المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب إقرار المريض] - العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَار]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَرَامَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقُرَى وَنَحْوِهَا]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[ذَبِيحَةِ الذِّمِّيِّ الْكِتَابِيِّ هَلْ تَحِلُّ مُطْلَقًا أَوْ لَا]

- ‌[الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّرْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُدَايَنَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا]

- ‌[كِتَابُ الْحِيطَانِ وَمَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَسَائِلُ وَفَوَائِدُ شَتَّى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَضْعُ السُّتُورِ وَالْعَمَائِمِ وَالثِّيَابِ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي تَيْسِيرِ الْوُقُوفِ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ لِلْأَمْوَاتِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى وُجُوهٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أُبِيحَ لَعْنُهُ إلَّا وَالِدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى أَئِمَّةٌ أَعْلَامٌ بِتَحْرِيمِ شُرْبِ الدُّخَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّعَصُّبِ قَالَ الصَّلَابَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْكَذِبُ مُبَاحٌ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ نَفْسِهِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الِاعْتِمَاد عَلَى مَا وَقَعَ فِي كُتُبِنَا مِنْ الْعِبَارَاتِ الْفَارِسِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ تَقْبِيلِ الْخُبْزِ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَقِيهِ الْإِجَابَةُ عَنْ كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ سَبَبُ وَضْعِ التَّارِيخِ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[باب إقرار المريض]

بِأَنَّ عَلَيْهِ وَفِي ذِمَّتِهِ وَذِمَّةِ أَخِيهِ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِبَكْرٍ وَكَانَ عَمْرٌو حَاضِرًا مَعَهُ فِي مَجْلِسِ الْإِقْرَارِ سَاكِتًا قَامَ بَكْرٌ الْآنَ يُطَالِبُ عَمْرًا بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ زَاعِمًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِسُكُوتِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ تَقْتَصِرُ عَلَى الْمُقِرِّ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ لِعَمْرٍو بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَيْنًا عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى الْغَلَطَ وَالْخَطَأَ فِيهِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ بِنَاءً عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُفْتِي ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْقُنْيَةِ أَشْبَاهٌ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ يَعْنِي لَا يَقَعُ دِيَانَةً وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ مِنَحٌ آخِرَ الْإِقْرَارِ وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَرْهَنَ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مُبْطَلٌ فِي الدَّعْوَى فَهَلْ يَصِحُّ الدَّفْعُ الْمَزْبُورُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَصِحُّ الدَّفْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ فِي فَصْلِ الِاسْتِشْرَاءِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِقْرَارِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ كَيْفَ الْحُكْمُ؟

(الْجَوَابُ) : إنْ أَقَرَّ بِوَقْفٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَمِنْ الثُّلُثِ كَمَرِيضٍ يُقِرُّ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ يُقِرُّ بِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَقْفٍ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ فَإِنْ صَدَّقَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَوْ وَرَثَتُهُ جَازَ فِي الْكُلِّ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَقْفٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّ بِذِمَّتِهِ لِابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ اسْتِدَانَةً مِنْ مَالِهَا ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ آخَرِينَ فَهَلْ صَحَّ إقْرَارُهُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْإِقْرَارُ لِلرَّضِيعِ صَحِيحٌ وَإِنْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ مِنْهُ حَقِيقَةً كَالْإِقْرَاضِ.

(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ فِي صِحَّتِهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ دَاخِلُ مَنْزِلِهَا لِابْنِهَا الصَّغِيرِ وَقَبِلَ أَبُوهُ ذَلِكَ وَصَدَّقَهَا ثُمَّ مَرِضَتْ وَمَاتَتْ عَنْهُمَا وَعَنْ وَرَثَةٍ آخَرِينَ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟

(الْجَوَابُ) : يَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ قَضَاءً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي رُبْعِ وَقْفِ جَدِّهِ فُلَانٍ فَأَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ أَنَّ عَمْرًا يَسْتَحِقُّ الْحِصَّةَ الْمَزْبُورَةَ مُدَّةً مَعْلُومَةً دُونَهُ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ إقْرَارًا شَرْعِيًّا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يَكُونُ رُبْعُ الْحِصَّةِ الْمَزْبُورَةِ لِلْمُقَرِّ لَهُ مَا دَامَ الْمُقِرُّ حَيًّا فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟

(الْجَوَابُ) : يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَصَّافِ (أَقُولُ) وَبَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ.

(سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ هَلَكَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ مُسْتَغْرَقَةٍ بِدُيُونٍ عَلَيْهِ لِجَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى ذِمِّيٍّ مِثْلِهِ يَزْعُمُ أَنَّ الْهَالِكَ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّيْنِ الْمَزْبُورِ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْهَالِكِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ جَائِزٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي تَنْوِيرِ الْإِبْصَارِ وَالْبَحْرِ وَالْخُلَاصَةِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ عَمِّهِمْ وَلَهُمْ أُمٌّ وَصِيٌّ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَأَبْرَأَتْ عَمَّهُمْ عَنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبْلَغَ لَمْ يَجِبْ بِعَقْدِ الْأُمِّ فَهَلْ يَكُونُ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ وَاجِبٍ بِعَقْدِ الْأُمِّ الْوَصِيِّ الْمَرْقُومَةِ فَإِبْرَاؤُهَا غَيْرُ صَحِيحٍ وِفَاقًا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَغَيْرِهِ.

