المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عِبَارَةً طَوِيلَةً عَنْ زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ - العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية - جـ ٢

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَار]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْهِبَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَرَامَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقُرَى وَنَحْوِهَا]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[بَابُ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[ذَبِيحَةِ الذِّمِّيِّ الْكِتَابِيِّ هَلْ تَحِلُّ مُطْلَقًا أَوْ لَا]

- ‌[الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّرْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُدَايَنَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا]

- ‌[كِتَابُ الْحِيطَانِ وَمَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[بَابُ الْوَصِيِّ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[مَسَائِلُ وَفَوَائِدُ شَتَّى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[فَائِدَةٌ وَضْعُ السُّتُورِ وَالْعَمَائِمِ وَالثِّيَابِ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ الْأَوْلِيَاءِ]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي تَيْسِيرِ الْوُقُوفِ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ لِلْأَمْوَاتِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى وُجُوهٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ]

- ‌[فَائِدَةٌ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أُبِيحَ لَعْنُهُ إلَّا وَالِدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَفْتَى أَئِمَّةٌ أَعْلَامٌ بِتَحْرِيمِ شُرْبِ الدُّخَانِ]

- ‌[فَائِدَةٌ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّعَصُّبِ قَالَ الصَّلَابَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ الْكَذِبُ مُبَاحٌ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ نَفْسِهِ]

- ‌[فَائِدَةٌ الِاعْتِمَاد عَلَى مَا وَقَعَ فِي كُتُبِنَا مِنْ الْعِبَارَاتِ الْفَارِسِيَّةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ تَقْبِيلِ الْخُبْزِ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَقِيهِ الْإِجَابَةُ عَنْ كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ]

- ‌[فَائِدَةٌ سَبَبُ وَضْعِ التَّارِيخِ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عِبَارَةً طَوِيلَةً عَنْ زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ

جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عِبَارَةً طَوِيلَةً عَنْ زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ حَاصِلُهَا أَنَّهُ هَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ شَرْعًا حَتَّى لَوْ زَوَّجَتْ الصَّغِيرَةُ نَفْسَهَا وَلَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ كُفْءٍ وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا أَوْ الْمُرَادُ وُجُودُ وَلِيٍّ يَمْلِكُ الْإِجَازَةَ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَقَعَ كَلَامٌ بَيْنَ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ فِي عَصْرِنَا فَذَهَبَ بَعْضٌ إلَى الْأَوَّلِ وَبَعْضٌ إلَى الثَّانِي ثُمَّ اسْتَشْهَدَ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةً عَنْ الْخَانِيَّةِ.

وَقَالَ: إنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا وَلَمْ يُحَرِّرْ الْمَقَامَ وَقَدْ عَلِمْت تَحْرِيرَهُ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَقْدِ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شَرْطٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُجِيزٌ وَقْتَ صُدُورِهِ مِنْ وَلِيٍّ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ كَالْقَاضِي حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي وَلَايَةِ قَاضٍ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الصَّغِيرُ نَفْسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَثَلًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إجَازَتِهِ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ لَكِنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهُ وَقْتَ صُدُورِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الثَّانِيَ أَيْضًا إنْ كَانَ مُرَادُهُ الْوَلِيَّ الْخَاصَّ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ بَلْ الْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَا يَشْمَلُ الْقَاضِيَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ كَمَا عَلِمْتَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَيْضًا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْخَانِيَّةِ مَا يُفِيدُهُ بَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ هَكَذَا صَبِيٌّ تَزَوَّجَ بَالِغَةً ثُمَّ غَابَ فَلَمَّا حَضَرَ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ بِآخَرَ وَقَدْ كَانَ الصَّبِيُّ أَجَازَ بَعْدَ بُلُوغِهِ النِّكَاحَ الَّذِي بَاشَرَهُ فِي الصِّغَرِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَزَوَّجَتْ آخَرَ قَبْلَ إجَازَةِ الصَّبِيِّ جَازَ الثَّانِي لِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ قَبْلَ إجَازَةِ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ الثَّانِيَ بَعْدَ إجَازَةِ الصَّغِيرِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ النِّكَاحُ فِي الصِّغَرِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ يَجُوزُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْقُوفًا فَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ كَانَ بِمَهْرٍ كَثِيرٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَلِلصَّغِيرِ أَبٌ أَوْ جَدٌّ.

فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ النِّكَاحَ عَلَيْهِ بِمَهْرٍ كَثِيرٍ فَيَتَوَقَّفُ عَقْدُ الصَّغِيرِ عَلَى إجَازَتِهِمَا فَيَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَبٌ أَوْ جَدٌّ جَازَ النِّكَاحُ الثَّانِي مِنْ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ عَقْدَ الصَّغِيرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ فَلَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ اهـ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ وَلَايَةِ قَاضٍ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ فَلَا يَمْلِكُهُ الْقَاضِي فَيَكُونُ لَا مُجِيزَ لَهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ فَيَجُوزُ النِّكَاحُ الثَّانِي مِنْ الْمَرْأَةِ، وَنُقِلَ فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا نَصُّهُ " فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَلَا مُجِيزَ لَهُ أَيْ مَا لَيْسَ لَهُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِجَازَةِ يَبْطُلُ كَمَا إذَا كَانَ تَحْتَهُ أَيْ تَحْتَ رَجُلٍ حُرَّةٌ وَزَوَّجَهُ الْفُضُولِيُّ أَمَةً أَوْ أُخْتَ امْرَأَتِهِ أَوْ خَامِسَةً أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً يَتِيمَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ سُلْطَانٌ وَلَا قَاضٍ لَا يَتَوَقَّفُ لِعَدَمِ الْمُجِيزِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْإِمْضَاءِ حَالَةَ الْعَقْدِ لِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ لَهُ وَلَايَةُ حُكْمٍ لِيُمْكِنَ تَزْوِيجُهُ الْيَتِيمَةَ فَكَانَ كَالْمَكَانِ الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لَهُ حَاكِمٌ وَلَا سُلْطَانٌ فَإِنَّهُ أَيْضًا يَتَعَذَّرُ تَزْوِيجُ الصِّغَارِ فِيهِ اللَّاتِي لَا عَاصِبَ لَهُنَّ فَوَقَعَ بَاطِلًا حَتَّى لَوْ زَالَ الْمَانِعُ بِمَوْتِ امْرَأَتِهِ السَّابِقَةِ وَانْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُعْتَدَّةِ فَأَجَازَ لَا يَنْفُذُ أَمَّا إذَا كَانَ فَيَجِبُ أَنْ يَتَوَقَّفَ لِوُجُودِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِمْضَاءِ اهـ ".

وَقَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ أَيْ وُجِدَ سُلْطَانٌ أَوْ قَاضٍ صَرِيحٌ أَيْضًا فِيمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْمُجِيزِ مَنْ لَهُ وَلَايَةُ إمْضَاءِ ذَلِكَ الْعَقْدِ مَعَ قَبُولِ ذَلِكَ الْعَقْدِ لِلْإِمْضَاءِ فِي نَفْسِهِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْعَدِيمَ النَّظِيرِ فَإِنَّك لَا تَكَادُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[كِتَابُ الْغَصْبِ]

ِ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَصَبَ فَرَسًا وَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُجِزْ الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقَدْرِ ثَمَنِهَا الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهَا بِهِ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيُرِيدُ الْغَاصِبُ دَفْعَ قِيمَتِهَا لَهُ

ص: 153

يَوْمَ غَصْبِهَا فَهَلْ لِلْغَاصِبِ ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

وَفِي التَّنْوِيرِ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الْقِيَمِيِّ يَوْمَ غَصْبِهِ إجْمَاعًا اهـ. وَفِي شَرْحٍ لِلْعَلَائِيِّ عَنْ الْبَحْرِ: " وَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ وَفِي الْقَوْلِ لِمَنْ، عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ أَمَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ قِيمَتَهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُؤْمَرُ بِرَدِّ الْأَمَةِ وَلَوْ هَالِكَةً فَالْقَوْلُ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ. اهـ ".

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَصَبَ قَمْحَ زَيْدٍ وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ وَتَصَرَّفَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَضْمِينَهُ مِثْلَ قَمْحِهِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ وَسَلَّمَهُ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَجَازَ بَيْعُهُ، وَالثَّمَنُ لَهُ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَيْهِ وَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَا يَضْمَنُ بَزَّازِيَّةٌ أَوَائِلَ كِتَابِ الْغَصْبِ.

وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ التُّمُرْتَاشِيِّ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْوَقْفِ الْمَغْصُوبِ بِأَنْ غَصَبَهُ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ وَكَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الثَّانِي.

(أَقُولُ) قَوْلُهُ " الْمَغْصُوبُ " نَعْتٌ لِلْوَقْفِ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ غَصَبَهُ أَيْ الْغَاصِبُ الثَّانِي، وَالْحَالُ أَنَّ قِيمَتَهُ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَتْ وَقْتَ مَا غَصَبَهُ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ.

(سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعُمَرَ وَنِصْفَيْنِ وَهِيَ عِنْدَ زَيْدٍ فَأَرْكَبَهَا لِبَكْرٍ فَرَكِبَهَا بَكْرٌ إلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو، وَكَانَتْ حَامِلًا فَوَلَدَتْ مُهْرًا عِنْدَ بَكْرٍ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ وَمَاتَ الْمَهْرُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو تَضْمِينَ زَيْدٍ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْفَرَسِ وَالْمُهْرِ فَهَلْ يَضْمَنُ زَيْدٌ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْفَرَسِ لَا الْمُهْرِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ زَيْدٌ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْفَرَسِ بِالْوِلَادَةِ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ بَعْدَ طَلَبِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْغَصْبِ وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْعِنَايَةِ: وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَنْجَبِرْ نُقْصَانُهُ بِوَجْهٍ آخَرَ ضَمِنَ النُّقْصَانَ سَوَاءٌ كَانَ النُّقْصَانُ فِي بَدَنِهِ مِثْلَ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ أَوْ نَاهِدَةَ الثَّدْيَيْنِ فَانْكَسَرَ ثَدْيُهَا أَوْ فِي غَيْرِ بَدَنِهِ مِثْلَ إنْ كَانَ عَبْدًا مُحْتَرِفًا فَنَسِيَ الْحِرْفَةَ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ بِالْغَصْبِ وَقَدْ فَاتَ مِنْهُ جُزْءٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَدْ انْجَبَرَ نُقْصَانُهُ مِثْلَ إنْ وَلَدَتْ الْمَغْصُوبَةُ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَرَدَّهُمَا وَفِي قِيمَةِ الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِنُقْصَانِ الْوِلَادَةِ فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ شَيْئًا عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ إلَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ فَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي أَوْ يَضْمَنُ الْجَانِي وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ اهـ. وَفِيهَا عَرَجُ الْحِمَارِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إنْ كَانَ يَمْشِي مَعَ الْعَرَجِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْشِي أَصْلًا ضَمِنَ الْقِيمَةَ كَالْقَطْعِ اهـ وَفِيهَا ضَرَبَ بَقَرَةَ الْغَيْرِ فَسَقَطَتْ وَخِيفَ تَلَفُهَا فَبَاعَهَا مِنْ قَصَّابٍ فَذَبَحَهَا فَعَلَى الضَّارِبِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ. اهـ. رَكِبَ حِمَارَ غَيْرِهِ فَعَيَّبَهُ وَضَمِنَ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا ضَمِنَ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ.

(سُئِلَ) فِي جَمَّالٍ لَهُ جِمَالٌ مَعْلُومَةٌ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِغْلَالِ غَصَبَهَا رَجُلٌ مِنْهُ وَاسْتَعْمَلَهَا مُدَّةً بِدُونِ عَقْدِ إجَارَةٍ وَلَا اسْتِئْجَارٍ وَيُرِيدُ الْجَمَّالُ مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا عَنْ مُدَّةِ اسْتِعْمَالِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْغَصْبِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ بِيَدِ هِنْدٍ الْحَاضِرَةِ فَأَذِنَتْ لِسَاكِنِهَا عَمْرٍو بِتَعْمِيرِ حِيطَانِ بُيُوتٍ فِيهَا مَعَ سَقْفَيْنِ فِيهَا وَبِالصَّرْفِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ لِيَحْسِبَهُ مِنْ أُجْرَتِهَا فَفَعَلَ عَمْرٌو ذَلِكَ وَصَدَرَ ذَلِكَ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْ الْغَائِبِ وَلَا إذْنٍ وَلَا إجَارَةَ مِنْهُ ثُمَّ حَضَرَ وَرَدَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُجِزْهُ وَلَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ شَيْءٍ لِعَمْرٍو فِي نَظِيرِ مَصْرِفِهِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو قَلْعَ عِمَارَتِهِ حَيْثُ لَا يَضُرُّ الْقَلْعُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أُمِرَ بِالْقَلْعِ وَالرَّدِّ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ قِيمَةَ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ أَمَرَ بِقَلْعِهِ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِهِ تَنْوِيرٌ

ص: 154

مِنْ الْغَصْبِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى، وَالدُّرَرِ، وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهَا وَفِي مَسْأَلَتِنَا الْبِنَاءُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَرْضِ بَلْ عَلَى السَّقْفِ وَالْحِيطَانِ، وَالْحُكْمُ فِيهِمَا كَذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا نُقِلَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَنَى عَلَى السَّقْفِ الْأَعْلَى فِي دَارِ امْرَأَتِهِ بِأَمْرِهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ قَالَ: الْبِنَاءُ لِلْمَرْأَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ فَإِنْ كَانَ بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إنْ كَانَ لَا يُوجِبُ رَفْعُهُ ضَرَرًا فِي غَيْرِ مَا بَنَى قَالَ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ بَنَى فِي دَارِ غَيْرِهِ بِنَاءً وَأَنْفَقَ فِي ذَلِكَ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ كَانَ الْبِنَاءُ لِصَاحِبِ الدَّارِ وَلِلْبَانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ بِمَا أَنْفَقَ اهـ.

وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْغَصْبِ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ حَيْثُ أَمْكَنَ بِلَا ضَرَرٍ فِيمَنْ بَنَى فِي سَاحَةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَرَاجِعْهُ.

(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ دَفَعَتْ لِزَيْدٍ غِرَارَةَ حِنْطَةٍ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا عَمْرٍو فِي غَيْبَتِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَزَرَعَ زَيْدٌ الْحِنْطَةَ وَاسْتَحْصَدَتْ فَهَلْ تَكُونُ الْحِنْطَةُ مِلْكًا لِزَيْدٍ وَيَضْمَنُ مِثْلَهَا لِعَمْرٍو؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَإِذَا تَغَيَّرَ الْمَغْصُوبُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ حَتَّى زَالَ اسْمُهُ وَأَكْثَرُ مَنَافِعِهِ مَلَكَهُ وَضَمِنَهُ وَذَلِكَ كَذَبْحِ الشَّاةِ وَطَبْخِهَا أَوْ شَيِّهَا أَوْ تَقْطِيعِهَا وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَزَرْعِهَا وَخُبْزِ الدَّقِيقِ وَجَعْلِ الصُّفْرِ آنِيَةً، وَالْحَدِيدِ سَيْفًا، وَالْبِنَاءِ عَلَى سَاحَةٍ وَعَصْرِ الزَّيْتُونِ، وَالْعِنَبِ وَغَزْلِ الْقُطْنِ وَنَسْجِ الْغَزْلِ. . . إلَخْ وَمِثْلُهُ فِي الْمُتُونِ، وَالشُّرُوحِ، وَالْفَتَاوَى وَتَمَامُ تَفَارِيعِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعِمَادِيَّةِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ هَدَمَ بَيْتَ نَفْسِهِ فَانْهَدَمَ مِنْ ذَلِكَ بِنَاءُ جَارِهِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْغَصْبِ هَدَمَ دَارِهِ فَانْهَدَمَ مِنْ ذَلِكَ بِنَاءُ جَارِهِ وَلَا يَضْمَنُ. اهـ.

(سُئِلَ) فِي جَمَلٍ لِزَيْدٍ دَخَلَ زَرْعَ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ عَمْرٌو عَنْ الزَّرْعِ وَسَاقَهُ وَضَرَبَهُ بِأَحْجَارٍ كَثِيرَةٍ تَعَدِّيًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا قِيمَتَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ أَوْ كَرْمِهِ دَابَّةً وَقَدْ أَفْسَدَتْ زَرْعَهُ فَحَبَسَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهَا وَسَاقَهَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَخْرَجَهَا وَلَمْ يَسُقْهَا لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ دَابَّةَ الْغَيْرِ عَنْ زَرْعِ الْغَيْرِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ جِنَايَةِ الدَّوَابِّ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا.

وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي بَابِ الْغَصْبِ عَازِيًا الْمَسْأَلَةَ لِلْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ.

(سُئِلَ) فِي حَانُوتٍ اسْتَأْجَرَهَا زَيْدٌ وَوَضَعَ فِيهَا شِيحًا وَحَطَبًا لِيُوقِدَ بِهِمَا فُرْنَهُ فَاحْتَرَقَ الشِّيحُ لَيْلًا بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَفِي لِزْقِ الْحَانُوتِ دَارٌ لِعَمْرٍو فَخَافَ عَمْرٌو مِنْ وُصُولِ النَّارِ إلَى دَارِهِ فَهَدَمَ حَائِطَ نَفْسِهِ ثُمَّ قَامَ الْآنَ يُرِيدُ أَنْ يُضَمِّنَ زَيْدًا قِيمَةَ الْحَائِطِ الَّذِي هَدَمَهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ هَدَمَهُ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ لَيْسَتْ لَهُ فَهَدَمَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا حَتَّى انْقَطَعَ الْحَرِيقُ عَنْ دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا لَمْ يَفْعَلْ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الضَّمَانِ.

