الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
43 وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، ثنا ابْنُ جَابِرٍ، / وَثَنَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ السَرَّاجُ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِذَا شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِذَا شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ". قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْنَا عَلَى دِينِكَ، وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ عز وجل يَخْفِضُهُ ويَرْفَعُهُ" -وَقَالَ الْعَبَّاسُ: مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ عز وجل إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ- وَقَالَ أَيْضًا:"ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دينك والميزان بيد الرحمن يرفع أقومًا ويخفض أقوامًا إلى يوم القيامة"1.
1 ابن أبي عاصم في السنة 98/1 ح 219، 230 قال محققه الشيخ الألباني، حديث صحيح، وهو على شرط البخاري على ضعف في شيخه هشام بن عمار، لكنه لم ينفرد به كما يأتي: ثم أورد من أخرج الحديث من الأئمة.
والحاكم في المستدرك 321/4 وقال حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
أحاديث صفة الوجه وبحث لابن خزيمة في توضيح معنى حديث إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه
…
44 حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَاتِبُ، ثنا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ
حدَّثني1 سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَجَنَّبِ الْوَجْهَ، وَلَا يَقُولُ: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ، وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ آدم على2 صورته"3.
45 إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الزَّيَّاتُ، ثنا يوسف بن موسى، ثنا جريرة عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ فَإِنَّ اللهَ عز وجل خَلَقَ آدَمَ4 عَلَى صُورَتِهِ".
46 حَدَّثَنَا عَلَيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ، وَثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ نَهْشَلُ بْنُ دَارِمٍ التَّمِيمِيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، حدثني
1 ساقط في الأصل وأخذناه من سند المسند 434/2.
2 في الأصل: عليه.
3 حم 251/2، 434 من طريق يحيى بن سعيد به.
وابن خزيمة في التوحيد ص 36.
وابن أبي عاصم في السنة 229/1 ح 520 الطبعة الأولى 1400 المكتب الإسلامي. قال محققة الألباني إسناده حسن صحيح.
م/في البر/ باب النهي عن ضرب الوجه 2017/4 ح 115 بلفظ: "إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته". من حديث أبي هريرة.
4 ابن أبي عاصم في السنة، 229/1 ح 518 من طريق جرير به. قال الألباني: حديث صحيح، وإسناده ضعيف -أي- لعنعنة حبيب- وهو مكرر الذي قبله، لكنه بلفظ على صورته، وهو اللفظ المحفوظ في الحديث من طرق عن أبي هريرة
…
إلخ.
سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُم فَلْيَتَجَنَّب الْوَجْهَ، وَلَا يَقُولُ: قَبَّحَ اللهُ وَجْهَك، وَوَجْهَ مَنْ َأَشْبَهَ وَجْهَك، فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ2 عَلَى صُورَتِه"3.
1 سعيد بن أبي سعيد، هو المقبري.
2 ابن أبي عاصم في السنة ج1/ 229 ح 519. قال محققه الألباني: إسناده حسن صحيح.
3 قوله: "على صورته" الحديث صحيح، أما الضمير في قوله:"على صورته" وبيان مناسبة إيراده في باب الصفات فقد أجاب عليها ابن خزيمة في كتابه التوحيد حيث قال: قال أبو بكر توهم بعض من لم يتحر العلم أن قوله " على صورته" يريد صورة الرحمن عز ربنا وجل عن أن يكون هذا معنى الخبر، بل معنى قوله:"خلق آدم على صورته"، الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم، أراد صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب، والذي قبح وجهه، فزجر صلى الله عليه وسلم أن يقول: ووجه من أشبه وجهك، لأنَّ وجه آدم شبيه وجه بنيه، فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، كان مقبحًا وجه آدم صلوات الله وسلامه عليه، الذي وجه بنيه شبيه بوجه أبيهم. فتفهموا رحمكم الله معنى الخبر لا تغلطوا ولا تغالطوا فتضلوا عن سواء السبيل، وتحملوا على القول بالتشبيه الذي هو الضلال. كما أورد حديث أبي هريرة الذي فيه لفظة "على صورة الرحمن" وهو الحديث الآتي برقم 48 وبين ضعفه وأن فيه ثلاث علل هي:
الأولى: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده، فأرسل الثوري ولم يقل: عن ابن عمر.
الثانية: أن الأعمش مُدلِّس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت.
الثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضًا مُدلِّس لم يعلم أنه سمعه من عطاء.