[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

ِ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ آخَرَ كَرْمَهُ الْمَعْلُومَ فِي صِحَّتِهِ وَسَلَامَتِهِ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِاسْتِيفَاءِ أَكْثَرِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَأَوْصَى بِبَاقِي الثَّمَنِ بِأَنْ يُدْفَعَ لِدَائِنِهِ زَيْدٍ وَمَا فَضَلَ يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ وَمَاتَ عَنْ وَارِثٍ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ مِنْ غَرِيمِهِ وَبَيْعِهِ جَائِزَيْنِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَيَأْتِي نَقْلُ

ص: 53

الْمَسْأَلَةِ قَرِيبًا.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ بِذِمَّةِ زَوْجِهَا زَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِسَبَبِ دَيْنٍ وَمَهْرٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ فَأَقَرَّتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَالْمَهْرِ الْمَذْكُورَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا الْإِقْرَارَ الْمَزْبُورَ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ لِلْمَرِيضِ دَيْنٌ عَلَى وَارِثِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ سَوَاءٌ وَجَبَ الدَّيْنُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ لَا عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ أَوْ لَا. مَرِيضَةٌ أَقَرَّتْ بِقَبْضِ مَهْرِهَا فَلَوْ مَاتَتْ وَهِيَ زَوْجَتُهُ أَوْ مُعْتَدَّتُهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهَا وَإِلَّا بِأَنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ جَازَ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَبْرَأَتْ فِيهِ زَوْجَهَا مِنْ دَيْنٍ لَهَا بِذِمَّتِهِ وَمِنْ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا الْمَعْلُومِ لَهَا عَلَيْهِ وَمَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا الْمَذْكُورِ عَنْهُ وَعَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يُجِيزُوا الْإِبْرَاءَ الْمَذْكُورَ فَهَلْ يَكُونُ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ جَائِزٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ إبْرَاؤُهُ مَدْيُونَهُ وَهُوَ مَدْيُونٌ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْ لَا يَجُوزُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ مَدْيُونًا أَوْ لَا لِلتُّهْمَةِ. اهـ. مَرِيضٌ أَبْرَأَ وَارِثَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ كَفَالَةً بَطَلَ وَكَذَا إقْرَارُهُ بِقَبْضِهِ وَاحْتِيَالِهِ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَجَازَ إبْرَاؤُهُ الْأَجْنَبِيَّ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ كَفِيلًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ إذْ يَبْرَأُ بِبَرَاءَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ هُوَ الْكَفِيلُ عَنْ الْوَارِثِ جَازَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ إذْ فِيهِ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ فُصُولَيْنِ وَفِيهِ عَنْ الْجَامِعِ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَ فُلَانًا فِي صِحَّتِهِ مِنْ دَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ إذْ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ فَكَذَا الْحِكَايَةُ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِقَبْضٍ إذْ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ بِتَمَلُّكِ الْإِقْرَارِ بِهِ وَمَرَّ أَنَّ إقْرَارَهُ لِوَارِثِهِ لَمْ يَجُزْ حِكَايَةً وَلَا ابْتِدَاءً وَلِلْأَجْنَبِيِّ يَجُوزُ حِكَايَةً مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَابْتِدَاءً مِنْ ثُلُثِهِ. اهـ. وَمَا عَزَاهُ إلَى الْجَامِعِ نَقَلَهُ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا وَقَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ إبْرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِنْشَاءِ بِصُورَةِ كَوْنِ فُلَانٍ وَارِثًا وَبِصُورَةِ كَوْنِ الْوَارِثِ كَفِيلًا لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ فَفِي إطْلَاقِ كَلَامِهِ نَظَرٌ أَوْ يَكُونَ فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ الْمَرِيضِ أَجْنَبِيًّا عَنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ رِوَايَتَانِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِقَبْضٍ إلَخْ يُخَالِفُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُصَدَّقُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ فَلَعَلَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ أَوْ أَحَدَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ سَهْوٌ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا أَصَحُّ مِمَّا فِي الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَقُولُ) يُؤَيِّدُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْجَامِعِ لَوْ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضًا أَوْ ثَمَنًا فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِهِ ثُمَّ مَاتَ يُصَدَّقُ وَبِمِثْلِهِ لَوْ بَاعَ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَقْرَضَ فَمَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَجَبَ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَقَرَّ فِيهِ بِقَبْضِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُصَدَّقُ لَا لَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَخْ ثُمَّ إنَّ الَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي الْجَوَابِ عَنْ مَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ الْمَارَّةِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ نَافِذٌ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِلَا عِوَضٍ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرِيضِ مِنْ الثُّلُثِ فَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَجَازَ إبْرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ مِنْ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ أَيْ مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَهَذَا الْجَوَابُ أَحْسَنُ مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ قَالَ الْمَرِيضُ قَدْ كُنْت أَبْرَأْت فُلَانًا مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي صِحَّتِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْبَرَاءَةَ فِي الْحَالِ فَإِذَا أَسْنَدَهَا إلَى زَمَانٍ مُتَقَدِّمٍ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ حَكَمْنَا بِوُجُودِهَا فِي الْحَالِ فَكَانَتْ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلِلْأَجْنَبِيِّ يَجُوزُ حِكَايَةً مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَابْتِدَاءً مِنْ ثُلُثِهِ وَسَنَذْكُرُ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ الْآتِي تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَدْ ذَكَرُوا هُنَا عِبَارَاتٍ ظَاهِرُهَا مُتَنَاقِضٌ مِنْهَا مَا مَرَّ وَمِنْهَا مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِ الصِّحَّةِ فِي الْمَرِيضِ يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ صِحَّةٍ أَوْ لَا. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ فَهَذَا أَيْضًا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُصَدَّقُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَمِثْلُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ كَانَ فِي الْمَرَضِ صُدِّقَ مِنْ الثُّلُثِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ

ص: 54

ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ صَحَّ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ. اهـ. وَمِنْهَا مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ أَقْرَضَهُ فِي مَرَضِهِ لَا يَصِحُّ لَوْ عَلَيْهِ دَيْنُ صِحَّةٍ وَإِلَّا جَازَ. اهـ. فَقَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ يَقْتَضِي أَنْ يُصَدَّقَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ لَا مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ وَلَعَلَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا رِوَايَتَيْنِ أَوْ أَحَدَ قَوْلَيْهِ سَهْوٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَهُ الْمَارَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا أَيْ تَصْدِيقَهُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ أَصَحُّ وَلَكِنْ فِيهِ تَفْصِيلٌ قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ وَفِي الْبَدَائِعِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ أَوْ لَا وَإِنْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ فَإِنْ وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّهِمْ فِيمَا وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ. اهـ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَنْفُذُ مِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ وَهُوَ صَرِيحُ الْمُحِيطِ وَيَظْهَرُ لِي الْعَمَلُ بِمَا فِي الْخُلَاصَةِ فِيمَا فِيهِ تُهْمَةٌ. اهـ.

