المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من كرامات أولياء الله - العزلة والانفراد

[ابن أبي الدنيا]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ترجمة مختصرة لابن أبي الدنيا

- ‌وصف المخطوط وتوثيقه

- ‌طرة الغلاف

- ‌تراجم رجال هذا الإسناد:

- ‌1 - ترجمة أبي عليّ البَرْذعِي

- ‌2 - ترجمة أبي عبد الله بن دوست

- ‌3 - ترجمة أبي محمد التميمي

- ‌4 - ترجمة أبي الكرم الشهرزوري

- ‌5 - ترجمة أبي الحسن الأزجي

- ‌6 - ترجمة أبي العباس الأزدي

- ‌إسنادي الكتاب

- ‌الجزء الأول من كتابالعزلة ولإنفراد

- ‌رَبِّ يَسِّرْ بِرَحْمَتِكَ

- ‌مَا النَّجَاةُ

- ‌طُوبَى لِمَنْ مَلَكَ لِسَانَه

- ‌مِنْ وَصَايَا ابْنِ مَسْعُودٍ

- ‌مِنْ وَصَايَا أَبِي الدَّرْدَاءِ

- ‌مَنْ أَعْجَبُ النَّاسِ

- ‌مِنْ أُمْنِيَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ

- ‌أَبُو الْجُهَيْمِ وَالْعُزْلَةُ

- ‌وَهَلْ يُفْسِدُ النَّاسَ إِلا النَّاسُ

- ‌الْعُزْلَةُ أَسْلَمُ

- ‌وَجَدْتُ مُجَالَسَةَ النَّاسِ شَرًّا

- ‌صِفَةُ خَيْرِ النَّاسِ

- ‌مِنْ كَلامِ الْفَارُوقِ فِي الْعُزْلَةِ

- ‌الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ

- ‌خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ

- ‌خَيْرُ مَعَايِشِ النَّاسِ

- ‌خَيْرُ النَّاسِ مَنْزِلَةً

- ‌الْعُزْلَةُ رَاحَةٌ

- ‌اتَّقُوا النَّاسَ

- ‌مِنْ كَلامِ دَاوُدَ الطَّائِيِّ فِي الْعُزْلَةِ

- ‌التَّرْغِيبُ فِي الْعُزْلَةِ

- ‌مِنْ كَلامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي الْعُزْلَةِ

- ‌السَّلامَةُ فِي الْعُزْلَةِ

- ‌مَا يَحْمِلُكَ عَلَى الاعْتِزَالِ

- ‌أَبُو الْجُهَيْمِ وَالْعُزْلَةُ

- ‌مِنْ كَلامِ الْفُضَيْلِ فِي الْعُزْلَةِ

- ‌مِنْ آفَاتِ الْمُخَالَطَةِ

- ‌وَهَلِ الأُنْسُ الْيَوْمَ إِلا فِي الْوِحْدَةِ

- ‌مَعَ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ

- ‌الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ

- ‌تَفَقَّهْ ثُمَّ اعْتَزِلْ

- ‌مَعَ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ

- ‌فِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ

- ‌الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ

- ‌اسْتِشَارَةٌ

- ‌نَصَائِحُ غَالِيَةٌ

- ‌الْعُزْلَةُ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ

- ‌مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَالْعُزْلَةُ

- ‌خَيْرُ أَنِيسٍ

- ‌حَالُ الرَّجُلِ عِنْدَ ذِكْرِهِ لِلْقَبْرِ

- ‌مَعَ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ

- ‌مَنْ لَمْ يَأْنَسْ بِاللَّهِ لَمْ يَأْنَسْ بِشَيْءٍ

- ‌مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ

- ‌كُرْزُ بْنُ وَبْرَةَ وَالْعُزْلَةُ

- ‌مِنْ صِفَاتِ خَيْرِ النَّاسِ

- ‌حِكَايَاتُ مَالِكٍ عَنِ الْمُعْتَزِلِينَ

- ‌الْزَمْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ

- ‌مِنْ مَوَاعِظِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ

- ‌مِنْ كَرَامَاتِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ

- ‌الْعُمَرِيُّ وَالْعُزْلَةُ

- ‌مِنْ أَدْعِيَةِ الْمُعْتَزِلِينَ

- ‌عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَالْعُزْلَةُ

- ‌مَعَ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ

- ‌مَعَ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ

- ‌عُزْلَةُ النَّاسِ مِنَ الْحِكْمَةِ

- ‌تَفْسِيرُ الْعُزْلَةِ

- ‌الْعُزْلَةُ فِي اللِّسَانِ

- ‌مِنْ مَوَاعِظِ الْحُكَمَاءِ

- ‌الْعُزْلَةُ وَالشُّعَرَاءُ

- ‌مِنْ وَصَايَا الأَبْرَارِ

- ‌خَيْرُ النَّاسِ مَنْزِلَةً

- ‌مِنْ كَلامِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فِي الْعُزْلَةِ

