المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[كتاب الحجر والمأذون] - العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَار]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَرَامَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقُرَى وَنَحْوِهَا]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[ذَبِيحَةِ الذِّمِّيِّ الْكِتَابِيِّ هَلْ تَحِلُّ مُطْلَقًا أَوْ لَا]

- ‌[الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّرْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُدَايَنَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا]

- ‌[كِتَابُ الْحِيطَانِ وَمَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَسَائِلُ وَفَوَائِدُ شَتَّى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَضْعُ السُّتُورِ وَالْعَمَائِمِ وَالثِّيَابِ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي تَيْسِيرِ الْوُقُوفِ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ لِلْأَمْوَاتِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى وُجُوهٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أُبِيحَ لَعْنُهُ إلَّا وَالِدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى أَئِمَّةٌ أَعْلَامٌ بِتَحْرِيمِ شُرْبِ الدُّخَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّعَصُّبِ قَالَ الصَّلَابَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْكَذِبُ مُبَاحٌ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ نَفْسِهِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الِاعْتِمَاد عَلَى مَا وَقَعَ فِي كُتُبِنَا مِنْ الْعِبَارَاتِ الْفَارِسِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ تَقْبِيلِ الْخُبْزِ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَقِيهِ الْإِجَابَةُ عَنْ كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ سَبَبُ وَضْعِ التَّارِيخِ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[كتاب الحجر والمأذون]

بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَبِيهِ طَلَبَ مِنْ الْأَبِ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْهُ فَامْتَنَعَ الْأَبُ فَصَوَّبَ نَحْوَهُ بُنْدُقَةً مُجَرَّبَةً وَهَدَّدَهُ بِقَتْلِهِ بِهَا إنْ لَمْ يُبْرِئْهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَتَحَقَّقَ الْأَبُ مِنْ إيقَاعِ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَبْرَأَهُ عَنْ دَيْنِهِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْإِبْرَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلِلْأَبِ مُطَالَبَةُ الِابْنِ بِدَيْنِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]

ِ (سُئِلَ) فِي رَقِيقٍ مَحْجُورٍ يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ نِصْفَ فَرَسٍ فَهَلْ مَوْلَاهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَهُ أَوْ يَفْسَخَهُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِي عَبْدٍ رَقِيقٍ مَحْجُورٍ بِيَدِهِ دَابَّةٌ وَهُوَ جَارٍ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ فَهَلْ يَكُونُ الْعَبْدُ وَمَا بِيَدِهِ لِمَوَالِيهِ الْمَذْكُورِينَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْحَجْرُ هُوَ مَنْعٌ عَنْ التَّصَرُّفِ قَوْلًا لَا فِعْلًا بِصِغَرٍ وَرِقٍّ وَجُنُونٍ فِي الْمَجَانِينِ، وَالرِّقُّ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْحَجْرِ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ مُحْتَاجٌ كَامِلُ الرَّأْيِ كَالْحُرِّ غَيْرَ أَنَّهُ وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْمَوْلَى فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ لِأَجْلِ حَقِّهِ شَرْحُ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مُسِنٍّ مَعْتُوهٍ فِي ذِمَّتِهِ دُيُونٌ لِزَوْجَاتِهِ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ وَلَا وَصِيَّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَقْضِيَ دَيْنَهُ سِوَى عَقَارَاتٍ مَعْلُومَةٍ فَأَقَرَّ وَهُوَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يُعْرَفُ بِهِ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ فَهُوَ لِابْنِهِ فُلَانٍ الصَّغِيرِ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانَ مَعْتُوهًا فَإِقْرَارُهُ الْمَزْبُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ الْعَتَهُ اخْتِلَالٌ فِي الْعَقْلِ بِحَيْثُ يَخْتَلِطُ كَلَامُهُ يُشْبِهُ تَارَةً كَلَامَ الْعُقَلَاءِ وَأُخْرَى كَلَامَ الْمَجَانِينِ دُرَرٌ وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ: هُوَ مَنْ كَانَ قَلِيلَ الْفَهْمِ مُخْتَلِطَ الْكَلَامِ فَاسِدَ التَّدْبِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ وَلَا يَشْتُمُ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمَجْنُونُ وَهُوَ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَفِي رَفْعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنَحٌ وَتَصَرُّفُ الصَّبِيِّ، وَالْمَعْتُوهِ إنْ كَانَ نَافِعًا كَالْإِسْلَامِ وَالِاتِّهَابِ صَحَّ بِلَا إذْنٍ، وَإِنْ ضَارًّا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا وَإِنْ أَذِنَ بِهِ وَلِيُّهُمَا وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ نَفْعٍ وَضَرٍّ كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِذْنِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُمَا الْوَصِيُّ فَهُمَا فِي شِرَاءِ وَبَيْعٍ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ، وَالشَّرْطُ أَنْ يَعْقِلَا الْبَيْعَ سَالِبًا لِلْمِلْكِ وَالشِّرَاءِ جَالِبًا لَهُ تَنْوِيرٌ مِنْ الْمَأْذُونِ زَادَ الزَّيْلَعِيُّ وَأَنْ يَقْصِدَ الرِّبْحَ وَيَعْرِفَ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَاحِشِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرُ جُمْلَةٍ حَالِيَّةٍ أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى عَلَى الْعُقَلَاءِ كَأَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْخَمْسَةَ فِي الْعَشَرَةِ مَثَلًا غَبْنٌ فَاحِشٌ وَأَنَّ الْوَاحِدَ فِيهَا يَسِيرٌ فَإِنَّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فَمِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ لَا يَكُونُ عَاقِلًا كَصَبِيٍّ دَفَعَ إلَيْهِ رَجُلٌ كَعْبًا وَأَخَذَ بِهِ ثَوْبَهُ فَإِنَّهُ إذَا فَرِحَ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ مَغْبُونٌ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَاحِشِ فِيمَا تُجْهَلُ قِيمَتُهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ قَدْ يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الرِّجَالِ الْعُقَلَاءِ فَضْلًا عَنْ الصِّبْيَانِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا أُورِدَ مِنْ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ مُخْتَصٌّ بِحُذَّاقِ التُّجَّارِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ هَذَا الشَّرْطُ اهـ فَاغْتَنِمْ بَيَانُ هَذَا الْمَقَامِ فَقَدْ خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَحْصُلُ لَهُ صَرْعٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً ثُمَّ يُفِيقُ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ فَإِذَا أَقَرَّ أَوْ رَهَنَ أَوْ فَرَغَ عَنْ تَيْمَارٍ لَهُ فِي حَالَةِ إفَاقَتِهِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا مِنْهُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ فِي حَالَةِ إفَاقَتِهِ كَالْعَاقِلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ.

(سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ يَتِيمَةٍ بَلَغَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ سَفِيهَةً مُبَذِّرَةً وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَحْجُرُ عَلَيْهَا وَلَا يُسَلِّمُ مَالَهَا إلَيْهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ بَلَغَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ لَا يُسَلِّمُ إلَيْهَا مَالَهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِرَجَاءِ التَّأْدِيبِ فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ السِّنَّ وَلَمْ تَتَأَدَّبْ انْقَطَعَ عَنْهَا الرَّجَاءُ غَالِبًا فَلَا مَعْنَى لِلْحَجْرِ بَعْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَدْفَعُ

ص: 146

إلَيْهَا الْمَالَ مَا لَمْ يُؤْنِسْ مِنْهَا الرُّشْدَ فَحِينَئِذٍ يَدْفَعُ إلَيْهَا مَالَهَا لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ بِالسَّفَهِ، قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَعِنْدَهُمَا يُحْجَرُ عَلَى الْحُرِّ بِالسَّفَهِ وَالْغَفْلَةِ بِهِ أَيْ بِقَوْلِهِمَا يُفْتَى صِيَانَةً لِمَالِهِ اهـ فَتَلَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا إذَا بَلَغَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُدْفَعُ إلَيْهَا الْمَالُ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَعِنْدَهُمَا إلَى أَنْ يُؤْنِسَ رُشْدَهَا وَإِذَا حُجِرَ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ وَالْغَفْلَةِ فَعِنْدَهُمَا: لَا يُدْفَعُ إلَيْهَا الْمَالُ حَتَّى يُؤْنَسَ رُشْدُهَا فَفِي الْأَوَّلِ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ قَدَّمَهُ فِي الْمُلْتَقَى، وَالْهِدَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْوِيرِ، وَالدُّرَرِ وَفِي الثَّانِي الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُهُمَا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ

(أَقُولُ) ، وَالتَّلْخِيصُ الْمُفِيدُ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً عِنْدَ الْإِمَامِ وَهَذَا لَيْسَ بِحَجْرٍ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْعٌ لِلتَّأْدِيبِ فَتَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَبَعْدَهَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ مَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ رَشِيدًا لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ هَذَا السِّنَّ انْقَطَعَ رَجَاءُ التَّأْدِيبِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ إلَيْهِ مَالَهُ حَتَّى يُؤْنِسَ رُشْدَهُ وَإِنْ صَارَ شَيْخًا وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَهَذِهِ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ وَتَظْهَرُ الثَّمَرَةُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ دَفَعَ وَصِيُّهُ إلَيْهِ الْمَالَ بَعْدَمَا بَلَغَ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَهُوَ مُفْسِدٌ يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَهُ وَظَاهِرُ الْمُتُونِ اعْتِمَادُ قَوْلِ الْإِمَامِ فِي تَقْيِيدِ الْمَنْعِ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ غَيْرُهُمْ بِاعْتِمَادِ قَوْلِهِمَا نَعَمْ صَرَّحَ غَيْرُهُمْ بِتَرْجِيحِ قَوْلِهِمَا بِصِحَّةِ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ بِسَبَبِ السَّفَهِ وَالْغَفْلَةِ، وَالدَّيْنِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَهَذَا تَصْحِيحٌ صَرِيحٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى التَّصْحِيحِ الِالْتِزَامِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ أَيْ أَنَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَى الْحُرِّ تَصْحِيحٌ الْتِزَامِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ الْتَزَمُوا ذِكْرَ الصَّحِيحِ وَهُمْ فِي الْغَالِبِ يَمْشُونَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَقَدْ مَشَوْا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِهِ فَهُوَ تَصْحِيحٌ لَهُ الْتِزَامًا وَمَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا تَصْحِيحٌ صَرِيحٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الِالْتِزَامِيِّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التتارخانية أَنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدَهُمَا فِي أَنَّ الْحَجْرَ بِسَبَبِ الدَّيْنِ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَضَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الْحَجْرِ بِالْفَسَادِ وَالسَّفَهِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ كَذَلِكَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيمَا بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا حَجْرَ عَلَيْهِ إلَّا بِحَجْرِ الْحَاكِمِ وَلَا يَنْفَكُّ حَتَّى يُطْلِقَهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فَسَادُهُ فِي مَالِهِ يَحْجُرُهُ وَإِصْلَاحُهُ فِيهِ يُطْلِقُهُ، وَالثَّمَرَةُ فِيمَا بَاعَهُ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي يَجُوزُ عِنْدَ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ هَذَا خُلَاصَةُ مَا حَرَّرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَاغْتَنِمْهُ.

(سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ بَلَغَ رَشِيدًا فَطَلَبَ مَالَهُ مِنْ أَخِيهِ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ لَهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا يُؤْمَرُ الْوَصِيُّ بِتَسْلِيمِ مَالِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) فِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ قَالَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَإِذَا أَدْرَكَ الْيَتِيمُ لَمْ يُعَجِّلْ بِدَفْعِ مَالِهِ إلَيْهِ وَلَكِنْ يَتَأَنَّى وَيُجَرِّبُهُ بِشَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ فَإِنْ وَجَدَهُ مُصْلِحًا دَفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ مَاجِنًا مُفْسِدًا تَأَنَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً ثُمَّ يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ صَلُحَ أَوْ لَمْ يَصْلُحْ وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلَا بَأْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ وَيَأْذَنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ لِلِاخْتِبَارِ عِنْدَنَا فَإِنْ آنَسَ مِنْهُ رُشْدًا دَفَعَ إلَيْهِ الْبَاقِي، وَالرُّشْدُ هُنَا: الِاسْتِقَامَةُ، وَالِاهْتِدَاءُ فِي حِفْظِ الْمَالِ وَإِصْلَاحِهِ اهـ.

وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: يَتِيمٌ أُدْرِكَ مُفْسِدًا غَيْرَ مُصْلِحٍ وَهُوَ فِي حِجْرِ وَصِيِّهِ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَحْجُرْ فَسَأَلَ وَصِيَّهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ فَدَفَعَ إلَيْهِ وَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَصِيُّهُ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ إلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ تَضْيِيعٌ فَيَضْمَنُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ وَهُوَ صَبِيٌّ مُصْلِحٌ وَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَضَاعَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ اهـ. فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلْمَ الْوَصِيِّ بِصَلَاحِهِ وَرُشْدِهِ يَكْفِي فِي جَوَازِ دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ عَدَمَ رُشْدِهِ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ؟ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى الرُّشْدَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَأَنْكَرَهُ الْوَصِيُّ لَا يُؤْمَرُ الْوَصِيُّ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ

ص: 147

إلَيْهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُهُ كَمَا فِي صُورَةِ سُؤَالِ الْمُؤَلِّفِ وَبَقِيَ مَا لَوْ بَلَغَ وَلَمْ يَظْهَرْ حَالُهُ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ وَتَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ رُشْدِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْأَوَّلُ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَلَغَ لَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ حَتَّى يُعْلَمَ رُشْدُهُ، وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِسَيِّدِي مُحَمَّدٍ أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ: وَكَمَا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَهُوَ مُفْسِدٌ.

فَكَذَا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ لَهُ قَبْلَ ظُهُورِ رُشْدِهِ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ اهـ. وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ غَيْرَ رَشِيدٍ مُبَذِّرًا مُتْلِفًا لِمَالِهِ ثُمَّ بَلَغَ وَلَمْ يَظْهَرْ رُشْدُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ رَشِيدًا غَيْرَ سَفِيهٍ فَلَا كَلَامَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُ الْمَالِ إلَيْهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَبَعْدَهُ أَوْلَى وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَيْضًا فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ الْخَانِيَّةِ الْمَارِّ آنِفًا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ لَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَبْلَ ظُهُورِ حَالِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْأُصُولِيُّونَ بِأَنَّ السَّفَهَ مِنْ الْعَوَارِضِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَصْلَ الرُّشْدُ وَفِي الْمُتُونِ فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فَقَيَّدُوا ذَلِكَ بِبُلُوغِهِ غَيْرَ رَشِيدٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ وَهُوَ رَشِيدٌ أَوْ لَمْ يُعْلَمُ حَالُهُ فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ إلَيْهِ مَالُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّلَبِيِّ سُؤَالًا فِيمَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ فَهَلْ الْأَصْلُ بَعْدَهُ الرُّشْدُ أَوْ السَّفَهُ وَهَلْ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ ثُمَّ ظَهَرَ مُفْسِدًا يَبْرَأُ الدَّفْعُ أَمْ لَا؟

(وَالْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: " أَمَّا الصَّبِيُّ فَاَلَّذِي يَرْفَعُ عَنْهُ الْحَجْرَ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا إذْنُ الْوَلِيِّ لَهُ بِالتِّجَارَةِ، وَالثَّانِي بُلُوغُهُ اهـ " إلَى أَنْ قَالَ: فَمَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ حَالِهِ سَفَهٌ وَلَا رُشْدٌ كَمَا هُوَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَيْهِ مَالَهُ فَظَهَرَ مُفْسِدًا لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَعْلِيلُ قَاضِي خَانْ وَلِأَنَّهُ قَدْ زَالَ عَنْهُ الْحَجْرُ بِالْبُلُوغِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي عِبَارَةِ الْبَدَائِعِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ سَفَهٌ وَقْتَ الدَّفْعِ وَلِأَنَّهُ بِالسَّفَهِ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي كَمَا قَدَّمْنَا.

لَكِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْوَصِيِّ أَنْ لَا يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ إلَّا بَعْدَ الِاخْتِبَارِ. اهـ. فَقَدْ تَحَرَّرَ أَنَّ إثْبَاتَ الرُّشْدِ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عِنْدَ جُحُودِ الْوَصِيِّ لَهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ أَيْضًا حَيْثُ سُئِلَ فِيمَنْ بَلَغَتْ وَعَلَيْهَا وَصِيٌّ وَلَهَا مَالٌ تَحْتَ يَدِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ رُشْدُهَا بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ، الْجَوَابُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ فَإِنْ بَلَغَتْ رَشِيدَةً سُلِّمَ إلَيْهَا مَالُهَا وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهَا الرُّشْدُ اهـ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَأَقَرَّهُ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَإِلَّا نَاقَضَ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ هَذَا وَفِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَهُنَا شَيْءٌ لَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ الْوَصِيُّ مِنْ دَفْعِ مَالِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالرُّشْدِ وَبَعْدَ طَلَبِهِ فَهَلَكَ مَعَ شِدَّةِ الِافْتِقَارِ إلَى ذِكْرِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الدَّفْعِ فَلَمْ يَدْفَعْ لِتَعَدِّيهِ فِي الْمَنْعِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ لِظُهُورِهِ وَأَمَّا إذَا بَلَغَ رَشِيدًا فَطَلَبَ مَالَهُ فَمَنَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْكَشِفَ حَالُهُ وَيُعْلَمَ رُشْدُهُ وَصَلَاحِيَّتُهُ فِي نَفْسِهِ بِالِاخْتِبَارِ فَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ. . . إلَخْ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الْفَرِيدَةَ، وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ عَنْ الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ إذَا تَصَرَّفَ وَبَاعَ وَاشْتَرَى وَأَقَرَّ وَتَزَوَّجَ فَادَّعَى أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَنَّهُ تَحْتَ الْحَجْرِ وَأَنَّهُ سَفِيهٌ فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَابَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا بَلَغَ عَاقِلًا فَجَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ نَافِذَةٌ وَيَلْزَمُهُ أَحْكَامُهُمْ.

وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَنَّهُ مَحْجُورٌ إلَّا إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ وَنَفَّذَ حَاكِمٌ آخَرُ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَجَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ نَافِذَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ

(أَقُولُ) أَيْضًا وَفِي هَذَا تَأْيِيدٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ الرُّشْدُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْحَجْرُ بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مِنْ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَضَاءِ تَأَمَّلْ لَكِنَّ اشْتِرَاطَ التَّنْقِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ وَرَأَيْتُ فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ صَاحِبِ التَّنْوِيرِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ بِمَا نَصُّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ السَّفِيهُ عَاقِلًا فَجَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ نَافِذَةٌ وَتَلْزَمُهُ أَحْكَامُهَا إلَّا إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ وَنَفَّذَ حَاكِمٌ آخَرُ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ قَالَ الزَّاهِدِيُّ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّ الْحَجْرَ مِنْهُ فَتْوَى وَلَيْسَ بِقَضَاءٍ وَلِهَذَا لَمْ يُوجَدْ

ص: 148

الْمَقْضِيُّ لَهُ وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ قَضَاءً فَنَفْسُ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إمْضَائِهِ. اهـ. لَكِنْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْحِيطَانِ " الْفَتْوَى فِي الْحَجْرِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ فَيَكُونُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَإِذَا قَضَى بِهِ الْقَاضِي نَفَذَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ كَلَامُ التُّمُرْتَاشِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ".

(سُئِلَ) فِي مَدْيُونٍ مُعْسِرٍ ثَبَتَ إفْلَاسُهُ وَإِعْسَارُهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ سِوَى مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ الِاجْتِزَاءُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ وَيُكَلِّفُهُ دَائِنُهُ إلَى بَيْعِهِ وَأَدَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا كَانَ لِلْمَدْيُونِ ثِيَابٌ يَلْبَسُهَا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَجْتَزِيَ بِدُونِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَبِيعُ ثِيَابَهُ فَيَقْضِي الدَّيْنَ بِبَعْضِ ثَمَنِهَا وَيَشْتَرِي بِمَا بَقِيَ ثَوْبًا يَلْبَسُهُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَجْتَزِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ يَبِيعُ ذَلِكَ الْمَسْكَنَ وَيَصْرِفُ بَعْضَ الثَّمَنِ إلَى الْغُرَمَاءِ وَيَشْتَرِي بِالْبَاقِي مَسْكَنًا لِيَبِيتَ فِيهِ وَعَنْ هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّهُ يَبِيعُ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ حَتَّى أَنَّهُ يَبِيعُ اللِّبْدَ فِي الصَّيْفِ، وَالنَّطْعَ فِي الشِّتَاءِ وَإِذَا بَاعَ الْقَاضِي عِنْدَهُمَا مَالَ الْمَدْيُونِ لِقَضَاءِ دُيُونِهِ أَوْ أَمَرَ أَمِينَهُ بِالْبَيْعِ فَإِنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمَطْلُوبِ لَا عَلَى الْقَاضِي وَأَمِينِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ كَانُونٌ مِنْ حَدِيدٍ يُبَاعُ وَيُتَّخَذُ مِنْ الطِّينِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فَتَاوَى الْهِنْدِيِّ وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمِنَحِ وَالْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْحَجْرِ وَهِيَ شَهِيرَةٌ.