كَلَامُ السَّائِحَانِيِّ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت وَأَرَادَ بِالتُّهْمَةِ مَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ إضْرَارُ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ وَأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ أَشْهَدَتْ الْمَرْأَةُ شُهُودًا عَلَى نَفْسِهَا لِابْنِهَا أَوْ لِأَخِيهَا تُرِيدُ بِذَلِكَ إضْرَارَ الزَّوْجِ أَوْ أَشْهَدَ الرَّجُلُ شُهُودًا عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ لِبَعْضِ الْأَوْلَادِ يُرِيدُ بِهِ إضْرَارَ بَاقِي الْأَوْلَادِ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَسِعَهُمْ أَنْ لَا يَقْبَلُوا الشَّهَادَةَ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِشْهَادُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ إذْ الْإِقْرَارُ فِي الْمَرَضِ لِلْوَارِثِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَصْلًا وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِهِ فَحَيْثُ سَوَّغُوا لِلشُّهُودِ عَدَمَ الشَّهَادَةِ فِيمَا إذَا قَصَدَ الْمُقِرُّ الْإِضْرَارَ؛ لِأَنَّهُ جَوْرٌ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي عَدَمُ سَمَاعِ تِلْكَ الدَّعْوَى حَيْثُ عَلِمَ ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ لَهُ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَكِنْ هُنَا إقْرَارُهُ لَهُ قَدْ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْوَصِيَّةِ فَيَنْبَغِي نَفَاذُهُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَ الْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْوَارِثِ هَذَا غَايَةُ مَا تَحَرَّرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَيَأْتِي قَرِيبًا فِيهِ مَزِيدُ كَلَامٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ بِفَرَسٍ مَعْلُومَةٍ لَمْ يُعْلَمْ تَمَلُّكُهُ لَهَا فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ فِي يَدِهِ مَضْمُونَةٍ أَوْ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ أَوْ أَمَانَةٍ بِأَنْ قَالَ مُضَارَبَةً أَوْ أَمَانَةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا يُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ عِمَادِيَّةٌ عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ وَلَا سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ صَحَّ إقْرَارُهُ حُكْمًا وَلَا تَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُقِرُّ بِهَذَا الْإِقْرَارِ تَمْلِيكًا قَالَ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَلَيْسَ بِتَمْلِيكٍ خَانِيَّةٌ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ نَافِذٌ مِنْ كُلِّ مَالِهِ بِأَثَرِ عُمَرَ رضي الله عنه وَلَوْ بِعَيْنٍ فَكَذَلِكَ إلَّا إذَا عُلِمَ تَمَلُّكُهُ لَهَا فِي مَرَضِهِ فَيَتَقَيَّدُ بِالثُّلُثِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مُعِينِهِ فَلْيُحْفَظْ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ وَعِبَارَةُ مُعِينِ الْمُفْتِي لِصَاحِبِ التَّنْوِيرِ هَكَذَا قَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِمَالِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْوَرَثَةُ وَهَكَذَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ مُخْتَصَرَاتِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ إنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ لَا يَجُوزُ حِكَايَةً وَلَا ابْتِدَاءً وَإِقْرَارُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ يَجُوزُ حِكَايَةً مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَابْتِدَاءً مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ. اهـ.

قُلْت وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْلَقَهُ الْمَشَايِخُ فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالِابْتِدَاءِ مَا يَكُونُ صُورَتُهُ صُورَةَ إقْرَارٍ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ ابْتِدَاءُ تَمْلِيكٍ بِأَنْ يُعْلَمَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لَهُ وَإِنَّمَا قَصَدَ إخْرَاجَهُ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي ذَلِكَ مِنَّةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا يَقَعُ لِبَعْضٍ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ عَلَى فَقِيرٍ فَيُقْرِضُهُ بَيْنَ النَّاسِ وَإِذَا خَلَا بِهِ وَهَبَهُ مِنْهُ أَوْ لِئَلَّا يُحْسَدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْوَرَثَةِ فَيَحْصُلَ مِنْهُمْ إيذَاءٌ فِي الْجُمْلَةِ بِوَجْهٍ مَا وَأَمَّا الْحِكَايَةُ فَهِيَ عَلَى

ص: 55

حَقِيقَةِ الْإِقْرَارِ وَبِهَذَا الْفَرْقِ أَجَابَ بَعْضُ عُلَمَاءِ عَهْدِنَا مِنْ الْمُحَقِّقِينَ قُلْت وَمِمَّا يَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْقِ مَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ فِي فَصْلِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَتَبَرُّعَاتِهِ أَقَرَّ الصَّحِيحُ بِعَبْدٍ فِي يَدِ أَبِيهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ مَرِيضٌ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ خُرُوجُ الْعَبْدِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ الِابْنُ أَوَّلًا فَيَبْطُلَ وَبَيْنَ أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ أَوَّلًا فَيَصِحَّ فَصَارَ كَالْإِقْرَارِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْمَرَضِ قَالَ فَهَذَا كَالتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّمَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَمَلُّكُهُ إيَّاهَا حَالَ مَرَضِهِ مَعْلُومًا حَتَّى أَمْكَنَ جَعْلُ إقْرَارِهِ إظْهَارًا فَإِذَا عُلِمَ تَمَلُّكُهُ فِي حَالِ مَرَضِهِ فَإِقْرَارُهُ بِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ قَالَ وَإِنَّهُ حَسَنٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. اهـ. قُلْت قَيَّدَ حُسْنَهُ بِكَوْنِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ يُخَالِفُ مَا أَطْلَقُوهُ فِي مُخْتَصَرَاتِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَكَانَ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِغَيْرِ وَارِثِهِ صَحِيحًا مُطْلَقًا وَإِنْ أَحَاطَ بِمَالِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. اهـ. كَلَامُ مُعِينِ الْمُفْتِي لِصَاحِبِ التَّنْوِيرِ

(أَقُولُ) حَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ صَحِيحٌ وَإِنْ أَحَاطَ بِكُلِّ مَالِهِ لَكِنَّهُ مَشْرُوطٌ بِمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ ابْتِدَاءُ تَمْلِيكٍ فِي الْمَرَضِ كَمَا إذَا عُلِمَ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ إنَّمَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ فِي مَرَضِهِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ تَمْلِيكٍ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ يُقِرُّ بِالشَّيْءِ لِغَيْرِهِ إضْرَارًا لِوَارِثِهِ فَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ تَقَيَّدَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَابْتِدَاءً مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ.

لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا تَمْلِيكٌ وَأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ إذَا لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ الْمُقِرُّ بِرِضَاهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ دِيَانَةً إلَّا إذَا كَانَ قَدْ مَلَكَ ذَلِكَ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِنْ كَانَ يُحْكَمُ لَهُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَأَنَّ الْمُقِرَّ صَادِقٌ فِي إقْرَارِهِ فَعَلَى هَذَا إذَا عَلِمْنَا أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ قُصِدَ بِهِ ابْتِدَاءً تَمْلِيكٌ فَبِالنَّظَرِ إلَى الدِّيَانَةِ لَا يَمْلِكُ الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا مِنْهُ وَبِالنَّظَرِ إلَى الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ يُحْكَمُ لَهُ بِالْكُلِّ فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ نَفَاذِهِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّا حَيْثُ صَدَّقْنَاهُ فِي إقْرَارِهِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ لَزِمَ نَفَاذُهُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَإِنْ أَحَاطَ بِهِ فَلِذَا أَطْلَقَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ نَفَاذَ الْإِقْرَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ كُلِّ الْمَالِ فَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ شَيْءٌ مِنْ الْحُسْنِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَلَا مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ وَلَا يَكُونُ فِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ عَلَى الْهِبَةِ وَهِيَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ لَكِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسْلِيمُ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْوَصِيَّةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَفِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ قَالَ جَمِيعُ مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُهُ هِبَةٌ لَا إقْرَارٌ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ قَالَ شَارِحُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى مِلْكِهِ كَانَ هِبَةً ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمِنَحِ أَقَرَّ لِآخَرَ بِمُعَيَّنٍ وَلَمْ يُضِفْهُ لَكِنْ مِنْ الْمَعْلُومِ لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارًا أَوْ تَمْلِيكًا يَنْبَغِي الثَّانِي فَيُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ التَّمْلِيكِ. اهـ. فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ لَا تَمْلِيكٌ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يُضِفْ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى مِلْكِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِلَّا حَصَلَ التَّنَافِي بَيْنَ كَلَامِهِمْ وَكَتَبْت هُنَا فِيمَا عَلَّقْته عَلَى التَّنْوِيرِ عَنْ وَصَايَا النِّهَايَةِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ سُدُسُ دَارِي لِفُلَانٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ سُدُسٌ فِي دَارِي فَإِقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ جَعَلَ سُدُسَ دَارٍ جَمِيعَهَا مُضَافًا إلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّمْلِيكِ وَفِي الثَّانِي جَعَلَ دَارَ نَفْسِهِ ظَرْفًا لِلسُّدُسِ الَّذِي سَمَّاهُ لِفُلَانٍ وَإِنَّمَا يَكُونُ دَارُهُ ظَرْفًا لِذَلِكَ السُّدُسِ إذَا كَانَ السُّدُسُ مَمْلُوكًا لِفُلَانٍ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ إقْرَارًا.

أَمَّا لَوْ كَانَ إنْشَاءً لَا يَكُونُ ظَرْفًا؛ لِأَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا لَهُ فَلَا يَكُونُ الْبَعْضُ ظَرْفًا لِلْبَعْضِ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي فَهُوَ وَصِيَّةٌ اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ قَالَ فِي مَالِي فَهُوَ إقْرَارٌ. اهـ. فَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا ذُكِرَ عَلَى الْوَصِيَّةِ حَيْثُ كَانَ الْمُقِرُّ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا حُمِلَ

ص: 56

عَلَى الْهِبَةِ وَاشْتُرِطَ التَّسْلِيمُ كَمَا عَلِمْت وَهَذَا كُلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ أَضَافَ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ دَارِي أَوْ عَبْدِي لِفُلَانٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ هَذِهِ الدَّارُ أَوْ الْعَبْدُ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لِلنَّاسِ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُقِرِّ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْلِيكِ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُجَرَّدَ إقْرَارٍ وَهُوَ إخْبَارٌ لَا تَمْلِيكٌ كَمَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ لَكِنْ بِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي عَنْ الْقُنْيَةِ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ بِعَبْدٍ فِي يَدِ أَبِيهِ بِأَنَّهُ لِفُلَانٍ إقْرَارٌ مُجَرَّدٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا اُشْتُرِطَ لِجَعْلِهِ تَمْلِيكًا هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُلِمَ تَمَلُّكُهُ لَهُ فِي مَرَضِهِ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَالشَّرْطُ كَوْنُهُ مِلْكًا لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَإِضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ حَتَّى يُمْكِنَ جَعْلُهُ تَمْلِيكًا بِطَرِيقِ الْهِبَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ لَا يُقَالُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ لِقَوْلِهِمْ يَصِحُّ إقْرَارُ الشَّخْصِ بِمَالٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ إذَا مَلَكَهُ بُرْهَةً مِنْ الزَّمَانِ لِنَفَاذِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا فِي الْإِقْرَارِ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ الَّذِي يَنْفُذُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَكَلَامُ الْقُنْيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إنْشَاءُ تَمْلِيكٍ ابْتِدَاءً.

