الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الولاء
مدخل
…
باب الولاء
مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا نَدْبًا أَوْ بَعْضَهُ فَسَرَى أَوْ وَاجِبًا أَوْ سَائِبَةً أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ أَوْ حَلَفَ بِهِ فَحَنِثَ وَلَوْ بِرَحِمٍ أَوْ إيلَادٍ أَوْ بِعِوَضٍ أَوْ كِتَابَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَفِيهِمَا قَوْلٌ فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ، وَعَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ زَوْجَةٍ عَتِيقَةٍ وَسُرِّيَّةٍ وَعَلَى مَنْ لَهُ أَوْ لَهُمْ وَلَاؤُهُ كَمُعْتَقَيْهِ وَمُعْتَقَيْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا.
وَعَنْهُ فِي الْمُكَاتَبِ: إنْ أَدَّى إلَى الْوَرَثَةِ فَوَلَاؤُهُ لَهُمْ، وَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا.
وَفِي التَّبْصِرَةِ وَجْهٌ: لِلْوَرَثَةِ. وَفِي الْمُبْهِجِ: إنْ أَعْتَقَ كُلُّ الْوَرَثَةِ الْمُكَاتَبَ نَفَذَ وَالْوَلَاءُ لِلرِّجَالِ، وَفِي النِّسَاءِ رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ: فِي مُعْتَقِ سَائِبَةٍ وَهُوَ: أَعْتَقْتُك سَائِبَةً، أَوْ: لَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك، أَوْ فِي وَاجِبٍ لا ولاء عليه، اختاره الأكثر.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تنبيه: قوله: وَعَنْهُ فِي مُعْتَقِ سَائِبَةٍ. وَهُوَ: "أَعْتَقْتُك سَائِبَةً
…
أولا وَلَاءَ لِي عَلَيْك، أَوْ فِي وَاجِبٍ، لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ". انْتَهَى.
قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ هَذَا أَنَّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: أَصَحُّهُمَا الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ عِنْدَ كَفَّارَتِهِ أَوْ نَذْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِمْ هِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَهُمْ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي والشريف أبو جعفر
فَفِي عَقْلِهِ؛ لِكَوْنِهِ مُعْتَقًا وَانْتِفَاءِ الْوَلَاءِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي "م 1" وَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَعَنْهُ: يُرَدُّ وَلَاؤُهُ فِي عِتْقِ مِثْلِهِ يَلِي عِتْقَهُمْ الْإِمَامُ. وَعَنْهُ: لِلسَّيِّدِ، وَقِيلَ: وَكَذَا عتقه برحم.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ، وَقَطَعَ فِي الْمُذْهَبِ بِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ فِيمَا أَعْتَقَهُ سَائِبَةً أَوْ قَالَ لَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك، وَقِيلَ: لَهُ الْوَلَاءُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ غَيْرِهَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ: لَا وَلَاءَ لَهُ فِي السَّائِبَةِ. انْتَهَى.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْخِلَافُ قَوِيٌّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُطْلِقَ الْخِلَافَ، وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ تَابَعَ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ.
مَسْأَلَةٌ – 1: إذَا قُلْنَا أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى هَؤُلَاءِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ " فَفِي عَقْلِهِ لِكَوْنِهِ مُعْتَقًا، وَانْتِفَاءِ الْوَلَاءِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي ". انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: يَعْقِلُ، كَالْحُرِّ أَصَالَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُعْقَلُ عَنْهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ ذِكْرِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ1: وَمَنْ أُعْتِقَ مِنْ الزَّكَاةِ رَدَّ مَا رَجَعَ مِنْ وَلَايَةٍ فِي عِتْقِ مِثْلِهِ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: فِي الصَّدَقَاتِ، وَهَلْ يَعْقِلُ عَنْهُ، فِيهِ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا هُنَاكَ.
وَقَدَّمَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2، أَنَّهُ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَنَصَرَهُ وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَعْقِلُ عَنْهُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي بَابِ قِسْمَةٍ كفيء
1 4/336.
2 9/322.