(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ قَدِيمٍ فِيهِ بَابٌ مِنْ حَجَرٍ جَارٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ فَعَمَدَ عَمْرُو وَهَدَمَهُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ وَيُضَمِّنَ عَمْرًا قِيمَةَ نُقْصَانِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ مَنْ هَدَمَ بَيْتًا ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا لَا قِيمَةَ الْعَرْصَةِ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ، وَالْغَصْبُ لَا يَجْرِي فِي الْعَقَارِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ مِنْ الْغَصْبِ قَوْلُهُ " مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ. . . إلَخْ.

(أَقُولُ) فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ وَإِذَا هَدَمَ الرَّجُلُ حَائِطَ جَارِهِ فَلِلْجَارِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ، وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ لِأَنَّ الْحَائِطَ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ هَالِكٌ مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جِهَةِ الْقِيَامِ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَطَرِيقُ تَضْمِينِ النُّقْصَانِ أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ حِيطَانِهَا وَتُقَوَّمَ بِدُونِ هَذَا الْحَائِطِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا اهـ (أَقُولُ) وَهَذَا فِي غَيْرِ الْوَقْفِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ أَيْ فَلَوْ هَدَمَ حَائِطَ

ص: 155

الْوَقْفِ مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ أُجْبِرَ عَلَى بِنَائِهِ.

وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَقْفًا فَهَدَمَهَا وَجَعَلَهَا طَاحُونًا أَوْ فُرْنًا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْظُرُ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَا غَيَّرَهَا إلَيْهِ أَنْفَعُ وَأَكْثَرُ رِيعًا أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ وَأَبْقَى مَا عَمَّرَهُ لِلْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَإِلَّا أُلْزِمَ بِهَدْمِهِ وَإِعَادَتِهِ إلَى الصِّفَةِ الْأُولَى بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ اهـ وَتَمَامُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ.

(سُئِلَ) فِيمَنْ تَعَلَّقَ بِرَجُلٍ وَخَاصَمَهُ فَسَقَطَ مِنْ الْمُتَعَلَّقِ بِهِ شَيْءٌ فَضَاعَ هَلْ يَضْمَنُ الْمُتَعَلِّقُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ الْمُتَعَلِّقُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ مِنْ التَّسَبُّبِ وَالدَّلَالَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ

(أَقُولُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْمُتَعَلِّقِ فِي قَدْرِ مَا سَقَطَ نَظِيرَ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ السُّقُوطَ أَصْلًا مَا لَمْ يُبَرْهِنْ الْآخَرُ وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ فُرُوعًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَهِيَ فِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيُّ الْغَصْبُ عِبَارَةٌ عَنْ إيقَاعِ الْفِعْلِ فِيمَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِهِ أَمَّا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ فِي الْمَحَلِّ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا حَتَّى لَوْ مَنَعَ رَجُلًا مِنْ دُخُولِ دَارِهِ أَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ أَخْذِ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ غَاصِبًا وَكَذَا لَوْ مَنَعَ الْمَالِكَ عَنْ الْمَوَاشِي حَتَّى ضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ مَنَعَهَا مِنْهُ يَضْمَنُ.

وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا حَبَسَ رَجُلًا حَتَّى ضَاعَ مَالُهُ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ حَبَسَ الْمَالَ عَنْ الْمَالِكِ يَضْمَنُ وَفِي مَبْسُوطِ الْإِسْبِيجَابِيِّ إذَا حَالَ بَيْنَ رَجُلٍ وَأَمْلَاكِهِ حَتَّى تَلِفَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَنْقُولِ ضَمِنَ وَفِي الْمُخْتَلِفَاتِ الْقَدِيمَةِ؟ إذَا وَقَفَ بِجَنْبِ دَابَّةِ رَجُلٍ وَمَنَعَ صَاحِبَهَا عَنْهَا حَتَّى هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ وَأَوْضَحُ مِنْ هَذَا إذَا قَاتَلَ صَاحِبُ الْمَالِ وَقَتَلَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ حَتَّى تَلِفَ الْمَالُ لَا يَضْمَنُ وَقَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْجِنْسِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا عَنْ الْعُيُونِ مَا يُخَالِفُ هَذَا وَفِي التَّجْنِيسِ رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَسْقِيَ زَرْعَهُ فَمَنَعَهُ إنْسَانٌ حَتَّى فَسَدَ زَرْعُهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا ذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ وَفِي فَوَائِدِ عَمِّي نِظَامِ الدِّينِ خَتَمَ مَاءَ أُرْزِ آخَرَ حَتَّى هَلَكَ الْأُرْزُ هَلْ يَضْمَنُ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَكَانَ أُسْتَاذَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ.

فُصُولُ الْعِمَادِيِّ 33 فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

(وَأَقُولُ) مُقْتَضَى هَذِهِ الْفُرُوعِ أَنَّ تُقَيَّدَ مَسْأَلَتِنَا بِمَا لَوْ أَوْقَعَ الْمُتَعَلِّقُ فِعْلًا فِي السَّاقِطِ تَأَمَّلْ وَأَمَّا لَوْ قَتَلَ صَاحِبَ الْمَالِ وَتَرَكَهُ حَتَّى تَلِفَ فَوَجْهُ الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَهُ فَقَدْ أَزَالَ يَدَ مَالِكِهِ عَنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ حُكْمًا فَإِذَا تَرَكَهُ حَتَّى تَلِفَ يَضْمَنُهُ تَأَمَّلْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً فَزَرَعَهَا عَمْرٌو بِبَذْرِهِ حِنْطَةً بِلَا إذْنِ مَالِكِهَا الْمَزْبُورِ وَاسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ فَهَلْ الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَرَسَ فِي أَرْضِ آخَرَ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ، وَالرَّدِّ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَرَثَ زَيْدٌ أَرْضًا مَوْقُوفَةً لِيَزْرَعَهَا بِإِذْنِ نَاظِرِ الْوَقْفِ فَعَمَدَ عَمْرٌو وَزَرَعَهَا بِدُونِ إذْنِ النَّاظِرِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَلَمْ يُدْرِكْ وَقَلَعَهُ لَا يَضُرُّ بِالْوَقْفِ فَهَلْ يُؤْمَرُ عَمْرٌو بِقَلْعِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَرَسَ أَشْجَارًا لِنَفْسِهِ فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عَمِّهِ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ وَرَثَةٍ فَهَلْ يَكُونُ الْغِرَاسُ لَهُ يُورَثُ عَنْهُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَرَعَ حِنْطَةً فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ بِلَا إذْنِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ، وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَلَمْ يُدْرِكْ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَكْلِيفَ الرَّجُلِ قَلْعَ زَرْعِهِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ فَلِمَالِك الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِهِ وَلَوْ أَبَى فَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ نُقْصَانَ أَرْضِهِ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِزِرَاعَتِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْمُجْتَبَى زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ وَنَبَتَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِهِ فَإِنْ أَبَى يَقْلَعُهُ بِنَفْسِهِ وَقَبْلَ النَّبَاتِ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الْأَرْضِ إنْ شَاءَ تَرَكَهَا تَنْبُتُ فَيَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الْبَذْرُ فَتُقَوَّمُ مَبْذُورَةً بِبَذْرِ غَيْرِهِ لَهُ حَقُّ الْقَلْعِ وَيَغْرَمُ وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

ص: 156

أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِثْلَ بَذْرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ مِنَحٌ مِنْ الْغَصْبِ وَذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ بِاخْتِصَارٍ مُفِيدٍ.

(سُئِلَ) فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِشَدِّ مِسْكَةِ آخَرَ فَعَمَدَ زَيْدٌ وَزَرَعَهَا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَاسْتَغَلَّهَا كُلَّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ مُتَوَلِّي الْأَرْضِ وَلَا مِمَّنْ لَهُ الْمِشَدُّ وَلَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ فِي إجَارَتِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ مُطَالَبَةَ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ مُدَّةَ زَرْعِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَنْ مِثْلِهِ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْخَارِجِ أَوْ أُجْرَةِ زَرْعِهَا دَرَاهِمَ وَإِنْ قُلْنَا لَا تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهَا مَا دَامَ مُزَارِعًا يُعْطِي مَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الْمَطْلُوبِ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ.

(أَقُولُ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ لَيْسَ لَهُ. . . إلَخْ عَائِدٌ عَلَى الْمُزَارِعِ فَإِنَّ سُؤَالَهُ هَكَذَا: سُئِلَ عَنْ الْأَرْضِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْ الْوَقْفِ الَّتِي لَهَا مُزَارِعٌ مُعْتَادٌ عَلَيْهَا وَلَهُ يَدٌ سَابِقَةٌ فِي مُزَارِعَتِهَا بِالْحِصَّةِ الْمَعْهُودَةِ فِيهَا إذَا زَرَعَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَفَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْحِصَّةِ فَهَلْ لِمُزَارِعِهَا أَنْ يُطَالِبَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْخَارِجِ أَوْ بِأُجْرَةِ زَرْعِهَا دَرَاهِمَ أَجَابَ لَا وَإِنْ قُلْنَا. . . إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْحِصَّةِ أَوْ بِالْأُجْرَةِ لِوَكِيلِ السُّلْطَانِ أَوْ لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا وَلَيْسَ لِلْمُزَارِعِ وَصَاحِبِ الْمِسْكَةِ مُطَالَبَتُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَرْضِ فَاحْفَظْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَخْفَى عَلَى كَثِيرِينَ.

