المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدنيا مزرعة للآخرة - أشراط الساعة الكبرى - المغامسي - جـ ٤

[صالح المغامسي]

فهرس الكتاب

- ‌ نزول عيسى ابن مريم وبداية التغير وخروج يأجوج ومأجوج

- ‌علامات الساعة الكبرى

- ‌ذكر قول من زعم أن المهدي هو ابن الحنفية

- ‌ذكر من يقف في وجه الدجال

- ‌اختلاف النصارى في عيسى عليه السلام

- ‌يهدي الله لنوره من يشاء

- ‌دعوة الله تعالى النصارى إلى الدين

- ‌نزول عيسى عليه السلام وعمله بشريعة رسول الله

- ‌خروج يأجوج ومأجوج

- ‌طيب العيش بعد هلاك يأجوج ومأجوج

- ‌بشرية يأجوج ومأجوج

- ‌حكمة الله تعالى في خفاء مكان يأجوج ومأجوج

- ‌بيان ظاهر الأحاديث فيما يستوطنه عيسى عليه السلام

- ‌ابتداء زوال الدنيا بعد حصول طيب العيش

- ‌طلوع الشمس من مغربها

- ‌الحث على العمل قبل امتناع التوبة

- ‌خروج الدابة

- ‌هدم الكعبة

- ‌الرحيل عن الدنيا

- ‌بيان معنى الموت

- ‌فرار الخلق من الموت

- ‌قابض الروح ونافخها

- ‌سنية تغميض عيني الميت ومشروعية تقبيله

- ‌غسل الميت

- ‌تكفين الميت

- ‌الصلاة على الميت

- ‌دفن الميت

- ‌حب المرء للدنيا وكراهيته الموت

- ‌الدنيا مزرعة للآخرة

- ‌الحاجة إلى جزء من الغفلة عن الموت

الفصل: ‌الدنيا مزرعة للآخرة

‌الدنيا مزرعة للآخرة

نقول: إن الله جل وعلا جعل الدنيا مزرعة للآخرة، قال الله تعالى عن عبده:{يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر:24]، ولكي لا يصيب إنسان ندم فإنه ما دام في دار العمل يسعى السعي الحثيث في الإكثار من الحسنات والاستغفار من السيئات حتى يلقى الله وهو راض عنه، والعرب تقول في كلامها: إن الندامة أربع: ندامة يوم، وندامة عام، وندامة عمر، وندامة لا تنقطع أبداً.

أما ندامة اليوم فإنهم يقولون: إن الرجل يخرج وبإمكانه أن يتغدى في بيته على سنة العرب قديماً، حيث يتغدون بأكلة واحدة، فيقول: سأجد من يضيفني، أو سأجد صيداً، فيخرج ولا يتغدى، فإن لم يجد غداءاً أصابه ندم على أنه لم يتغدى في بيته، ولكن هذا الندم لا يستمر أكثر من يوم، فإذا عاد إلى بيته طعم وأكل فذهب الشيء الذي كان نادماً عليه.

وأما ندم السنة فينطبق على المزارعين، فالزرع له إبان ووقت يزرع فيه، فإذا جاء مزارع ولم يزرع الزرع في وقته فإنه يندم؛ لأنه لن يستطيع أن يزرع تلك البذرة إلا في العام القادم في مثل تلك الأيام التي فرط فيها، فهذه ندامة سنة.

وأما ندامة العمر فندامة رجل تزوج امرأة ولم يجدها موافقة له وليس بإمكانه تطليقها، فيبقى صابراً عليها العمر كله حتى يفرق بينهما الموت وهذه الثلاث كلها فيها جبر على قول العامة.

وأما الندم الذي لا ينقطع أبداً فهو ندم المرء -عياذاً بالله- يوم القيامة على ما فرط في جنب الله، فهذا الذي لا ينفع فيه التحسر ولا ينفع فيه الصبر، كما قال تعالى عن أهل النار:{سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم:21]، والله تبارك وتعالى حذر من هذا وقال:{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [مريم:39 - 40]، فنقول: إن الدنيا مزرعة للآخرة، فينبغي للمؤمن أن يحصد العمل في رمضان وفي غيره حتى يلقى الله جل وعلا وقد كثرت حسناته وخفت سيئاته وكان أقرب إلى الفلاح منه إلى الخسران.

ص: 29