الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التدبير
مدخل
…
بَابُ التَّدْبِيرِ
وَهُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ، وَيَصِحُّ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: مِنْ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِيهِ عِتْقٌ، وَعَنْهُ: فِي الصِّحَّةِ مُطْلَقًا، نَحْوُ: إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ. وَمُقَيَّدًا، نَحْوُ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ عَامِي هَذَا أَوْ بِهَذَا الْبَلَدِ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَإِنْ قَالَا لِعَبْدِهِمَا: إنْ مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلْحُرِّيَّةِ بِمَوْتِهِمَا جَمِيعًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، وَلَا يُعْتَقُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ، وَلَا يَبِيعُ وَارِثُهُ حَقَّهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: إذَا مات أحدهما فنصيبه حر، فإن أرادا1: أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ آخِرِهِمَا مَوْتًا فَإِنْ جَازَ تَعْلِيقُ الْحُرِّيَّةِ عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا، وَإِلَّا عَتَقَ نَصِيبُ الْآخَرِ مِنْهُمَا بِالتَّدْبِيرِ، وَفِي سِرَايَتِهِ إنْ احْتَمَلَهُ ثُلُثُهُ الرِّوَايَتَانِ.
وَصَرِيحُهُ وَكِنَايَتُهُ كَالْعِتْقِ، وَلَفْظُهُ صَرِيحٌ، وَيَبْطُلُ هُوَ وَعِتْقٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ بِمَوْتِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ، نَحْوُ: إنْ خَدَمْتنِي سَنَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَيَمُوتُ السَّيِّدُ قَبْلَ مُضِيِّهَا، وَإِنْ قَالَ: إنْ شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ، فَشَاءَ حَيَاةَ سَيِّدِهِ فقط، صار مدبرا،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر" و"ط": "أراد".
كَمَتَى شِئْت، وَإِذَا شِئْت. وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي إذَا.
وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، أَوْ اُخْدُمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، فَفِي صحته وعتقه روايتان "م 1 و 2". . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة – 1- 2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ اُخْدُمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ فَفِي صِحَّتِهِ وَعِتْقِهِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-1: لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ، وَالنَّظْمِ فِي التَّدْبِيرِ، وَغَيْرِهِمْ:
إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَقُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ: بَنَى طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ هَلْ هُوَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ؟ فَإِنْ قُلْنَا هُوَ وَصِيَّةٌ صَحَّ تَقْيِيدُهَا بِصِفَةٍ أُخْرَى تُوجَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ قُلْنَا عِتْقٌ بِصِفَةٍ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا لَوْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَأَنْتَ حُرٌّ، لَمْ يُعْتَقْ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي إشَارَتِهِ.
1 14/415.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/79.
وَيُتَوَجَّهَانِ فِي وَصِيَّةٍ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ. فَإِنْ صَحَّ وأبرئ من الخدمة عَتَقَ مِنْ حِينِهِ، وَقِيلَ: بَعْدَ سَنَةٍ.
فَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِبِيعَةٍ وَهُمَا كَافِرَانِ فَأَسْلَمَ فَفِي لُزُومِهِ1 الْقِيمَةَ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ رِوَايَتَانِ "م 3" وَإِنْ كَانَتْ لِابْنِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَكَبِرَ وَاسْتَغْنَى عَنْ رَضَاعٍ عَتَقَ، وَقِيلَ: عَنْ إطْعَامِهِ وَتَنْجِيَتِهِ، نَقَلَ مُهَنَّا: لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ، قُلْت: حَتَّى يحتلم؟ قال: لا دون الاحتلام.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا2 الْخِلَافَ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَذَكَرَ عِلَّتَهُ وَقَالَ: وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ جَعَلَ هَذَا الْعَقْدَ تَدْبِيرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفِي ذَلِكَ، وَلَهُمْ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهِ أَرْبَعُ طُرُقٍ ذُكِرَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. انْتَهَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 2: لَوْ قَالَ اُخْدُمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَيُتَوَجَّهَانِ فِي وَصِيَّةٍ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ". انْتَهَى. قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، فَكَذَا فِي هَذِهِ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ وَصِيَّتِهِ لَهُ بِمُشَاعٍ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصَايَا، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ التوجيه.
مَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "فَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِبِيعَةٍ وَهُمَا كَافِرَانِ فَأَسْلَمَ فَفِي لُزُومِهِ الْقِيمَةَ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَهُمَا ابْنُ أَبِي مُوسَى فَمَنْ بَعْدَهُ:
إحْدَاهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ وَيُعْتَقُ مَجَّانًا، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ؛ لِتَعَذُّرِهَا بَعْدَ إسلامه.
