الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الخلع
مدخل
…
بَابُ الْخُلْعِ
يُبَاحُ لِسُوءِ عِشْرَةٍ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَتُسْتَحَبُّ الْإِجَابَةُ إلَيْهِ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ شَيْخِنَا فِي وُجُوبِهِ وَأَلْزَمَ بِهِ بَعْضُ حُكَّامِ الشَّامِ الْمَقَادِسَةُ الْفُضَلَاءُ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: إذَا كَرِهَتْهُ حَلَّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " 1 قَالَ عليه السلام فِي الْمُخْتَلِعَاتِ: "هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ"2. وَقَالَ عُمَرُ: احْبِسْهَا وَلَوْ فِي بَيْتِ الزِّبْلِ3.
وَالْمَذْهَبُ: يُكْرَهُ وَيَصِحُّ وَحَالُهُمَا مُسْتَقِيمَةٌ، وَعَنْهُ: يُحَرَّمُ وَلَا يَصِحُّ. وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا خَوْفَ قَادِرٍ عَلَى الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ {أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} .
فلا يجوز انفرادهما به4، لقراءة حمزة {إلا أن يُخَافَا} [البقرة: 229] بِالضَّمِّ، وَلَا يَصِحُّ "هـ" مَعَ مَنْعِهِ حَقَّهَا وَظُلْمِهِ لِتَخْتَلِعَ مِنْهُ، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا إنْ قِيلَ هو طلاق، وقيل: بائنا إن صح الخلع4 بِلَا عِوَضٍ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِظُلْمِهِ لِتَخْتَلِعَ لَمْ يُحَرَّمْ "وهـ ش" وَلَنَا نِزَاعٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَلَهُ قَصْدُهُ مَعَ زَانِيَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ "م ق".
وَيَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَأَنْ يَتَوَكَّلَ فِيهِ وَبَذْلُهُ لِعِوَضِهِ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه البخاري "5273"، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
2 أخرجه الترمذي "1186"، من حديث ثوبان رضي الله عنه. والنسائي في "المجتبى" 6/168 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
3 أخرجه بنحوه ابن أبي شيبة في "المصنف" 5/124، والبيهقي في "السنن" 7/315.
4 ليست في "ر".
مِنْ زَوْجَةٍ، وَالْأَصَحُّ: وَعَيَّرَهَا إنْ سَمَّى عِوَضَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَضَمِنَهُ، كَبَذْلِ أَجْنَبِيٍّ عِوَضًا فِي افْتِدَاءِ أَسِيرٍ، لَا كَإِقَالَةٍ، وَكَذَا خَلَعَهَا بِمَالِهِ، وَنَصَّ فِيمَنْ قَالَ: طَلِّقْ1 بِنْتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ مَهْرِهَا، فَفَعَلَ بَانَتْ وَلَمْ يَبْرَأْ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى جَهْلِ الزَّوْجِ وَإِلَّا خَلَعَ بِلَا عِوَضٍ، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: طَلَّقْتهَا إنْ بَرِئْت مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ.
وَلَا يَبْطُلُ الْإِبْرَاءُ بِدَعْوَاهَا السَّفَهَ1. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةِ أَنَّهَا سَفِيهَةٌ وَلَيْسَتْ تَحْتَ الْحَجْرِ، وَيَتَوَجَّهُ: بَلَى مَعَ بَيِّنَةٍ. وَقَالَ: وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَمَالُهَا بِيَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ لَمْ يُصَدِّقْ أَبُوهَا2 أَنَّهَا كَانَتْ سَفِيهَةً تَحْتَ حَجْرِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ مُمَيِّزَةٌ وَسَفِيهَةٌ أَذِنَ وَلِيُّهُمَا أَوْ لَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِذْنُ فِي تَبَرُّعٍ3، وَجُعِلَ طَلَاقًا وَقَعَ رَجْعِيًّا، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَخُلْعُ وَلِيُّهَا بِمَالِهَا كَأَجْنَبِيٍّ، وَقِيلَ: يَصِحُّ لِأَبٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُبْهِجِ، نَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ فِيمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ1 صَغِيرًا بِصَغِيرَةٍ وَنَدِمَ أَبَوَاهُمَا هَلْ تَرَى فِي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ر".
2 في "ر" و"ط": "أبواها".
3 في "ر": "تبرع".
فَسْخِهِمَا وَطَلَاقِهِمَا عَلَيْهِمَا شَيْءٌ؟ قَالَ: فِيهِ اخْتِلَافٌ وَأَرْجُو. وَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَهُ قَوْلَانِ، وَالْعَمَلُ عِنْدِي عَلَى جَوَازِ ذلك منهما عليهما.
وَخُلْعُ الْأَمَةِ1 كَاسْتِدَانَتِهَا يَصِحُّ2 بِإِذْنِ سَيِّدٍ وَقِيلَ: وَدُونَهَا. جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، فَعَنْهُ: يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا3، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ يَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا4 "م 1" كفوق مهرها بإذن مطلق، وكذا مكاتبة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "وَخُلْعُ الْأَمَةِ كَاسْتِدَانَتِهَا، يَصِحُّ بِإِذْنِ سَيِّدٍ، وَقِيلَ: وَبِدُونِهَا، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، فَعَنْهُ: يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ تَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا" انْتَهَى.
مَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ5، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصغير.
وَالرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِاسْتِدَانَةِ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، بَلْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ، وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْحَجْرِ أَنَّ دَيْنَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَقَالَ: نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهَا تَتْبَعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ5: إنْ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ تَعَلَّقَ بذمتها، وإن وقع على 7عين فيقياس7 المذهب أنه لا شيء له
1 بعدها في "ر": "كأب باستيدانهما".
2 ليست في "ط".
3 في "ر": "برقبتهما".
4 في "ر": "رقها".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/24-25.
6 10/305.
7 في "ط": "غير مقياس".
وَمَنْ صَحَّ خُلْعُهُ قَبَضَ عِوَضَهُ، عِنْدَ الْقَاضِي، وقاله1 أَحْمَدُ فِي الْعَبْدِ: كَمُكَاتَبٍ، وَقِيلَ: يَقْبِضُهُ وَلِيٌّ وَسَيِّدٌ "م 2".
وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْخُلْعِ وَالْمُفَادَاةِ، وَكَذَا الفسخ، وقيل: كناية. وفي الواضح وجه: لا.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إذَا عَلِمَ أَنَّهَا أَمَةٌ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْعَيْنَ، فَيَكُونُ رَاضِيًا بِغَيْرِ عِوَضٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ بُطْلَانُ الْخُلْعِ، عَلَى الْمَشْهُورِ، لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، انْتَهَى. وَهُوَ وَاضِحٌ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَقِيلَ وَدُونَهَا" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ "وَقِيلَ وَدُونَهُ" بِضَمِيرِ مُذَكَّرٍ وَأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الْإِذْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ -2: قَوْلُهُ: "وَمَنْ صَحَّ خُلْعُهُ قَبَضَ عِوَضَهُ، عِنْدَ القاضي. وقاله2 أَحْمَدُ فِي الْعَبْدِ كَمُكَاتَبٍ، وَقِيلَ: يَقْبِضُهُ وَلِيٌّ وَسَيِّدٌ" انْتَهَى.
قَوْلُ الْقَاضِي قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ: هَذَا أَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْبُلْغَةِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمستوعب
1 في "ط": "قال".
2 في النسخ: "وقال"، والمثبت من "الفروع".
وَكِنَايَتُهُ نَحْوَ الْإِبَانَةِ وَالتَّبْرِئَةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: صَرِيحُهُ الخلع أو الفسخ أو الفداء أو بارأتك1، وَهُوَ بِصَرِيحِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتُهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ، 2وَعَنْهُ: مُطْلَقًا2، وَقِيلَ عَكْسُهُ، قَالَ شَيْخُنَا. وَعَلَيْهِ دَلَّ كَلَامُ أَحْمَدَ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ، وَمُرَادُهُ مَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْت أَبِي كَانَ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ صَحَّ عَنْهُ: مَا3 أَجَازَهُ4 الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ5، وَصَحَّ عَنْهُ: الْخُلْعُ تَفْرِيقٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ6، وَعَنْهُ بِصَرِيحِ خُلْعٍ7 فَسْخٌ لَا يَنْقُصُ عَدَدًا، وَعَنْهُ عَكْسُهُ بِنِيَّةِ طَلَاقٍ، وَلَا يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ مِنْ خُلْعٍ طَلَاقٌ، وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إلَّا إنْ قُلْنَا: هُوَ طَلْقَةٌ، وَيَكُونُ بِلَا عِوَضٍ. وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الرَّجْعَةِ فِيهِ8، كَشَرْطِ خِيَارٍ، وقيل: يلزمه قدر
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي9 وَالْمُقْنِعِ10 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ، لكونهما محجورا عليهما.
1 في ":ر": "أباريك".
2 ليست في "ر".
3 ليست في "ر".
4 في "ر": "أحازه".
5 أخرجه عبد الرزاق في "مصنف""11770".
6 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/112، وبمعناه عبد الرزاق في "مصنفه""11767"، وسعيد بن منصور في "سننه" 1/340، والبيهقي في "السنن" 7/316.
7 ليست في "ر".
8 في "ر": "الرجعية".
9 4/407، 408.
10 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/15-16.
مَهْرِهَا1 وَقِيلَ: يَصِحُّ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِلَا عِوَضٍ.
وإن خالع بلا عوض. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الرَّجْعَةِ فِيهِ، فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَهْرِهَا". انْتَهَى.
صَوَابُهُ: "وَقِيلَ يَلْزَمُهَا"، بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ ; لِأَنَّ الْمَذْهَبَ يَلْزَمُهَا الْمُسَمَّى.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَلْغُو الْمُسَمَّى وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إلَى الشَّخْصِ السَّائِلِ، فيعم كل سائل من المرأة والأجنبي.
1 في "ر": "حالها".
أَوْ بِمُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ لَمْ يَصِحَّ، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِنِيَّةِ طَلَاقٍ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا كَعَقْدِ الْبَيْعِ حَتَّى فِي1 الْإِقَالَةِ، وأنه لا يجوز إذا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر": "إن".