المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: الصراع بين الكنيسة والعلم - العلمانية وموقف الإسلام منها

[حمود الرحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة

- ‌الفصل الأول: في تعريف العلمانية ومفهومها

- ‌المبحث الأول: تعريف العلمانية في اللغة والاصطلاح

- ‌المبحث الثانيالتضليل والخداع في تسميتها

- ‌المبحث الثالثمراحل العلمانية أو (صورها)

- ‌الفصل الثاني: أسباب ظهور العلمانية وآثارها في الغرب

- ‌المبحث الأول: أسباب ظهور العلمانية وظروف نشأتها في الغرب

- ‌المطلب الأول: طغيان رجال الكنيسة

- ‌المطلب الثاني: الصراع بين الكنيسة والعلم

- ‌المطلب الثالث: الثورة الفرنسية

- ‌المطلب الرابع: نظرية التطور

- ‌المطلب الخامس: طبيعة التعاليم النصرانية

- ‌المطلب السادس: دور اليهود

- ‌المبحث الثانيآثار العلمانية في الغرب

- ‌الفصل الثالثالإسلام يتنافى مع العلمانية

- ‌الفصل الرابع: عوامل إنتقال العلمانية إلى العالم الإسلامي وآثارها السيئة علية

- ‌المبحث الأول: عوامل انتقالها إلى العالم الإسلامي

- ‌المطلب الأول: انحراف كثير من المسلمين عن العقيدة الصحيحة

- ‌المطلب الثاني: الاستعمار الغربي والشرقي

- ‌المطلب الثالث: الغزو الفكري

- ‌المطلب الرابع: المستشرقون

- ‌المطلب الخامس: المنصرون

- ‌النطلب السادس: الأقليات غير المسلمة داخل المجتمعات الإسلامية

- ‌المطلب السابع: تقدم الغرب الهائل في مضمار العالم الإسلامي

- ‌المطلب الثامن: البعثات إلى الخارج

- ‌المبحث الثانيآثار العلمانية السيئة على العالم الإسلامي

- ‌الفصل الخامسموقف الإسلام من العلمانية

- ‌المبحث الأولحكم الإسلام من العلمانية

- ‌المبحث الثاني: عمد وقواعد العلمانية وتفنيدها

- ‌المبحث الثالث: التطبيق العلمي للإسلام

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الثاني: الصراع بين الكنيسة والعلم

ج-الطغيان السياسي:

أما الطغيان السياسي فقد بلغت سلطة البابا الدينية المهيمنة على ذوي السلطة الإدارية والسياسية أوجها، حتى كان باستطاعة البابا أن يتوج الملوك والأباطرة، وأن يخلع تيجانهم إذا نازعوه ورفضوا أوامره، وأن يحرمهم من الدين، وأن يحرم شعوبهم الذين يوالونهم، ولايستجيبون لأوامر الخلع البابوية.

حتى إن البابا "جريجوري" السابع خلع الإمبراطور الألماني "هنري" الرابع وحرمه، وأحلَّ أتباعه والأمراء من ولائهم له، وألبهم عليه، فعقد الأمراء اجتماعاً قرروا فيه أنه إذا لم يحصل الإمبراطور على مغفرة البابا فإنه سيفقد عرشه إلى الأبد، فاضطر هذا الإمبراطور حفاظاً على عرشه أن يسعى لاسترضاء البابا سنة (1077م) فاجتاز جبال الألب في شتاء بارد مسافراً إلى البابا الذي كان في قلعته بمرتفعات "كانوسا" في "تسكانيا" وظل واقفاً في الثلح في فناء القلعة ثلاثة أيام، وهو في لباس الرهبان، متدثراً بالخيش، حافي القدمين، عاري الرأس، يحمل عكازه مظهراً ندمه وتوبته، حتى ظفر بعفو البابا، وحصل على رضاه1.

1 انظر: كواشف زيوف ص50-51،قصة الحضارة (15/197) تاريخ أوربا لفيشر2/194.

ص: 350

‌المطلب الثاني: الصراع بين الكنيسة والعلم

ثانياً: الصراع بين الكنيسة والعلم:

الصراع بين الدين والعلم مشكلة من أعمق وأعقد المشكلات في التاريخ الفكري الأوروبي إن لم تكن أعمقها على الإطلاق.

وذلك أن الكنيسة كانت هي صاحبة السلطة طوال القرون الوسطى في أوروبا حتى قامت النهضة العلمية هناك.

ص: 350

وفي هذه الأثناء وقعت الحروب الصليبية بين المسلمين والأوروبيين، واستمرت طوال القرنين الحادي عشر، والثاني عشر الميلادي، واحتك الصليبيون خلالها بالمسلمين ووقفوا عن كثب على صفات الإسلام وروعته في جميع مجالات العلوم والفنون، في الأندلس والشمال الإفريقي وصقلية وغيرها، حيث كانت المدارس والجامعات المتعددة في كل مكان في بلاد المسلمين، يؤمها طلاب العلم، ومنهم الأوروبيون الذين وفدوا يتعلمون من الأساتذة المسلمين، وترجمت بعض الكتب إلى اللغة الإنجليزية.

فلما عاد أولئك الأوروبيين الذين تأثروا بنور الإسلام وعرفوا أن الكنيسة ورجالها عملة مزيفة، ووسيلة للدجل والتحكم الظالم في عباد الله، أخذ هؤلاء يقاومون الكنيسة ودينها المزيف وأعلنوا كشوفاتهم العلمية والجغرافية، والعلوم الطبيعية التي تحرمها الكنيسة، وعند ذلك قامت قيامة من يُسمون لدى النصارى برجال الدين، واحتدم الصراع، ومكث قروناً بين رجال العلم ورجال الكنيسة، فأخذوا يُكفّرون ويقتلون ويحرقون ويشردون المكتشفين، وأنشأت الكنيسة محاكم للتفتيش لملاحقة حملة الأفكار المخالفة لآرائها وأفكارها1.

ومكث هذا الصراع عدة قرون، وانتهى بإبعاد الكنيسة ورجالها عن التدخل في نظم الحياة وشئون الدولة، فالدين - بمعنىً أوضح - مهمته داخل جدران الكنيسة فقط ولا داعي لوجوده خارجها، ويكون لرجال الدولة والعلم إدارة شئون الحياة بالأسلوب الذي يناسبهم سواء أكان متفقاً مع مبادئ الدين أم لا؟!!

1 انظر: الموجز في الأديان ص105، احذروا الأساليب ص197، مذاهب فكرية معاصرة لمحمد قطب ص512.

ص: 351