الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعاً:
من أخلاق النبي صلى الله علية وسلم:
كان النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق أخلاقاً، وأعلاهم فضائل وآداباً، امتاز بذلك في الجاهلية قبل عهد النبوة فكيف بأخلاقه بعد النبوة؟.
وقد خاطبه ربُّه تبارك وتعالى بقوله له: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] .
لقد أدَّبهُ ربُّه، فأحسن تأديبه، وربَّاه فأحسن تربيته، فكان خُلُقهُ القرآن الكريم، يتأدب به، ويؤدب الناس به، فمن أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان أحلم الناس، وأعدلهم، وأعفَّهم، وأسخاهم.
وكان يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويعين أهله في المنزل، ويقطع اللحم معهن، وكان أشد الناس حياءً، لا يثبت بصره في وجه أحد.
وكان يجيب الدعوة من أي أحد، ويقبل الهدية ولو قلَّت، ويكافىء عليها، وكان يغضب لربِّه، ولا يغضب لنفسه، وكان يجوع أحياناً فيعصب الحجر على بطنه من الجوع، ومرة يأكل ما حضر، ولا يرد ما وجد، ولا يعيب طعاماً قط، إن وجد تمراً أكله، وإن وجد شواءً أكله، وإن وجد خبزَ برٍّ أو شعير أكله، وإن وجد حلواً أو عسلاً أكله، وإن وجد لبناً دون خبز اكتفى به، وإن وجد بطيخاً أو رطباً أكله.
وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويمشي وحده بين أعدائه بلا حارس.
وكان أشد الناس تواضعاً، وأسكنهم من غير كِبْر، وأبلغهم من غير تطويل،
وأحسنهم بشراً، لا يهوله شيء من أمور الدنيا.
وكان يلبس ما وجد، فمرة شملة، ومرة جبة صوف، فما وجد من المباح لبس.
يركب ما أمكنه، مرة فرساً، ومرة بعيراً، ومرة بغلة شهباء، ومرة حماراً، أو يمشي راجلاً حافياً.
يجالس الفقراء، ويؤاكل المساكين، ويكرم أهل الفضل في أخلاقهم، ويتألف أهل الشرف في البر لهم، ويصل ذوي الرحم من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم.
لا يجفو على أحد، يقبل معذرة المعتذر إليه، يمزح ولا يقول إلا حقاً، يضحك من غير قهقهة، يسابق أهله، ترفع الأصوات عليه فيصبر.
وكان لا يمضي عليه وقت في غير عمل لله - تعالى - أو فيما لابد له منه من صلاح نفسه.
لا يحتقر مسكيناً لفقره وزمانته، ولا يهاب مَلِكاً لمُلكِهِ، يدعو هذا وهذا إلى الله دعاء مستوياً، قد جمع الله له السيرة الفاضلة، والسياسة التامة، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب.
نشأ في بلاد الفقر والصحاري في فقره، وفي رعاية الغنم يتيماً، لا أب له، فعلمه الله - تعالى - جميع محاسن الأخلاق والطرق الحميدة، وأخبار الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز في الآخرة، والغبطة والخلاص في الدنيا.
ما كان يأتيه أحد إلا قام معه في حاجته، ولم يكن فظاً، ولا غليظاً، ولا
صخَّاباً في الأسواق، وما كان يجزي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح.
وكان من خُلُقه أن يبدأ من لقيه بالسلام، ومَنْ قادَمَهُ لحاجةٍ صابره حتى يكون القادم هو المنصرف.
وما أخذ أحد بيده فيرسل يده حتى يرسلها الآخر.
وكان إذا لقي أحداً من أصحابه بدأه بالمصافحة، ثم أخذ بيده فشابكه، ثم شدَّ قبضته عليه.
وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعاً، ويمسك بيديه عليهما، ولم يكن يُعْرَفُ مجلسُهُ من مجلس أصحابه؛ لأنه كان يجلس حيث انتهى به المجلس.
وما رُئِيَ قط ماداً رجليه بين أصحابه؛ حتى لا يضيقَ بهما على أحد إلا أن يكون المجلس واسعاً لا ضيق فيه.
وكان يكرم من يدخل عليه حتى ربما بسط ثوبه لمن ليس بينه وبينه قرابة يُجْلِسه عليه.
وكان يؤثر الداخل عليه بالوسادة التي تحته، فإن أبى أن يقبلها عزم عليه حتى يفعل.
وما استصفاه أحد إلا ظن أنه أكرم الناس عليه؛ وكان يعطي من جلس إليه نصيبه من وجهه، وسمعه، وحديثه، ولطيف محاسنه، وتوجيهه.
ومَجْلسُه مع ذلك مجلسُ حياء، وتواضع، وأمانة.
وكان يدعو أصحابه بكناهم؛ إكراماً لهم، واستمالة لقلوبهم، وكان يكني من لم تكن له كنية، وكان يكني النساء اللاتي لهن أولاد، واللاتي لم يلدن يبتدىء
لهن الكنى، وكان يكني الصبيان فيستلين قلوبهم.
وكان أبعد الناس غضباً، وأسرعهم رضاً، وكان أرأف الناس بالناس، وخير الناس للناس، وأنفع الناس للناس.
وكان يحب اليسر، ويكره العسر، ولا يشافه أحد بما يكره، ومن رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه.
هذه بعض أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم.