الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلوع الشمس من مغربها
معلوم أن الشمس خلق من خلق الله، فالله يقول في القرآن:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس:38]، وطلوعها من المشرق وغيابها في المغرب أمر متحقق يراه كل ذي عينين منذ أن حلق الناس، وقد حبسها الله لـ يوشع بن نون كما في الخبر الصحيح، يقول شوقي: قفي يا أخت يوشع أخبرينا أحاديث القرون الغابرينا هذا شاعر أديب ينظر إليها نظرة أدبية فيقول: أنت في علو والأحداث تقع في الأرض وأنت تراقبينها، فأنت أعلم بما وقع من أحداث وخطوب في قصص التاريخ تحت منظرك وعينيك.
وقد كسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري من حديث أبي موسى: (كسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقام فزعاً إلى المسجد يظنها الساعة، فصلى بأطول قيام وسجود وركوع يفعله)، والإشكال في الحديث أن أبا موسى رضي الله عنه عبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم خشي أن تكون الساعة، وأبو موسى صحابي جليل لا يمكن أن يتجرأ على أن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم يخشى أن تكون الساعة دون أن يرى شيئاً في النبي صلى الله عليه وسلم بجعله يجزم بهذا القول.
وقد أجاب العلماء عن هذا فقال بعضهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنها ليست الساعة، ولكنه قام فزعاً بخشي أن تكون الساعة؛ لأن الله جل وعلا لم يخبره بعد بعلامات الساعة.
وهذا التخريج يمكن أن يكون مقبولاً لولا إشكال آخر، وهو أن خسوف الشمس أو كسوفها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقع في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم، وإبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم اتفق أهل الأخبار على أنه مات في السنة العاشرة من الهجرة، أي أن هذا الحدث بتعبير موجز وقع متأخراً جداً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فيبعد أن يقال: إنه عليه الصلاة والسلام لم يكن قد علم بعد أشراط الساعة ولا أخبر بها.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى -وهو قول نرى أنه أقرب الأقوال إلى الصواب-: لعله صلى الله عليه وسلم قام فزعاً أن تكون هذه مقدمة لأشراط الساعة كطلوعها من مغربها؛ لأنه إذا ظهرت علامة كبرى منها فإن تتابع الباقي يكون على إثرها، ويعبر عنها العلماء بأنها كالسبحة إذا انقطعت تتابع خرزها.
والذي يعنينا هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فزعاً، وهذا مما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم يعلم عظم قيام الساعة.