وقد رأيت أنه من المناسب أن يضم إلى هذا البحث وما نقلته عن الإمام الحافظ ابن =
_________
= خزيمة في شرح هذا الحديث. المقال الذي كتبه فضيلة الشيخ حماد بن محمد الأنصاري الأستاذ بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية، والمنشور في مجلة الجامعة السلفية في ذي القعدة سنة 1396هـ المجلد الثامن العدد الرابع وهو بعنوان:
"تعريف أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن" وذلك لما احتواه من فوائد جمة لا يستغني الباحث عنها وإليك نص المقال:
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فبمناسبة إنكار الإمام ابن خزيمة رحمه الله تعالى لحديث الصورة في كتاب التوحيد له ص 27 الذي أخرجه ابن أبي عاصم وغيره، وقلده من قلده في ذلك، بناء على أنه أي ابن خزيمة لم يقف له على سند ثابت، فبمناسبة هذا الإنكار منه رأيت أن أبين في هذه الأوراق ماء جاء عن الأئمة في هذا الحديث مع بيان طرقه الدالة على ثبوته وصحته، وقبل الإمام ابن خزيمة في إنكار حديث الصورة الإمام مالك كما سيأتي عنه في محله إن شاء الله وقد ذكرنا هناك أن الإمام مالك أنكر هذا الحديث لأمرين: أولًا لعدم بلوغ الرواية الصحيحة إليه. وثانيًا على فرض بلوغها إليه أنه أنكره سدًّا للذريعة، وإلا فحديث الصورة بجميع طرقه ليس بأغرب من أحاديث اليد والرجل والقدم والعينين، كما ذكره أديب أهل السنة ابن قتيبة الدينوري. قد صرح في كتابه "مختلف الحديث" بقوله: والذي عندي والله تعالى أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع وإنما وقع الأِلْف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة مِنْ هذه لأنها لم تأت في القرآن. ونحن نؤمن بالجميع ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد.
وحفاظًا على السنة النبوية والعقيدة السلفية من التلاعب بهما أذكر فيما يلي الطرق الثابتة لحديث الصورة مع بيان من خرجه ومن صححه.
فأقول وبالله أصول:
الكلام على حديث الصورة ينحصر فيما يلي:
أ) متنه.
_________
ب) سنده.
جـ) من خرجه.
د) من صححه.
هـ) خلاصة البحث.
فهاك متنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى صُوْرَة الرَّحْمَنِ".
قال ابن أبي عاصم في كتاب السنة: حدَّثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُقَبِّحُوا الْوَجُوهَ فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى صُوْرَة الرَّحْمَنِ".
سند آخر:
حدَّثنا عمر بن الخطاب، ثنا ابن أبي مريم، ثنا ابن لهيعة، عن أبي يونس سليم بن حبيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَاتَلَ فَلْيَجْتَنِب الْوَجْهَ فَإِنَّ صُورَةَ وَجْهِ الْإِنْسَانِ عَلَى صُورَةِ وَجْهِ الرَّحْمَنِ".
قال الذهبي في ترجمة أبي الزناد عبد الله بن ذكوان: قال العقيلي: حدَّثنا مقدام بن داود، ثنا الحارث بن مسكين وابن أبي الغمر، قالا: أنبأنا ابن القاسم، قال: سألت مالك بن أنس عمن يُحدث بالحديث الذي قالوا: إن الله خلق آدم على صورته. فأنكر ذلك مالك إنكارًا شديدًا، ونهى أن يحدث به أحد، فقيل له: إنَّ ناسًا من أهل العلم يحدثون به، قال: من هم؟ قيل: ابن عجلان عن أبي الزناد، فقال: لم يكن يعرف ابن عجلان هذه الأشياء ولم يكن عالمًا، ولم يزل أبو الزناد عاملًا لهؤلاء حتى مات، وكان صاحب عمال يتبعهم. ثمَّ قال الذهبي: إن هذا الحديث لم ينفرد به ابن عجلان فقد رواه همام عن قتادة، عن أبي أيوب المراغي، عن أبي هريرة، ورواه شعيب وابن عيينة عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. ورواه جماعة كالليث بن سعد وغيره عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة، ورواه جماعة عن ابن لهيعة عن الأعرج وأبي يونس عن أبي هريرة.
قال الدَّرقطني في كتابه الصفات حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الطوسي، ثنا علي بن اشكاب ثنا هارون بن معروف، ثنا جرير عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ ابْنَ آدَمَ عَلَى صُوْرَة الرَّحْمَنِ عز وجل". حدَّثنا إسماعيل بن العباس الورَّاق ثنا ابن الحرب، ثنا زيد بن أبي الزرقاء، ثنا ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة=
_________
= قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُم فَلْيَجْتَنِب الْوَجْهَ فَإِنَّ صُورَةَ الإِنْسَانِ على صُورَة الرَّحمن عز وجل".
