المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسائل وفوائد شتى من الحظر والإباحة وغير ذلك] - العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَار]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَرَامَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقُرَى وَنَحْوِهَا]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[ذَبِيحَةِ الذِّمِّيِّ الْكِتَابِيِّ هَلْ تَحِلُّ مُطْلَقًا أَوْ لَا]

- ‌[الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّرْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُدَايَنَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا]

- ‌[كِتَابُ الْحِيطَانِ وَمَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَسَائِلُ وَفَوَائِدُ شَتَّى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَضْعُ السُّتُورِ وَالْعَمَائِمِ وَالثِّيَابِ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي تَيْسِيرِ الْوُقُوفِ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ لِلْأَمْوَاتِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى وُجُوهٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أُبِيحَ لَعْنُهُ إلَّا وَالِدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى أَئِمَّةٌ أَعْلَامٌ بِتَحْرِيمِ شُرْبِ الدُّخَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّعَصُّبِ قَالَ الصَّلَابَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْكَذِبُ مُبَاحٌ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ نَفْسِهِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الِاعْتِمَاد عَلَى مَا وَقَعَ فِي كُتُبِنَا مِنْ الْعِبَارَاتِ الْفَارِسِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ تَقْبِيلِ الْخُبْزِ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَقِيهِ الْإِجَابَةُ عَنْ كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ سَبَبُ وَضْعِ التَّارِيخِ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[مسائل وفوائد شتى من الحظر والإباحة وغير ذلك]

مَسَائِلَ سُئِلَ عَنْهَا وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي مَحَلَّاتِهَا وَذَكَرَ فَوَائِدَ مُتَفَرِّقَةً كَعَادَةِ الْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَذَكَرَ أَيْضًا كَثِيرًا مِنْهَا فِي الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ فَانْتَخَبْتُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْئًا مُهِمًّا خَتَمْتُ بِهِ هَذَا الْكِتَابَ تَتْمِيمًا لِلْفَوَائِدِ عَلَى الطُّلَّابِ وَقَدْ قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنِّي لَمْ أَذْكُرْ كِتَابَ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ الْمُؤَلِّفُ فَنَاسَبَ ذِكْرُهُ هُنَا لِيَنْتَظِمَ شَمْلُ مَا تَفَرَّقَ مِنْ تِلْكَ الْفَوَائِدِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْمَحَلَّيْنِ.

[مَسَائِلُ وَفَوَائِدُ شَتَّى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

(مَسَائِلُ وَفَوَائِدُ شَتَّى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)(سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ سَيِّدِ التَّابِعِينَ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ - قُدِّسَ سِرُّهُ الْعَزِيزُ وَنَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ - وَهُمْ سَاكِنُونَ فِي دُورِهِمْ قُرْبَ قَرْيَةٍ مُشْتَغِلُونَ بِالصَّلَوَاتِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِطْعَامِ الْفُقَرَاءِ الْوَارِدِينَ عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ فِيهَا فِلَاحَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَرَاضِي وَقْفٍ وَعَلَى أَهَالِي الْقَرْيَةِ دُيُونٌ قَدِيمَةٌ وَحَدِيثَةٌ قَامَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ يُكَلِّفُونَ الْجَمَاعَةَ دَفْعَ شَيْءٍ مِنْ الدُّيُونِ الْمَرْقُومَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا كَفَالَةٍ لِذَلِكَ وَإِلَى دَفْعِ غَرَامَاتٍ غَيْرِ لَازِمَةٍ عَلَيْهِمْ شَرْعًا وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُمْ دَفْعُهَا فِي الْقَدِيمِ وَيَقْصِدُونَ أَذِيَّتَهُمْ بِذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟

(الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ: لَيْسَ لَهُمْ طَلَبُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَيُمْنَعُونَ مِنْ مُعَارَضَتِهِمْ فِي ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُمْ دَفْعُ شَيْءٍ غَيْرِ لَازِمٍ عَلَيْهِمْ شَرْعًا وَتَحْرُمُ أَذِيَّتُهُمْ لَا سِيَّمَا وَهُمْ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ هَذَا السَّيِّدِ الْجَلِيلِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَصَلَاحُ الْآبَاءِ يَنْفَعُ الْأَبْنَاءَ قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82] فَيُحْتَرَمُونَ كَمَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ خُصُوصًا لِأَجْلِ جَدِّهِمْ الَّذِي كَرَامَاتُهُ شَهِيرَةٌ فِي طَيِّ الْكُتُبِ مَنْشُورَةٌ وَمِمَّنْ تَرْجَمَهُ جَدِّي الْمَرْحُومُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمُحَقِّقُ الْهُمَامُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الَّتِي سَمَّاهَا الرَّوْضَةَ الرَّيَّا فِيمَنْ دُفِنَ فِي دَارَيَّا.

وَذَكَرَ لَهُ مَنَاقِبَ كَثِيرَةً وَكَرَامَاتٍ مُنِيرَةً مِنْ جُمْلَتِهَا مَا رَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَالْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالْإِمَامُ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ وَالْحَافِظُ، ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْأَسْوَدَ الْعَنْسِيَّ يَعْنِي مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ تَنَبَّأَ بِالْيَمَنِ فَأَرْسَلَ إلَى أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ فَأُتِيَ بِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: مَا أَسْمَعُ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: مَا أَسْمَعُ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: نَعَمْ فَرَدَّدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِرَارًا وَهُوَ يُجِيبُهُ بِمَا ذَكَرَ ثُمَّ أَمَرَ بِنَارٍ عَظِيمَةٍ فَأُجِّجَتْ وَأُلْقِي فِيهَا فَلَمْ تَضُرَّهُ فَقِيلَ لِلْأَسْوَدِ انْفِهِ مِنْ بِلَادِك وَإِلَّا أَفْسَدَ عَلَيْك مَنْ اتَّبَعَك فَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ بِلَادِهِ فَارْتَحَلَ أَبُو مُسْلِمٍ فَأَتَى الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنَاخَ أَبُو مُسْلِمٍ رَاحِلَتَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَامَ يُصَلِّي إلَى سَارِيَةٍ فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَالَ مِمَّنْ الرَّجُلُ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ مَا فَعَلَ الَّذِي أَحْرَقَهُ الْكَذَّابُ بِالنَّارِ فَقَالَ ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْبٍ فَقَالَ أَنْشُدُك اللَّهَ أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ فَاعْتَنَقَهُ ثُمَّ بَكَى وَذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَنْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَبَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُرْسَلِينَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، وَعَلَى الصَّحَابَةِ، وَالْقَرَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

(سُئِلَ) فِي بَيْطَارٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا فِي سُوقٍ مُلَازِقَةٍ لِحَانُوتِ بَيْطَارٍ آخَرَ لِيُبَاشِرَ أَمْرَ الصِّنَاعَةِ فِيهَا وَيُرِيدُ الْآخَرُ مَنْعَهُ مِنْ ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ مُعَارَضَتُهُ وَلَا مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَنَى حَانُوتًا بِجَنْبِ حَانُوتِ غَيْرِهِ فَكَسَدَتْ الْأُولَى بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ مِنْ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَعَثَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ فِي