(سُئِلَ) فِي الْمَدْيُونِ الْحَاضِرِ إذَا كَانَ لَهُ عُرُوضٌ وَعَقَارٌ وَامْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ حُلُولِهِ فَهَلْ يَبِيعُهُمَا الْقَاضِي لِلدَّيْنِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يَبِيعُ الْقَاضِي عَرْضَهُ وَعَقَارَهُ أَيْ الْمَدْيُونِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا أَيْ لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا يَبِيعُ الْقَاضِي ذَلِكَ وَيُوَفِّي الدَّيْنَ وَبِهِ أَيْ بِقَوْلِهِمَا يُفْتَى كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي قَوْلُ صَاحِبِيهِ يَبِيعُ مَنْقُولَهُ وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ وَفِي رِوَايَةٍ يَبِيعُهُ كَمَا يَبِيعُ الْمَنْقُولَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي تَصْحِيحِ الشَّيْخِ قَاسِمٍ وَفِي تَبْيِينِ الْكَنْزِ ثُمَّ عِنْدَهُمَا يَبْدَأُ الْقَاضِي بِبَيْعِ النُّقُودِ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلسَّلْبِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهَا فَيَكُونُ بَيْعُهَا أَهْوَنَ عَلَى الْمَدْيُونِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ بَاعَ الْعُرُوضَ لِأَنَّهَا قَدْ تُعَدُّ لِلتَّقَلُّبِ، وَالِاسْتِرْبَاحِ فَلَا يَلْحَقُهُ كَبِيرُ ضَرَرٍ فِي بَيْعِهَا فَإِنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهَا بَاعَ الْعَقَارَ لِأَنَّ الْعَقَارَ يُعَدُّ لِلِاقْتِنَاءِ فَيَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فِي بَيْعِهِ فَلَا يَبِيعُهُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَبْدَأُ الْقَاضِي بِبَيْعِ مَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّوَى مِنْ عُرُوضِهِ ثُمَّ مَا لَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفَ مِنْهَا ثُمَّ يَبِيعُ الْعَقَارَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ نَصَبَ نَاظِرًا فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْظُرَ لِلْمَدْيُونِ كَمَا يَنْظُرُ لِلدَّائِنِ فَيَبِيعُ مَا كَانَ أُنْظِرَ إلَيْهِ وَيَتْرُكُ عَلَيْهِ دَسْتًا مِنْ ثِيَابِ بَدَنِهِ. . . إلَخْ وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَقِيقٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَ زَيْدٍ فَدَفَعَهَا زَيْدٌ لِوَكِيلٍ شَرْعِيٍّ عَنْ سَيِّدِ الرَّقِيقِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَتَقَ الرَّقِيقُ فَطَلَبَ الْوَدِيعَةَ مِنْ زَيْدٍ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَالدَّفْعُ الْمَذْكُورُ جَائِزٌ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا خَلَعَ زَيْدٌ - الْمُعْتَرِفُ بِالْبُلُوغِ وَبِأَنَّ عُمُرَهُ أَرْبَعُ عَشْرَةَ سَنَةً - زَوْجَتَهُ هِنْدًا الْبِكْرَ الْبَالِغَ مِنْ عِصْمَتِهِ وَعَقَدَ نِكَاحَهُ بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ بِهَا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا الْمَعْلُومِ وَهُوَ مِمَّنْ يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ فَهَلْ يَكُونُ الْخُلْعُ صَحِيحًا وَلَا يُقْبَلُ جُحُودُهُ الْبُلُوغَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مَعَ احْتِمَالِ حَالِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِي بِكْرٍ عَاقِلَةٍ مُرَاهِقَةٍ رَشِيدَةٍ بَلَغَتْ مِنْ السِّنِّ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً بَاعَتْ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا مِنْ أَخَوَيْهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَقَالَتْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ: أَنَا بَالِغَةٌ وَهِيَ بِحَالٍ يَحِيضُ مِثْلُهَا، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهَا وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِيَانِ الْمَبِيعَ وَتَصَرَّفَا بِهِ نَحْوَ خَمْسِ سِنِينَ، وَالْآنَ قَامَتْ تَقُولُ: إنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ حِينَ الْبَيْعِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهَا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ، أَقَرَّ مُرَاهِقٌ بِصُلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ بَالِغٌ ثُمَّ ادَّعَى هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَسَادَ الصُّلْحِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ بَالِغٍ قَالَ صَحَّ قَوْلُ الصَّبِيِّ بِالْبُلُوغِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ

ص: 149

سَنَةً لِأَنَّ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ نَادِرٌ ثُمَّ حَكَى الْقَاضِي مَحْمُودٌ السَّمَرْقَنْدِيُّ أَنَّ مُرَاهِقًا أَقَرَّ فِي مَجْلِسِهِ بِالْبُلُوغِ فِي دَعْوَى كَانَتْ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ فَقَالَ الْقَاضِي بِمَاذَا بَلَغَتْ فَسَكَتَ فَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ فَقَالَ بِالِاحْتِلَامِ فَقَالَ وَمَاذَا رَأَيْتَ بَعْدَمَا اسْتَيْقَظْت فَقَالَ: الْمَاءَ فَقَالَ: أَيُّ مَاءٍ فَإِنَّ الْمَاءَ يَخْتَلِفُ قَالَ الْمَنِيَّ فَقَالَ وَمَا الْمَنِيُّ فَقَالَ: " آب مردان كه فرزندا زوتي بود " قَالَ عَلَى مَنْ احْتَلَمْتَ عَلَى ابْنٍ أَوْ عَلَى بِنْتٍ أَوْ عَلَى أَتَانٍ فَقَالَ عَلَى ابْنٍ وَاسْتَحْيَا الْغُلَامُ فَقَالَ الْقَاضِي: لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِقْصَاءِ فَقَدْ يُلَقَّنُ الصَّغِيرُ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ مِنْ غَيْرِ حَقِيقَةٍ وُجِدَتْ مِنْهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَهَذَا مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِغَيْرِ هَذَا التَّفْسِيرِ وَكَذَا الْجَارِيَةُ إذَا أَقَرَّتْ بِالْحَيْضِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى قُبَيْلَ الْبَابِ السَّادِسِ وَمِثْلُهُ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ بَابِ الْحَجْرِ، وَالْمَأْذُونِ

