الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّطْرِيبِ بِالْأَلْحَانِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ الْإِنْشَادَ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ مُشَابَهَتَهُ الزَّمْرَ بِمَا كَانَ فِي الْغِنَاءِ الَّذِي فِيهِ اخْتِلَافُ النَّغَمَاتِ وَطَلَبُ الْإِطْرَابِ فَهُوَ الَّذِي يُخْشَى مِنْهُ وَقَطْعُ الذَّرِيعَةِ فِيهِ أَحْسَنُ وَمَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ مِنْ الْإِنْشَادِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ حَتَّى لَا يَخْفَى مَعْنَى الْبَيْتِ وَمَا أَرَادَهُ الشَّاعِرُ بِشَعْرِهِ فَغَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ رَخَّصَ فِي غِنَاءِ الْأَعْرَابِ وَهُوَ صَوْتٌ كَالْحِدَاءِ يُسَمَّى النَّصَبُ إلَّا أَنَّهُ رَقِيقٌ. اهـ.
[فَائِدَةٌ يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ]
(فَائِدَةٌ)
فِي الْبَزَّازِيَّةِ يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ لَا بِوَجْهِهِ لَا بِوَجْهِهِ إلَّا بِوَجْهِهِ وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَدَرِّبِ الْمُتَدَبِّرِ، وَالْمُتَتَبِّعِ الْمُتَّجِرِ أَنَّ فِي هَذَا إيمَاءً إلَى مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ تُضْرَبُ الدَّابَّةُ عَلَى النِّفَارِ وَلَا تُضْرَبُ عَلَى الْعِثَارِ وَعَلَى هَذَا فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: أَوَّلًا لَا بِوَجْهِهِ عَائِدٌ إلَى الضَّرْبِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ ضَارِبٌ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] أَيْ الْعَدْلُ فَمَعْنَاهُ حِينَئِذٍ يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ أَيْ يُنْهَى عَنْ ضَرْبِهِ حَالَ كَوْنِ ضَرْبِهِ لَا عَلَى وَجْهِهِ الَّذِي أَبَاحَهُ الشَّارِعُ بِأَنْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ عَلَى الْعِثَارِ مَثَلًا لِأَنَّ الْعِثَارَ مِنْ سُوءِ إمْسَاكِ الرَّاكِبِ اللِّجَامَ لَا مِنْ الدَّابَّةِ فَيُنْهَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ عَنْ ضَرْبِهِ وَقَوْلُهُ: ثَانِيًا لَا بِوَجْهِهِ أَيْ لَا يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ إذَا كَانَ ضَرَبَهُ عَلَى وَجْهِ الضَّرْبِ الَّذِي أَبَاحَهُ الشَّارِعُ بِأَنْ كَانَ ضَرَبَهُ عَلَى النِّفَارِ مَثَلًا لِأَنَّ النِّفَارَ مِنْ سُوءِ خُلُقِ الدَّابَّةِ فَتُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ ثَانِيًا لَا بِوَجْهِهِ عَائِدٌ إلَى الضَّرْبِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِضَارِبٍ أَيْضًا وَقَدْ أَشْبَهَ هَذَا النَّفْيُ مِنْ النَّفْيِ مَا وَقَعَ فِي الْكَافِيَةِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ حَيْثُ قَالَ: فَيُطَابِقُ فِيهِمَا مَا قَصَدَ إلَّا إذَا كَانَ جِنْسًا إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْأَنْوَاعَ وَقَوْلُهُ إلَّا بِوَجْهِهِ الضَّمِيرُ فِيهِ عَائِدٌ إلَى الْحَيَوَانِ، وَالْمُرَادُ بِهِ حِينَئِذٍ الْعُضْوُ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ النَّفْيِ الثَّانِي الَّذِي دَلَّ مَفْهُومُهُ عَلَى عَدَمِ مُخَاصَمَةِ ضَارِبِ الْحَيَوَانِ حَيْثُ ضَرَبَهُ مَثَلًا عَلَى النِّفَارِ الَّذِي أَبَاحَهُ الشَّارِعُ أَيْ لَا تَجُوزُ مُخَاصَمَتُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ لَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ إلَّا إذَا ضَرَبَهُ عَلَى وَجْهِهِ أَيْ عُضْوِهِ فَإِنَّهُ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ لِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْ الضَّرْبِ عَلَى الْوَجْهِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي قَصَدَهُ صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ عِبَارَتِهِ الَّتِي أَغْرَبَ فِيهَا وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا كَذَا رَأَيْته بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ.