ص: 320

شَهْرِ رَمَضَانَ إلَى مَسْجِدٍ شَرِيفٍ مِقْدَارًا مِنْ الشَّمْعِ الْعَسَلِيِّ لِيُوقَدَ فِي الْمَسْجِدِ لِلِاسْتِصْبَاحِ فَاحْتَرَقَ وَبَقِيَ مِنْهُ مِقْدَارٌ قَلِيلٌ، وَالْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِ الْإِذْنِ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الدَّافِعِ فَأَخَذَهُ الْإِمَامُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي الْبَحْثِ الثَّانِي مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ مَا نَصُّهُ وَمِنْهَا مَا فِي وَقْفِ الْقُنْيَةِ بَعَثَ شَمْعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إلَى مَسْجِدٍ فَاحْتَرَقَ وَبَقِيَ مِنْهُ ثُلُثُهُ أَوْ دُونَهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَوْ الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ الْمُؤَذِّنَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(أَقُولُ) هَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ نَهْيٌ صَرِيحٌ مِنْ الدَّافِعِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالثُّلُثِ وَمَا دُونَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُسَامِحُ بِهِ عَادَةً بِخِلَافِ الْأَكْثَرِ تَأَمَّلْ وَبَقِيَ هَلْ يَشْمَلُ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الشَّمْعُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ زَمَنُ الْوَاقِفِ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ فِي زَمَنِهِ ذَلِكَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا سَأَلْنَا عَنْهَا فِي شَمْعِ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ لَهُ وَقْفٌ مُرَتَّبٌ خَاصٌّ بِهِ، وَالْعَادَةُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ عَلَى الْجَامِعِ يَأْخُذُ الْفَاضِلَ فِي آخِرِ السَّنَةِ لَكِنْ الَّذِي يَبْقَى شَيْءٌ كَثِيرٌ لَهُ قِيمَةٌ مُعْتَبَرَةٌ ثُمَّ تَذَكَّرْت أَنِّي قَدَّمْت عَنْ الْمُؤَلِّفِ سُؤَالًا فِي ذَلِكَ ذَكَرْته فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ تَصَرَّفَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ بِأَخْذِ بَاقِي الشَّمْعِ وَرَضِيَ الْوَاقِفُ بِذَلِكَ فَأَفْتَى الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْآنَ مِنْ أَخْذِهِ وَاسْتَدَلَّ بِعِبَارَةِ الْقُنْيَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ الْقَدِيمُ تَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَعَدَ زَيْدٌ عَمْرًا أَنْ يُعْطِيَهُ غِلَالَ أَرْضِهِ الْفُلَانِيَّةِ فَاسْتَغَلَّهَا وَامْتَنَعَ مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْئًا فَهَلْ يَلْزَمُ زَيْدًا شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ الْوَعْدِ الْمَزْبُورِ؟

(الْجَوَابُ) : لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِوَعْدِهِ شَرْعًا وَإِنْ وَفَّى فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ وَتَفْصِيلُهَا فِي حَوَاشِيهِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَيَخْتَلِي بِهَا مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهَا فِي مَصَالِحِهَا وَيَمْنَعُهُ أَبُوهَا مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ إلَّا لِمُلَازَمَةِ مَدْيُونَةٍ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ، وَفِيمَا إذْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ. اهـ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا زَوَّجَ زَيْدٌ بِنْتَهُ مِنْ عَمْرٍو تَزْوِيجًا شَرْعِيًّا وَلِزَيْدٍ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ هِيَ أُمُّ الْبِنْتِ الْمَزْبُورَةِ وَلَهُ جِوَارٌ فَهَلْ يَجُوزُ لِعَمْرٍو الْمَرْقُومِ النَّظَرُ إلَى الْمَذْكُورَاتِ إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؟

(الْجَوَابُ) : يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْمَحَارِمِ وَكُلِّ مَنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ كَأُمِّ زَوْجَتِهِ وَجَدَّتِهَا إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ إلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَالصَّدْرِ وَالسَّاقِ وَالْعَضُدِ وَحُكْمُ أَمَةِ غَيْرِهِ فِي النَّظَرِ حُكْمُ مَحَارِمِهِ وَلَا يَنْظُرُ إلَى الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوَاضِعَ الزِّينَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ الشَّهْوَةَ لَا يَنْظُرُ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ، وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي الرَّجُلِ هَلْ يَنْظُرُ مِنْ مَحْرَمِهِ رِضَاعًا إلَى وَجْهِهَا وَرَأْسِهَا مَعَ أَمْنِ الشَّهْوَةِ مِنْهُمَا؟

(الْجَوَابُ) : لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ مَحَارِمِهِ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ كَالرَّضَاعِ إلَى الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالصَّدْرِ، وَالسَّاقِ، وَالْعَضُدِ بِشَرْطِ أَمْنِ الشَّهْوَةِ مِنْهُمَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ فَمَنْ قَصَرَ نَظَرَهُ عَلَى الرِّجْلِ فَقَدْ قَصَّرَ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ عَنْ ابْنِ كَمَالٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُلْتَقَى، وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ فَصْلٍ فِي النَّظَرِ مِنْ بَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ جَارِيَةً وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اشْتَرَى جَارِيَةً أُخْرَى لِلتَّسَرِّي فَزَعَمَتَا أَنَّهُمَا أُخْتَانِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟

(الْجَوَابُ) : إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا صَادِقَتَانِ فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِحُرْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ نِكَاحًا وَوَطْئًا بِمِلْكِ يَمِينٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 321

«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعَنَّ مَاءً فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا كَاذِبَتَانِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي التَّسَرِّي بِهِمَا عَلَى مَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ بِيرِيٌّ زَادَهْ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ بِمَا نَصُّهُ " خُلِفَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ زَعَمَتَا أَنَّهُمَا أُخْتَانِ فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا صَادِقَتَانِ فَلَا يَقْرَبُهُمَا وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا كَاذِبَتَانِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا فِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي مُؤَذِّنِ جَامِعٍ يُؤَذِّنُ فِي مَنَارَتِهِ وَيُبَلِّغُ لِإِمَامِهِ فِي صَلَوَاتِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ مُتَعَمِّمٌ بِشَدٍّ مِنْ حَرِيرٍ عَلَى رَأْسِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِهِ؟

(الْجَوَابُ) : يَحْرُمُ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ وَلَوْ بِحَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ كِتَابِ الْعِيدَيْنِ قَالَ «لَقِيَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا فِي الْعِيدِ وَالْوُفُودِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ ثُمَّ أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك قُلْتُ إنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ وَأَرْسَلْت إلَيَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَك» . اهـ. الْإِسْتَبْرَقُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنْ الدِّيبَاجِ وَالدِّيبَاجُ الثِّيَابُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ عَيْنِيٌّ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ جَمَاعَةٍ عِدَّةَ آلَاتٍ مُعَدَّةً لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ يُسَمُّونَهَا بِالْمَنَاقِلِ وَالطَّابِ وَالدَّكِّ لِأَجَلِ اللَّعِبِ بِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ دَفَعَهَا لِلْمُؤَجِّرِينَ وَتَعَطَّلَ عَلَيْهِ مَنَافِعُ الْمَأْجُورِ يُعَارِضُ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِينَ بِنَظِيرِ الْأُجْرَةِ الْمَدْفُوعَةِ لَهُمْ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ، وَالْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ جَائِزَةٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ، وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَى بَعْدَ ذِكْرِ كَسْرِ آلَةِ اللَّهْوِ وَيَصِحُّ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَقَالَا لَا يَضْمَنُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

قَالَ فِي الْكَافِي لَهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أُعِدَّتْ لِلْمَعْصِيَةِ فَبَطَلَ تَقَوُّمُهَا كَالْخَمْرِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ. اهـ. وَالْإِجَارَةُ، وَالْبَيْعُ أَخَوَانِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْمَعَاصِي وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مَقْدُورَةِ الِاسْتِيفَاءِ شَرْعًا كَاسْتِئْجَارِ الْإِنْسَانِ لِلَّعِبِ وَاللَّهْوِ وَكَاسْتِئْجَارِ الْمُغَنِّيَةِ وَالنَّائِحَةِ لِلْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ بِخِلَافِ الِاسْتِئْجَارِ لِكِتَابَةِ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ عَنْهُ نَفْسُ الْغِنَاءِ، وَالنَّوْحِ لَا كِتَابَتُهُمَا بَدَائِعُ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْإِمَاءِ لِلزِّنَا لِأَنَّهَا إجَارَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ شِئْت أَفْرَدْت لِجِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ شَرْطًا وَخَرَّجْتهَا عَلَيْهِ فَقُلْت: وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ. اهـ.

(سُئِلَ) الْعَلَّامَةُ الْجَدُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ عَنْ السَّمَاعِ بِمَا صُورَتُهُ فِيمَا إذَا سَمِعَ مِنْ الْآلَاتِ الْمُطْرِبَةِ كَالْيَرَاعِ وَغَيْرِهِ وَمَا لِذَلِكَ شَبِيهٌ هَلْ ذَلِكَ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّرِيعَةِ، وَالْحَقِيقَةِ وَهَلْ لِذَلِكَ سَبِيلٌ وَإِلَى سَمَاعِهِ طَرِيقَةٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) الْمَوْلَى الْمَذْكُورُ عَلَيْهِ رَحْمَةُ الرَّحِيمِ الْغَفُورِ: قَدْ حَرَّمَهُ مَنْ لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ لِصِدْقِ مَقَالِهِ وَأَبَاحَهُ مَنْ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ لِقُوَّةِ حَالِهِ فَمَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ شَيْئًا مِنْ نُورِ الْمَعْرِفَةِ فَلْيَتَقَدَّمْ وَإِلَّا فَرُجُوعُهُ عَمَّا نَهَاهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ عَنْهُ أَحْكَمُ وَأَسْلَمُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ.

قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَرَأَيْتُ بِخَطِّهِ الشَّرِيفِ مَا صُورَتُهُ سُئِلَ الْمُنْلَا مُصْلِحُ الدِّينِ اللَّارِيُّ الْعَالِمُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ حِينَئِذٍ مُقِيمٌ بِحَلَبِ عَنْ جَوَازِ جَمْعِ الدُّفِّ، وَالشَّبَّابَةِ، وَالسَّمَاعِ

(فَأَجَابَ) أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مُبَاحٌ فَاجْتِمَاعُهَا أَيْضًا مُبَاحٌ

ص: 322

مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ: أَنَّ أَفْرَادَ الْمُبَاحَاتِ وَمَجْمُوعَهَا عَنْ السَّوَاءِ إلَّا إذَا تَضَمَّنَ الْمَجْمُوعُ مَحْظُورًا لَا يَتَضَمَّنُهُ الْآحَادُ قَالَ قَدْ وَقَعَ الْمَنْعُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ زَمَانِنَا وَأَفْتَى جَدِّي بِالْجَوَازِ وَصَحَّحَ فَتْوَاهُ أَكَابِرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ مُعَاصِرِيهِ بِبِلَادِ فَارِسَ ثُمَّ نَقَلَ فَتْوَى جَدِّهِ بِطُولِهَا وَنَقَلَ قَوْلَ الْعَارِفِينَ وَتَحْرِيمَ النَّوَوِيِّ الشَّبَّابَةَ، وَقَالَ وَلَمْ يُقِمْ النَّوَوِيُّ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ نَقَلَ تَصْحِيحَ الْجَلَالِ الدَّوَانِي فَتْوَى جَدِّهِ ثُمَّ كَلَامَ الدَّوَانِي فِي شَرْحِ الْهَيَاكِلِ حَيْثُ قَالَ الْإِنْسَانُ يَسْتَعِدُّ بِالْحَرَكَاتِ الْعِبَادِيَّةِ الْوَضِيعَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلشَّوَارِقِ الْقُدْسِيَّةِ بَلْ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ التَّجْرِيدِ قَدْ يُشَاهِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ طَرَبًا قُدْسِيًّا مُزْعِجًا فَيَتَحَرَّكُونَ بِالرَّقْصِ، وَالتَّصْفِيقِ، وَالدَّوَرَانِ وَيَسْتَعِدُّونَ بِتِلْكَ الْحَرَكَةِ لِشُرُوقِ أَنْوَارٍ أُخَرَ إلَى أَنْ يَنْقَضِيَ ذَلِكَ الْحَالُ عَنْهُمْ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ كَمَا عَلَيْهِ تَجَارِبُ السَّالِكِينَ وَذَلِكَ سِرُّ السَّمَاعِ وَأَصْلُهُ الْبَاعِثُ لِلْمُتَأَهِّلِينَ عَلَى وَضْعِهِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ أَعْيَانِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ: إنَّهُ قَدْ يَنْفَتِحُ لِلسَّالِكِينَ فِي مَجْلِسِ السَّمَاعِ مَا لَا يَنْفَتِحُ فِي الْأَرْبَعِينَاتِ. اهـ.

