الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموسوعات
منهج الدراسات الاستشراقية للقرآن على نحو ما ورد بالموسوعات العالمية
الموسوعات: تعريف وتوضيح
…
الموسوعات: تعريف وتوضيح
تنطوي الموسوعات على أهمية بالغة للباحثين والمثقفين، ويطلق اسم الموسوعات أو دوائر المعارف Encyclopaedia على الكتاب الذي يشتمل على مجموع المعارف الإنسانية في مجالات الثقافة والفنون والعلوم، ويتضمن نبذة مختصرة ومبسطة تتناول معلومات في مختلف المجالات، وينقسم إلى مواد منفصلة يراعى في إيرادها الترتيب الأبجدي "وهي تحاول أن تقدم كل شيء لكل الناس، والأثر الطبيعي الذي تحدثه بنفس القارئ هو تذكيره بمدى قلة ما يعرفه مما هو محيط به، فربما دفعه هذا الشعور إلى مزيد من التعلم"(1) .
وتحقق الموسوعات فائدة مزدوجة لكل من القراء الراغبين في المعرفة والباحثين، فهي تقدم للقارئ معلومات مجملة عن النقاط الثانوية في الموضوع، والتواريخ، وأسماء الأماكن وغيرها، لكن أحكامها في القضايا الرئيسة لابد أن تكون موثقة (2) .
وتذيّل كل مادة من مواد الموسوعة بثبت بأسماء المصادر والمراجع المهمة في الموضوع، ومن ثم فإن أول ما ينصح به الباحث المبتدئ هو أن تكون المواد المكتوبة في الموسوعات حول موضوعه هي أول ما يرجع إليه للاستعانة بها في اكتشاف أبعاد هذا الموضوع، والتعرف على جهود السابقين في دراسته والمصادر والمراجع المتاحة.
(1) انظر مادة Encyclopaedia في دائرة المعارف البريطانية، طبعة 1974م.
(2)
J. Barzun and H. Graff; The Modern Researcher ، New York ، P. 80.
وفي كل مرة يعاد فيها طبع الموسوعة تعاد كتابة موادها لتشتمل على أحدث ما توصل إليه العلم والمعرفة في كل مادة من هذه المواد، وإضافة مواد جديدة لم تشتمل عليها الطبعات السابقة.
ويمكننا أن نميز بين نوعين من الموسوعات: موسوعات عامة، وأخرى متخصصة، فأما العامة فتتجه إلى القارئ العادي غير المتخصص أكثر من اتجاهها إلى الباحث المتخصص فتكون أقل تفصيلاً من الموسوعات المتخصصة، ومن ثم فإن موادّها تناسب القارئ المتعجل الذي يريد أن يلمّ بأطراف الموضوع ويحصل فيه على نوع من المعرفة المتميزة دون التعمق فيه (1) . وأما الموسوعة المتخصصة فتقتصر على مجال محدد تتناوله من مختلف جوانبه وفروعه دون غيره، كدائرة المعارف الإسلامية التي تعنى بكل ما يتعلق بالإسلام من علوم ومعارف.
وقد عرف العالم الإسلامي تدوين الموسوعات منذ القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) منذ ألف ابن النديم كتابه: الفهرست، ثم تبعه الفارابي فألف "إحصاء العلوم" وما لبث التأليف الموسوعي أن ذاع وانتشر بفضل الموسوعات الكبرى التي ألفت في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) مثل كتاب نهاية الأدب للنويري، و"صبح الأعشى" للقلقشندي و"مسالك الأبصار" لابن فضل الله العمري.
(1) المرجع السابق: J. Barzun and H. Graff
وفي القرن الماضي ألفت موسوعتان كبيرتان بالعربية هما: "دائرة معارف البستاني" في أحد عشر مجلداً، و "دائرة معارف القرن العشرين" لمحمد فريد وجدى في عشرة مجلدات.
ومنذ القرن الثامن عشر الميلادي عني الأوربيون عناية كبيرة بتأليف الموسوعات الضخمة التي تبلغ كل منها ما يزيد على مائة مجلد كدائرة المعارف الفرنسية الكبرى التي أشرف على نشرها " الأمبر Alambert والتي بلغ تعداد مجلداتها 166 مجلداً فضلاً عن 40 أطلسا وخريطة، ودائرة دى لاردنر deLardner الإنجليزية والتي تشتمل على 132 مجلداً وقد صدرت أجزاؤها تباعاً منذ سنة 1829 حتى سنة م1846.