وَلَوْ قَلَّ عَنْ رَقَبَةٍ، فَفِي الصَّدَقَةِ بِهِ وتركه ببيت المال وجهان فِي التَّبْصِرَةِ "م 2".
وَمَنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَاهُ الْأَوَّلِ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَمَنْ أَبُوهُ عَتِيقٌ وَأُمُّهُ حُرَّةٌ الْأَصْلُ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، كَعَكْسِهَا، وَعَنْهُ: بَلَى: لِمَوْلَى أَبِيهِ.
وَلَا وَلَاءَ عَلَى مَنْ أَبُوهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ وَأُمُّهُ عَتِيقَةٌ، وَحُكِيَ عَنْهُ: بَلَى لِمَوْلَى أُمِّهِ. وَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ، إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ وَارِثُهُ فِي وَاجِبٍ، وَلَهُ تَرْكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْعِتْقُ أَطْعَمَ أَوْ كَسَا، وَيَصِحُّ عِتْقُهُ، وَقِيلَ: بِوَصِيَّةٍ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا: الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ.
وَإِنْ تَبَرَّعَ بِعِتْقِهِ عَنْهُ وَلَا تَرِكَةَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ؟ كَإِطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ، أَمْ لَا؟ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْوَلَاءُ، وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِدُونِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ، فِيهِ وَجْهَانِ "م 3".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْغَنِيمَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَهِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا، فَإِنَّهُ قَالَ هنا: أو في واجب.
مَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَلَّ عَنْ رَقَبَةٍ فَفِي الصَّدَقَةِ بِهِ وَتَرْكِهِ بِبَيْتِ الْمَالِ وَجْهَانِ فِي التَّبْصِرَةِ". انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: يُتَصَدَّقُ بِهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ مَا لَا شَكَّ فِيهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُتْرَكُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْوَجْهِ إذَا كَانَ بَيْتُ الْمَالِ مُنْتَظِمًا، وَهُوَ الْحَقُّ.
مَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَبَرَّعَ بِعِتْقِهِ عَنْهُ وَلَا تَرِكَةَ فهل يجزئه كإطعام وكسوة، أم
وَإِنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَأَوْجُهٌ، الثَّالِثُ يُجْزِئُهُ فِي إطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ مَيِّتٍ فِي وَاجِبٍ وَقَعَا لِلْمَيِّتِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: وَلَاؤُهُ فَقَطْ لِلْمُعْتِقِ "م 4" قَالَ أَبُو النَّضْرِ: قَالَ أَحْمَدُ فِي الْعِتْقِ عن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
لَا؟ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْوَلَاءُ، وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِدُونِ الْعِتْقِ عَنْهُ، فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الإجزاء فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا فِيمَا إذَا أُعْتِقَ عَبْدُهُ عَنْ مَيِّتٍ بِلَا أَمْرِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ، فَظَاهِرُهُ الْإِجْزَاءُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ: لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ زَيْدٍ الْحَيِّ أَوْ بَكْرٍ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَالْوَلَاءُ لَهُ دُونَهُمَا، وَعَنْهُ: إنْ كَانَ بِعِوَضٍ فَهُوَ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ لَهُ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ بِلَا إذْنٍ فَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ عَنْ الْمُعْتِقِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ مَيِّتٍ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَقَعَا لِلْمَيِّتِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: وَلَاؤُهُ فَقَطْ لِلْمُعْتِقِ قَالَ فِي الْكُبْرَى عَنْ الْقَوْلِ الْأَخِيرِ: وَهُوَ أَوْلَى. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَعَ الْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ عَنْ الْمُعْتِقِ، وَإِلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ مَيِّتٍ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَيَقَعَانِ لِلْمَيِّتِ، فَفِي هَذَا الْكَلَامِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ عُمُومٌ؛ لِيَشْتَمِلَ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: الصَّوَابُ الْإِجْزَاءُ، كَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ.
مَسْأَلَةٌ -4: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَأَوْجُهٌ، وَالثَّالِثُ يُجْزِئُهُ فِي إطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ مَيِّتٍ وَفِي وَاجِبٍ وَقَعَا لِلْمَيِّتِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: وَلَاؤُهُ فَقَطْ لِلْمُعْتِقِ". انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.
