الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل لَهَا هِبَةُ قَسْمِهَا بِلَا مَالٍ لِضَرَّةٍ بِإِذْنِهِ، وَلَوْ أَبَتْ الْمَوْهُوبُ لَهَا
، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَإِذْنُ سَيِّدِ أَمَةٍ، لِأَنَّ وَلَدَهَا لَهُ، أَوْ لَهُ فَيَجْعَلُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ قَالَتْ: خُصَّ بِهَا مَنْ شِئْت، الْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ، لِأَنَّهُ يُوَرِّثُ الْغَيْظَ، بِخِلَافِ تَخْصِيصِهَا1 وَاحِدَةً، وَقِيلَ: لَهُ نَقْلُهُ لِيَلِيَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ، فَلَوْ وَهَبَتْ رَابِعَةٌ لَيْلَتَهَا ثَانِيَةً، فَقِيلَ: يَطَأُ ثانية ثم أولى ثم ثانية ثم ثالثة، وَقِيلَ لَهُ وَطْءُ الْأُولَى أَوَّلًا، ثُمَّ يُوَالِي لِلثَّانِيَةِ2 لَيْلَتَهَا وَلَيْلَةَ الرَّابِعَةِ "م 18" وَيَقْسِمُ لَهَا مِنْ حِينِ رُجُوعِهَا وَلَوْ فِي بَعْضِ لَيْلَةٍ، ولا يقضيه إن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ – 18: قَوْلُهُ: "وَقِيلَ: لَهُ نَقْلُهُ لِيَلِيَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ، فَلَوْ وَهَبَتْ رَابِعَةٌ لَيْلَتَهَا ثَانِيَةً فَقِيلَ: يطأ ثانية ثم أولى ثم ثانية ثم ثَالِثَةً، وَقِيلَ: لَهُ وَطْءُ الْأُولَى أَوَّلًا، ثُمَّ يُوَالِي لِلثَّانِيَةِ لَيْلَتَهَا وَلَيْلَةَ الرَّابِعَةِ" انْتَهَى.
قُلْت: إنْ وَهَبَتْ الرَّابِعَةُ الثَّانِيَةَ لَيْلَتَهَا وَكَانَ قَدْ وَصَلَ فِي الدَّوْرِ إلَى الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَبِيتُ وَيَطَأُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ:
1 في "ر": "بعضها".
2 في الأصلك "الثانية".
عَلِمَ بَعْدَ تَتِمَّتِهَا، وَلَهَا بَذْلُ قَسْمٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِيُمْسِكَهَا، وَالرُّجُوعُ لِتَجَدُّدِ الْحَقِّ، وَفِي الْهَدْيِ1: يَلْزَمُ وَلَا مُطَالَبَةَ، لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، كَمَا صَالَحَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْعَدَاوَةِ، وَمِنْ عَلَامَةِ الْمُنَافِقِ إذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ. كَذَا قَالَ.
وَإِنْ قَسَمَ لِثِنْتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ، ثُمَّ تَجَدَّدَ حَقُّ رَابِعَةٍ، بِأَنْ رَجَعَتْ فِي هِبَةٍ، أَوْ عَنْ نُشُوزٍ، أَوْ بِنِكَاحٍ، وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ، ثُمَّ رُبْعُ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلرَّابِعَةِ، وَبَقِيَّتُهُ لِلثَّالِثَةِ، فَإِذَا كَمُلَ الحق ابتدأ التسوية.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَنَّ هَذَا بِلَا نِزَاعٍ فِي الْمُذْهَبِ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ وَهَبَتْ لَيْلَتَهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا فَتَسْتَحِقُّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَيَدُورُ عَلَى الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةِ، وَالصَّوَابُ ثُمَّ الثَّالِثَةِ ثُمَّ لَيْلَةِ الرَّابِعَةِ، وَهُوَ الْعَدْلُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ نَقْلُ لَيْلَةِ الرَّابِعَةِ لِيَلِيَ ليلة الموهوبة فيبيت ليلة2 ثَانِيَةً قَبْلَ الْمَبِيتِ عِنْدَ الثَّالِثَةِ. قُلْت: وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ ظُلْمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 "زاد المعاد""5/139 -140".
2 ليست في "ط".
وَلَوْ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثُمَّ نَكَحَ وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ ثُمَّ لَيْلَةً لِلْمَظْلُومَةِ ثُمَّ نِصْفَ لَيْلَةٍ لِلثَّالِثَةِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا يَبِيتُ1 نِصْفَهَا بَلْ لَيْلَةً، لِأَنَّهُ حَرَجٌ، وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ أَبَانَ الْمَظْلُومَةَ ثُمَّ نَكَحَهَا وَقَدْ نَكَحَ جَدِيدَاتٍ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ.