(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ فِي قَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ زَرَعَهَا زَيْدٌ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا عَمْرٍو وَاسْتَغَلَّهَا قَامَ عَمْرٌو وَيُطَالِبُ الزَّارِعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ زَرْعِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَةِ عُرْفٌ مِنْ اقْتِسَامِ الْغَلَّةِ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا فَهَلْ يَكُونُ الْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ لِزَيْدٍ أَرْضٌ مِنْ جُمْلَةِ أُرَاضِي قَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ لِلزِّرَاعَةِ، وَالْعُرْفُ فِي الْقَرْيَةِ أَنَّ مَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَعَلَيْهِ الرُّبْعُ مِنْ الزَّرْعِ الشَّتْوِيِّ فَزَرَعَ عَمْرٌو الْأَرْضَ الْمَزْبُورَةَ حِنْطَةً بِغَيْرِ أَمْرِ زَيْدٍ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ وَلِزَيْدٍ مَا عَلَيْهِ الْعُرْفُ مِنْ الزَّرْعِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَلَوْ زَرَعَ أَرْضَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فَإِنْ اقْتَسَمُوا الْغَلَّةَ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَتَجِبُ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ بِكُلِّ حَالٍ فُصُولَيْنِ اهـ

(أَقُولُ) عِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ وَمَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ يَجِبُ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبُعُ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ الْقَرْيَةِ ثُمَّ رَمَزَ لِفَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ زَرَعَ الْأَكَّارُ سِنِينَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ جَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُزَارَعَةً فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْأَكَّارِ وَعَلَيْهِ تَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ مِنْ بَذْرِهِ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَهَكَذَا كَانُوا يُفْتُونَ بِبُخَارَى وَقِيلَ: تَكُونُ مُزَارَعَةً وَقِيلَ: لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ بِأَنْ كَانَ رَبُّهَا مِمَّنْ لَا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ وَيَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً فَذَلِكَ عَلَى الْمُزَارَعَةِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ حِصَّةٌ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ.

لَكِنْ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ أَنَّهُ زَرَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَلَى تَأْوِيلٍ فَإِنَّ مَنْ أَجَّرَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَمْ يُجِزْهُ رَبُّهَا وَقَدْ زَرَعَهَا الْمُسْتَأْجَرُ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا عَلَى الزِّرَاعَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً إلَّا فِي الْوَقْفِ تَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ بِأَيِّ جِهَةٍ زَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا أُعِدَّتْ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ فَتْوَى عَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً: الْأَوَّلُ أَنَّهُ إذَا زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ لَا يَكُونُ غَصْبًا بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ وَحِصَّةُ رَبِّ الْأَرْضِ مَا جَرَى عَلَيْهِ عُرْفُ الْقَرْيَةِ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي جَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا، وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ لَكِنْ يَتَصَدَّقُ بِمَا فَضَلَ عَنْ بَذْرِهِ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِي أَخْذِهَا عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ يَكُونُ مُزَارَعَةً إذَا كَانَ صَاحِبُهَا أَعَدَّهَا لِلِاسْتِغْلَالِ بِأَنْ كَانَ يَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً لِغَيْرِهِ

ص: 157

وَلَا يَزْرَعُهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ الزَّارِعَ إنَّمَا أَخَذَهَا عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى عُرْفِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ صَاحِبُهَا يَزْرَعُهَا بِنَفْسِهِ يَكُونُ الزَّارِعُ غَاصِبًا فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ وَقَوْلُهُ لَكِنْ إنَّمَا يُحْمَلُ. . . إلَخْ.

مَعْنَاهُ أَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ مُزَارَعَةً فِيمَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا أَعَدَّهَا لِذَلِكَ وَكَانَ فِي الْقَرْيَةِ عُرْفٌ مِنْ قَسْمٍ مَعْلُومٍ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ زَرَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ أَوْ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ أَوْ مِلْكٍ وَيُوَافِقُ هَذَا مَا قَالَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلزِّرَاعَةِ وَحِصَّةُ الْعَامِلِ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَيُنْظَرُ إلَى الْعَادَةِ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ زَرَعَهَا لِنَفْسِهِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَأْخُذُ مُزَارَعَةً وَيَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ غَصْبًا، وَالْخَارِجُ لَهُ، وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ وَكَذَا لَوْ زَرَعَهَا بِتَأْوِيلٍ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِغَيْرِ الْمُؤَجِّرِ وَلَمْ يُجِزْهَا رَبُّهَا وَزَرَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَا تَكُونُ مُزَارَعَةً لِأَنَّهُ زَرَعَهَا بِتَأْوِيلِ الْإِجَارَةِ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي غَصْبِ الذَّخِيرَةِ قَالُوا فِي الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ: يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا سَكَنَ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ وَذَكَرَ فِي مُزَارَعَةِ الذَّخِيرَةِ أَنَّ السُّكْنَى فِيهَا تُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ اهـ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ إلَّا إذَا سَكَنَ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ أَوْ مِلْكٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ.

وَقَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ قُبَيْلَ بَابِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْأَشْبَاهِ ادَّعَى نَازِلُ الْخَانِ وَدَاخِلُ الْحَمَّامِ وَسَاكِنُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ الْغَصْبَ لَمْ يُصَدَّقْ، وَالْأَجْرُ وَاجِبٌ قُلْت فَكَذَا مَالُ الْيَتِيمِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فَتَنَبَّهْ اهـ. وَقَوْلُ الْفُصُولَيْنِ إلَّا فِي الْوَقْفِ تَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ. . . إلَخْ.

أَيْ تَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ إنْ كَانَ ثَمَّةَ عُرْفٌ فِي أَخْذِهَا مُزَارَعَةً بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَإِلَّا فَالْأَجْرُ وَقَوْلُهُ بِأَيِّ جِهَةٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ غَاصِبًا أَوْ لَا وَذَكَرَ فِي الْإِسْعَافِ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ أَرْضَ الْوَقْفِ يَلْزَمُ أَجْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ، وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْأَجْرُ أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ لِقَوْلِهِمْ يُفْتَى بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا وَأَعَدَّهَا رَبُّهَا لِلزِّرَاعَةِ اُعْتُبِرَ الْعُرْفُ فِي الْحِصَّةِ إنْ كَانَ ثَمَّةَ عُرْفٌ وَإِلَّا فَإِنْ أَعَدَّهَا لِلْإِيجَارِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا لِرَبِّهَا وَإِلَّا فَإِنْ اُنْتُقِضَتْ فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ وَقْفًا فَإِنْ ثَمَّةَ عُرْفٍ وَكَانَ أَنْفَعَ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مَالُ يَتِيمٍ أَوْ سُلْطَانِيَّةٍ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ الْجَامِعَ بَيْنَ كَلَامِهِمْ الْمُبَدَّدِ.

(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ هِنْدٍ فَوَضَعَ زَيْدٌ يَدَهُ عَلَيْهَا وَاسْتَغَلَّهَا وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ قَامَتْ هِنْدٌ تُطَالِبُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا عَنْ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ سَكَنَ دَارًا مُعَدَّةً لِلْغَلَّةِ أَوْ زَرَعَ أَرْضًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ يَجِبُ الْأَجْرُ جَامِعُ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَةِ.

(سُئِلَ) فِي حَانُوتٍ مِلْكٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ سَكَنَهَا أَحَدُهُمَا مُدَّةً بِدُونِ إجَارَةِ وَلَا أُجْرَةٍ وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِغْلَالِ فَهَلْ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ؟

(الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ 32 فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ بَيْتٌ أَوْ حَانُوتٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ لِأَنَّهُ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ اهـ وَبِذَلِكَ حَصَلَ الْجَوَابُ وَذَكَرَ قُبَيْلَهُ مَا نَصُّهُ، وَفِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ طَاهِرِ بْنِ مَحْمُودٍ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا سَكَنَ فِي دَارِ الشَّرِكَةِ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ يَطْلُبُ أَجْرَ حِصَّتِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لِأَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي حَقِّ السُّكْنَى وَفِيمَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى تُجْعَلُ مَمْلُوكَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ إذْ لَوْ لَمْ تُجْعَلْ كَذَلِكَ لَمُنِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ

ص: 158

الدُّخُولِ، وَالْعُقُودِ وَوَضْعِ الْأَمْتِعَةِ فَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِمَا مَنَافِعُ مِلْكِهِمَا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا صَارَ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَمِثْلُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ إجَارَاتِ الذَّخِيرَةِ اهـ.

