الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عناية الدولة العلوية بجمع الجزية من اليهود
.
ظلت الجزية تدفع من قبل الجماعات اليهودية في المغرب حتى أوائل القرن العشرين، واستعاضت عنها بتقديم هدايا إلى السلطان في المناسبات الاحتفالية (1).
وهذا ثاني مؤسس للدولة الإدريسية إدريس بن إدريس فرض الجزية على يهود فاس (2).
ومقابل الجزية التي يدفعها اليهود إلى السلاطين فهم يستفيدون من حماية المخزن لهم بموجب عقد الذمة التي تحكم العلاقة بين السلطان ورعاياه من غير المسلمين (3).
وكان يسمح لليهود ببيع وشرب الخمر بينهم ولا يسمح لهم ببيعه للمسلمين، ولما تجاوز يهود مرسى العرائش فتعاطوا لبيعه للمسلمين منعهم المولى سليمان وطلب منهم مغادرة المدينة (4).
وكتب المولى إسماعيل ظهيرا لعبد الوهاب بن أحمد أدرّاق ليأخذ جزية أهل الذمة القاطنين بملاح مكناس مؤرخ في 4 صفر عام 1137هـ (5).
(1) تاريخ المغرب في القرن العشرين لروم لاندو (31) والنظم الإسلامية ومظاهر يقظة (1/ 61).
(2)
الأنيس المطرب (55).
(3)
المغرب قبل الاستعمار (42).
(4)
نفس المرجع (45).
(5)
الإتحاف لابن زيدان (5/ 472).
وأصدر السلطان المولى سليمان في سنة 1815م أمرا يلزم اليهود المغاربة بأداء الجزية (1).
وأصدر المولى الحسن الأول ظهيرا بتاريخ 9 رجب عام 1304هـ في السماح لأهل الذمة بشرب الخمر بينهم وعدم جواز إظهار ذلك بين المسلمين (2).
وهذه صورة ظهير المولى عبد الرحمن بوصول جزية ذمة أهل سلا سنة 1256هـ (3):
(1) المغرب قبل الاستعمار (107).
(2)
الإتحاف لابن زيدان (5/ 133). وانظر (5/ 131) منه.
(3)
الإتحاف لابن زيدان (5/ 52).
وفي عهد السلطان المولى سليمان أرسل له القاضي محمد عواد (3330) جزية ذمة سلا. والرسالة مؤرخة في 19 ربيع الأول عام 1266/ 2 فبراير سنة 1850 (1).
وفي ظهير للمولى الحسن الأول للحاج عبد الله حصار بتاريخ 15 جمادى الثانية 1294 باستيفاء الجزية من يهود الدار البيضاء. ونصه بعد التحية: فنأمرك أن تستوفي من يهود أهل الدار البيضاء جزية هذه السنة المباركة فقد حل أجل قبضها منهم، وما قبضته ادفعه لأمين المستفادات هناك على العادة، والسلام 15 جمادى الثانية عام 1294 (2).
وقد ظل اليهود ينعمون بحرية وعدل بشهادة بعض النصارى كروم لاندو الذي أكد عدم تعرض اليهود للاضطهاد في المغرب (3).
وكتب السلطان الحسن الأول إلى الولاة والرعية سنة 1291، وفيه الوصاية بأهل الذمة وعدم ظلمهم (4). وكتب في 7 جمادى 2 عام 1310 إلى يهود ملاح مراكش ليطيب خاطرهم حول معاملة سيئة يلقونها من عامل مراكش، وكتب لهذا الأخير ليحسن معاملتهم (5).
(1) الإتحاف لابن زيدان (6/ 358).
(2)
الإتحاف (2/ 474 - 476).
(3)
تاريخ المغرب في القرن العشرين (29 - 33). وانظر كذلك التاريخ السياسي (10/ 10) ومظاهر يقظة المغرب (1/ 58 - 59 - 60).
(4)
الإتحاف لابن زيدان (2/ 269).
(5)
الإتحاف (2/ 310).
وحكى الناصري في الاستقصا (1/ 61 - 62) قصة غريبة في اختراع اليهود ظهيرا ونسبوه للنبي صلى الله عليه وسلم أسقط فيه الجزية عنهم بزعمهم. فتمكن علماء المغرب من كشف هذه الخدعة اليهودية وبينوا وجه بطلان الظهير المزعوم.