وَلَا قَسْمَ لِإِمَائِهِ مُطْلَقًا، فَيَفْعَلُ مَا شَاءَ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ زَمَنِ زَوْجَاتِهِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: لَكِنْ يُسَوِّي فِي حِرْمَانِهِنَّ. فَإِنْ نَشَزَتْ بِأَنْ مَنَعَتْهُ حَقَّهُ أَوْ أَجَابَتْهُ مُتَبَرِّمَةً وَعَظَهَا ثُمَّ يَهْجُرُهَا فِي الْكَلَامِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ وَالْغُنْيَةِ وَالْمُحَرَّرِ: وَالْمَضْجَعِ، ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ2 كَلَامُ أَحْمَدَ بِالْهَجْرِ بِالْكَلَامِ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ هُنَاكَ، وَقَدْ هَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3.
وَفِي الْوَاضِحِ يَهْجُرُهَا فِي الْفِرَاشِ، فإن أضاف إليه الهجر في4
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر": "يثبت".
2 3/266.
3 البخاري "2468"، ومسلم "1479""30"، من حديث ابن عباس.
4 في الأًصل: "من".
الْكَلَامِ وَدُخُولَهُ وَخُرُوجَهُ عَلَيْهَا جَازَ 1وَكُرِهَ، ثُمَّ يَضْرِبُهَا غَيْرَ شَدِيدٍ، عَشْرَةً فَأَقَلَّ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وهو حسبه2، قاله في الانتصار1، و1عنه: لَهُ ضَرْبُهَا أَوَّلًا1، وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:"إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ".
وَلَا يَمْلِكُ تَعْزِيرَهَا فِي حَقِّ اللَّهِ عز وجل. وَنَقَلَ مُهَنَّا هَلْ يَضْرِبُهَا عَلَى تَرْكِ زَكَاةٍ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. وَفِيهِ ضَعْفٌ، لِأَنَّهُ نُقِلَ عَنْهُ: يَضْرِبُهَا عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ عز وجل، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَذَكَرَ غَيْرُهُ: يَمْلِكُهُ، وَلَا يَنْبَغِي سُؤَالُهُ لِمَ ضَرَبَهَا، قَالَهُ أَحْمَدُ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: الْأَوْلَى تَرْكُهُ إبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتْرُكَهُ عَنْ الصَّبِيِّ لِإِصْلَاحِهِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ4 عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: مَا ضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ. وَلِمُسْلِمٍ5 عَنْهَا، فِي خُرُوجِهِ عليه الصلاة والسلام فِي اللَّيْلِ إلَى الْبَقِيعِ وَأَخْفَاهُ مِنْهَا: وَخَرَجَتْ فِي أَثَرِهِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رفع يديه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في الأًصل.
2 في "ر": "حسنة".
3 أحمد "9013"، والبخاري "5194"، مسلم "1436""120".
4 مسلم "2328""79"، ولم يخرجه البخاري، ينظر:"تحفة الأشراف" 12/138.
5 في صحيحه "974""103".
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ: ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْت، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْت، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْت، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْت وَالْإِحْضَارُ الْعَدْوُ فَسَبَقْته فَدَخَلْت، فَدَخَلَ فَقَالَ مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً؟ قُلْت: لَا شَيْءَ، قَالَ:"لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَخْبَرْته، فَلَهَدَنِي في صدري لهدة1 أوجعتني، ثم قال:"أظننت2 أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْك وَرَسُولُهُ؟ ".
حَشْيَا بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورٌ، وَالْحَشَا الرَّبْوُ وَالنَّهِيجُ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْمُسْرِعِ فِي مَشْيِهِ وَالْمُحْتَدِّ فِي كَلَامِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ النَّفَسِ وَتَوَاتُرِهِ، وَرَابِيَةً أَيْ مُرْتَفِعَةَ الْبَطْنِ، وَلَهَدَنِي بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَيُرْوَى بِالزَّايِ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ، يُقَالُ: لَهَدَهُ بِتَخْفِيفِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِهَا أَيْ دَفَعَهُ وَيُقَالُ: لَهَزَهُ أَيْ ضَرَبَهُ بِجَمِيعِ كَفِّهِ فِي صَدْرِهِ، وَيَقْرُبُ مِنْهُمَا لَكَزَهُ وَوَكَزَهُ.