(سُئِلَ) فِي طَاحُونَةِ مَاءٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ بَالِغَيْنِ وَيَتِيمٍ لِكُلٍّ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهَا فَاسْتَعْمَلَهَا الْبَالِغَانِ بِالطَّحْنِ بِهَا مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ حَتَّى بَلَغَ الْيَتِيمُ رَشِيدًا فَطَالَبَهُمَا الْآنَ بِأُجْرَةِ مِثْلِ حِصَّتِهِ مُدَّةَ اسْتِعْمَالِهِمَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ سُئِلَ فِي بِئْرٍ مُعَدَّةٍ لِخَزْنِ الْغِلَالِ بِالْأُجْرَةِ بَيْنَ يَتِيمٍ وَبَالِغٍ أَجَّرَهُ الْبَالِغُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ هَلْ يَلْزَمُ دَفْعُ حِصَّةِ الْيَتِيمِ مِنْ الْأُجْرَةِ لِوَلِيِّهِ أَمْ لَا، أَجَابَ نَعَمْ يَلْزَمُ بَلْ لَوْ اسْتَعْمَلَهُ الشَّرِيكُ لِنَفْسِهِ بِلَا إجَارَةٍ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ حِصَّةِ الْيَتِيمِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ إلْحَاقًا لَهُ بِالْوَقْفِ صِيَانَةً لَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التُّمُرْتَاشِيَّةِ مِنْ الشَّرِكَةِ.

(سُئِلَ) فِي حَانُوتٍ مُعَدَّةٍ لِصَبْغِ الْأَثْوَابِ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَضَعَ زَيْدٌ فِيهَا بَعْضَ آلَةِ الصَّبْغِ كَالْمِدَقِّ وَالْحَلَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَعَطَّلَ الْحَانُوتَ مُدَّةً بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مُطَالَبَةَ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : مَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا فَإِنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمِ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. . . إلَخْ تَنْوِيرٌ مِنْ الْغَصْبِ.

(أَقُولُ) وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ، وَالْعَجَبُ مِنْ الشُّرُنْبُلَالِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ عَطَّلَ اهـ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَذْكُورَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا.

(سُئِلَ) فِي دَارٍ مِلْكٍ بَيْنَ إخْوَةٍ ثَلَاثَةٍ بَالِغِينَ سَكَنَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا إذْنٍ وَلَيْسَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ عَنْ مُدَّةِ سُكْنَاهُ لِحِصَّةِ أَخَوَيْهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرَرِ: الْمَنَافِعُ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَاسْتِخْدَامِ الْمَمْلُوكِ لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ وَقَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ.

(سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ غَيْرِ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ يَتِيمَيْنِ وَبَالِغَيْنِ سَكَنُوا الْجَمِيعُ فِي الدَّارِ مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ لِحِصَّةِ الْيَتِيمَيْنِ وَلَا أُجْرَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِحِصَّةِ الْيَتِيمَيْنِ فِي الْمُدَّةِ؟

(الْجَوَابُ) : يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ (أَقُولُ) الضَّمِيرُ فِي سَكَنُوا عَائِدٌ عَلَى الْبَالِغَيْنِ فَقَطْ وَوَجْهُ لُزُومِهِمْ الْأُجْرَةَ أَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ مُلْحَقٌ بِالْوَقْفِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَأَمَّا قَوْلُ التَّنْوِيرِ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ أَوْ مِلْكٍ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَقَطْ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُهُ الْعَلَائِيُّ وَبَيَّنَّاهُ سَابِقًا.

(سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ عَلَى زَيْدٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَسَكَنَ زَيْدٌ فِي كَامِلِهَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمَرْأَتَيْنِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُمَا شَيْئًا مِنْ أُجْرَتِهَا فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ حِصَّتِهِمَا مُدَّةَ سُكْنَاهُ فِيهَا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ سَوَاءً كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْأَجْرُ أَيْضًا وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَصُوَرِ الْمَسَائِلِ وَالْبَحْرِ، وَالْقُنْيَةِ وَأَفْتَى بِهِ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى إفْتَائِهِ.

(سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ أَسْكَنَهُمْ نَاظِرُ الْوَقْفِ دَارَ الْوَقْفِ مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُدَّةَ سُكْنَاهُمْ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الْفَتَاوَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ بِغَيْرِ أَجْرِ ذَكَرَ هِلَالٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّاكِنِ، وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ عَنْ أَيْدِي الظَّلَمَةِ وَقَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَالرَّحِيمِيَّةِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ مَعَ زَوْجَتِهِ غَصْبًا فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ وَأَهْلِهَا مُدَّةَ سِنِينَ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَيْسَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ

ص: 159

فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لَهُمْ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ سَكَنَ غَصْبًا وَلَمْ تَكُنْ الدَّارُ وَقْفًا وَلَا لِأَيْتَامٍ وَلَا مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ إلَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ فَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي أَوْ يَضْمَنُ الْجَانِي وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بَزَّازِيَّةٌ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَارِ وَقْفٍ بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ حَتَّى مَاتَ الرَّجُلُ عَنْهَا وَعَنْ تَرِكَةٍ فَهَلْ تُؤْخَذُ أُجْرَةُ الدَّارِ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ؟

(الْجَوَابُ) : تُؤْخَذُ أُجْرَةُ الدَّارِ مِنْ تَرِكَةِ الرَّجُلِ لَا مِنْ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الرَّجُلَ مَتْبُوعٌ، وَالزَّوْجَةَ تَابِعَةٌ، وَالْأُجْرَةُ تَلْزَمُ الْمَتْبُوعَ لَا التَّابِعَ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ، وَمَنْ سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ بِأَهْلِهِ وَأَتْبَاعِهِ فَأَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الرَّجُلِ الْمَتْبُوعِ اهـ. وَفِي وَصَايَا التَّنْوِيرِ أَهْلُ الرَّجُلِ: زَوْجَتُهُ. . . إلَخْ.

(سُئِلَ) فِيمَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ هَلْ يَمْلِكُ الْأَرْضَ بِقِيمَتِهَا أَمْ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ؟

(الْجَوَابُ) : أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَلْعِ ذَلِكَ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ وَنَعَمْ هَذَا الْجَوَابُ فَإِنَّ فِيهِ سَدَّ بَابِ الظُّلْمِ، وَالْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ وَأُخِذَ جَوَابُهُ مِنْ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَعِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ وَمَنْ بَنَى بِنَاءً فِي أَرْضٍ غَيْرِهِ غَصْبًا أَوْ غَرَسَ شَجَرًا كَذَلِكَ أُمِرَ الْغَاصِبُ بِالْقَلْعِ أَيْ قَلْعِ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ وَالرَّدِّ أَيْ رَدِّ الْأَرْضِ فَارِغَةً إلَى الْمَالِكِ وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: إنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهِ حِينَئِذٍ وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَهَذَا أَوْفَقُ لِمَسَائِلِ الْبَابِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَصَدْرِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ حَسَنٌ وَلَكِنْ نَحْنُ نُفْتِي بِجَوَابِ الْكِتَابِ اتِّبَاعًا لِأَشْيَاخِنَا فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتْرُكُونَ جَوَابَ الْكِتَابِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ. اهـ.

وَفِي هَامِشِ الْأَنْقِرْوِيِّ مَا نَصُّهُ " وَلَا يُفْتَى بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ صَرَّحَ بِهِ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَقَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ: يَقُولُ الْحَقِيرُ عَدَمُ انْقِطَاعِ مِلْكِ الْمَالِكِ هُوَ الْمَذْكُورُ وَحْدَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ وَعَامَّةِ الْمُتُونِ وَلَكِنْ اُخْتِيرَ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ قِيَاسٌ، وَالثَّانِيَ اسْتِحْسَانٌ وَهُوَ الْأَوْلَى لِمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ لِصَاحِبِ أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ كَدَابَّةٍ ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةً فَلَوْ قِيمَةُ اللُّؤْلُؤَةِ أَكْثَرُ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَتَمَلَّكَ الدَّابَّةَ وَكَدَابَّةٍ أَدْخَلَتْ رَأْسَهَا فِي قِدْرِ رَجُلٍ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُ رَأْسِهَا إلَّا بِكَسْرِ الْقِدْرِ لَوْ قِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِقِيمَتِهِ اهـ.

(قُلْت) وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَمَسْأَلَةِ الْغَصْبِ بِأَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَمْرٌ اضْطِرَارِيٌّ لِصُدُورِهِ بِدُونِ قَصْدٍ مُعْتَبَرٍ وَأَمَّا الْغَصْبُ فَهُوَ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ مَقْصُودٌ.

وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي هُوَ الْأَوْلَى، وَالْأَحْرَى فِي هَذَا الزَّمَانِ لِغَلَبَةِ أَهْلِ الظُّلْمِ وَالْغَاصِبِينَ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» قَالَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْ لَيْسَ لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ وَصَفَ الْعِرْقَ بِصِفَةِ صَاحِبِهِ وَهُوَ الظَّالِمُ وَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ كَمَا يُقَالُ: صَامَ نَهَارَهُ وَقَامَ لَيْلَهُ قَالَ تَعَالَى {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] وَلِأَنَّ الْأَرْضَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ إذْ لَمْ تَصِرْ مُسْتَهْلَكَةً وَلَا مَغْصُوبَةً حَقِيقَةً وَلَا وُجِدَ فِيهَا شَيْءٌ يُوجِبُ الْمِلْكَ لِلْغَاصِبِ فَيُؤْمَرُ بِتَفْرِيغِهَا وَرَدِّهَا إلَى مَالِكِهَا كَمَا إذَا شَغَلَ ظَرْفَ غَيْرِهِ بِالطَّعَامِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ وَالْحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُسْتَأْنَسُ بِهِ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ.

(سُئِلَ) فِي جَمَلٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو ذَبَحَهُ عَمْرٌو بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَضْمِينَ عَمْرٍو قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ 32 وَمَنْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَمَالِكُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ

ص: 160

وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَغَرَّمَهُ النُّقْصَانَ وَكَذَا الْجَزُورُ وَكَذَا إذَا قَطَعَ يَدَهُمَا وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرُوِيَ عَنْهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْغَصْبِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا غَصَبَ زَيْدٌ شَجَرَةَ زَيْتُونٍ لِعَمْرٍو وَقَلَعَهَا وَغَرَسَهَا فِي مِلْكِهِ فَنَبَتَتْ وَأُدْرِكَتْ فَهَلْ تَكُونُ الشَّجَرَةُ الْمَزْبُورَةُ لِزَيْدٍ وَلِصَاحِبِهَا عَمْرٍو قِيمَتُهَا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ التَّعْزِيرُ اللَّائِقُ بِحَالِهِ الرَّادِعُ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَلَوْ غَصَبَ تَالَّةً صَغِيرَةً فَغَرَسَهَا فِي مِلْكِهِ فَأَدْرَكَتْ فِي أَرْضِهِ فَلِصَاحِبِ التَّالَّةِ قِيمَةُ التَّالَّةِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى النَّخْلَةِ عِنْدَنَا لِأَنَّهَا صَارَتْ تَبَعًا لِأَرْضِهِ وَلَوْ غَصَبَ تَالَّةً وَلَمْ تَزْدَدْ فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ نَبَتَتْ وَلَمْ تَزْدَدْ يَنْبَغِي أَنْ تُرَدَّ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الزِّيَادَةِ فِي غَصْبِ الْمَبْسُوطِ لِصَدْرِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْيُسْرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِمَادِيَّةٌ فِي 32 وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ، وَالتَّالَّةُ صِغَارُ النَّخْلِ قَامُوسٌ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَمَدَ إلَى كَرْمِ آخَرَ وَقَطَعَ أَشْجَارَهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا فَهَلْ إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ وَقِيمَةُ مَا قَطَعَهُ قَائِمًا فِي أَرْضِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَلَوْ قَطَعَ شَجَرَةَ رَجُلٍ تُقَوَّم الْأَرْضُ وَفِيهَا الشَّجَرَةُ وَتُقَوَّمُ بِلَا شَجَرَةٍ فَيَغْرَمُ مَا بَيْنَهُمَا وَكَذَا الزَّرْعُ عِمَادِيَّةٌ وَفِيهَا أَيْضًا قَطَعَ أَشْجَارَ كَرْمِ إنْسَانٍ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ الْكَرْمُ مَعَ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ وَيُقَوَّمُ مَقْطُوعَ الْأَشْجَارِ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ الْأَشْجَارِ فَبَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْكَرْمِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ إلَى الْقَاطِعِ وَضَمَّنَهُ تِلْكَ الْقِيمَةَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْأَشْجَارَ وَرَفَعَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ الْمَقْطُوعَةِ وَضَمَّنَهُ حِصَّةَ الْبَاقِي.

وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي فَتَاوِيهِ مَسْأَلَةَ قَطْعِ الْأَشْجَارِ هَكَذَا ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ مَقْطُوعَةً وَغَيْرَ مَقْطُوعَةٍ سَوَاءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(أَقُولُ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكَرْمِ مَعَ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ أَلْفًا مَثَلًا وَبِدُونِ الْأَشْجَارِ سَبْعَمِائَةٍ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ قَائِمَةً ثَلَثَمِائَةٍ وَهِيَ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ دَفَعَ لَهُ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا قَائِمَةً وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَنَظَرَ إلَى قِيمَتِهَا مَقْطُوعَةً فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَقْطُوعَةً مِائَةً مَثَلًا رَفَعَ عَنْهُ مِائَةً وَضَمَّنَهُ الْبَاقِيَ مِنْ قِيمَتِهَا قَائِمَةً وَهُوَ مِائَتَانِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَقْطُوعَةً وَقَائِمَةً سَوَاءٌ وَاخْتَارَ إمْسَاكَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ وَذَلِكَ مِثْلُ الصَّفْصَافِ، وَالْحَوَرِ بِالْمُهْمَلَةِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ قَائِمًا وَقْتَ الْقَطْعِ لَا تَزِيدُ عَلَى قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا بِخِلَافِ شَجَرِ الْكَرْمِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ قَائِمًا صَالِحًا لِلثَّمَرِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا لَا يَصْلُحُ إلَّا حَطَبًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي بَيَانِ هَذَا الْمَقَامِ فَتَأَمَّلْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَضَعَ زَيْدٌ يَدَهُ عَلَى كَرْمٍ عِنَبٍ لِعَمْرٍو وَتَصَرَّفَ بِعِنَبِهِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ وَلَمْ يَدْفَعْ لِعَمْرٍو مِنْهُ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّ الْكَرْمَ لِعَمْرٍو وَامْتَنَعَ مِنْ رَدِّ مِثْلِ الْعِنَبِ الَّذِي تَصَرَّفَ بِهِ فَهَلْ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِعَمْرٍو حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَالْحُسْنِ أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ لَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي أَوْ الْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ وَحُكْمُهَا هَذَا دُرَرٌ مِنْ الْغَصْبِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ، وَالْعِنَبُ مِثْلِيٌّ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي الْتَقَيَا مِثْلَ السِّعْرِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِرَدِّ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَقَلَّ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْنِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَقْتَ الْغَصْبِ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ يُخَيَّرُ الْغَاصِبُ إنْ شَاءَ أَعْطَى مِثْلَهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ حَيْثُ غَصَبَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمَكَانَيْنِ سَوَاءً كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْمِثْلِ خَانِيَّةٌ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الْمَغْصُوبُ لَوْ قَائِمًا يَأْخُذُهُ مَالِكُهُ مِثْلِيًّا أَوْ لَا فِي كُلِّ الْوُجُوهِ إلَّا إنْ كَانَتْ بَلْدَةُ

ص: 161

الْخُصُومَةِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ بَلْدَةِ الْغَصْبِ فَحِينَئِذٍ لِلْمَالِكِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثٌ رَضِيَ بِهِ أَوْ انْتَظَرَ أَوْ أَخَذَ قِيمَتَهُ مَكَانَ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو الْأَخَوَيْنِ غِرَاسُ عِنَبٍ وَزَيْتُونٍ قَائِمٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ جَارٍ فِي مِلْكِهِمَا نِصْفَيْنِ فَغَابَ زَيْدٌ نَحْوَ ثَمَانِ سِنِينَ فَتَصَرَّفَ عَمْرٌو بِجَمِيعِ ثَمَرِ الْغِرَاسِ الْمَذْكُورِ لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ أَخِيهِ وَلَا إجَارَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ حَضَرَ أَخُوهُ وَطَالَبَهُ بِمِثْلِ مَا تَصَرَّفَ بِهِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرِ فَهَلْ يَلْزَمُ عَمْرًا مِثْلُ مَا تَصَرَّفَ بِهِ مِنْ حِصَّةِ أَخِيهِ زَيْدٍ مِنْ الثَّمَرِ الْمَزْبُورِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْعِنَبَ مِثْلِيٌّ كَمَا فِي عَامَّةِ الْفَتَاوَى خِلَافًا لِفَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَكَذَا الزَّيْتُونُ مِثْلِيٌّ مَكِيلٌ مَضْمُونٌ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةُ وَيَجِبُ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ كَالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ، وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِيِّ مَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ بَيْنَ أَجْزَائِهِ يُعْتَدُّ بِهِ وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَهُوَ قِيَمِيٌّ ثُمَّ الْمِثْلُ قَدْ يَكُونُ مَصْنُوعًا فَحَيْثُ تُخْرِجُهُ الصَّنْعَةُ عَنْ الْمِثْلِيَّةِ بِجَعْلِهِ نَادِرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْلِهِ كَالْقُمْقُمَةِ، وَالْقِدْرِ، وَالْإِبْرِيقِ يَكُونُ قِيَمِيًّا وَقَدْ يَكُونُ مَصْنُوعًا بِحَيْثُ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْمِثْلِيَّةِ لِبَقَاءِ كَثْرَتِهِ وَعَدَمِ تَفَاوُتِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ دُرَرٌ مِنْ الْغَصْبِ كُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَلَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ مَضَرَّةٌ يَعْنِي غَيْرَ الْمَصْنُوعِ فَهُوَ مِثْلِيٌّ وَكَذَا الْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ كَالْجَوْزِ، وَالْبَيْضِ، وَالْفُلُوسِ وَنَحْوِهَا.

وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْغَصْبِ لَيْسَ كُلُّ مَكِيلٍ مِثْلِيًّا وَلَا كُلُّ مَوْزُونٍ إنَّمَا الْمِثْلِيُّ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ مَا هِيَ مُتَقَارِبَةٌ أَمَّا مَا هُوَ مُتَفَاوِتٌ فَلَيْسَ بِمِثْلِيٍّ فَكَانَتْ الْمَكِيلَاتُ، وَالْمَوْزُونَاتُ، وَالْعَدَدِيَّاتُ سَوَاءً عِمَادِيَّةٌ وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي الْجَامِعِ أَنَّ اللَّحْمَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَالْكُمَّثْرَى، وَالْمِشْمِشَ، وَالْخَوْخَ كُلَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لِأَنَّهَا عَدَدِيٌّ مُتَقَارِبٌ وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ: وَثِمَارُ النَّخْلِ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» فَأَمَّا بَقِيَّةُ الثِّمَارِ فَكُلُّ نَوْعٍ مِنْ الشَّجَرِ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَالْعِنَبُ مِثْلِيٌّ وَكَذَا الزَّبِيبُ وَكُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَذَا ذَكَرَ فِي عَامَّةِ الْفَتَاوَى وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ وَأَحَالَهُ إلَى زِيَادَاتِ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّ الْعِنَبَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَلُّ، وَالْعَصِيرُ مِثْلِيَّانِ وَكَذَا الدَّقِيقُ، وَالنُّخَالَةُ، وَالْجِصُّ، وَالنُّورَةُ، وَالْقُطْنُ، وَالصُّوفُ وَغَزْلُهُ، وَالتِّبْنُ وَجَمِيعُ أَنْوَاعِهِ مِثْلِيٌّ فِي اللَّحْمِ اخْتِلَافٌ، وَالْكَتَّانُ، وَالْإِبْرَيْسَمُ، وَالنُّحَاسُ، وَالصُّفْرُ، وَالرَّصَاصُ، وَالْحَدِيدُ، وَالْحِنَّاءُ، وَالْوَسْمَةُ، وَالرَّيَاحِينُ الْيَابِسَةُ كُلُّهَا مِثْلِيٌّ، وَالْجَمْدُ مِثْلِيٌّ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ قِيَمِيٌّ وَأَمَّا الْمَاءُ فَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَالْكَاغَدُ مِثْلِيٌّ، وَالرُّمَّانُ، وَالسَّفَرْجَلُ، وَالْقِثَّاءُ، وَالْبِطِّيخُ مِمَّا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فَتَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَكُلُّ مَوْزُونَيْنِ إذَا اخْتَلَطَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا يَخْرُجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا وَيَصِيرُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ، وَالسِّرْقِينُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَكَذَا الْحَطَبُ وَأَوْرَاقُ الشَّجَرِ كُلُّهَا، وَالْبُسُطُ، وَالْحُصْرُ، وَالْبَوَارِي، وَالْأَدَمُ، وَالصُّرَّمُ، وَالْجُلُودُ كُلُّهَا قِيَمِيَّاتٌ كَالثِّيَابِ، وَالْإِبْرَةُ، وَالرَّيَاحِينُ الرَّطْبَةُ، وَالْبُقُولُ، وَالْقَصَبُ، وَالْخَشَبُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ.

وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَلَا اسْتِقْرَاضُهَا أَمَّا الرَّيَاحِينُ الْيَابِسَةُ الَّتِي تُكَالُ وَتُوزَنُ فَمَضْمُونَةٌ بِالْمِثْلِ عِنْدَ اسْتِهْلَاكِهَا فَيَجُوزُ السَّلَمُ وَالْقَرْضُ فِيهَا، مِنْ فُصُولِ الْعِمَادِيِّ الْفَحْمُ مِثْلِيٌّ، وَالتُّرَابُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ، وَقِيلَ مِثْلِيٌّ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ اللَّبَنُ مِثْلِيٌّ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الدَّعْوَى، الزَّيْتُ مِثْلِيٌّ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الزَّيْتُونُ مِثْلِيٌّ خَيْرِيَّةٌ قُبَيْلَ الْإِقَالَةِ الْغَزْلُ الْمَصْبُوغُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ يَتِيمَةُ الدَّهْرِ.

(أَقُولُ) قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: اعْلَمْ أَنَّهُ جَعَلَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ أَيْ الْمَكِيلَ، وَالْمَوْزُونَ، وَالْعَدَدِيَّ الْمُتَقَارِبَ مِثْلِيًّا مَعَ أَنَّ كَثِيرًا

ص: 162

مِنْ الْمَوْزُونَاتِ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ بَلْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَالْقُمْقُمَةِ، وَالْقِدْرِ وَنَحْوِهِمَا فَأَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَزْنِيِّ مَثَلًا مَا يُوزَنُ عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ مَا يَكُونُ مُقَابَلَتُهُ بِالثَّمَنِ مَبْنِيًّا عَلَى الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ وَلَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ هَذَا الشَّيْءُ قَفِيزٌ بِدِرْهَمٍ إنَّمَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَفَاوُتٌ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِثْلِيًّا وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ كَالْقُمْقُمَةِ وَالْقِدْرِ لَا يَكُونُ مِثْلِيًّا ثُمَّ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ إمَّا غَيْرُ مَصْنُوعٍ وَإِمَّا مَصْنُوعٌ لَا يَخْتَلِفُ كَالدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ، وَالْفُلُوسِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِثْلِيٌّ إذَا عَرَفْتَ هَذَا عَرَفْت حُكْمَ الْمَذْرُوعَاتِ وَكُلُّ مَا يُقَالُ يُبَاعُ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ ذِرَاعٌ بِكَذَا فَهَذَا إنَّمَا يُقَالُ فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ تَفَاوُتٌ وَقَدْ فَصَّلَ الْفُقَهَاءُ الْمِثْلِيَّاتِ وَذَوَاتِ الْقِيَمِ وَلَا احْتِيَاجَ إلَى ذَلِكَ فَمَا يُوجَدُ لَهُ الْمِثْلُ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ فَهُوَ مِثْلِيٌّ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَمِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِيِّ وَأَخَوَاتِهِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا اهـ.

وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْمَذْرُوعَ الَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ مِثْلِيٌّ كَثَوْبِ كِرْبَاسٍ نُسِجَ مِنْ غَزْلٍ وَاحِدٍ فَمَنْ أَتْلَفَ ذِرَاعًا مِنْ ذَلِكَ الثَّوْبِ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ ذَلِكَ الثَّوْبِ أَوْ مِنْ ثَوْبٍ آخَرَ نُسِجَ مِنْ ذَلِكَ الْغَزْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يُعْتَدُّ بِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ إذَا كَانَتْ الشُّقَّةُ مُشْتَمِلَةً عَلَى عِدَّةِ أَثْوَابٍ يَضْمَنُ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا بِثَوْبٍ آخِرَ مِنْهَا حَيْثُ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ أَثْوَابِهَا نَسْجًا أَوْ غَزْلًا يُعْتَدُّ بِهِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الرَّغْبَةُ أَوْ الثَّمَنِ حَتَّى يُقَالَ كُلُّ ثَوْبٍ مِنْهَا بِكَذَا كَمَا يُقَالُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ بِكَذَا فَهَذَا مِثْلِيٌّ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَدَمِ التَّفَاوُتِ لَا عَلَى خُصُوصِ كَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا وَلِذَا كَانَ الْمَوْزُونُ الْمُخْتَلِفُ غَيْرَ مِثْلِيٍّ لِوُجُودِ التَّفَاوُتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ مَا ذَكَرْنَاهُ تَحْتَ الْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ فَلَيْسَ بِخَارِجٍ عَنْ الْمِثْلِيَّاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ مَا لَيْسَ مَكِيلًا وَلَا مَوْزُونًا مِمَّا لَا تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ نَحْوَ الدِّبْسِ وَالْقَطْرِ غَيْرُ مِثْلِيٍّ لِتَفَاوُتِهِ بِالصَّنْعَةِ مَعَ أَنَّهُ مَوْزُونٌ فَكَذَا نَحْوُ الْكِرْبَاسِ (قُلْت) الْمُرَادُ أَنَّ الدِّبْسَ مَثَلًا يَخْتَلِفُ مِنْ حَيْثُ الطَّبْخُ فَقَدْ يَكُونُ هَذَا الدِّبْسُ الْمَطْبُوخُ فِي هَذَا الْقِدْرِ أَحْسَنَ مِنْ دِبْسٍ آخَرَ طُبِخَ فِي قِدْرٍ آخَرَ أَمَّا أَجْزَاءُ ذَلِكَ الدِّبْسِ الْوَاحِدِ الْمَطْبُوخِ كُلِّهِ جُمْلَةً فِي قِدْرٍ وَاحِدٍ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ أَجْزَائِهِ فَمَنْ أَتْلَفَ مِنْ ذَلِكَ الدِّبْسِ رَطْلًا مَثَلًا يَضْمَنُهُ بِرَطْلٍ مِنْ ذَلِكَ الدِّبْسِ بِعَيْنِهِ إذَا وُجِدَ وَلِذَا ذَكَرَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّابُونَ قِيَمِيٌّ لِأَنَّ الدُّهْنَ فِي هَذَا الصَّابُونِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْهُ فِي الْآخَرِ حَتَّى لَوْ كَانَا عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ كَانَا مِنْ دَنٍّ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مِثْلَهُ وَعَلَى هَذَا فَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ مُفْتِي دِمَشْقَ فِي كِتَابِ السَّلَمِ مِنْ فَتَاوَاهُ عَنْ فَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ فِي الصَّابُونِ قَوْلَيْنِ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ فِيهِ بَيْنَهُمَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُنِيرَ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ غِرَاسُ تُوتٍ مُشَاقٍ آجَرَهُ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا مِنْهُ وَتَصَرَّفَ زَيْدٌ بِوَرَقِ التُّوتِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ وَرَثَةٍ يُرِيدُونَ مُحَاسَبَةَ زَيْدٍ عَلَى قِيمَةِ مَا تَصَرَّفَ بِهِ مِنْ الْوَرَقِ وَاقْتِطَاعِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي دَفَعَهَا لِمُورِثِهِمْ وَرَفَعَ يَدَهُ عَنْ الْمَأْجُورِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ أَوْرَاقَ الشَّجَرِ كُلَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَخَذَ فِي سَفَرِهِ مِنْ زَيْدٍ قِرْبَتَيْنِ مَمْلُوءَتَيْنِ مِنْ الْمَاءِ وَتَصَرَّفَ بِهِمَا وَبِمَائِهِمَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فِي مَكَانٍ يَعِزُّ الْمَاءُ فِيهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ أَخْذِهِمَا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْقِرْبَتَيْنِ وَمَائِهِمَا يَوْمَ أَخْذِهِمَا، وَالْمَاءُ قِيَمِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ زِبْلُ دَوَابَّ أَخَذَهُ لِإِلْقَائِهِ فِي أَرْضِهِ لِإِصْلَاحِهَا وَاسْتِكْثَارِ رِيعِهَا وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ عَمْرٍو فَتَصَرَّفَ عَمْرٌو فِيهِ وَأَتْلَفَهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِزَيْدٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ السِّرْقِينَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَصَبَ زَيْتًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ لِجَمَاعَةٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُمْ وَلَا وَجْهٍ

ص: 163

شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ مِثْلُ الزَّيْتِ لَهُمْ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِي الْغَاصِبِ إذَا جَاءَ بِالْحِمَارِ الْمَغْصُوبِ وَقَالَ: إنَّ الْمَغْصُوبَ هَذَا، وَقَالَ الْمَالِكُ لَا بَلْ غَيْرُهُ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي مُتَفَرِّقَاتِ غَصْبِ الْبَزَّازِيَّةِ جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ وَقَالَ الْمَغْصُوبُ: هَذَا وَقَالَ الْمَالِكُ: لَا بَلْ غَيْرُهُ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ. اهـ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ قِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْغَصْبِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قُطْنٌ مَعْلُومٌ قَائِمٌ فِي أُرَاضِي قَرْيَةٍ فَغَصَبَهُ شَيْخُ الْقَرْيَةِ مَعَ آخَرَ وَتَصَرَّفَا بِهِ لِنَفْسِهِمَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيَزْعُمَانِ أَنَّهُ بَلَغَ قِنْطَارَيْنِ وَنِصْفَ قِنْطَارٍ وَلِزَيْدٍ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ تَشْهَدُ أَنَّ قَدْرَ الَّذِي تَصَرَّفَا بِهِ مِنْ قُطْنِ زَيْدٍ ثَمَانِيَةُ قَنَاطِيرَ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ زَيْدٍ وَيُقْضَى بِمُوجِبِهَا بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ وَيَلْزَمُهُمَا لِزَيْدٍ مِثْلُ الْقُطْنِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الشَّعِيرِ وَغَابَ زَيْدٌ فَبَاعَ عَمْرٌو الشَّعِيرَ بِلَا إذْنِ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْعَيْنِ لِاسْتِهْلَاكِهَا ثُمَّ حَضَرَ زَيْدٌ وَلَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ وَطَالَبَ عَمْرًا بِرَدِّ مِثْلِ شَعِيرِهِ، وَالْمِثْلُ لَمْ يَنْقَطِعْ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِي حِصَانٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو لِكُلٍّ مِنْهُمَا حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهِ وَهُوَ عِنْدَ عَمْرٍو فَطَلَبَهُ زَيْدٌ مِنْهُ مِرَارًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي نَوْبَتِهِ فَمَنَعَهُ مِنْهُ ظُلْمًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَهُ وَبَقِيَ عِنْدَهُ أَيَّامًا حَتَّى هَلَكَ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَضْمِينَ عَمْرٍو قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ طَلَبَهُ مِنْهُ فِي نَوْبَتِهِ فَمَنَعَهُ مِنْهُ ظُلْمًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَدِيعَةِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مُهْرَةٌ دَفَعَهَا لِعَمْرٍو لِيَعْلِفَهَا وَيَرْبِطَهَا فِي دَارِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَلَاثَةُ قَرَارِيطَ مِنْهَا فَخَالَفَ عَمْرٌو وَرَبَطَهَا فِي بُسْتَانِهِ وَهُوَ لَيْسَ حِرْزًا مِثْلِهَا فَسُرِقَتْ مِنْ الْبُسْتَانِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الْمُهْرَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِي رَاعِي مَعْزٍ قَادَهَا قَرِيبًا مِنْ كَرْمٍ آخَرَ وَسَيَّبَهَا فِيهِ عَمْدًا فَأَتْلَفَ الْكَرْمَ فَهَلْ يَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاعِي؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ قَادَهَا الرَّاعِي قَرِيبًا مِنْ الْكَرْمِ الْمَذْكُورِ بِحَيْثُ لَوْ شَاءَتْ تَنَاوَلَتْ مِنْهُ ضَمِنَ الرَّاعِي ذَلِكَ كَمَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ.

(سُئِلَ) فِي بَقَرَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ وَهِيَ عِنْدَ زَيْدٍ فَأَخَذَهَا عَمْرٌو وَحَرَثَ عَلَيْهَا عِدَّةَ أَيَّامٍ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَمَرِضَتْ وَمَاتَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْهَا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اتَّهَمَ آخَرَ بِسَرِقَةِ مَتَاعٍ فَاشْتَكَى عَلَيْهِ لِحَاكِمِ سِيَاسَةٍ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَقْتُلَ بِمِثْلِ هَذِهِ السِّعَايَةِ فَقَتَلَ الْمُتَّهَمَ الْمَذْكُورَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلِلْمُتَّهَمِ وَرَثَةٌ يُرِيدُونَ أَنْ يَقْتَصُّوا مِنْ السَّاعِي الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو شَرِكَةٌ فَتَقَاسَمَاهَا وَانْفَصَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَشَكَا زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو عِنْدَ حَاكِمِ سِيَاسَةٍ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي فِي الْبَلَدِ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ اشْتَكَيْتُ عَلَيْكَ وَغَرِمْتَ شَيْئًا فَأَنَا قَائِمٌ بِهِ فَغَرِمَ عَمْرٌو بِسَبَبِ ذَلِكَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الشَّاكِّي؟

(الْجَوَابُ) : لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى السَّاعِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْكُتُبِ شَهِيرَةٌ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ مَنَعَ الْوُلَاةَ مِنْ تَضْمِينِ السُّعَاةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

رَجُلٌ سَعَى إلَى السُّلْطَانِ بِرَجُلٍ فَأَخَذَ مِنْهُ مَالًا ثُمَّ مَاتَ السَّاعِي فَلِلْمَظْلُومِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْخُسْرَانِ مِنْ تَرِكَةِ السَّاعِي هَكَذَا ذَكَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَذَكَرَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ عَلَى السَّاعِي ضَمَانَ مَا هَلَكَ بِسِعَايَتِهِ وَجَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ إذَا دَلَّ السَّارِقُ عَلَى سَرِقَةِ الْوَدِيعَةِ صِيَانَةً لِأَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَذَكَرَ الْإِمَامُ عُمَرُ الْحَلْحِيُّ إنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعْرُوفًا بِالظُّلْمِ يُصَادِرُ بِسَبَبِ سِعَايَتِهِ فَعَلَى السَّاعِي الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِالظُّلْمِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قُلْت) لَا حَاجَةَ إلَى

ص: 164