وَلِذَا قَيَّدَ نَفَاذَهُ بِكَوْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إقْرَارَ هَذَا الِابْنِ كَانَ إخْبَارًا فِي حَالِ صِحَّتِهِ لَكِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ اُعْتُبِرَ تَبَرُّعًا فِي الْمَرَضِ فَتَقَيَّدَ بِالثُّلُثِ لِوُضُوحِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّبَرُّعَ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ لَكِنَّهُ مَنَعَ نَفَاذَهُ فِي وَقْتِ الْإِقْرَارِ قِيَامُ مِلْكِ أَبِيهِ لَهُ فَلَمَّا انْتَقَلَ إلَى مِلْكِهِ زَالَ الْمَانِعُ فَنَفَذَ تَبَرُّعًا وَالتَّبَرُّعُ فِي الْمَرَضِ يَتَقَيَّدُ بِالثُّلُثِ هَذَا غَايَةُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ فَهْمِي الْقَاصِرُ فِي تَوْجِيهِ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي تَأْوِيلِ عِبَارَةِ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ غَيْرُ مَا مَرَّ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْإِقْرَارُ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ يَعْنِي إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ أَبْرَأَ وَارِثَهُ عَنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ حِكَايَةً بِأَنْ يُسْنِدَ الْإِبْرَاءَ إلَى حَالِ الصِّحَّةِ وَيَقُولَ قَدْ كُنْت أَبْرَأْته عَنْهُ وَأَنَا صَحِيحٌ وَلَا ابْتِدَاءً بِأَنْ يَقْصِدَ إبْرَاءَهُ عَنْهُ الْآنَ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَإِنَّهُ إذَا حَكَى أَنَّهُ أَبْرَأَهُ فِي الصِّحَّةِ يَجُوزُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَإِذَا ابْتَدَأَ إبْرَاءَهُ عَنْهُ أَيْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ إنْشَاءَ الْإِبْرَاءِ الْآنَ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ يَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ السَّابِقِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَدَائِعِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَ فُلَانًا فِي صِحَّتِهِ مِنْ دَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ إذْ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ فَكَذَا الْحِكَايَةُ إلَخْ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْجَوْهَرَةِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَجُزْ أَيْ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ فِي إقْرَارِهِ بِإِبْرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ كَوْنِهِ حِكَايَةً أَوْ ابْتِدَاءً حَيْثُ يَنْفُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْهُ فَإِنَّهُ مِنْ الْكُلِّ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ التَّفْصِيلِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ مَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْجَوْهَرَةِ لِكَوْنِهِمَا مِنْ الشُّرُوحِ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّتْ فِيهِ لِأَخِيهَا الْغَيْرِ الْوَارِثِ لَهَا بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَزِمَ ذِمَّتَهَا لَهُ مِنْ جِهَةِ قَرْضٍ اقْتَرَضَتْهُ مِنْهُ وَمَاتَتْ عَنْ أَوْلَادٍ وَعَنْ زَوْجٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً فَهَلْ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِغَيْرِ وَارِثٍ يَجُوزُ وَإِنْ أَحَاطَ وَإِنْ لِوَارِثٍ لَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ يُبَرْهِنَ بَزَّازِيَّةٌ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ نَافِدٌ مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَأُخِّرَ الْإِرْثُ عَنْهُ وَدَيْنُ الصِّحَّةِ وَمَا لَزِمَهُ فِي مَرَضِهِ بِسَبَبِ مَعْرُوفٍ قُدِّمَا عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَوْ وَدِيعَةً وَالسَّبَبُ الْمَعْرُوفُ كَنِكَاحٍ مُشَاهَدٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبَيْعٍ مُشَاهَدٍ كَذَلِكَ وَإِتْلَافٍ كَذَلِكَ تَنْوِيرٌ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدُيُونٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فِي صِحَّتِهِ وَدُيُونٌ لَزِمَتْهُ فِي مَرَضِهِ بِأَسْبَابٍ مَعْلُومَةٍ فَدَيْنُ الصِّحَّةِ وَالدُّيُونُ الْمَعْرُوفَةُ الْأَسْبَابِ مُتَقَدِّمَةٌ هِدَايَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّ فِيهِ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِزَوْجَتِهِ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ مَهْرًا مُؤَجَّلًا لَهَا وَصَدَّقَتْهُ فِيهِ وَمَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ

ص: 57

غَيْرِهَا لَمْ يُصَدِّقُوا عَلَى ذَلِكَ وَخَلَّفَ تَرِكَةً وَهِيَ مِمَّنْ يُؤَجَّلُ لَهَا مِثْلُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي نِكَاحِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ آخِرَ الْكِتَابِ وَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَكَذَا فِي فَتَاوَى الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ

(أَقُولُ) وَفِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ إقْرَارُهُ لَهَا بِمَهْرِهَا إلَى قَدْرِ مِثْلِهِ صَحِيحٌ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِيهِ وَإِنْ بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ وَقِيلَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمَنْعِ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِ مِقْدَارٍ مِنْ الْمَهْرِ فَلَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ إذَا لَمْ تَعْتَرِفْ هِيَ بِالْقَبْضِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا اسْتَوْفَتْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَقَرَّ فِيهِ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي مَاتَتْ عَنْ وَلَدٍ بِقَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَهُ وَرَثَةٌ أُخَرُ لَمْ يُصَدِّقُوهُ فِي ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ هُنَا بَعْدَ مَوْتِهَا اسْتِيفَاءُ وَرَثَتِهَا أَوْ وَصِيِّهَا الْمَهْرَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. اهـ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجٍ وَبِنْتٍ صَغِيرَةٍ مِنْهُ وَعَنْ أَوْلَادٍ ثَلَاثَةٍ آخَرِينَ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ مَاتَ قَبْلَهَا وَلَهَا مَبْلَغٌ دَيْنٌ مَعْلُومٌ بِذِمَّةِ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ مِنْ الْأَوْلَادِ الْمَزْبُورِينَ عَنْ جَدٍّ لِأَبٍ يَدَّعِي أَنَّ الْمَرْأَةَ أَقَرَّتْ فِي صِحَّتِهَا أَنَّ الدَّيْنَ الْمَزْبُورَ لِأَوْلَادِهَا الْآخَرِينَ وَأَنَّ اسْمَهَا فِي صَكٍّ الدَّيْنِ عَارِيَّةٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَدَّعِي أَنَّ الْإِقْرَارَ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : الْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي صُدُورِ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ وَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِيهِ فِي الْمَرَضِ بِيَمِينِهِ إذْ الْحَادِثُ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ فَتَاوَاهُ حَيْثُ أَجَابَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعِي الْبَيْعِ فِي الصِّحَّةِ وَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِيهِ فِي الْمَرَضِ بِيَمِينِهِ إذْ الْحَادِثُ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ بَاعَتْ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً لَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ ثَمَنُ مِثْلِهَا ثُمَّ أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا الْمَزْبُورِ بِاسْتِيفَاءِ ثَمَنِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَصْلًا فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ

(أَقُولُ) قَدَّمْنَا اخْتِلَافَ الْعِبَارَاتِ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ هَلْ يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ مِنْ الْكُلِّ وَأَنَّ الَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ نَفَاذُهُ مِنْ الْكُلِّ وَقَيَّدَ فِي السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إذْ لَوْ كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ نَفَذَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَبِقَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ فِي الْمَرَضِ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ.

(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ حَالَ تَلَبُّسِهَا بِالْمَخَاضِ أَنَّ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ بِذِمَّتِهَا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي إقْرَارِ الْخَانِيَّةِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ وَنَهْجِ النَّجَاةِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حِصَّةً مَعْلُومَةً مِنْ غِرَاسٍ مَعْلُومٍ مِنْ شَرِيكَيْهِ فِيهِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ عَنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ وَفِيهِ مُحَابَاةٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِتَرِكَتِهِ فَهَلْ يُقَالُ لِلشَّرِيكَيْنِ إمَّا أَنْ تُتِمَّا الْقِيمَةَ أَوْ تَفْسَخَا الْبَيْعَ؟

(الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَوَّلِ بَابِ الْبَيْعِ مَا نَصُّهُ الْمَرِيضُ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ إذَا بَاعَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا تَصِحُّ الْمُحَابَاةُ عِنْدَ الْكُلِّ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ لَمْ يُجِيزُوا وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شِئْت فَبَلِّغْ تَمَامَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شِئْت فَافْسَخْ الْبَيْعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَجُوزُ إنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ. اهـ. فَحَصَلَ بِمَا ذَكَرْنَا الْجَوَابُ وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْبُيُوعِ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ بَاعَ فِيهِ لِابْنَتِهِ دَارًا مَعْلُومَةً وَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ وَالْإِقْرَارُ الْمَزْبُورَانِ غَيْرَ صَحِيحَيْنِ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) أَطْلَقَ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ فَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ بِلَا مُحَابَاةٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا مَرَّ آنِفًا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ

ص: 58

مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَلَا يَجُوزُ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَعْطَاهَا بَيْتًا عِوَضَ مَهْرِ مِثْلِهَا لَمْ يَجُزْ إذْ الْبَيْعُ مِنْ الْوَارِثِ لَمْ يَجُزْ فِي الْمَرَضِ وَلَوْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إلَّا إذَا أَجَازَ وَارِثُهُ. اهـ. وَذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ بَيْعُ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ عَلَى إجَازَتِهِمْ. اهـ. وَفِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ مَرِيضٍ مَاتَ فِيهِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ وَارِثِهِ وَلَا مِنْ كَفِيلِ وَارِثِهِ وَلَوْ كَفَلَ فِي صِحَّتِهِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ تَبَرَّعَ عَنْ وَارِثِهِ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَبَاعَهُ مِنْ وَارِثِ مُوَكِّلِهِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ وَارِثِهِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ وَكِيلَهُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ هُوَ الْوَكِيلَ وَمُوَكِّلُهُ صَحِيحٌ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَيْ الَّذِي هُوَ وَارِثُ الْمُوَكِّلِ وَجَحَدَ الْمُوَكِّلُ صُدِّقَ الْوَكِيلُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَارِثَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ مَرِيضَانِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ لَا يُصَدَّقُ إذْ مَرَضُهُ يَكْفِي لِبُطْلَانِ إقْرَارِهِ لِوَارِثِهِ بِالْقَبْضِ فَمَرَضُهُمَا أَوْلَى مَرِيضٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَأَقَرَّ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ وَارِثِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْأَمَانَةِ إلَى مُوَرِّثِهِ الْمَرِيضِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَرِّثُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ. اهـ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي حَالِ مَرَضِهِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ مِنْهَا فِي جَمِيعِ الدَّارَيْنِ الْكَائِنَتَيْنِ فِي مَحَلِّ كَذَا وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ دُونَهُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ وَأَنْ لَا حَقَّ لَهُ مَعَ بِنْتِهِ مِنْ جِهَازٍ وَقُمَاشٍ وَأَوَانٍ وَصِينِيٍّ وَلُحُفٍ وَفُرُشٍ وَأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ دُونَهُ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قِبَلَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ حَقًّا مُطْلَقًا وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَضْمُونِهَا وَيَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْإِقْرَارُ الْمُصَدَّرُ بِالنَّفْيِ صَحِيحٌ نَافِذٌ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَلَى الْعِمَادِيِّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ الْجَوَابُ مَا بِهِ الْمَرْحُومُ الْوَالِدُ أَجَابَ رَوَّحَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُ فِي غُرُفَاتِ الْجِنَانِ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِ سَحَائِبَ الْغُفْرَانِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ (أَقُولُ) هَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ كَمَا سَيَظْهَرُ فَتَدَبَّرْ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عِنْدَ زَوْجَتِهِ هِنْدٍ حَقًّا وَأَبْرَأَ ذِمَّتَهَا مِنْ كُلِّ حَقٍّ شَرْعِيٍّ وَمَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهَا وَلَهُ تَحْتَ يَدِهَا أَعْيَانٌ وَلَهُ بِذِمَّتِهَا دَيْنٌ وَالْوَرَثَةُ لَمْ يُجِيزُوا الْإِقْرَارَ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ مَرِيضٌ لَهُ عَلَى وَارِثِهِ دَيْنٌ فَأَبْرَأَهُ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْك شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً وَلَوْ قَالَتْ مَرِيضَةٌ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي صَدَاقٌ لَا يَبْرَأُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمَهْرِ وَهُوَ النِّكَاحُ مَقْطُوعٌ بِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ مِنْ هِبَةِ الْمَرِيضِ وَفِيهِ مَرِيضٌ أَبْرَأَ وَارِثَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ أَصْلًا أَوْ كَفَالَةً بَطَلَ وَكَذَا إقْرَارُهُ بِقَبْضِهِ وَاحْتِيَالُهُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَجَازَ إبْرَاؤُهُ الْأَجْنَبِيَّ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ كَفِيلًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ إذْ يَبْرَأُ بِبَرَاءَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ هُوَ الْكَفِيلُ عَنْ الْوَارِثِ جَازَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ إذْ فِيهِ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَإِذَا أَرَادَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ أَنْ يَصِحَّ إبْرَاؤُهُ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْته عَنْ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ وَيَرْتَفِعُ بِهَذِهِ مُطَالَبَةُ الدُّنْيَا لَا مُطَالَبَةُ الْآخِرَةِ. اهـ. وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَأَثْبَتَهُ وَأَبْرَأَهُ لَا تَجُوزُ بَرَاءَتُهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ وَمَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ فِي الْقَضَاءِ إلَخْ مِنَحٌ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الْعَلَائِيِّ مَعَ الْمَتْنِ وَإِبْرَاؤُهُ مَدْيُونَهُ وَهُوَ مَدْيُونٌ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْ لَا يَجُوزُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ مَدْيُونًا أَوْ لَا لِلتُّهْمَةِ وَحِيلَةُ صِحَّتِهِ أَنْ يَقُولَ