وَيَمْنَعُ مِنْهَا مَنْ عَلِمَ بِمَنْعِهِ حَقَّهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ، وَيُحْسِنَ عِشْرَتَهَا، قَالَ عليه السلام:"خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي" 3 وَفِي الصَّحِيحَيْنِ4 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "استوصوا بالنساء
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في النسخ الخطية و"ط"، وأثبتناها من مصدر الحديث.
2 في النسخ الخطية و"ط": "ظننت"، وأثبتناها من مصدر الحديث.
3 أخرجه الترمذي "3895" بلفظ: "خيركم خيركم لأهله" الحديث.
4 البخاري "3331"، ومسلم "1468".
فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ فَإِنْ ذَهَبْت تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ اسْتَمْتَعْت بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ" وَلِمُسْلِمٍ1: "وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا" وَلِأَحْمَدَ2 مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ: "فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا".
وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْت الْقَاضِيَ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ: خَمْسَةٌ تَجِبُ عَلَى النَّاسِ مُدَارَاتُهُمْ: الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ، وَالْقَاضِي الْمُتَأَوِّلُ، وَالْمَرِيضُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْعَالِمُ لِيُقْتَبَسَ مِنْ عِلْمِهِ. فَاسْتَحْسَنْت ذَلِكَ. وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا تَغْلُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْحُبِّ وَالْبُغْضِ، وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ3: مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِقَلِيلِ مَا يَأْتِي بِهِ السَّفِيهُ أَقَرَّ بِالْكَثِيرِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: مَتَى أَمْسَكَ عَنْ الْجَاهِلِ عَادَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَقْلِ مُوَبِّخًا لَهُ عَلَى قُبْحِ مَا أَتَى بِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْخَلْقُ لَائِمِينَ لَهُ عَلَى سُوءِ أَدَبِهِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُجِيبُهُ، وَمَا نَدِمَ حَلِيمٌ4 وَلَا سَاكِتٌ. فَإِنْ شِئْت فَاجْعَلْ سُكُوتَك أَجْرًا وَاحْتِقَارًا، أَوْ سَبَبًا لِمُعَاوَنَةِ النَّاسِ لَك وَلِئَلَّا تَقَعَ فِي إثْمٍ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ لَا تَغْضَبَ وَلَا تَحْتَدَّ وَنَقَلَ أَيْضًا: أَنْ يَحْتَمِلَ مِنْ النَّاسِ مَا يَكُونُ إلَيْهِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْعَرَبُ تَقُولُ: صَبْرُك عَلَى أَذَى مَنْ تَعْرِفُهُ خَيْرٌ لَك مِنْ اسْتِحْدَاثِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ. وَكَانَ شَيْخُنَا يَقُولُ هَذَا الْمَعْنَى، وَحَدَّثَ رَجُلٌ لِأَحْمَدَ مَا قِيلَ فِي الْعَافِيَةِ عشرة
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في صحيحه "1468""59".
2 في مسنده "20093".
3 في "ط": "المرزوي".
4 في النسخ الخطية: "حكيم"، والمثبت من "ط".
أَجْزَاءٍ، تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: الْعَافِيَةُ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ كُلُّهَا فِي التَّغَافُلِ.
وَفِي السُّنَنِ1 مِنْ أَوْجُهٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَوْ أَمَرْت أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا". وَلِأَحْمَدَ2: حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرٍ عَنْ يَسَارٍ عَنْ الْحُصَيْنِ بْنِ مُحْصِنٍ أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "ذَاتَ زَوْجٍ أَنْتِ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:"فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُك وَنَارُك" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَلِابْنِ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيِّ3 وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا رَاضٍ عَنْهَا دَخَلَتْ الْجَنَّةَ" وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَحَبُّ الْأَشْيَاءِ إلَى اللَّهِ عز وجل أَرْبَعَةٌ: الْقَصْدُ عِنْدَ الْحِدَّةِ وَلَعَلَّهُ الْجِدَّةُ قَالَ: وَالْعَفْوُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَالْحِلْمُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَالرِّفْقُ بِعِبَادِ اللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ.
وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَضَائِلُ مَشْهُورَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اجْتَمَعَتْ الْحُكَمَاءُ عَلَى أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَهِيَ: لَا تَحْمِلَنَّ عَلَى قَلْبِك مَا لَا يُطِيقُ وَلَا تَعْمَلْ عَمَلًا لَيْسَ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَلَا تَثِقَنَّ بِامْرَأَةٍ، وَلَا تَغْتَرَّ بِالْمَالِ وَإِنْ كَثُرَ.
فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا جَوْرَ صَاحِبِهِ أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ قُرْبَ ثِقَةٍ يُشْرِفُ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أبوداود "2140"، الترمذي "1159"، النسائي في "الكبرى""9147"، ابن ماجه "1852".
2 في مسنده "19003".
3 ابن ماجه "1854"، الترمذي "1161".
عَلَيْهِمَا، وَيَكْشِفُ عَنْهُمَا1 كَمَا يَكْشِفُ عَنْ عَدَالَةٍ وإفلاس من خبرة2 بَاطِنَةٍ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ: وَيَلْزَمُهُمَا الْحَقُّ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَتَشَاقَّا بَعَثَ حَكَمَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، عَدْلَيْنِ. وَفِي الْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِ: ذَكَرَيْنِ.
وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَالْفِقْهِ وَجْهَانِ "م 19 و 20" وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يُعْتَبَرُ اجتهاد،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ - 19، 20: قَوْلُهُ فِي الْحَكَمَيْنِ: "وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَالْفِقْهِ4 وَجْهَانِ" انْتَهَى، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 19: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْحَكَمَيْنِ الْحُرِّيَّةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ:
أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْحُرِّيَّةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: حُرَّيْنِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ5 وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَجَمَاعَةٍ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي الشُّرُوطِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3: وَقَالَ الْقَاضِي: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا حُرَّيْنِ، قَالَ: وَالْأَوْلَى إنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْحُرِّيَّةُ، وَإِنْ كَانَا حَكَمَيْنِ اُعْتُبِرَتْ، انْتَهَى. وَقَدَّمَ هَذَا فِي الْكَافِي6، وَيَأْتِي لَفْظُهُ في المسألة التي بعدها.
1 في "ر": "عليهما".
2 في "ط": "جيزة".
3 10/265.
4 في "ط": "النفقة".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/477.
6 4/403.
وإن مثله مَا يُفَوِّضُهُ الْحَاكِمُ مِنْ مُعِينٍ جُزْئِيٍّ كَقِسْمَةٍ، وَمِنْ أَهْلِهِمَا أَوْلَى، يُوَكِّلُهُمَا الزَّوْجَانِ فِي فِعْلِ الْأَصْلَحِ مِنْ جَمْعٍ وَتَفْرِيقٍ1 بِعِوَضٍ وَدُونَهُ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا إبْرَاءٌ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ وَكِيلُهَا بَرِئَ فِي الْخُلْعِ فَقَطْ، وَإِنْ شَرَطَا مَا لَا ينافي نِكَاحًا لَزِمَ ذَلِكَ2، وَإِلَّا فَلَا، كَتَرْكِ قَسْمٍ أَوْ نَفَقَةٍ، وَلِمَنْ رَضِيَ الْعَوْدَ، وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى التَّوْكِيلِ، وَعَنْهُ: بَلَى بِعِوَضٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ أَبَيَا جَعَلَهُ الْحَاكِمُ لِلْحَكَمَيْنِ، اخْتَارَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وشيخنا، وهو ظاهر كلام الخرقي ولا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -20: هَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا فَقِيهَيْنِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الشُّرُوطِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُشْتَرَطُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ، انْتَهَى.
قُلْت: أَمَّا اشْتِرَاطُ هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَنْ غَيْرِ نِزَاعٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَدْ 4جَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ4. وَقَالَ فِي الْكَافِي5: وَمَتَى كَانَا حَاكِمَيْنِ اشْتَرَطَ كَوْنَهُمَا فَقِيهَيْنِ، وَإِنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ جَازَ أَنْ يَكُونَا عَامِّيَّيْنِ، انْتَهَى. وَهَذَا الثَّانِي ضَعِيفٌ.
فَهَذِهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هذا الباب.
1 في النسخ الخطية: "وفرقة"، والمثبت من "ط".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/477.
4 في "ص": "المصنف في المغني والشارح، وابن رزين وابن منجا في "شرحيهما" وغيرهم، وهذا المذهب".
5 4/403.
يَنْقَطِعُ نَظَرُهُمَا بِغَيْبَةِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْأَوْلَى، وَقِيلَ: وَالثَّانِيَةُ وَيَنْقَطِعُ بِجُنُونِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا، عَلَى الْأَوْلَى فَقَطْ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ عَلَى الْمَجْنُونِ. وَفِي الْمُغْنِي1: وَالثَّانِيَةُ، لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَهُ بَقَاءُ الشِّقَاقِ وَحُضُورُ التَّدَاعِيَيْنِ، وَهُوَ شَرْطٌ، والله أعلم.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 10/266.