن مالك رضي الله عنه فشكونا إليه ما نلقي من الحجاج فقال: " اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم» (1) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» (2) .

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل (3) ومنا من هو في جشره (4) إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتن فيرقق (5) بعضها بعضا،

(1) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الفتن، (8 / 89، 90) .

(2)

(أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان 1 / 110) .

(3)

ينتضل: من المناضلة، والمناضلة: المقاتلة والمدافعة، وأصله من النضال: الرمي بالسهام، يقال: ناضلته فنضلته: أي راميته فغلبته. منال الطالب في شرح طوال الغرائب ص (117) .

(4)

الجشر: بفتح الجيم والشين، هم قوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبيتون مكانهم، ولا يأوون إلى البيوت. النهاية في غريب الحديث (1 / 273) .

(5)

قال النووي رحمه الله: هذه اللفظة رويت على أوجه: أحدها - وهو الذي نقله القاضي عياض عن جمهور الرواة -: يرقق بضم الياء وفتح الراء وبقافين: أي يصير بعضها رقيقا أي خفيفا لعظم ما بعده، فالثاني يجعل الأول رقيقا، وقيل: معناه: يثبه بعضها بعضا، وقيل: يدور بعضها في بعض، ويذهب ويجيء، وقيل: معناه يسوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها. والوجه الثاني: فيرفق: بفتح الياء وإسكان الراء وبعدها فاء مضمومة، والثالث: فيدفق بالدال المهملة الساكنة وبالفاء المكسورة أي يدفع ويصب، والدفق هو الصب.

شرح صحيح مسلم للنووي (12 / 233) .

ص: 55

وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف فيقول المؤمن هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. . .» الحديث (1) . وقد أرشد صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى ما يعصمهم من هذه الفتن والشرور والآثام فأمرهم بالتعوذ بالله منها وبالابتعاد عنها مع المبادرة بالأعمال الصالحة والإيمان الصحيح بالله واليوم الآخر ولزوم جماعة المسلمين.

ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن» (2) .

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أساله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ ، قال: " نعم "، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: " نعم، وفيه دخن "، قلت: وما دخنه؟ قال: " قوم يهدون بغير هدي، تعرف منهم وتنكر "، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: " نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها "، قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ قال: " هم من جلدتنا ويتكلمون بسنتنا "، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم "، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: " فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» (3) . إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي يطول حصرها وسردها في هذا المكان، وكلها دالة على هذا الأمر العظيم الذي نبه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحذر أمته من عاقبته، وأرشدهم إلى ما يعصمهم من هذه الشرور والآثام بالتعوذ منها والابتعاد عنها مع صحة الإيمان بالله تعالى واتباع أمره ونهيه ولزوم جماعة المسلمين أهل السنة والجماعة، وإن كانوا في ضعف وقلة عدد.

(1) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإمارة (3 / 1472) .

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الجنة وصفة نعيمها (4 / 2200) .

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الفتن: (8 / 93) .

ص: 56