الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إدراكهما وعدم تحمل الإمام عنه فألزمناه إتمامها رعاية للثاني وفاتته الركعة بعدم إدراك ركوعها رعاية للأول احتياطا فيهما وقد تقدم أن المعتمد خلافه (1).
ومقابل الأوجه أعني أن الموافق ما ذكر أيضا قولان: قيل أي قال بعض شراح المنهاج الموافق هو من أي الذي بعد تحرم الإمام أحرما بألف الإطلاق أي أتى بتكبيرة الإحرام وهذا قول أول أو هو من أحرم بعد أن قام أي الإمام من ركعته وهذا قول ثان وضعفوهما أي ضعف العلماء هذين القولين أي القول بأنه من أحرم بعد قيامه؛ لما يلزم على الأول أن أحكام الموافق والمسبوق لا تكون إلا في الركعة الأولى وهو خلاف ما صرحوا من تأتيها في كل الركعات، ألا ترى أن الساعي على [ق198/ب] ترتيب نفسه كبطيء النهضة إذا فرغ من سعيه على ترتيب نفسه فإن أدرك مع الإمام زمنا يسع الفاتحة فموافق وإلا فمسبوق (2)، وعلى الثاني من أنه لم يدرك الركعة من أولها لا يكون موافقا، وإن أدرك زمنا يسع الفاتحة وهو فاسد.
فائدة التعبير بقيل في جانب القول الثاني على بابه أي من أن صيغة قيل للتضعيف كما عرفت، وفي جانب القول الأول ليس على بابه بل بمعنى القول، وقد ذكر بعض شراح الشفا أن كلمة قيل قد يؤتى بها عند اتفاق العلماء على القول.
وضده أي وضد الموافق المسبوق في أي على القولين السابقين أي القول بأن الموافق هو من أدرك مدة إلخ، والقول بأنه من أحرم مع الإمام إلخ، فعلى الأول المسبوق من لم يدرك مدة مع الإمام تسع الفاتحة بالوسط المعتدل ولو كان في الركعة الأولي وعلى الثاني هو من لم يدرك الإحرام مع إمامه أو بعد قيامه من ركعته.
وقد وقع في اليقين أي في اشتراط التيقين (3) وعدمه الخلف أي الاختلاف في تعريف هذين أي الموافق والمسبوق فعند الرملي: من أدرك ما مضى ولو احتمالا وعند ابن حجر هو من أدرك ذلك يقينا ويترتب عليه مسألة الشك [ق199/أ] في السبق والموافقة المتقدم ذكرها وكذا يقال في تعريف المسبوق.
ثم شرعت في أحكام تتعلق بالمسبوق مناسبة لما مر
فقلت وسن بالبناء للمجهول للمسبوق والمراد به هنا من لم يدرك أول الصلاة مع الإمام كما صرح بذلك الشهاب بن قاسم، لا من لم يدرك زمنا يسع الفاتحة، بدليل أنهم جعلوا من أقسامه من أدرك ذلك كما سيشير إليه قولي: ما لم يظن بعده إدراكها، أن لا يشتغل بعد تحرمه بسنة كدعاء الافتتاح وتعوذ عن أم قران وهي الفاتحة سميت بذلك؛ لأنها مفتتحه ومبدؤه فكأنها أصله ومنشاؤه؛ لأنها جمعت معانيه كلها فكأنها نسخة مختصرة، وكأن القرآن كله بعدها تفصيل لها وذلك؛ لأنها جمعت الإلهيات في:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 2، 3]، والدار الآخرة في:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4]
(1) حاشية الجمل على شرح المنهج (1/ 572)، تحفة المحتاج (2/ 348).
(2)
حاشية الجمل على شرح المنهج (1/ 572)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج (2/ 348)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (2/ 227).
(3)
((كذا بالأصل.
والعبادات كلها من الاعتقادات والأحكام التي تقتضيها الأوامر والنواهي في: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] والشريعة كلها في: {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] والأنبياء وغيرهم كالشهداء والصالحين والصديقين في قوله: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] و، ذكر طوائف الكفر في:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7][ق199/ب] ولا الضالين (1).