- ‌لِمَ خَلَوْتَ

- ‌لِمَاذَا اعْتَزَلَ طَاوُسٌ

- ‌مَعَ سَيِّدِ التَّابِعِينَ

- ‌الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِالْعُزْلَةِ والانفراد

- ‌رَبِّ يَسِّرْ بِرَحْمَتِكَ

- ‌لِمَاذا اعْتَزَلَ عُرْوَةُ

- ‌مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ

- ‌الْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ

- ‌مِنْ مَوَاعِظِ الصَّالِحِينَ

- ‌مِنْ مَوَاعِظِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ

- ‌مِنْ وَصَايَا دَاوُدَ الطَّائِيِّ

- ‌كُونُوا مَصَابِيحَ الْهُدَى

- ‌بِشْرِ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْعُزْلَةُ

- ‌مِنْ وَصَايَا إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ

- ‌مِنْ وَصَايَا سِمَاكِ بْنِ سَلَمَةَ

- ‌مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ

- ‌رَدُّ جَمِيلٍ

- ‌خَيْرُ النَّاسِ

- ‌مِنْ مَوَاعِظِ مُجَاهِدٍ

- ‌كَلامٌ فَاسِدٌ

- ‌مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ

- ‌مِنْ مَوَاعِظِ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ

- ‌الثَّلاثُ الْمُنْجِيَاتُ

- ‌جَلِيسُ الصِّدْقِ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ

- ‌مَعَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ

- ‌مِنْ أُمْنِيَاتِ حُذَيْفَةَ

- ‌مِنْ وَصَايَا الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ

- ‌مَعَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عليهما السلام

- ‌مَعَ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ

- ‌الْعُزْلَةُ وَالشُّعَرَاءَ

- ‌الْمَجَالِسُ الثَّلاثَةُ

- ‌كَيْفَ النَّجَاةُ

- ‌أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ

- ‌مِمَّ يَعْجَبُ رَبُّنَا عز وجل

- ‌مِنْ وَصَايَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم

- ‌مِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ

- ‌مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ

- ‌وَصِيَّةٌ جَامِعَةٌ

- ‌أُوَيْسٌ وَالْعُزْلَةُ

- ‌الْقَبْرُ لا يَأْكُلُ الإِيمَانَ

- ‌مِنْ كَلامِ الْحُكَمَاءِ فِي الْعُزْلَةِ

الفصل: ‌من كرامات أولياء الله

‌مِنْ كَرَامَاتِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ

76 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، ثنا أَبُو الْهَيْثَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي سَفَرٍ، فَرَكِبْنَا مَفَازَةً، فَلَمَّا أَنْ كُنَّا فِي وَسَطٍ مِنْهَا إِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَتَلَوَّمَهُ أَبِي أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَيْهِ فَمَا فَعَلَ، فَقَالَ: يَا هَذَا! قَدْ نَرَاكَ فِي هَذَا الْمَكَانِ، وَلا نَرَى مَعَكَ طَعَامًا وَلا شَرَابًا، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ نُخَلِّفَ لَكَ طَعَامًا وَشَرَابًا، قَالَ: فَأَوْمَأَ إِلَيْنَا أَنْ: لا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْنَا حَتَّى جَاءَتْ سَحَابَةٌ نَشَأَتْ فَأَمْطَرَتْ حَتَّى أَسْقَاهُ وَمَا حَوْلَهُ، وَقَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى أَوَّلِ الْعُمْرَانِ، ذَكَرَهُ أَبِي لَهُمْ فَعَرَفُوهُ، وَقَالُوا: ذَاكَ فُلانٌ، لا يَكُونُ فِي أَرْضٍ إِلا سُقُوا (1) .

(1) إسناده حسن: والمفازة: الصحراء.