وتعد الموسوعة البريطانية (دائرة المعارف البريطانية) أشهر الموسوعات العامة على الإطلاق، كما تعد أفضل موسوعة كتبت باللغة الإنجليزية (1) ، وهي توزّع على نطاق واسع في كل القارات، ويتباهى بتملكها المثقفون في كل أنحاء العالم. وكانت قد طبعت لأول مرة في بريطانيا سنة 1771هـ في ثلاثة أجزاء بإشراف عدد من كبار العلماء البريطانيين في ذلك الوقت، ثم طبعت بعد ذلك عدة طبعات وصدرت طبعتها الرابعة عشرة في شيكاغو (أمريكا) سنة 1929م في 24 مجلداً.
وكانت دائر المعارف البريطانية قد خلت من مادة مستقلة عن "القرآن" في طبعاتها القديمة التي أحيل فيها إلى الرجوع تارة إلى مادة "محمد" وتارة إلى مادة "الأدب العربي"(انظر طبعتي 1890و1926م) حتى أفردت في طبعه
(1) Cecil B. Williamsm A Research Manual ، New York ، P. 60.
سنة 1929للقرآن مادة مستقلة تشتمل على ترجمة لكتاب ألماني بعنوان" موجزات شرقية" نشره المستشرق الألماني تيودور نولدكه (توفي سنة 1930) في برلين سنة 1892 (1) .
أما طبعة سنة 1974، وهي الطبعة الخامسة عشرة، والتي بين أيدينا الآن فقد كتب مادة القرآن فيها باللغة الإنجليزية H. R (كذا دون تعريف كاف) . وتقع هذه المادة في المجلد الخامس عشر، في نحو خمس صفحات على عمودين كاملين.
أما دائرة المعارف الإسلامية (2) وهي موسوعة متخصصة فقد قرر مجلس إدارتها أن يضرب صفحاً عن طبعتها الأولى ويعيد كتابة موادها من جديد، فصدرت الدائرة في طبعتها الجديدة بالاسم نفسه وأضيفت إليها عبارة الطبعة الثانية Encyclopaedia of Islam second Edition. وقام بكتابة مواد هذه الطبعة المستشرقون المحدثون وعدد من كتاب الطبعة السابقة ممن ظلوا على قيد الحياة لكي تتضمن خلاصة ما توصل إليه الفكر الاستشراقي الحديث من آراء ونتائج في مختلف الموضوعات الإسلامية. وبدأت مجلداتها تصدر تباعاً من مطبعة بريل، بمدينة ليدن بهولندا منذ سنة 1960م. ثم أعيد طبع هذه الطبعة نفسها مرة أخرى بعد ذلك في سنة 1979.
(1) وقد كان نولدكه (الذي كتب مادة القرآن في تلك الطبعة) كما وصفه المستشرق السويسري ستيفان فيلد Stefan Vild أجهل علماء عصره وأشدهم عداوة للإسلام. (انظر: ثابت عيد: الإسلام في عيون السويسريين، بافاريا، ألمانيا، 1420هـ – 1999م. ص218.
(2)
صدرت طبعتها الأولى في أربعة أجزاء تباعاً من سنة 1911 إلى 1938 كما صدر لها ملحقان. طبعة لندن - لوزان.
ويبدو لي أن بعض دوائر المعارف المتخصصة، وبخاصة دائرة المعارف الإسلامية، تتوسع في مقالاتها توسعاً يكاد يخرجها عن كونها مجرد إشارات سريعة تتيح أمام الباحث المبتدئ مساحة كافية تعينه على تكوين رأي خاص في الموضوع، بل توشك هذه المقالات أن تكون تقارير شبه كاملة تتضمن الكثير من التقرير والحسم، قلما يجد الباحث فرصة كافية لكي ينفك من تأثيراتها الغالبة وآرائها شبه النهائية ويكون لنفسه رأياً خاصاً في موضوعاتها.
وإذا نظرنا إلى مادة "القرآن" التي كتبها باللغة الإنجليزية A.T.Welch في الطبعة الثانية المشار إليها، والتي اعتمدنا عليها في كتابة هذا المقال، نجد أنها تقع في 33 صفحة من القطع الكبير، ببنط صغير وعلى عمودين كاملين في كل صفحة، مما يساوي كتاباً بأكمله في الموضوع. وقد حشد الكاتب المادة بآراء كبار المستشرقين – القدماء منهم والمحدثين في كل جزئية من جزئيات المقال، الأمر الذي يجعل الباحث المبتدئ لا يملك - في الغالب الأعم - إلا أن يتبنى الخط العام الذي يوحي به المقال.