هكذا في كتاب الصفات للدَّارقطني من النسخة المصورة من تركيا. اهـ. وقد رواه شعيب أيضًا، وغيره عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان، عن أبي هريرة. ورواه جرير عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث. وله طرق أخر، قال حرب: سمعت إسحاق يقول: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ما تقدم.
وقال الكوسج: سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا الحديث صحيح، وقال الذهبي: وهو مخرج في الصحاح. وأبو الزناد فعمدة في الدين. وابن عجلان صدوق من علماء المدينة وأجلائهم ومفتيهم وغيره أحفظ منه.
أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله ونسكت كما سكت السلف مع الجزم بأن الله ليس كمثله شيء.
وقال الذهبي أيضًا في ترجمة حمدان بن الهيثم: وقد أتى بشيء منكر عن أحمد بن حنبل في معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ".
زعم أنه قال: صوره الله صورة آدم قبل خلقه على تلك الصورة.
فأما أن يكون خلق الله آدم على صورته فلا. فقد قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} . ويدل على بطلان روايته هذه ما رواه حمدان بن علي الورّاق الذي هو أشهر من حمدان بن الهيثم، وأقدم أنه سمع أحمد بن حنبل، وسأله رجل عن حديث "خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلََى صُوْرَتِهِ عَلَى صُوْرَةِ آدَمَ". فقال أحمد: فإين الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوْرَةِ الرَّحْمَنِ" ثم قال أحمد: وأي صورة لآدم قبل أن يخلق؟!.
وقال الطبراني: سمعت عبد الله بن أحمد يقول: قال رجل لأبي إن فلانًا يقول في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ". فقال على صورة الرجل فقال أبي: كذب. هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا؟!.
وقيل: إن أبا عمر بن عبد الوهاب هجر أبا الشيخ لمكان حكاية حمدان وقال: إن أردت أن أسلم عليك فأخرج من كتابك حكاية حمدان بن الهيثم.
1 قلت: وهي هذه والروايتان هما ح رقم 48، 49 في الصفحات التالية. =
_________
= وقال الحافظ في الفتح في الجزء الخامس ص 133 منه:
"على صورة الرحمن" هذه الزيادة أخرجها ابن أبي عاصم في كتاب السنة والطبراني من حديث ابن عمر بإسنادٍ رجاله ثقات. وأخرجها أيضًا ابن أبي عاصم من طريق أبي يونس، عن أبي هريرة، بلفظ يرد التأويل الأول وهو أن الضمير في قوله:"على صورته" للمضروب. قال: "مَنْ قَاتَلَ فَلْيَجْتَنِب الْوَجْهَ فَإِنَّ صُوْرَةَ وَجْهِ الْإِنْسَانِ عَلَى صُوْرَةِ وَجْهِ الرَّحْمَنِ". فتعين إجراؤها في ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه أو من تأويله على ما يليق بالرحمن جل جلاله.
وقال في باب الاستئذان في الجزء الحادي عشر ص3: وقيل: الضمير في قوله "على صورته" لله وتمسك قائل ذلك بما ورد في بعض طرق هذا الحديث "على صورة الرحمن".
والمراد بالصورة الصفة. والمعنى أن الله خلقه على صفته من العلم والحياة والسَّمع والبصر وغير ذلك، وإن كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء. ثم ذكر الحافظ كلام حرب الكرماني عن إسحاق بن راهويه الذي تقدم في صحته.
وكذلك قال: قال إسحاق الكوسج: سمعت أحمد يقول: هو حديث صحيح.
وقال الطبراني في كتاب السنة: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي: إن رجلًا قال: خلق الله آدم على صورته أي صورة الرجل. فقال الإمام أحمد: كذب، وهو قول الجهمية. وقال الحافظ أيضًا في الجزء الخامس ص 139: وقد أنكر المازري ومن تبعه صحة هذه الزيادة "على صورة الرحمن" ثم قال المازري: وعلى تقدير صحتها فيحمل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى. قال الحافظ ردًّا على المازري في إنكاره صحَّتها. قلت: الزيادة أخرجها ابن أبي عاصم في السنة والطبراني من حديث ابن عمر بإسناد رجاله ثقات.