ص: 39

77 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو الْهَيْثَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى جَزِيرَةٍ فَرَكِبْنَا السَّفِينَةَ، قَالَ: فَأَرْفَأَتْ (1) بِنَا إِلَى نَاحِيَةِ قَرْيَةٍ عَارِيَةٍ فِي سَفْحِ جَبَلٍ خَرَابٍ، لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَطَوَّفْتُ فِي ذَلِكَ الْخَرَابِ أَتَأَمَّلُ آثَارَهُمْ، وَمَا كَانُوا فِيهِ إِذْ دَخَلْتُ بَيْتًا يَشْبُهُ أَنْ يَكُونَ مَأْهُولا، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ لِهَذَا لَشَأْنًا، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكُمْ حَاجَةً، قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: تُقِيمُونَ عَلَيَّ لَيْلَةً، قَالُوا: نَعَمْ، فَدَخَلْتُ ذَلِكَ الْبَيْتَ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ فَسَيَأْوُونَ إِلَيْهِ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ، فَلَمَّا أَنْ جَنَّ اللَّيْلُ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ صَوْتًا قَدِ انْحَطَّ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ يُسَبِّحُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ، فَلَمْ يَزَلِ الصَّوْتُ يَدْنُو بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ شَيْئًا إِلا جَرَّةً لَيْسَ فيِهَا شَيْءٌ، وَوِعَاءً لَيْسَ لَهُ فِيهِ طَعَامٌ، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُصَلِّيَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى ذَلِكَ الْوِعَاءِ فَأَكَلَ مِنْهُ طَعَامًا، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ، تَعَالَى، ثُمَّ أَتَى الْجَرَّةَ فَشَرِبَ مِنْهَا شَرَابًا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَقَامَ الصَّلاةَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ، دَخَلْتَ بَيْتِي بِغَيْرِ إِذْنٍ؟ ! قَالَ: قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، لَمْ أُرِدْ إِلا الْخَيْرَ، قُلْتُ: رَأَيْتُكَ أَتَيْتَ هَذَا الْوِعَاءَ فَأَكَلْتَ مِنْهُ طَعَامًا، وَقَدْ نَظَرْتُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا! وَأَتَيْتَ تِلْكَ الْجَرَّةَ فَشَرِبْتُ مِنْهَا شَرَابًا، وَقَدْ نَظَرْتُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا! ، قَالَ: أَجَلْ، مَا مِنْ طَعَامٍ أُرِيدُهُ مِنْ طَعَامِ

⦗ص: 40⦘

النَّاسِ، إِلا أَكَلْتُهُ مِنْ هَذَا الْوِعَاءِ، وَلا شَرَابًا أُرِيدُهُ مِنْ شَرَابِ النَّاسِ إِلا شَرِبْتُهُ مِنْ هَذِهِ الْجَرَّةِ. قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ أَرَدْتَ السَّمَكَ الطَّرِيَّ؟ قَالَ: وَإِنْ أَرَدْتُ السَّمَكَ الطَّرِيَّ. فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ لَمْ تُؤْمَرْ بِالَّذِي صَنَعْتَ، أُمِرَتْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْمَسَاجِدِ بِفَضْلِ الصَّلَوَاتِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، قَالَ: هَهُنَا قَرْيَةٌ فِيهَا كُلُّ مَا ذَكَرْتَ، وَأَنَا مُنْتَقِلٌ إِلَيْهَا، قَالَ: فَكَأَبَنِي حِينًا ثُمَّ انْقَطَعَ كَآبُهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَاتَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ لَمَّا مَاتَ وَجَدَ مِنْ قَتَرِهِ رِيحَ الْمِسْكِ (2) .