قَالَ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ بَرِئَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي مَسْأَلَةٍ أَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا بِاجْتِهَادٍ لِمَا وَضَحَ لَهُ مِنْ دَلِيلِ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْحِجَجِ لَمْ يَكُنْ مَلُومًا وَلَا مَذْمُومًا بَلْ كَانَ مَأْجُورًا مَحْمُودًا وَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْهُ وَهَكَذَا أَفْعَالُ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَانْتَقَلَ مِنْ قَوْلٍ إلَى قَوْلٍ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لَكِنْ لِمَا يَرْغَبُ مِنْ غَرَضِ الدُّنْيَا وَشَهْوَتِهَا فَهُوَ مَذْمُومٌ آثِمٌ مُسْتَوْجِبٌ لِلتَّأْدِيبِ، وَالتَّعْزِيرِ لِارْتِكَابِهِ الْمُنْكَرَ فِي الدِّينِ وَاسْتِخْفَافِهِ بِدِينِهِ وَمَذْهَبِهِ. اهـ.
وَنَقَلَ السُّيُوطِيّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِجَزِيلِ الْمَوَاهِبِ فِي اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ مِنْ فَصْلِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَذْهَبٍ إلَى مَذْهَبٍ وَهُوَ جَائِزٌ إلَى أَنْ قَالَ وَأَقُولُ: لِلْمُنْتَقِلِ أَحْوَالٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الِانْتِقَالِ أَمْرًا دُنْيَوِيًّا كَحُصُولِ وَظِيفَةٍ أَوْ مُرَتَّبٍ أَوْ قُرْبٍ مِنْ الْمُلُوكِ وَأَهْلِ الدُّنْيَا فَهَذَا حُكْمُهُ كَمُهَاجِرِ أُمِّ قَيْسٍ لِأَنَّ الْأُمُورَ بِمَقَاصِدِهَا ثُمَّ لَهُ حَالَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ عَارِيًّا مِنْ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ لَيْسَ لَهُ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ سِوَى اسْمِ شَافِعِيٍّ أَوْ حَنَفِيٍّ كَغَالِبِ مُتَعَمِّمِي زَمَانِنَا أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ فِي الْمَدَارِسِ حَتَّى أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ شَيْخَنَا الْعَلَّامَةَ الْكَافِيجِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرَّةً يَكْتُبُ لَهُ عَلَى قِصَّةٍ تَعْلِيقًا بِوِلَايَةِ أَوَّلِ وَظِيفَةٍ تَشْغَرُ بالشيخونية فَقَالَ لَهُ: مَا مَذْهَبُك فَقَالَ: مَذْهَبِي خُبْزٌ وَطَعَامٌ يَعْنِي وَظِيفَةً أَمَّا فِي الشَّافِعِيَّةِ أَوْ الْمَالِكِيَّةِ أَوْ الْحَنَابِلَةِ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ فِي الشَّيْخُونِيَّةِ لَا خُبْزَ لَهُمْ وَلَا طَعَامَ فَهَذَا أَمْرُهُ فِي الِانْتِقَالِ أَخَفُّ لَا يَصِلُ إلَى حَدِّ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ إلَى الْآنَ عَامِّيٌّ لَا مَذْهَبَ لَهُ يُحَقِّقُهُ فَهُوَ يَسْتَأْنِفُ مَذْهَبًا جَدِيدًا ثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا فِي مَذْهَبٍ وَيُرِيدَ الِانْتِقَالَ لِهَذَا الْغَرَضِ فَهَذَا أَمْرُهُ أَشَدُّ وَعِنْدِي.
