المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: الناحية الموضوعية: - السيرة النبوية من خلال أهم كتب التفسير

[عصام الحميدان]

الفصل: ‌المطلب الثاني: الناحية الموضوعية:

والسدِّي (1) ، والضحاك (2) .

هذا إضافةً إلى أنهما يسندان تفسير الآيات من الناحية اللغوية عمن سبق كذلك، وليس من الناحية التاريخية فحسب.

وبذلك فإن كتب التفسير الأصلية تتميز عن كتب السيرة بأنها أكثر توثيقاً؛ لما يلي:

1.

أن أغلب رواياتها عن الصحابة رضي الله عنهم، ورواية كتب السيرة أغلب رواياتها عن التابعين.

2.

ليس في كتب التفسير الأصلية - في آيات السيرة النبوية - روايةٌ عن مجاهيل، بخلاف كتب السيرة التي يوجد فيها ذلك.

3.

كتب التفسير تروي عن رواة المغازي كلهم كعروة، وابن إسحاق، والواقدي وغيرهم، في حين لا تروي كتب السيرة عن المفسِّرين، فنجد أن عروة، وابن إسحاق، والواقدي يفسِّرون الآيات دون إسنادها إلى المفسِّرين كابن عباس، أو تلاميذه، أو غيرهم.

(1)(6/1864، 1865) .

(2)

(6/1879) .

ص: 71

‌المطلب الثاني: الناحية الموضوعية:

تختلف كتب التفسير عن كتب السيرة من الناحية الموضوعية في أمرين:

الأول: أن كتب المغازي والسيرة النبوية تهتمّ بالسيرة دون غيرها، وكذلك تتضمن تفسير الآيات المتعلقة بالسيرة النبوية، في حين أن كتب

(1)(6/1864، 1865) .

(2)

(6/1879) .

ص: 71

التفسير تهتمّ بتفسير الآيات المتعلقة بالسيرة وغيرها.

فنجد في كتب السير والمغازي الحديث عن نسب النبي صلى الله عليه وسلم، وآبائه، وتجارته، والهجرة إلى الحبشة، وغزوة بدر الأولى، ومؤتة، والطائف، ودومة الجندل، وذات السلاسل، وغيرها مما لم يُذكر في القرآن الكريم.

الثاني: ما يقابل ذلك، وهو أن كتب السيرة تتحدث عن التفاصيل المتعلقة بالغزوات والأحداث التي ذكرت في القرآن الكريم، لأن غرض كتب السيرة توثيق الأحداث والوقائع. في حين أن كتب التفسير تهتمّ بما ورد ذكره في القرآن الكريم عن تلك الغزوة، دون التفاصيل التاريخية الخارجة عن ذلك.

فإذا كان القرآن الكريم قد ذكر غزوة بدر الكبرى، وأشار إلى بعض أحداثها، فإنه لم يذكر كثيراً من تفصيلاتها، كعدد المسلمين والمشركين، وتحسُّس النبي صلى الله عليه وسلم الأخبار عن قريش قبل الغزوة، واستشارة الصحابة، وإلقاء المشركين في القليب.

قال يوسف هوروفيتس " هناك تشابه ملحوظ بين الكتابة في السيرة العطرة وبين كتابات التفسير، ولكن على الرغم من التشابه بينهما، إلا أن هناك فرقاً مهماً بين هذين النوعين من الكتابة، ذلك أن أدب السيرة يمثل الروايات المفردة للحوادث المعروضة بشكل تسلسل زمني، على حين أن كتابات التفسير تعرض هذه الحوادث على شكل تعليقات وشروح على آيات القرآن الكريم حسب ورودها "(1) .

(1) الثقافة الإسلامية (1/535) نقلاً عن: مراجع مختارة عن حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم/د. محمد ماهر حمادة (23) .

ص: 72

وهذا راجعٌ إلى منهج القرآن الكريم في قصصه – والسيرة النبوية من القصص القرآني - حيث إنه لا يذكر التفصيلات التي لا تفيد في القصة؛ لأن غرض القرآن الكريم ليس السَّرد القصصي، وإنما العبر والفوائد التي تخدم الهدف الأساسي للقرآن الكريم، وهو تعريف الخلق بخالقهم الكريم، وربطهم به (1) .

وقد يوجد في بعض التفاسير المتأخرة استطرادٌ فيما يتعلق بالسيرة النبوية، ولو لم يكن في القرآن الكريم، ولكن لا نجد ذلك في التفاسير المسندة، وأيضاً: فإن هذا الاستطراد مصدره غالباً كتب السير والمغازي.

وعندما نطبِّق المقارنة الموضوعية على المصادر محلّ الدراسة، فإننا نجد الملاحظات التالية:

الأولى: أن كتب السيرة تتفاوت فيما بينها في نقل بعض الروايات التي وردت فيها آياتٌ من القرآن الكريم (2) فنجد مغازي عروة نقلت نزول الآيات في قصة الغرانيق، وبئر معونة، ولم ينقلها المصدران الآخران.

ونجد مغازي الواقدي نقلت نزول الآيات في خيبر، وسرية أبي قتادة، وحنين، والوفود، وبعث الوليد، في حين لم ينقلها المصدران الآخران.

ونجد ابن إسحاق نقل روايات كثيرة في نزول آيات من القرآن لم تنقل

(1) في ظلال القرآن/سيد قطب (1/55) والقصص القرآني: إيحاؤه ونفحاته/د. فضل حسن عباس (21) ودراسات تاريخية من القرآن الكريم/د. محمد بيومي مهران (39، 40) .

(2)

كان منهج الدراسة الإشارة إلى المواضع التي وردت في كتب السيرة مما استشهد فيها الكاتب بآيات من القرآن الكريم، أما الروايات التي لم تنزل فيها آيات من القرآن الكريم، فلم ترِد في الدراسة، وبالتالي فليس من موضوع الدراسة المقارنة بينها.

ص: 73