(1) دنت من المرفأ.

(2)

حسن: وقوله: فكأبني: أي تغير نفسه. القُتْر: الجانب والناحية.

ص: 39

78 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ، ثَنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا السُّدِّيُّ بْنُ يَحْيَى الصَّدُوقُ الأَمِينُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي فَكُنَّا فِي أَرْضِ فَلاةٍ، رُفِعَ لَنَا سَوَادٌ فَظَنَنَّاهُ شَجَرَةً، فَلَمَّا دَنَوْنَا إِذَا بِرَجُلٍ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَانْتَظَرَهُ لِيَنْصَرِفَ فَيُرْشِدَنَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي نُرِيدُ، فَلَمَّا لَمْ يَنْصَرِفْ، قَالَ لَهُ أَبِي: إِنَّا نُرِيدُ قَرْيَةَ كَذَا أَوْ كَذَا، فَأَوْمئْ لَنَا قِبَلَهَا بِيَدِكَ، قَالَ: فَفَعَلَ.

قَالَ: فَإِذَا لَهُ حَوْضٌ مُحَوَّضٌ، يَابِسٌ لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ، وَإِذَا قِرْبَةٌ يَابِسَةٌ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: إِنَّا نَرَاكَ فِي أَرْضِ فَلاةٍ، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَاءٌ فَتَجْعَلُ فِي قِرْبَتِكَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ الَّذِي عِنْدَنَا؟ فَأَوْمَأَ أَنْ: لا، فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ، فَامْتَلأَ حَوْضُهُ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلْنَا الْقَرْيَةَ ذَكَرْنَاهُ لَهُمْ، قَالُوا: نَعَمْ، ذَاكَ فُلانٌ، لا يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ إِلا سُقِيَ، قَالَ: فَقَالَ أَبِي: كَمْ مِنْ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ لا نَعْرِفُهُ! (1) .

(1) صحيح: أومأ: أشار

ص: 40

79 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: " كُونُوا يَنَابِيعَ الْعِلْمِ، جُدُدَ الْقُلُوبِ خُلْقَانَ الثِّيَابِ، سُرُجَ اللَّيْلِ، كَيْ تُعْرَفُوا فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، وَتُخْفَوْا عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ "(1) .

(1) ضعيف: اخرجه ابن أبي الدنيا في " التواضع والخمول "(14) ، بسنده ومتنه.

وفي سنده علتان؛ الأولى: عامر بن يساف، مجهول. والثانية: الانقطاع بين يحي، وابن مسعود.

ص: 40

80 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ سَلَمَةَ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنِي قُثَمُ الْعَابِدُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: هَبَطْتُ مَرَّةً

⦗ص: 41⦘

وَادِيًا، فَإِذَا أَنَا بِرَاهِبٍ قَدْ حَبَسَ نَفْسَهُ فِي بَعْضِ غِيرَانِهِ، فَرَاعَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَجِنِّيٌّ أَمْ إِنْسِيٌّ؟ فَبَكَى، وَقَالَ: وَفِيمَ الْخَوْفُ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ؟ ! رَجُلٌ أَوْبَقَتْهُ ذُنُوبُهُ، فَهَرَبَ مِنْهَا إِلَى رَبِّهِ، وَلَيْسَ بِجِنِّيٍّ، وَلَكِنْ إِنْسِيٌّ، مَغْرُورٌ، قُلْتُ: مُنْذُ كَمْ أَنْتَ هَهُنَا؟ قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، قُلْتُ: فَمَنْ أُنْسُكَ؟ قَالَ: الْوَحْشَةُ، قُلْتَ: فَمَا طَعَامُكَ؟ قَالَ: الثِّمَارُ وَنَبَاتُ الأَرْضِ، قُلْتُ: فَمَا تَشْتَاقُ إِلَى النَّاسِ؟ قَالَ: مِنْهُمْ هَرَبْتُ، قُلْتُ: فَعَلَى الإِسْلامِ أَنْتَ؟ قَالَ: مَا أَعْرِفُ غَيْرَهُ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَحَسَدْتُهُ وَاللَّهِ عَلَى مَكَانِهِ ذَلِكَ (1) .