1 في الأصل: "لزوم".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من [ط] .
وَالرِّوَايَتَانِ فِي: إنْ فَعَلْت كَذَا بَعْدِي فَأَنْتَ حُرٌّ "م 4" وَعَلَى الصِّحَّةِ لَا يَمْلِكُ وَارِثُهُ1 بَيْعَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ، كَالْمُوصَى بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالتَّرْغِيبُ: يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِمَشِيئَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَمَا كَسَبَ قَبْلَهَا لِلْوَرَثَةِ، وَلَا يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ بِرُجُوعِهِ فِيهِ، وَإِبْطَالُهُ.
وَبَيْعُهُ ثُمَّ شِرَاؤُهُ كَعِتْقٍ مُعَلَّقٍ بِصِفَةٍ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي الِانْتِصَارِ وَالْوَاضِحُ: لَهُ فَسْخُهُ، كَبَيْعِهِ، ويتوجه في طلاق، وعنه: بلى، كوصية، فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ فِي حَمْلٍ لَمْ يُوجَدْ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَالرِّوَايَتَانِ فِي إنْ فَعَلْت كَذَا بَعْدِي فَأَنْتَ حُرٌّ". انْتَهَى. وَقَدْ عَلِمْت أَيْضًا الصحيح منهما، والله أعلم.
1 في "ر": "وارث".
وَإِنْ رَجَعَ فِي حَامِلٍ فَفِي حَمْلِهَا وَجْهَانِ "م 5" لَا بَعْدَ وَضْعِهِ، وَالرِّوَايَتَانِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِصَرِيحِ التَّعْلِيقِ أَوْ صَرِيحِ الْوَصِيَّةِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ: لَا يَرْجِعُ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ.
وَإِنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَرْجِعْ إنْ قُلْنَا تَعْلِيقٌ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ "م 6".
وله بيعه إن لم يوص1 به،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "فَإِنْ رَجَعَ فِي حَامِلٍ فَفِي حَمْلِهَا وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ رُجُوعًا فِيهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ رُجُوعًا.
مَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَرْجِعْ إنْ قُلْنَا تَعْلِيقٌ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ، وَقَالُوا بَعْدَ حِكَايَةِ الْوَجْهَيْنِ: بِنَاءً عَلَى مَا إذَا جَحَدَ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ هَلْ يَكُونُ رُجُوعًا أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّ جَحْدَ الْوَصِيَّةِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا أَيْضًا، وَقَدَّمَ ابْنُ رَجَبٍ فِي فَوَائِدِ قَوَاعِدِهِ أَنَّ جُحُودَهُ لِلتَّدْبِيرِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا. وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ. انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ رُجُوعًا بِنَاءً عَلَى الوجه الذي في الوصية.
تَنْبِيهَانِ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "وَلَهُ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُوصِ بِهِ". انْتَهَى.
هَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا إذْ لَا قَائِلَ بِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ تَبَعًا لِابْنِ أَبِي الْمَجْدِ وَلَعَلَّهُ " وَإِنْ لَمْ يَرْضَ ". بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَبْلَ لَفْظَةِ " إن " وبراء بدل الواو في
1في [ط] : "يرض".
وَعَنْهُ: فِي الدَّيْنِ، وَعَنْهُ: وَلِحَاجَةٍ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وعنه: لا تباع الأمة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
يُوصِ، يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُدَبَّرُ بِالْبَيْعِ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَالَ صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَلَهُ بَيْعُهُ لَا أَنْ يُوصِيَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمُدَبَّرِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا. انْتَهَى. وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا فَيُقَدَّرُ بما يصح الكلام به، والله أعلم.
الثَّانِي: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: "وَعَنْهُ: فِي الدَّيْنِ، وعنه: ولحاجة، اختاره الخرقي". انتهى.
وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ أَوْ دَبَّرَ الْحَمْلَ ثُمَّ بَاعَ أُمَّهُ فَكَاسْتِثْنَائِهِ فِي الْبَيْعِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ: لَهُ بَيْعُ الْعَبْدِ فِي الدَّيْنِ، وَفِي بَيْعِهَا فِيهِ رِوَايَتَانِ.
وَإِنْ دَبَّرَ مُوسِرٌ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ لَمْ يَسْرِ، وَقِيلَ: يَصِيرُ مُدَبَّرًا، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ مدبر كافر بِيعَ عَلَيْهِ إنْ أَبَى إزَالَةَ مِلْكِهِ عَنْهُ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ مُكَاتَبُهُ وَعَجَزَ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ إنْ اسْتَدَامَ تَدْبِيرُهُ، وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا، وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ حَتَّى يُعْتَقَ بِمَوْتِهِ.
وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ الْقِنُّ فَحُكْمُهُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: تَصِحُّ كِتَابَتُهُ وَتَكْفِي، وَوَارِثُهُ مِثْلُهُ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ فَكَالثَّانِي، وَإِنْ أَسْلَمَ حَلَّتْ لَهُ، وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا، وَعَنْهُ: تُسْتَسْعَى فِي قِيمَتِهَا ثُمَّ تُعْتَقُ، وَنَقَلَ مُهَنَّا تُعْتَقُ بِإِسْلَامِهَا.
وَإِنْ كَاتَبَ مُدَبَّرَهُ أَوْ دَبَّرَ مُكَاتَبَهُ فَأَدَّى عَتَقَ وَكَسْبُهُ لَهُ. وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ عَتَقَ بِمَوْتِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِلَّا عَتَقَ بقدره وباقيه مكاتب بقسطه،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
إنَّمَا اخْتَارَ الْخِرَقِيُّ رِوَايَةَ جَوَازِ بَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ، فَقَالَ: وَلَهُ بَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ، وَلَا تُبَاعُ الْمُدَبَّرَةُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى الْأَمَةُ كَالْعَبْدِ. انْتَهَى. فَحَصَلَ الْخَلَلُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: نِسْبَةُ الرِّوَايَةِ إلَى اخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ، وَالْخِرَقِيُّ إنَّمَا أَجَازَهُ فِي الدَّيْنِ، وَالْحَاجَةُ أَعَمُّ مِنْ الدَّيْنِ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ رِوَايَتَيْنِ.
وَالثَّانِي: إطْلَاقُ الْبَيْعِ يَشْتَمِلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَالْخِرَقِيُّ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي الْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ مِنْ غَيْرِ ترجيح، والله أعلم.
وَكُلُّ كَسْبِهِ إذَا عَتَقَ أَوْ بِقَدْرِ عِتْقِهِ لِسَيِّدِهِ، وَعَنْهُ: لَهُ، كَلُبْسِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: مَا لَا بُدَّ مِنْ لُبْسِهِ، وَكَمَا لَوْ ادَّعَى الْمُدَبَّرُ أَنَّهُ كَسَبَهُ 1بَعْدَ مَوْتِهِ1 وَأَمْكَنَ، لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ وَلَدِهِ، وَكَذَا إنْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ ثُمَّ كَاتَبَهَا أَوْ كَاتَبَهَا ثُمَّ أَوْلَدَهَا، لَكِنْ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مُطْلَقًا.
وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْقِنَّ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَعْتَقَ مُكَاتَبَهُ فَمَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ، وَعَنْهُ: لَهُ.
وَعِتْقُهُ مُكَاتَبَهُ قِيلَ: إبْرَاءٌ مِمَّا بَقِيَ، وَقِيلَ: فَسْخٌ، كَعِتْقِهِ2 فِي كَفَّارَةٍ "م 7" وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ بِالْإِيلَادِ، وَقِيلَ: وَبِالْكِتَابَةِ إنْ قُلْنَا هُوَ وَصِيَّةٌ.
وَإِنْ جَنَى بِيعَ، وَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ تَدْبِيرُهُ، وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ فَبَاقِيهِ مُدَبَّرٌ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَتَقَ إنْ وَفَّى ثُلُثُهُ بِهَا، وَإِنْ أَوْجَبْت الْقَوَدَ وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ لَمْ يُعْتَقْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: "وَعِتْقُهُ مُكَاتَبَهُ قِيلَ: إبْرَاءٌ مِمَّا بَقِيَ، وَقِيلَ: فَسْخٌ كَعِتْقِهِ فِي كَفَّارَةٍ". انْتَهَى.
قُلْت: الصَّوَابُ الثَّانِي، قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمَا: إذَا أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ برئ وعيق5؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ خَلَتْ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَدَّاهُ، فَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِهِ بَرِئَ مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ، لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ كَالْأَدَاءِ. انْتَهَى.
فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ في هذا الباب.
1 ليست في "ر".
2 في النسخ الخطية: "لعتقه"، والمثبت في "ط".
3 14/430.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/218.
5 في "ط": "الرقيق".