وأخرجها ابن أبي عاصم أيضًا من طريق أبي يونس عن أبي هريرة بلفظ يرد التأويل الأول. فذكر ما تقدم آنفًا. وأخرج هذا الحديث أيضًا الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجرى المتوفى 360 هـ في كتابه الشريعة أخرجه من طريق الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر ثم قال: هذه من السنن =
_________
= التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف ولم، بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر كما قال من تقدم من أئمة المسلمين ثم قال: حدثنا أبو نصر محمد بن كردي، قال: حدثنا أبو بكر المروزي، قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والأسماء فصححها وقال: تلقتها العلماء بالقبول وتسليم الأخبار كما جاءت وقال الآجري: سمعت أبا عبد الله الزبيري وقد سئل عن معنى هذا الحديث فذكر مثل ما قيل فيه، ثم قال أبو عبد الله: نؤمن بهذه الأخبار التي جاءت كما جاءت، ونؤمن بها إيمانًا ولا نقول كيف ولكن ننتهى في ذلك إلى حيث انتهى بنا فنقول في ذلك ما جاءت به الأخبار كما جاء انتهى 315.
وقال ابن قتيبة في مختلف الحديث ص 221 بعد كلام ذكر فيه جميع التأويلات التي قيلت في هذا الحديث قال: والذي عندي والله تعالى أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعينين فإنما وقع الأِلْف لتلك لمجيئها في القرآن ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن. ونحن نؤمن بالجميع ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد. وقد قال قبل هذا الكلام بصفحة، فإن صحت رواية ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك يعني "على صورة الرحمن" فهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تأويل ولا تنازع فيه انتهى منه. نعم فقد تبين مما ذكرنا أعلاه أن هذا الحديث صححه أئمة الحديث الإمام أحمد بن حنبل، وزميله إسحاق بن راهويه، والحافظان الذهبي وابن حجر العسقلاني وكفى بهؤلاء قدوة في هذا الشأن. وليس مع من أنكر صحة هذا الحديث حجة يدلي بها إلا عدم إلفه لهذه اللفظة كما قال ابن قتيبة. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدِّين.
كلام تقي الدين الهلالي في هذه المسألة:
أقول: قد أجاد أخونا الأستاذ حماد بن محمد الأنصاري نزيل المدينة النبوية فيما جمعه من الأحاديث وأقوال العلماء في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ" وقد استوفي الكلام حتى تبين الحق لكل منصف وقامت الحجة على كل متعسف من نفاة الصفات الذين يشبهون الله تعالى بالمعدومات. وقد ظهر لي أن أضيف إلى كلامه حديثًا آخر في هذا المعنى رواه البخاري في كتاب التوحيد
47 حدَّثنا أَبُو شَيْبَةَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ بَكْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو مُوسَى1، ثنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، ثنا الْمُغِيرَةُ
= ج 13 ص 419 المطبعة السلفية بمصر بهامش فتح الباري. ونصه بعد السند عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّاس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هَلْ تُضَارون في القمر ليلة البدر؟ " قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال:"فإنكم ترونه كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئًا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس. ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها -أو منافقوها، شك إبراهيم- فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم، فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله في صورته فيقول: "أنا ربكم" فيقولون: "أنت ربنا فيتبعونه" الحديث.
قال محمد تقي الدين الهلالي عفا الله عنه: تضمن هذا الحديث الشريف ثلاث صفات لله عز وجل. أولها: إتيان الله تعالى. وثانيها: الصورة. وثالثهما: رؤيتهم له بأبصارهم، وقد غص بذلك نفاة الصفات المعطلة الجهمية وتخطفتهم شياطينهم فأخذوا يهرفون ويهذرون بأنواع من التأويلات الباطلة التي تضحك الثكلى وتكشف عن تمكن البدعة من قلوبهم وسريانها في عروقهم ودمائهم وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين شبه البدعة بداء الكلب لا يترك عرقًا ومفصلًا إلا سرى فيه.
والحق الذي عليه أهل السنة من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ومن تبعهم بإحسان الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله الله صلى الله عليه وسلم مع تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين، فيقولون: إن لله وجهًا وعينين ويدين وقدمين وأصابع، وكذلك له صورة وعلم وسمع وبصر وغير ذلك من الصفات لا تشبه صفات الخلق. وهذا الذي نعتقده وندين الله به حتى نلقاه، إن شاء الله. ومن أراد أن يقف على تخبط المبتدعين وهذيانهم فلينظر شرح هذا الحديث في فتح الباري ج 13 ص 227 وما بعدها. انتهى.
1 محمد بن المثنى أبو موسى. تهذيب الكمال 7/ ورقة 632. وفي الكنى
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"خَلَقَ اللهُ عز وجل آدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ وَطُوْلِهِ سِتُّونَ ذِرَاعًا"1.