وقال الخليل (2) كل شيء ضم إليه ما يليه يسمى أمّا انتهى.
وقولي: كفل بضم الكاف وكسر الفاء نعت لقرآن أي تكفل الله بحفظه عن أن يتطرق له خلل بنحو تغيير، أو تبديل، قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، بل يشتغل بالفاتحة فقط إذ الاهتمام بشأن الفرض أولى، ويخففها حذرا من فوتها ما لم يظن أي المسبوق بعده أي بعد الاشتغال المذكور إدراكها أي الفاتحة بحسب حاله وحال إمامه فإن يظنه أتى قبل أي قبل الفاتحة بها أي بالسنة استحبابا ثم بالفاتحة بخلاف ما إذا جهل حاله، أو ظن الإسراع منه، وأنه لا يدركها معه فيبدي بالفاتحة فإن تخلف ظنه لزمه التخلف لقراءتها كبطيء القراءة، قال الشهاب بن القاسم: ولهذا المسبوق أحوال أحدها أن يتحقق الإدراك ولا شبهة أنه يشتغل يعني بالسنة الثاني أن يتحقق عدم الإدراك وهذا مقصر فإن ركع أمامه جاز له التخلف بركنين فتجب المفارقة وإلا بطلت الثالث أن يظن الإدراك وحكمه أنه يسن له الاشتغال بالسنة فلو اختلف ظنه فركع قبل الإمام [ق200/أ] فظاهر أنه كبطيء القراءة لعذره وفيه نزاع في شرح العباب الرابع بما إذا اعتقد وهو ظاهر كلام المصنف وغيره يعني بالمصنف شيخ الإسلام ويحتمل أن يقيد ذلك بما إذا اعتقد أنه يطلب منه والحالة هذه الاشتغال بالسنة أو شك في ذلك أما لو شك أنه يطلب منه ذلك فقد يقال أنه مقصر فلا يكون كبطيء القراءة ولعل هذا الاحتمال أقرب والخامس أنه يشك في الإدراك والظاهر أنه كبطيء القراءة لعذره والاشتغال بمندوب في الجملة مع قيام الاحتمال ولا يخفى عليك أن هذا كله فيمن أدرك زمنا يسع الفاتحة انتهى ملخصا وبعضه بالمعنى فإن يكن المسبوق المذكور هنا بها أي بالسنة لم يشتغل بل قرأ الفاتحة عقب تحرمه وركع الإمام أثناء قراءته فإنه يقطع قراءته ويركع مع إمامه وإن كان بطيء القراءة حتما أي وجوبا لأجل تحصيل الركعة لأنه لم يدرك سوى ما قرأه وحسبت ركعته وإن أدركه قبل قيامه عن اقل الركوع ويتحمل عنه الإمام ما بقي من الفاتحة كما يتحمل عنه جميعها لو أدركه راكعا [ق200/ب] أو ركع عقب تحرمه إذلا فرق بين تحمل البعض والكل لكن يشترط أن
(1) حاشية البجيرمي على الخطيب (1/ 27).
(2)
الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي، أبو عبد الرحمن: من أئمة اللغة والأدب، وواضع علم العروض، أخذه من الموسيقى وكان عارفا بها، وهو أستاذ سيبويه النحويّ، ولد بالبصرة عام 100 هـ، ومات بها عام 170 هـ، وعاش فقيرا صابرا، كان شعث الرأس، شاحب اللون، قشف الهيئة، متمزق الثياب، متقطع القدمين، مغمورا في الناس لايعرف. له كتاب العين، ومعاني الحروف، والعروض، والنقط والشكل، وله ترجمة في: الأعلام للزركلي (2/ 314)، وفيات الأعيان (1/ 172)، معجم المؤلفين (4/ 112).