أَنَّهُ يَصِلُ إلَى حَدِّ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ تَلَاعُبٌ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لِمُجَرَّدِ غَرَضِ الدُّنْيَا.
الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الِانْتِقَالُ لِغَرَضٍ دِينِيٍّ وَلَهُ صُورَتَانِ: الْأُولَى أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا فِي مَذْهَبِهِ وَقَدْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ الْمَذْهَبُ الْآخَرُ لِمَا رَآهُ مِنْ وُضُوحِ أَدِلَّتِهِ وَقُوَّةِ مَدَارِكِهِ فَهَذَا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ أَوْ يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلِهَذَا لَمَّا قَدِمَ الشَّافِعِيُّ مِصْرَ تَحَوَّلَ أَكْثَرُ أَهْلِهَا شَافِعِيَّةً بَعْدَ أَنْ كَانُوا مَالِكِيَّةً، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ عَارِيًّا مِنْ الْفِقْهِ وَقَدْ اشْتَغَلَ بِمَذْهَبِهِ فَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ وَوَجَدَ مَذْهَبَ غَيْرِهِ سَهْلًا عَلَيْهِ سَرِيعًا إدْرَاكَهُ بِحَيْثُ يَرْجُو التَّفَقُّهَ فِيهِ فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ قَطْعًا وَيَحْرُمُ التَّخَلُّفُ لِأَنَّ التَّفَقُّهَ عَلَى مَذْهَبِ إمَامٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ خَيْرٌ مِنْ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْجَهْلِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ التَّمَذْهُبِ سِوَى اسْمِ حَنَفِيٍّ أَوْ شَافِعِيٍّ أَوْ مَالِكِيٍّ فَالتَّمَذْهُبُ عَلَى مَذْهَبِ أَيِّ إمَامٍ كَانَ خَيْرٌ مِنْ الْجَهْلِ بِالْفِقْهِ عَلَى كُلِّ الْمَذَاهِبِ فَإِنَّ الْجَهْلَ بِالْفِقْهِ تَقْصِيرٌ كَبِيرٌ، وَقَلَّ أَنْ تَصِحَّ مَعَهُ عِبَادَةٌ وَأَظُنُّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ لِتَحَوُّلِ الطَّحَاوِيِّ حَنَفِيًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ شَافِعِيًّا فَإِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى خَالِهِ الْمُزَنِيِّ فَاعْتَاصَ عَلَيْهِ الْفَهْمُ يَوْمًا فَحَلَفَ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ لَا يَجِيءُ مِنْهُ فَانْتَقَلَ حَنَفِيًّا فَفُتِحَ عَلَيْهِ وَصَنَّفَ كِتَابَهُ شَرْحَ مَعَانِي الْآثَارِ فَكَانَ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ يَقُولُ لَوْ عَاشَ خَالِي كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ حَكَى هَذِهِ الْحِكَايَةَ لَا حِنْثَ عَلَى الْمُزَنِيِّ لِأَنَّ مُرَادَهُ لَا يَجِيءُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قُلْتُ: وَلَا يُسْتَنْكَرُ ذَلِكَ فَرُبَّ شَخْصٍ يُفْتَحُ عَلَيْهِ فِي عِلْمٍ دُونَ عِلْمٍ، وَفِي مَذْهَبٍ دُونَ مَذْهَبٍ وَهِيَ قِسْمَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَعَلَامَةُ الْإِذْنِ التَّيْسِيرُ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الِانْتِقَالُ لَا لِغَرَضٍ دِينِيٍّ وَلَا لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ بَلْ مُجَرَّدًا عَنْ الْقَصْدِ فَهَذَا يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ وَيُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ لِلْفَقِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ فِقْهُ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ وَيَحْتَاجُ إلَى زَمَنٍ آخَرَ لِتَحْصِيلِ فِقْهِ هَذَا الْمَذْهَبِ فَيَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَمَّا هُوَ الْأَهَمُّ مِنْ الْعَمَلِ بِمَا تَعَلَّمَهُ وَقَدْ يَنْقَضِي الْعُمُرُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْمَذْهَبِ الثَّانِي فَالْأَوْلَى تَرْكُ ذَلِكَ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الرِّسَالَةِ.