وَكَلَامُهُ أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْإِطْعَامَ وَالْكِسْوَةَ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْإِجْزَاءُ فِي الْجَمِيعِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ المصنف "لو
الْمَيِّتِ: إنْ وَصَّى بِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَإِلَّا لِلْمُعْتِقِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ في الرجل يعتق عن الرجل: فالولاء لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَالْأَجْرُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا وَصَّى لِرَجُلٍ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ فَزَادَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِهٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ هَذِهِ الرَّقَبَةُ جَمِيعُهَا عَنْ الْمَيِّتِ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَيَّرَهُ لِلْمَيِّتِ بِإِعْطَاءِ الْمَالِ، فَدَلَّتْ نُصُوصُهُ أَنَّ الْعِتْقَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، وَأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ، إلَّا عَلَى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَفِي مُقَدِّمَةِ الْفَرَائِضِ لِأَبِي الْخَيْرِ سَلَامَةَ بْنِ صَدَقَةَ الْحَرَّانِيِّ1: إنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَلِأَيِّهِمَا الْوَلَاءُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ: فَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتَقِ عَنْهُ، فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَتَقَ حَيًّا كَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ أَوْ مَيِّتًا، وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: مَنْ أَعْتَقَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَالْعِتْقُ لِلْمُعْتِقِ، كَالْوَلَاءِ وَيَحْتَمِلُ: لِلْمَيِّتِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقُرَبَ يَصِلُ ثَوَابُهَا إلَيْهِ، وَمَنْ قِيلَ لَهُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي أَوْ عَنِّي مَجَّانًا أَوْ عَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ قَبْلَ فِرَاقِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْعِتْقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، كإطعامه وعنه: والكسوة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَخْرَجَ أَجْنَبِيٌّ وَاجِبًا عَنْ مَيِّتٍ بِغَيْرِ إذْنِ الولي في ذلك" فِي آخِرِ بَابِ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه وتكلمنا على ذلك هناك2.
1 هو: أبو الخير، موفق الدين، سلامة بن صدقة بن سلامة بن الصولي، الحراني كان من أهل الفتوى "ت627هـ". "ذيل طبقات الحنابلة" 2/174.
2 7/450-451.
ذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى1: لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يُمَلِّكَهُ إيَّاهُ فَيُعْتِقَهُ هُوَ، وَنَقَلَهُ مُهَنَّا، وَعَلَى الْأَوَّلِ: يُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبَهُ، وَيَلْزَمُهُ عِوَضُهُ بِالْتِزَامِهِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يَنْفِهِ2، وَعَنْهُ: الْعِتْقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ عِوَضَهُ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: اعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي وَلَك عَلَيَّ مِائَةٌ، فَأَعْتَقَهُ، عَتَقَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ، وَتَلْزَمُهُ الْمِائَةُ، وَالْوَلَاءُ لَهُ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلَوْ قَالَ: اعْتِقْهُ عَنِّي بِهَذَا الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ، مَلَكَهُ وَعَتَقَ كَالْهِبَةِ، وَالْمِلْكُ يَقِفُ عَلَى الْقَبْضِ فِي هِبَةٍ بِلَفْظِهَا لَا بِلَفْظِ الْعِتْقِ، بِدَلِيلِ: اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي3، يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَيَجُوزُ جَعْلُهُ قَابِضًا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ، كَقَوْلِهِ: بِعْتُك أَوْ وَهَبْتُك هَذَا الْعَبْدَ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: هُوَ حُرٌّ، عَتَقَ، وَنُقَدِّرُ الْقَبُولَ حُكْمًا، وَكَلَامُ غَيْرِهِ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ عِتْقِهِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَعْتِقْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، أَوْ أُعْتِقُهُ عَنْك وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ لَزِمَهُ ثمنه والأصح أن العتق وولاءه للمعتق4. وَيُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ، فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ: أَقْبَلُهُ عَلَى دِرْهَمٍ فَلَغْوٌ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ويتوجه وجه.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 الإرشاد ص 441.
2 في "ط": "بنفقه".
3 ليست في "ر".
4 بعدها في الأصل و"ط": "عنه".