(أَقُولُ) الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِالْبُلُوغِ مِنْ الْغُلَامِ إذَا بَلَغَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَمِنْ الْجَارِيَةِ تِسْعَ سِنِينَ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ هَذَا الِاسْتِفْسَارَ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ الْقَاضِي فَهُوَ الْأَوْلَى لَكِنْ نَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ دُرَرِ الْبِحَارِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ قَوْلِهِمَا أَنْ يُبَيِّنَا كَيْفِيَّةَ الْمُرَاهَقَةِ حِينَ السُّؤَالِ عَنْهَا.

وَكَذَا قَالَ فِي الشرنبلالية يَعْنِي وَقَدْ فَسَّرَا مَا بِهِ عَلِمَا بُلُوغَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا يَمِينٌ اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَرْجِيحًا لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي فَتَأَمَّلْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الظَّاهِرُ فَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ صَبِيٌّ أَقَرَّ أَنَّهُ بَالِغٌ وَقَاسَمَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ: إنْ كَانَ مُرَاهِقًا وَيَحْتَلِمُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَتَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا وَيُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَحْتَلِمُ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُكَذِّبُ ظَاهِرًا وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ بَعْدَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ إذَا أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ لَا يُقْبَلُ اهـ.

(سُئِلَ) فِي مَمْلُوكٍ مَحْجُورٍ أَبَقَ مِنْ سَيِّدِهِ مِنْ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَاصْطَحَبَ رَجُلًا أَتَى بِهِ لِلشَّامِ وَطَلَبَهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ فَامْتَنَعَ زَاعِمًا أَنَّ الْمَمْلُوكَ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمَلًا لِيَرْكَبَهُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الشَّامِ بِأُجْرَةِ كَذَا وَيُكَلَّفُ سَيِّدُهُ دَفْعَ الْأُجْرَةِ لَهُ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِي جَارِيَةٍ مَحْجُورَةٍ اسْتَقْرَضَتْ مَالًا بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهَا وَأَتْلَفَتْهُ وَبَاعَهَا سَيِّدُهَا وَيُرِيدُ أَرْبَابُ الدُّيُونِ الدَّعْوَى عَلَيْهَا بِدَيْنِهِمْ وَمُطَالَبَتَهَا بِهِ فَهَلْ تُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ، اسْتَقْرَضَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مَالًا وَأَتْلَفَهُ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالصَّبِيُّ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ أَصْلًا لِأَنَّ الْعَبْدَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ لَكِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ سَيِّدِهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا فِي الْحَالِ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْمَأْذُونِ.

(سُئِلَ) فِي عَبْدٍ مَحْجُورٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَقَرَّ بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْعِتْقِ عَنْ سَيِّدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَبِيَدِهِ مَالٌ لِسَيِّدِهِ وَتُرِيدُ زَوْجَتُهُ أَخْذَ مُؤَجَّلِهَا مِنْ الْمَالِ الْمَزْبُورِ، وَالرَّجُلُ يُرِيدُ أَخْذَ الْمَالِ الْمَقَرِّ لَهُ بِهِ مِنْ الْمَالِ الْمَزْبُورِ بِدُونِ إذْنِ السَّيِّدِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا نِكَاحُ الرَّقِيقِ فَلِمَا فِي التَّنْوِيرِ تَوَقَّفَ نِكَاحُ قِنٍّ وَأَمَةٍ وَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى فَإِنْ أَجَازَ نَفَذَ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ. اهـ. وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَلِمَا فِيهِ أَيْضًا مِنْ الْحَجْرِ وَصَحَّ طَلَاقُ عَبْدٍ وَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ لَا سَيِّدِهِ فَلَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ أُخِّرَ إلَى عِتْقِهِ اهـ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ رَقِيقَكَ الْحَاضِرَ بِالْمَجْلِسِ قَوَّسَ جَمَلِي بِبُنْدُقِيَّةٍ فِيهَا رَصَاصٌ وَمَاتَ وَأَنَّ قِيمَتَهُ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ قِرْشًا وَثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِشُهُودٍ مُزَكَّاةٍ ثُمَّ شَهِدَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِأَنَّ قِيمَتَهُ وَقْتَئِذٍ سَبْعُونَ قِرْشًا فَكَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى عَلَى الْعَبْدِ بِحُضُورِ سَيِّدِهِ لَا عَلَى السَّيِّدِ بِحُضُورِ الْعَبْدِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْعَبِيدِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِ سَيِّدِهِ وَأَمَّا قِيمَةُ الْجَمَلِ فَتُعْتَبَرُ يَوْمَ التَّلَفِ قَالَ فِي أَوَاخِرِ الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ الْمُتْلَفِ بِلَا غَصْبٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ اهـ. فَإِذَا ثَبَتَ

ص: 150

اسْتِهْلَاكُهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ مَالًا فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ مَحْجُورًا أَوْ مَأْذُونًا. اهـ. وَفِي التتارخانية مِنْ الْكَفَالَةِ ذَكَرَ الْمَحْبُوبِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ مَالَ غَيْرِهِ عِيَانًا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ فَإِنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ يُوَفِّي ذَلِكَ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تُبَاعُ رَقَبَتُهُ بِدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ إلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ الْمَوْلَى اهـ وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ أَمْرِ الْغَيْرِ بِالْجِنَايَةِ بِرَمْزِ بكر خواهر زاده عَبْدٌ مَحْجُورٌ جَنَى عَلَى مَالٍ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهَا مَنْ اشْتَرَاهُ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ. اهـ. وَفِي التتارخانية مِنْ التَّاسِعِ مِنْ الْجِنَايَاتِ فَرَّقَ بَيْنَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ وَبَيْنَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ فَفِي الْأَوَّلِ خُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَفِي الثَّانِي خُيِّرَ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْبَيْعِ. اهـ.

وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ فِي بَابِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا خَطَأً وَاسْتَهْلَكَ مَالَ الْآخَرِ وَحَضَرَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يُدْفَعُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يَتْبَعُهُ الْآخَرُ فَيَبِيعُهُ فِي دَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الْمَالِ أَوَّلًا بَاعَهُ الْقَاضِي فِي الْمَالِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ فَإِنْ حَضَرَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ اهـ. وَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ ضَمَانَ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ لِمَا قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ مِنْ الْحَجْرِ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ ذَلِكَ لَكِنْ أُخِّرَ لِعِتْقِهِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ فَتَأَمَّلْ اهـ

(أَقُولُ) يَعْنِي الْأَصْلُ فِي فِعْلِهِ النَّفَاذُ فِي الْحَالِ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ شَرْحِ الْكَنْزِ أَنَّ الرِّقَّ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْحَجْرِ فِي الْحَقِيقَةِ إلَخْ.

وَإِنَّمَا أُخِّرَ النَّفَاذُ إلَى عِتْقِهِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَهُوَ حَقُّ الْمَوْلَى وَمُرَادُ الْعَلَائِيِّ بِذَلِكَ التَّوْفِيقُ بَيْن كَلَامِهِمْ وَعَلَيْهِ فَمَا مَرَّ عَنْ السِّرَاجِ مِنْ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا التَّوْفِيقَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي عِبَارَةِ التتارخانية بَلْ هِيَ صَرِيحَةٌ بِخِلَافِهِ وَكَذَا عِبَارَةُ الْقُنْيَةِ، وَالْحَاوِي الْقُدْسِيِّ لِأَنَّ الدَّفْعَ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ بَيْعِ رَقَبَتِهِ لَا يَكُونُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ فَفِي الْمُتُونِ الْحَجْرُ هُوَ مَنْعُ نَفَاذِ تَصَرُّفٍ قَوْلِيٍّ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّصَرُّفَ الْفِعْلِيَّ يَنْفُذُ فِي الْحَالِ وَذَلِكَ كَالِاسْتِهْلَاكِ فَلَا يَتَأَخَّرُ إلَى الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ عَنْ السِّرَاجِ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ شَرْحِ ابْنِ مَالِكٍ وَعَزَاهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ إلَى النِّهَايَةِ، وَالْجَوْهَرَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَالْخُلَاصَةِ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْلَ مُسْتَفِيضٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالضَّمَانِ فِي الْحَالِ فَيُبَاعُ أَوْ يَفْدِيهِ الْمَوْلَى اهـ. وَالْأَحْسَنُ فِي التَّوْفِيقِ مَا ذَكَرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَمْلِ مَا فِي الْبَدَائِعِ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ اسْتِهْلَاكُهُ بِإِقْرَارِهِ لِمَا فِي الْغَايَةِ إذَا كَانَ الْغَصْبُ ظَاهِرًا يَضْمَنُ فِي الْحَالِ فَيُبَاعُ فِيهِ وَلَوْ ظَهَرَ بِإِقْرَارِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْعِتْقِ كَذَا قَالَ الْفَقِيهُ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي عِبَارَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ شَرْحِ الْمَحْبُوبِيِّ مِنْ قَوْلِهِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ مَالَ غَيْرِهِ عِيَانًا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ فَقَوْلُهُ عِيَانًا أَيْ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ الْمَحْجُورُ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَبَّاغٍ مُتْقِنٍ لِحِرْفَتِهِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِتِلْكَ الْحِرْفَةِ وَيَبِيعَ الْجُلُودَ الَّتِي يَدْبُغُهَا مِمَّنْ رَغِبَ فِي شِرَائِهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَيُرِيدُ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْحِرْفَةِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَمَنَعَهُ مِنْ تَعَاطِيهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ سَبَبَ الْحَجْرِ الصِّغَرُ، وَالْجُنُونُ، وَالرِّقُّ وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يُحْجَرُ إلَّا عَلَى ثَلَاثٍ مُفْتٍ مَاجِنٍ وَطَبِيبٍ جَاهِلٍ وَمُكَارٍ مُفْلِسٍ.

(سُئِلَ) فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ إذَا بَاعَ مِنْ آخَرَ حِصَّةً لَهُ مِنْ دَارٍ ثُمَّ بَلَغَ رَشِيدًا فَهَلْ يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَتِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا بَلَغَ فَأَجَازَهُ نَفَذَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (وَتَحْقِيقُ هَذَا الْمَقَامِ) أَنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ يُشْبِهُ الْبَالِغَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ وَيُشْبِهُ طِفْلًا لَا عَقْلَ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ الْخِطَابُ وَفِي عَقْلِهِ قُصُورٌ وَلِهَذَا يَثْبُتُ لِلْغَيْرِ عَلَيْهِ

ص: 151

وَلَايَةٌ فَالْحَقُّ بِالْبَالِغِ فِي النَّفْعِ الْمَحْضِ وَبِالطِّفْلِ فِي الضَّرَرِ الْمَحْضِ وَفِي الدَّائِرِ بَيْنَهُمَا بِالطِّفْلِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ وَبِالْبَالِغِ عِنْدَ الْإِذْنِ لِرُجْحَانِ جِهَةِ النَّفْعِ عَلَى الضَّرَرِ بِدَلَالَةِ الْإِذْنِ لَكِنْ قَبْلَ الْإِذْنِ يَكُونُ مُنْعَقِدًا مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِصَيْرُورَتِهِ مُهْتَدِيًا إلَى وُجُوهِ التِّجَارَاتِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ فَأَجَازَهُ نَفَذَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ.

لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَصَارَ وَلِيًّا بِنَفْسِهِ مِنَحٌ مِنْ الْمَأْذُونِ، وَمِثْلُهُ فِي الدُّرِّ، وَالْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَقْدَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ وَبَطَلَ. . . إلَخْ فُصُولُ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الرَّابِعِ، وَالْعِشْرِينَ فِي تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ وَلِيٌّ وَلَمْ يُجِزْهُ وَإِلَّا بَطَلَ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا.

(أَقُولُ) الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ وَلِيٌّ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا كَانَ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ أَيْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إمْضَاءِ الْعَقْدِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ قَاضٍ فَلَوْ عَقَدَ الصَّبِيُّ عَقْدًا وَلَا وَلِيَّ لَهُ يَتَوَقَّفُ لِأَنَّ لَهُ مُجِيزًا وَهُوَ الْقَاضِي إذَا كَانَ الصَّبِيُّ تَحْتَ وَلَايَةِ قَاضٍ وَكَانَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا كُنْتُ أَفْهَمُ هَذَا الْمَحَلَّ ثُمَّ رَاجَعْتُ فَتَحَقَّقَ لِي ذَلِكَ طِبْقَ مَا كُنْت أَفْهَمُهُ قَالَ الْإِمَامُ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي كِتَابِهِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ فِي مَسَائِلِ النِّكَاحِ مَا نَصُّهُ " وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَبِيَّةٌ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ وَهِيَ تَعْقِلُ النِّكَاحَ وَلَا وَلِيَّ لَهَا فَالْعَقْدُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَاضٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ تَحْتَ وَلَايَةِ قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ يَنْعَقِدُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ تَحْتَ وَلَايَةِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَنْعَقِدُ.

وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُجِيزِ الْوَلِيَّ الْخَاصَّ بَلْ مَا يَعُمُّ الْقَاضِيَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ طَلَّقَ الصَّبِيُّ امْرَأَتَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهُ أَيْ لَا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ الْوَصِيُّ نَفْسُهُ لَمْ يَصِحَّ فَكَذَا لَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا تَمَامُ عِبَارَةِ الْعِمَادِيَّةِ فِي بَيَانِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَذُكِرَ ذَلِكَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ فَقَالَ بَيَانُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ لَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا يَجُوزُ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِغَرِهِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَتَزَوُّجٍ وَتَزْوِيجِ أَمَتِهِ وَكِتَابَةِ قِنِّهِ وَنَحْوِهِ فَإِذَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ مَا دَامَ صَبِيًّا وَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَأَجَازَهُ بِنَفْسِهِ جَازَ وَلَمْ يَجُزْ بِنَفْسِ الْبُلُوغِ بِلَا إجَازَةٍ وَلَوْ طَلَّقَ الصَّبِيُّ امْرَأَتَهُ أَوْ خَلَعَهَا أَوْ حَرَّرَ قِنَّهُ مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ أَوْ وَهَبَ مَالَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ زَوَّجَ قِنَّهُ امْرَأَةً أَوْ بَاعَ مَالَهُ مُحَابَاةً فَاحِشَةً أَوْ شَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَاحِشًا أَوْ عَقَدَ عَقْدًا مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِبَاهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ فَهَذِهِ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ وَإِنْ أَجَازَهَا الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ تَجُزْ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى الْإِجَازَةِ إلَّا إذَا كَانَ لَفْظُ إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَا يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ ابْتِدَاءً لَا إجَازَةً كَقَوْلِهِ: أَوْقَعْتُ ذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ فَيَقَعُ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ اهـ.

كَتَبَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِغَرِهِ مَا نَصُّهُ " يَدْخُلُ فِي الْوَلِيِّ الْقَاضِي فَافْهَمْ اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ أَيْضًا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ حَيْثُ ذَكَرَ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ وَبَيَانُهُ الَّذِي نَقَلْنَاهُ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يُفَسَّرَ الْمُجِيزَ هُنَا بِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى إمْضَاءِ الْعَقْدِ لَا بِالْقَابِلِ مُطْلَقًا وَلَا بِالْوَلِيِّ إذْ لَا يُوقَفُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَإِنْ قَبِلَ فُضُولِيٌّ آخَرُ أَوْ وَلِيٌّ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْوَلِيِّ عَلَى إمْضَائِهَا اهـ. فَقَوْلُهُ بِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى إمْضَاءِ الْعَقْدِ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ لَهُ وَلَايَةُ إمْضَائِهِ مِنْ وَلِيٍّ خَاصٍّ أَوْ قَاضٍ لَا مُطْلَقٍ قَابِلٍ سَوَاءً كَانَ فُضُولِيًّا أَوْ وَلِيًّا وَلَا مُجَرَّدِ وُجُودِ الْوَلِيِّ سَوَاءً كَانَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ كَالْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ كَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ هَذَا وَقَدْ رَأَيْتُ حِينَ كِتَابَتِي هَذَا الْمَحَلَّ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ عَلَى

ص: 152