الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمور الدنيا أصلا، بل يقع بانتهاء هذه الآيات النفخ في الصور بخلاف ما ذكر معها من الآيات الواردة في حديث حذيفة، فإنه يبقى بعد كل آية منها أشياء من أمور الدنيا (1) .
أما ما جاء في بعض الروايات بأن خروجها يكون من اليمن، وفي بعضها الآخر أنها تحشر الناس من المشرق إلى المغرب فيجاب عن ذلك بأجوبة:
1 -
أنه يمكن الجمع بين هذه الروايات بأن كون النار تخرج من قعر عدن لا ينافي حشرها الناس من المشرق إلى المغرب، وذلك أن ابتداء خروجها من قعر عدن فإذا خرجت انتشرت في الأرض كلها، والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم:«تحشر الناس من المشرق إلى المغرب» إرادة تعميم الحشر لا خصوص المشرق والمغرب.
2 -
أن النار عندما تنتشر يكون حشرها لأهل المشرق أولا، ويؤيد ذلك أن ابتداء الفتن دائما من المشرق، وأما جعل الغاية المغرب فلأن الشام بالنسبة إلى أهل المشرق مغرب.
3 -
يحتمل أن تكون النار المذكورة في حديث أنس كناية عن الفتن المنتشرة التي أثارت الشر العظيم والتهبت كما تلتهب النار، وكان ابتداؤها من قبل المشرق حتى خرب معظمه وانحشر الناس من جهة المشرق إلى الشام ومصر وهما من جهة الغرب، كما شوهد ذلك مرارا في عهد التتر والمغول وغيرهم، وأما النار التي في حديثي حذيفة بن أسيد وابن عمر فهي نار حقيقية، والله أعلم (2) .
[المسألة الثالثة مكان الحشر]
المسألة الثالثة: مكان الحشر المكان الذي يكون الحشر إليه في آخر الزمان هو الشام كما صحت بذلك الأحاديث الكثيرة منها:
1 -
حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) انظر: فتح الباري (13 / 86) .
(2)
انظر: فتح الباري (13 / 86) .
يقول: «إنكم محشورون رجالا وركبانا، وتجرون على وجوهكم ها هنا، وأومأ بيده إلى الشام» (1) .
2 -
حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشام أرض المحشر والمنشر» (2) إلى غير ذلك من الأحاديث.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفي تفسير ابن عيينة عن ابن عباس رضي الله عنهما: «من شك أن المحشر ههنا، يعني الشام، فليقرأ أول سورة الحشر، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يومئذ اخرجوا "، قالوا: إلى أين؟ قال: " إلى أرض المحشر» (3) .
والسبب في كون الشام هي أرض المحشر أن الأمن والإيمان حين تقع الفتن في آخر الزمان يكون بالشام، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للشام بالبركة فقال:«اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا» (4) .
وقد وردت أحاديث كثيرة في فضائل الشام والترغيب في سكنها لا مجال لذكرها هنا (5) وقد تقدم أن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان يكون بالشام وبه يكون اجتماع المؤمنين لقتال الدجال، وهناك يقتله المسيح عليه السلام بباب لد، هذا بالإضافة إلى أن أرض الشام مهبط الأنبياء ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند (5 / 3) ، والترمذي في كتاب صفة القيامة (4 / 532)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في المسند (6 / 463)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة (1 / 450) ، وأخرجه الربعي في فضائل الشام (4) ، وصححه الألباني في تخريجه له.
(3)
فتح الباري (11 / 380) ، وانظر تفسير ابن كثير (4 / 330) .
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الفتن: (8 / 95) .
(5)
للحافظ الربعي كتاب قيم بهذا الشأن سماه (فصائل الشام) جمع فيه الأحاديث الواردة في فضل الشام، وقد شرحه العلامة القاسمي، وطبع بتحقيق وتخريج العلامة الشيخ الألباني بالمكتب الإسلامي فليراجع.