ص: 59

لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ يَشْمَلُ الْوَارِثَ وَغَيْرَهُ صَحِيحٌ قَضَاءً لَا دِيَانَةً فَتَرْتَفِعُ بِهِ مُطَالَبَةُ الدُّنْيَا لَا الْآخِرَةِ حَاوِي إلَّا الْمَهْرَ فَلَا يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ بَزَّازِيَّةٌ أَيْ لِظُهُورِ أَنَّهُ عَلَيْهِ غَالِبًا إلَخْ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْعَلَائِيِّ

(أَقُولُ) حَاصِلُ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ إبْرَاءَ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَذَا إقْرَارُهُ بِلَا تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ إلَّا إذَا كَانَ مُصَدَّرًا بِالنَّفْيِ كَقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَضَاءً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ عَلَيْهِ لَكِنْ هَذَا خَاصٌّ بِالدَّيْنِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ حَيْثُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْأَشْبَاهِ وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي إبْرَاءِ الْمَرِيضِ وَارِثَهُ

(أَقُولُ) هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْوَارِثِ دَيْنٌ لَا عَيْنٌ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ مِنْ الْحِيَلِ وَلَوْ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ عَلَى ذَلِكَ وَمَضَى إقْرَارُهُ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْوَارِثِ لَا تَجُوزُ بَرَاءَتُهُ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ ادَّعَوْا كَذِبَ الْمُقِرِّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ هُنَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ ادَّعَى الْكَذِبَ فِي إقْرَارِهِ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُقِرِّ كَمَا فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ اسْتَنْبَطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ الْمُصَدَّرِ بِالنَّفْيِ جَوَابَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْبِنْتَ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا تُقِرُّ بِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِلْكُ أَبِيهَا لَا حَقَّ لَهَا فِيهَا قَالَ وَقَدْ أَجَبْت فِيهَا مِرَارًا بِالصِّحَّةِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَوْجِهَا ثُمَّ قَالَ إنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا لَا حَقَّ لِي فِيهِ فَيَصِحُّ وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُرَاجَعْ الْمَنْقُولُ. اهـ.

وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ وَكَذَلِكَ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْعَجَبُ مِنْهُ مَعَ قَوْلِ شَيْخِهِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ إنَّ كُلَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الشَّوَاهِدِ لَا يَشْهَدُ لَهُ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِوَارِثِهِ لَا يَصِحُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَمْتِعَةَ الَّتِي بِيَدِ الْبِنْتِ وَمِلْكُهَا فِيهَا ظَاهِرٌ بِالْيَدِ إذَا قَالَتْ هِيَ مِلْكُ أَبِي لَا حَقَّ لِي فِيهَا إقْرَارٌ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ وَنَحْوِهِ مِنْ صُوَرِ النَّفْيِ لِتَمَسُّكِ النَّافِي فِيهِ بِالْأَصْلِ فَكَيْفَ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مُدَّعَاهُ وَيَجْعَلُهُ صَرِيحًا فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِمِصْرَ وَأَفْتَوْا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَمِنْهُمْ وَالِدُ شَيْخِنَا الشَّيْخُ أَمِينُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْعَالِ وَبَعْدَ هَذَا الْبَحْثِ وَالتَّحْرِيرِ رَأَيْت شَيْخَ شَيْخِنَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ الشَّيْخَ عَلِيًّا الْمَقْدِسِيَّ رَدَّ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَيْ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ كَلَامَهُ وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ وَاتَّضَحَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. اهـ. كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَتَبِعَهُ السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ وَكَذَلِكَ رَدَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ جَوِي زَادَهْ كَمَا رَأَيْته مَنْقُولًا عَنْهُ فِي هَامِشِ نُسْخَتَيْ الْأَشْبَاهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ وَقَالَ بَعْضَ كَلَامٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال لِمُفْتٍ وَلَا قَاضٍ بِمَا أَفْتَى بِهِ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ بِالْعُرُوضِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْوَاقِعِ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْمُقِرَّ مَالِكٌ لِجَمِيعِ مَا حَوَتْهُ دَارُهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِنَّمَا قَصَدَ حِرْمَانَ بَاقِي الْوَرَثَةِ فَأَيُّ تُهْمَةٍ بَعْدَ هَذِهِ التُّهْمَةِ يَا عِبَادَ اللَّهِ. اهـ. وَكَذَا رَدَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ مُفْتِي دِمَشْقَ الشَّامِ سَابِقًا حَيْثُ سُئِلَ فِيمَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْأَمْتِعَةِ الْمَعْلُومَةِ مَعَ بِنْتِهِ وَمِلْكُهُ فِيهَا ظَاهِرٌ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بَاطِلٌ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَلَوْ مُصَدَّرًا بِالنَّفْيِ خِلَافًا لِلْأَشْبَاهِ.

وَقَدْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ. اهـ. وَكَذَا رَدَّ عَلَيْهِ شَيْخُ شَيْخِنَا السَّائِحَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْحَاصِلُ كَمَا رَأَيْته مَنْقُولًا عَنْ الْعَلَّامَةِ جَوِي زَادَهْ أَنَّ الْأَمْتِعَةَ إنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْبِنْتِ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ بِلَا شَكٍّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ الْمُتَقَدِّمُ وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ فَإِنْ قُلْت ذُكِرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ

ص: 60

عَنْ الْأَشْبَاهِ إنَّ إقْرَارَهُ لِلْوَارِثِ مَوْقُوفٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا إقْرَارُهُ بِالْأَمَانَاتِ كُلِّهَا إلَخْ وَقَوْلُ الْبِنْتِ هَذَا الشَّيْءُ لِأَبِي إقْرَارٌ بِالْأَمَانَةِ فَيَصِحُّ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهَا قُلْت الْمُرَادُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ الْأَمَانَةِ الَّتِي لَهُ عِنْدَ وَارِثِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ ذَكَرَ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ أَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْوَارِثِ مَوْقُوفٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ وَدِيعَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً أَوْ بِقَبْضِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ مَدْيُونِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ إقْرَارُهُ بِالْأَمَانَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ مَالَ الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ وَالْمَعْنَى فِي الْكُلِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إيثَارُ الْبَعْضِ. اهـ.

يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً غَيْرُ قَيْدٍ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَا الْأَمَانَاتُ كُلُّهَا فَيَكُونَ إقْرَارُهُ بِقَبْضِهَا كَإِقْرَارِهِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْبَحْثَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ نُورِ الْعَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ مَرِيضٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَأَقَرَّ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ وَارِثِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْأَمَانَاتِ إلَى مُوَرِّثِهِ الْمَرِيضِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَرِّثُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ. اهـ. فَقَدْ تَبَيَّنَ لَك أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ إقْرَارَهُ بِأَمَانَةٍ عِنْدَهُ لِوَارِثِهِ بَلْ الْمُرَادُ مَا قُلْنَا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنِّي رَأَيْت مَنْ يُخْطِئُ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ النُّقُولَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ إقْرَارَهُ لِوَارِثِهِ بِعَيْنٍ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا مَرَّ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَوَكَّلَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَقَبَضَهُ صَارَ ذَلِكَ الدَّيْنُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْوَارِثِ فَإِذَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهُ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِقَبْضِ مَا كَانَ لَهُ أَمَانَةً عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَمَانَةٌ تَأَمَّلْ وَقَدْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فَقَالَ صُورَتُهَا أَوْدَعَ أَبَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي مَرَضِ الْأَبِ أَوْ صِحَّتِهِ عِنْدَ الشُّهُودِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَقَرَّ بِإِهْلَاكِهِ صُدِّقَ إذْ لَوْ سَكَتَ وَمَاتَ وَلَا يَدْرِي مَا صَنَعَ كَانَتْ فِي مَالِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِإِتْلَافِهِ فَأَوْلَى. اهـ. وَقَوْلُهُ عِنْدَ الشُّهُودِ قَيَّدَ بِهِ لِتَكُونَ الْوَدِيعَةُ مَعْرُوفَةً بِغَيْرِ إقْرَارِهِ وَلَهَا قَيْدٌ فِي الْأَشْبَاهِ بِقَوْلِهِ الْمَعْرُوفَةِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِإِهْلَاكِ وَدِيعَةٍ لِوَارِثِهِ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى الْإِيدَاعِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ مِنْ الْخَلَلِ حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ لَهُ أَيْ لِوَارِثِهِ بِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ كَانَتْ عِنْدِي وَدِيعَةٌ لِهَذَا الْوَارِثِ فَاسْتَهْلَكْتهَا جَوْهَرَةٌ. اهـ.

فَإِنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ لَهُ بِاسْتِهْلَاكِ وَدِيعَةٍ مَعْرُوفَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ التَّحْرِيرَاتِ الْمُفِيدَةَ وَالْفَوَائِدَ الْفَرِيدَةَ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : إذَا قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ جَازَ الْإِقْرَارُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ وَرَثَتِهِ بَيِّنَةٌ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ بِذَلِكَ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالتَّنْوِيرِ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّتْ فِيهِ لِهِنْدٍ الْأَجْنَبِيَّةِ بِمَسْكَنٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ مَعْلُومَةٍ مَقْبُولًا مِنْهَا وَصَدَّقَتْهَا عَلَى ذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمَاتَتْ الْمُقِرَّةُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ عَنْ زَوْجٍ وَوَرَثَةٍ يَزْعُمُونَ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ مِنْهُ وَعَنْ أَبَوَيْنِ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ ثُمَّ مَرِضَ الْأَبُ مَرَضَ الْمَوْتِ وَبَاعَ فِيهِ حِصَّةً شَائِعَةً مِنْ دَارِهِ مِنْ ابْنَتِهِ وَزَوْجَتِهِ الْمَزْبُورَتَيْنِ بِثَمَنٍ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهُمَا حِينَ كَانَ صَحِيحًا ثُمَّ مَاتَ فِيهِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ غَيْرَ جَائِزٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ كُنْت فَعَلْته فِي الصِّحَّةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ إسْنَادٍ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ. اهـ.

(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ وَكَّلَ فِيهِ أَجْنَبِيًّا فِي بَيْعِ أَمْتِعَةٍ لَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ فَبَاعَهَا الْوَكِيلُ كَذَلِكَ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا

ص: 61