يطمئن يقينا قبل رفع الإمام رأسه عن أقل الركوع ولا يلزمه البطء أن يتخلف بعد ركوع إمامه ويقرأ من الفاتحة قدر ما يقرأه لو اعتدلت قراءته لما مر بخلاف البطيء الموافق كما مر لا إنه أدرك مع الإمام محل قراءة الفاتحة فيتخلف لإتمامها وهو معذور كما تقدم وإلا فاتت ركعته إن منع نفسه من الركوع بأن تخلف عن إمامه بعد قراءة ما أدركه من الفاتحة لإتمامها حتى رفع رأسه من أقل الركوع لعدم متابعته في معظمها فيوافق الإمام فيما هو فيه ولو ركع في هذه الحالة عامدا عالما بالتحريم فالظاهر البطلان لزيادة ركوع غير محسوب ولا متابعة (1) وهو كذلك وتبطل الصلاة أي صلاة المسبوق الممتنع من الركوع إن تخلفا بألف الإطلاق عنه أي عن إمامه بركنين فعليين متواليين عامدا عالما كان هوي إمامه للسجود وهو قائم بعد القراءة الواجبة إن العذر انتفى عنه أي إن كان تخلفه بغير عذر مما مر. لتقصيره (2) بخلاف تخلفه بهما ناسيا أو جاهلا [ق201/أ] أو يفعل فقط فلا تبطل ولا تفوته الركعة
تنبيه مثل المتخلف بما ذكر السابق لإمامه به فلو سبق إمامه بركنين فعليين عامدا عالما بالتحريم كان هو للسجود والإمام قائم بطلت صلاته بخلاف سبقه بهما ناسيا أو جاهلا، لكن لا يقيد بتلك الركعة فيأتي بعد سلام إمامه بركعة حيث استمر ناسيا أو جاهلا حتى أتى الإمام بهما، فلو تذكر أو علم الحال قبل إتيان الإمام بهما وجبت عليه العود ولا شيء عليه؛ لإتيانه بهما في محلهما.
فرع لو أحرم المأموم فركع الإمام عقب إحرامه، ليس له أن يشتغل بالفاتحة قائما، وإن علم أنه يدركها ويدرك الإمام في الركوع ويطمئن معه، بل يهوي للركوع مكبرا؛ لأن متابعة الإمام واجبة والفاتحة في هذه الحالة غير واجبة ولا مستحبة، وكذلك لو أحرم والإمام في حد أقل الركوع ومن عادته تطويل الركوع بحيث يمكن المأموم قراءة الفاتحة وإدراك الطمأنينة معه في الركوع فإنه لا يتخلف لقراءتها قاله في القول التام، وكذا لو أحرم منفرد أو مضى بعد إحرامه زمنا يسع الفاتحة ثم اقتدى بإمام راكع، أو ركع عقب اقتدائه فإنه يركع [ق201/ب] معه حتما وتسقط عنه القراءة ويدرك الركعة بهذا الركوع كما استقر به (ع ش) وإن استقر بـ (ش ب)(3) أنه يتخلف ويقرأ ويكون معذورا كالموافق؛ لاستقرار الفاتحة عليه (4).
(1) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (2/ 228).
(2)
المقدمة الحضرمية (ص/ 95)، حاشيتا قليوبي وعميرة (1/ 278).
(3)
إشارة إلى الشوبري، وهو: محمد بن أحمد الشوبري الشافعيّ المصري، شمس الدين: فقيه، من أهل مصر. ينعت بشافعي الزمان. ولد في شوبر من الغربية بمصر في 11 رمضان عام 977 هـ، وجاور بالازهر، وتوفي بالقاهرة في 16 جمادى الأولى عام 1069 هـ. له كتب، منها: فتاوى، وحاشية على المواهب اللدنية، وحاشية على شرح التحرير، وترجمته في: الأعلام للزركلي (6/ 11)، معجم المؤلفين (8/ 258)، خلاصة الأثر (3/ 385).
(4)
حاشية الجمل على شرح المنهج (1/ 584).