قال: وقد وقفت في بعض التقاييد المظنون بها الصحة على كلام للأديب أبي عبد الله اليفرني المعروف بالصغير في هذا المعنى قال: جرى بمجلس شيخنا قاضي الجماعة فلان الفلاني ذِكْر علم التاريخ فقال: إن علم التاريخ يضر جهله وتنفع معرفته لا كما قيل: إنه علم لا ينفع وجهالة لا تضر. قال: وانظر ما وقع في هذا الوقت في حدود عشر ومائة وألف من أن نفرا من يهود فاس الجديد امتنعوا من أداء الجزية وأخرجوا ظهيرا قديما مضمنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد لموسى بن حيي بن أخطب أخي صفية رضي الله عنها ولأهل بيت صفية الأمان لا يطأ أرضهم جيش ولا عليهم نزل ولهم ربط العمائم فعلى من أحب الله ورسوله أن يؤمنهم. وكتب علي بن أبي طالب، وشهد عتيق بن أبي قحافة وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان. وتاريخ شهادتهم في ذي القعدة سنة تسع من الهجرة قال شيخنا: فظهر لي ولعلماء العصر أن ذلك زور وافتراء لا شك فيه ولا امتراء لأن التاريخ بالهجرة إنما حدث زمن عمر سنة سبع عشرة لأسباب اقتضت ذلك كما في ابن حجر، ولأن أهل التاريخ لم يذكروا لصفية أخا اسمه موسى، وإنما المروي في الأحاديث أنه عليه الصلاة والسلام قتل أبا صفية وزوجها، ولأن الظهير الذي استظهروا به نسخة من الأصل الذي فيه خطوط الصحابة وقد أرخوا الاستنساخ من الأصل بسنة ثلاث وعشرين وسبعمائة فقد تأخر خط الصحابة بزعمهم إلى المائة الثامنة وكيف يتوصل في المائة الثامنة إلى أن ذلك خط
الصحابة. هذا خلاصة ما كتبه أهل فاس في إبطال الظهير ولما رفع ذلك إلى السلطان المولى إسماعيل رحمه الله عاقب اليهود عقابا شديدا. انتهى.
ولما أراد يهود ملاح فاس العليا أن يتخذوا حزانا وتاجرين من تجارهم ليحكم بينهم في نزاعاتهم. فكتب السلطان الحسن الأول ظهيرا مؤرخا في 6 ربيع الثاني عام 1300 لتكليف ستة فقهاء في القضية، ومما قال السلطان في ظهيره: وحيث لم تجر لهم عادة بنصب ما ذكر وكانوا معاهدين والأمور التي بينهم وبين المسلمين كلها مبنية على قواعد الشرع، رددنا قضيتهم للشرع.
وكان جواب الفقهاء بمنع اليهود من ذلك، والفقهاء هم: محمد جنون وجعفر الكتاني وأحمد بن الحاج والحميد بناني وعبد الله الودغيري (1).
ويلاحظ من خلال هذا الظهير أن الحكم إنما كان للشرع الإسلامي لا غير، وأن المغرب لم يعرف قانونا غير الشريعة الإسلامية.
ومن ألطف ما وقفت عليه في شأن الجزية بالمغرب أن السلطان يعقوب بن عبد الحق المريني بنى المرستانات للمرضى والمجانين ورتب لهم الأطباء لتفقد أحوالهم وأجرى على الكل المرتبات والنفقات من بيت المال وكذا فعل بالجذمى والعمي والفقراء، رتب لهم مالا معلوما يقبضونه في كل شهر من جزية اليهود (2).
(1) الإتحاف لابن زيدان (2/ 277).
(2)
الاستقصا (3/ 65). وفيه عن هذا السلطان: لم يقصد جيشا إلا هزمه ولا عدوا إلا قهره ولا بلدا إلا فتحه صواما قواما دائم الذكر كثير البر لا تزال سبحته في يده مقربا للعلماء مكرما للصلحاء صادرا في أكثر أموره عن رأيهم.
كما سأفصل خبره في رسالة «أربعة ملوك عدول من أربعة دول حكمت المغرب» . والقصد منه أن أبين أن تطبيق الشريعة ليس فترة زمنية قصيرة مرت وانقضت في عهد الخلفاء الأربعة كما ينعق بعض العلمانيين.