وَقَدْ أَفْتَى أَيْضًا مُصْلِحٌ الْمَذْكُورُ بِإِبَاحَةِ الرَّقْصِ أَيْضًا بِشَرْطِ عَدَمِ التَّثَنِّي، وَالتَّكَسُّرِ. اهـ. قُلْت، وَالْحَقُّ الَّذِي هُوَ أَحَقُّ أَنْ يُتْبَعَ وَأَحْرَى أَنْ يُدَانَ بِهِ وَيُسْتَمَعَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ سَيِّئَاتِ الْبِدَعِ حَيْثُ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهُ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ وَلَمْ يَقُلْ بِحِلِّهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ الْمُجْتَهِدِينَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ قَالَ الْأُسْتَاذُ السُّهْرَوَرْدِيُّ فِي عَوَارِفِ الْمَعَارِفِ وَنَاهِيك بِهِ مِنْ كِتَابٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَى السَّمَاعِ فِي خَمْسَةِ أَبْوَابٍ مِنْهُ بِمَا هُوَ حَقُّ التَّحْقِيقِ وَلُبُّ اللُّبَابِ وَإِنْ أَنْصَفَ الْمُنْصِفُ وَتَفَكَّرَ فِي اجْتِمَاعِ أَهْلِ الزَّمَانِ وَقُعُودِ الْمُغَنِّي بِدُفِّهِ، وَالْمُشَبِّبِ بِشَبَّابَتِهِ وَتَصَوَّرَ فِي نَفْسِهِ هَلْ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا الْجُلُوسِ، وَالْهَيْئَةِ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ.

وَهَلْ اسْتَحْضَرُوا أَقْوَالًا وَقَعَدُوا مُجْتَمَعِينَ لِاسْتِمَاعِهِ لَا شَكَّ بِأَنْ يُنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ حَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ فَضِيلَةٌ تُطْلَبُ مَا أَهْمَلُوهَا فَمَنْ يُشِيرُ بِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ تُطْلَبُ وَيُجْتَمَعُ لَهَا لَمْ يَحْظَ بِذَوْقِ مَعْرِفَةِ أَحْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ وَيَسْتَرْوِحُ إلَى اسْتِحْسَانِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَكَثِيرٌ يَغْلَطُ النَّاسُ بِهَذَا كُلَّمَا احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّلَفِ الْمَاضِينَ يَحْتَجُّ بِالْمُتَأَخِّرِينَ فَكَانَ السَّلَفُ أَقْرَبَ إلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهَدْيُهُمْ أَشْبَهَ بِهَدْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكُرِهَ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ، وَالْمُزَعْفَرِ الْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ لِلرِّجَالِ وَلَا بَأْسَ لِلنِّسَاءِ بِسَائِرِ الْأَلْوَانِ تَنْوِيرٌ مِنْ الْحَظْرِ وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا لِلرِّجَالِ الْأَحْمَرُ وَالْمُعَصْفَرُ وَقِيلَ تَنْزِيهًا عَلَائِيٌّ عَلَى الْمُلْتَقَى وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ كَرَاهِيَةَ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ. اهـ. وَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَشَرْحِ النُّقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ الْحَنَفِيِّ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ يُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّنْزِيَةِ لَكِنْ صَرَّحَ صَاحِبُ تُحْفَةِ الْمُلُوكِ بِالْحُرْمَةِ فَأَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمَحْمَلُ عِنْدَ إطْلَاقٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ كَذَا فِي الْمِنَحِ وَمِثْلُهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي، وَفِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَيُكْرَهُ الْأَحْمَرُ وَالْمُعَصْفَرُ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ، وَالْمُعَصْفَرِ قَالَ عليه الصلاة والسلام «إيَّاكُمْ، وَالْحُمْرَةَ فَإِنَّهَا زِيُّ الشَّيْطَانِ» وَلِأَنَّهَا كِسْوَةُ النِّسَاءِ وَيُكْرَهُ التَّشَبُّهُ بِهِنَّ. اهـ. وَلِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ فَتْوَى مُفَصَّلَةٌ طَوِيلَةٌ فِي حُرْمَةِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ، وَفِي الذَّخِيرَةِ.

وَرَوَى مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ نَهْيَ الرِّجَالِ عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ قِيلَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يَلْبَسَ الْمُعَصْفَرَ لِيُحَبِّبَ نَفْسَهُ إلَى النِّسَاءِ وَقِيلَ: النَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ مُطْلَقًا فَقَدْ جَاءَ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَإِيَّاكُمْ وَالْحُمْرَةَ فَإِنَّهَا لُبْسُ الشَّيْطَانِ» تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ فِي اللِّبَاسِ، وَنَقَلَ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْكَرَاهِيَةِ فِي كِتَابِ الْكَسْبِ عَنْ الْوَجِيزِ هَكَذَا

ص: 323