الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذي قهره اللاهوت، ومنادية بالتحرر من سلطة التقاليد الكنسية التي كانت سوقا تجارية راجت فيها مفاسد القساوسة والبابوات» (1).
لما اشتعلت الثورة الفرنسية وانتصرت على الإقطاعيين وحلفائهم، هنا تلقت الكنيسة الضربة القاضية.
فحلت الجمعيات الدينية وسرح الرهبان وصودرت أملاكهم، فكان نهاية هذا العهد البئيس.
3 - السبب الثالث: طبيعة الدين المسيحي:
ألا غضاضة عند المسيحيين بما فيهم رجال الدين من الفصل بين الدين وشؤون الحياة، كما هو واضح من خلال ما جاء في الإنجيل المحرف عن عيسى عليه السلام: أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
فالعلمانية في نشأتها تتلاءم مع الديانة المسيحية، ولم تكن خارجة عنها أو منكرة لحقيقتها، بل هي من أركان الديانة المسيحية، حتى قال بولس: إن من يقاوم السلطة يقاوم إرادة الله ويستحق إدانة الكنيسة (2).
فالديانة المسيحية في حد ذاتها تحمل بذورا علمانية، ولهذا دعا البابا الحالي يوم 10/ 10/ 2010 في اجتماع له مع قساوسة الشرق الأوسط إلى تطبيق ما سماه: العلمانية الإيجابية، كما أذيع في حينه في القنوات الإخبارية، منها الجزيرة.
وإذا كانت المسيحية ممثلة في كنيستها والدولة ممثلة في الرئيس أو الملك في الغرب، فإن الفصل بين الدين المسيحي والدولة شيء منطقي وممكن، على اعتبار وجود كيانين منفصلين لكل منهما.
(1) الإسلام بين التنوير والتزوير (21).
(2)
الإسلام لا العلمانية (10 - 11) وتهافت العلمانية (209).
أما في الإسلام حيث لا كهنوت ولا طبقة دينية خاصة بالدين، فالفصل إذن بين الدين والدولة يعني الفصل بين الدولة واللاشيء حسب محمد الشرفي (1).
وحيث إن الإسلام متغلغل في كل المستويات داخل الدولة اجتماعيا واقتصاديا وشعبيا وسياسيا، فالفصل يعني الفصل بين الدولة والدولة.
ب ليس في المسيحية تشريعات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وغيرها.
تدور الأناجيل على مبادئ أخلاقية عامة ومواعظ. بخلاف الشريعة الإسلامية الصالحة والمُصلحة لكل زمان ومكان، ففيها تشريعات سياسية واقتصادية واجتماعية، ونظم لشؤون الأسرة وتحديد لكل من الرجل والمرأة حقوقهما وواجباتهما، وضبط المعاملات التجارية والبيع والشراء، ووضع للعقوبات حدودا معلومة وغير ذلك.
ولكي يكون الرجل مسيحيا فهو ملزم باعتقاد عقيدة المسيحية وبالذهاب يوم الأحد للكنيسة إن شاء وأن يحتفل بعيد الميلاد.
بينما في الإسلام فهو أمام منظومة متكاملة من التشريعات والأوامر والنواهي التي تحكم حياته كلها، منذ استيقاظه إلى نومه، تحكم اعتقاداته وأفعاله وبيعه وشرائه وعلاقاته وغير ذلك.
وقد اعترف أحد أعتى العلمانيين تطرفا وهو القمني في أهل الدين والديمقراطية (256) بأن المسيحية ليست لها شريعة سماوية إلا في معاني المحبة والسلام والتراحم الإنساني بخلاف الإسلام.
(1) الإسلام والحرية (206).