الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: تناول كتب التفسير للسيرة النبوية
مدخل:
عندما نتحدث عن كتب التفسير الأصلية - التي يطلق عليها اصطلاحاً كتب التفسير بالمأثور - فإننا نعود بالذاكرة إلى القرن الهجري الأول، حيث كتب سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وشعبة بن الحجاج، ويزيد بن هارون السلمي، وعبد الرزاق الصنعاني (1) ، وعبد بن حميد، وابن أبي شيبة رحمهم الله، ما يعدّ تأليفاً مستقلاً في التفسير، يجمع أقوال الصحابة والتابعين، بخلاف ما سبقهم من الكتابات التفسيرية، التي لا تعدّ تأليفاً مستقلاً في التفسير، وإنما قد تكون تفسيراً لبعض الآيات، أو ضمن روايات أخرى في الحديث (2) .
وما يوجد من تفاسير كتفسير ابن عباس (3) ، وتفسير ابن مسعود (4) ، وتفسير الحسن البصري (5) ، وتفسير مجاهد، وتفسيرقتادة (6) ، وغيرها، فإنما هو جمعٌ لأقوالهم من خلال كتب التفسير والحديث.
(1) حقق الدكتور مصطفى مسلم تفسير عبد الرزاق، وأخرجه في أربعة أجزاء.
(2)
الإتقان للسيوطي (2/1235) .
(3)
جمع الفيروزابادي تفسير ابن عباس رضي الله عنهما في " تنوير المقباس من تفسير ابن عباس "، واعتمد في روايته على محمد بن السائب الكلبي، وهو ضعيف جداً، وجمع راشد الرجّال صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في مجلد، وجمع د. عبد العزيز الحميدي " تفسير ابن عباس ومروياته في التفسير في الكتب الستة ".
(4)
جمعه محمد أحمد عيسوي، وأخرجه في مجلدين.
(5)
جمعه د. محمد عبد الرحيم في مجلدين.
(6)
جمعه د. عبد الله أبو السعود بدر في جزء صغير.
وبعد هؤلاء كتب الطبري كتابه الجامع " جامع البيان عن تأويل آي القرآن "(1) ، وابن أبي حاتم كتابه الجامع في التفسير (2) ، وابن ماجه، والحاكم، وابن مردويه، وأبو الشيخ، وابن المنذر (3) . وجميع هذه الكتب بالأسانيد.
وبعد هؤلاء كثُرت الكتابة في التفسير، مع اختصار الأسانيد، والتنوُّع في الموضوعات التفسيرية، كالتفسير الفقهي، والتفسير اللغوي، وغير ذلك، وهذا ما يعرف بالتفسير بالرأي (4) .
ومن نافلة القول أن ما ينصب عليه اهتمامنا هو التفسير بالمأثور، حيث توجد الأسانيد التي تروي عن الصحابة والتابعين الأحداث التاريخية التي حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم?، وبالتالي يمكن مقارنتها بكتب السيرة المسنَدة.
وسيكون حديثي عن ثلاثة من التفاسير بالمأثور، وهي: تفسير ابن جرير الطبري، وتفسير ابن أبي حاتم الرازي، وتفسير ابن كثير، وسأتناول مرويات الطبري وابن أبي حاتم عن عروة، والزهري، وابن إسحاق؛ لأن كتبهم في المغازي أهم كتب المغازي في الإسلام (5) .
(1) طبع عدة مرات، وحقق الشيخان أحمد ومحمود ابنا محمد شاكر الأجزاء الأولى منه حتى سورة إبراهيم، في ستة عشر جزءاً.
(2)
طبع في عشرة مجلدات بغير تحقيق من نشر دار الباز، وفيها أخطاء لا تحصى. وحقق د. أحمد الزهراني قسماً من سورة البقرة في مجلد، ود. حكمت بشير ياسين قسماً من سورة آل عمران في مجلد.
(3)
حقق د. سعد بن محمد السعد الأجزاء الأولى منه حتى سورة النساء، وأخرجه في مجلدين.
(4)
الإتقان للسيوطي (2/1235) .
(5)
أما مغازي عروة، وابن إسحاق، فقد تقدم القول فيهما، وأما مغازي الزهري فيقال إنها أول سيرة أٌلِّفت في الإسلام (السيرة النبوية في الصحيحين وعند ابن إسحاق/د. سليمان بن حمد العودة: 27) ، وقد قررت سابقاً أن مغازي عروة هي أول مغازٍ في الإسلام، ولعلّ هذا القول بمعنى أنه أول من دوَّن السيرة ضمن تدوينه للحديث النبوي الشريف؛ لأن الحديث لم يكن مدوَّناً حينئذٍ. (تاريخ التراث العربي/د. سزكين: 1 " 2 "/74) وقد رويت سيرته مفرَّقة في كتب المغازي والتفسير.