قَالَ الْإِمَامُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النِّيءِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ قُلْتُ: الْعِلَّةُ أَذَى الْمَلَائِكَةِ وَأَذَى الْمُسْلِمِينَ فَيَخْتَصُّ النَّهْيُ بِالْمَسَاجِدِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَلَا يَخْتَصُّ بِمَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام بَلْ الْمَسَاجِدُ كُلُّهَا سَوَاءٌ عَمَلًا بِرِوَايَةِ مَسَاجِدَنَا بِالْجَمْعِ وَشَذَّ مَنْ خَصَّهُ بِمَسْجِدِهِ عليه الصلاة والسلام وَيُلْحَقُ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ كُلُّ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ وَغَيْرِهَا وَإِنَّمَا خَصَّ الثُّومَ هُنَا بِالذِّكْرِ، وَفِي غَيْرِهِ أَيْضًا بِالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِمْ لَهَا وَكَذَلِكَ أُلْحَقَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ مَنْ بِفِيهِ بَخْرٌ أَوْ بِهِ جُرْحٌ لَهُ رَائِحَةٌ وَكَذَلِكَ الْقَصَّابُ، وَالسَّمَّاكُ وَالْمَجْذُومُ وَالْأَبْرَصُ أَوْلَى بِالْإِلْحَاقِ.
وَصَرَّحَ بِالْمَجْذُومِ ابْنُ بَطَّالٍ وَنَقَلَ عَنْ سَحْنُونٍ لَا أَرَى الْجُمُعَةَ عَلَيْهِمَا وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ وَأَلْحَقَ بِالْحَدِيثِ كُلَّ مَنْ آذَى النَّاسَ بِلِسَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ أَصْلٌ فِي نَفْيِ كُلِّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُعْذَرَ مَنْ كَانَ مَعْذُورًا بِأَكْلِ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهَةٌ لِمَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ «الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ انْتَهَيْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ مِنِّي رِيحَ الثُّومِ فَقَالَ: مَنْ أَكَلَ الثُّومَ؟ قَالَ فَأَخَذْتُ يَدَهُ فَأَدْخَلْتهَا فَوَجَدَ صَدْرِي مَعْصُوبًا فَقَالَ: إنَّ لَك عُذْرًا» ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ «اشْتَكَيْتُ صَدْرِي فَأَكَلْته» ، وَفِيهِ «فَلَمْ يُعَنِّفْهُ صلى الله عليه وسلم» . اهـ. وَفِيهِ مِنْ الْبَابِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَكْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عُذْرٌ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَأَيْضًا هُنَا عِلَّتَانِ إحْدَاهُمَا أَذَى الْمُسْلِمِينَ، وَالثَّانِيَةُ أَذَى الْمَلَائِكَةِ فَبِالنَّظَرِ إلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى يُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَحُضُورِ الْمَسْجِدِ وَبِالنَّظَرِ إلَى الثَّانِيَةِ يُعْذَرُ فِي تَرْكِ حُضُورِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ. اهـ.
وَرَأَيْتُ فِي شَرْحِ الْعَلَائِيِّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ شَتَّى الْفَرَائِضِ نَقْلًا عَنْ الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ حَرْقُ جَرَادٍ وَقَمْلَةٍ وَعَقْرَبٍ وَلَا بَأْسَ بِإِحْرَاقِ حَطَبٍ فِيهِ نَمْلٌ. اهـ.