48 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِشْكَابَ2، ثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"لَا تُقَبِّحُوا الْوَجْهَ فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوْرَةِ الرَّحْمَنِ عز وجل"3.
826/9، 809 في ترجمة أبي عامر عبد الملك بن عمرو.
1 خ/ أحاديث الأنبياء، فتح الباري 362/6 ح 3326. وفيه زيادة.
وفي الاستئذان/ باب بدء السلام، فتح الباري 3/11 ح 6227. وفيه زيادة.
م/ في الجنة، 2183/4 ح 28، وفيه زيادة.
2 هو علي بن الحسين بن إبراهيم بن الحر، العامري، ابن إشكاب بكسر الهمزة وسكون المعجمة وآخره موحدة، وهو لقب أبيه، صدوق من العاشرة، مات سنة إحدى وستين. / د ق تقريب 34/2. تهذيب 302/7.
3 ابن أبي عاصم في السنة 228/1 ح 517، قال محققه الشيخ ناصر الدين الألباني: إسناده ضعيف، ورجاله ثقات كلهم رجال البخاري، وعلته عنعنة حبيب بن أبي ثابت، فإنه كان يدلس، وكذلك الأعمش.
وابن خزيمة في التوحيد ص38. وبين ضعفه وهو إرسال الثوري فقد خالف الأعمش الذي وصله. وتدليس الأعمش. وكذلك حبيب بن أبي ثابت.
49 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْوَرَّاقُ، ثنا عَلِيُّ بن الحرب1، ثنا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَا2، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَجَنَّبِ الْوَجْهَ، فَإِنَّ صُورَةَ الْإِنْسَانِ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ عز وجل"3.
50 حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
"وَعَدَنِي رَبِّي عز وجل أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، مَعَ كل ألف سبعين أَلْفًا، وَثَلَاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي عز وجل"4.
1 علي بن الحسين بن حرب القاضي أبو عبيد بن حربويه، ثقة فقيه، جليل مشهور جزم الدَّارقطني بأن النَّسائي أخرج له، وهو من الثانية عشرة، مات سنة تسع عشرة وثلثمائة. / س. تقريب 35/2. تهذيب 303/7.
2 زيد بن أبي الزرقاء يزيد الثعلبي الموصولي، أبو محمد، نزيل الرملة، ثقة من التاسعة مات سنة أربع وتسعين ومائة. / دس تقريب 274/1، التهذيب 413/3.
3 ابن أبي عاصم في السنة 230/1 ح 521 قال محققه الألباني: إسناده ضعيف، ورجاله ثقات غير ابن لهيعة فإنه سيء الحفظ، وإنما يصح بلفظ "على صورته" دون ذكر الرحمن كما سبق تحقيقه تحت الحديث رقم"516" أي في السنة، وهنا رقم "46".
4 حم 268/5، من طريق عبد الله حدثني أبي، ثنا أبو اليمان، ثنا إسماعيل بن عياش به.
ت/ في القيامة تحفة الأحوذي 129/7 ح 2554 من طريق الحسن بن عرفة وقال: حديث حسن صحيح.
جه/ في الزهد/ باب صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم 1433/2 ح 4286.
وابن أبي عاصم في السنة 261/1 ح 589 من طريق إسماعيل بن عياش قال محققه الألباني: إسناده صحيح.
51 حدَّثنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ بِوَاسِطَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ محمد بن زياد، عن أبي أمامة، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ1.
52 أَخْبَرَنَا ابْنُ صَاعِدٍ، ثنا أَبُو أَيُّوبَ النَّهْرانِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ، حدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
53 أَخْبَرَنَا ابْنُ صَاعِدٍ قِرَاءَةً، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَنَانَ2، وَأَبُو عُتْبَةَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ 3، قَالَا: ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي ابْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الجنة من أمتي
…
" وذكره نحوه.
1 حم 250/5.
2 محمد بن عمرو بن حنان الكلبي أبو عبد الله الحمصي. روي عن بقية بن الوليد، صدوق، يغرب، من الحادية عشرة، مات سنة سبع وخمسين، وله ثلاث وثمانون سنة. تقريب 195/2، وتهذيب 372/9.
3 أحمد بن الفرج بن سليمان أبو عتبة الكندي الحمصي، ويعرف بالحجازي ورد بغداد وحدَّث بها عن بقية بن الوليد وغيره، وعنه يحيى بن محمد بن صاعد وغيره.
ذكر ابن أبي حاتم الرازي أنه كتب عنه وقال: محله عندنا الصدق، وكذَّبه غيره. انظر تاريخ بغداد 339/4- 341.