(1) أخرجه ابن عساكر في: تارخ دمشق " (37/219)، من طريق روح بن سلمة به. ووقع فيه: روح ابن مسلمة.

وغِيرَانِهِ، الغيران: جمع غار، وهو الكهف، أو البيت في الجبل.

ص: 40

81 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَامِرٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَاهِبًا عَنْ قَائِمٍ لَهُ مِنْ حَدِيدٍ، قُلْتُ: مَا أَشَدَّ مَا يُصِيبُكَ فِي مَوْضِعِكَ هَذَا مِنَ الْوَحْدَةِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْوَحْدَةِ شِدَّةٌ، إِنَّمَا الْوَحْدَةُ أُنْسُ الْمُرِيدِينَ (1) .

(1) في سنده: مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَامِرٍ، لم أهتد لحاله. والله أعلم.

ص: 41

82 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: أَنَّهُ دَخَلَ كَهْفَ جَبَلٍ فِي نَاحِيَةٍ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، فَإِذَا هُوَ بِشَيْخٍ مَكْبُوبٍ عَلَى وَجْهِهِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: إِنْ كُنْتُ ظَمِئْتُ جَهْدِي فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَتُطِيلُ شَقَائِي فِي الآخِرَةِ، فَلَقَدْ أَهْمَلْتَنِي وَأَسْقَطْتَنِي مِنْ عَيْنِكَ أَيُّهَا الْكَرِيمُ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا دُمُوعُهُ قَدْ بَلَّتِ الأَرْضَ، فَقَالَ: أَلَمْ تَكُنِ الدُّنْيَا لَكُمْ وَاسِعَةً وَأَهْلُهَا لَكُمْ أُنَاسًا؟ فَلَمَّا رَأَيْتُ مِنْ عَقْلِهِ مَا رَأَيْتُ، قُلْتُ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، وَاعْتَزَلْتَ النَّاسَ، وَاغْتَرَبْتَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ فَقَالَ: فَأَنْتَ أَيْ أَخِي، فَحَيْثُ مَا ظَنَنْتَ أَنَّهُ أَقْرَبُ لَكَ إِلَى اللَّهِ، فَابْتَغِ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلا، فَلَنْ يَجِدَ مُبْتَغُوهُ مِنْ غَيْرِهِ عِوَضًا، قَالَ: قُلْتُ: فَالْمَطْعَمُ؟ قَالَ: أَقْبَلُ ذَاكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، قَالَ: قُلْتُ: فَالْقِلَّةُ؟ قَالَ: إِذَا أَرَدْنَا ذَلِكَ، فَيُنْبِتُ الأَرْضَ وَقُلُوبَ الشَّجَرِ، قَالَ: قُلْتُ: أَلا أُخْرِجُكَ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ فَآتِي بِكَ أَرْضَ الرِّيفِ وَالْخِصْبِ؟ قَالَ: فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا الرِّيفُ وَالْخَصْبُ حَيْثُ يُطَاعُ اللَّهُ، عز وجل ، وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ أَمُوتُ الآنَ، وَلا حَاجَةَ لِي بِالنَّاسِ (1) .

(1) إسناده ضعيف: فيه جهالة من حدّث الخزاعي

ص: 41