الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" حذروا من الحارث أشد التحذير! ! الحارث أصل البلبلة ـ يعني في حوادث كلام جهم ـ ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إلى رأي جهم ما زال مأوى أصحاب الكلام. حارث بمنزلة الأسد المرابط انظر أي يوم يثب على الناس! ! "(تلبيس إبليس 166 ـ 167) .
وهذا الكلام من الإمام أحمد يكشف فيه القناع أيضًا عن أن الحارث المحاسبي الذي تسربل ظاهرًا بالزهد والورع والكلام في محاسبة النفس على الخطرات والوساوس كان هو المأوى والملاذ لأتباع جهم بن صفوان المنحرفين في مسائل الأسماء والصفات والنافين لها، وهكذا كان التصوف دائمًا هو الظاهر الخادع للحركات والأفكار الباطنية. ولذلك وقف الإمام أحمد لهؤلاء الأشرار الظاهرين منهم والمتخفين بالزهد والورع وأمر بهجر الحارث المحاسبي وشدد النكير عليه فاختفى الحارث إلى أن مات. (تلبيس إبليس 167) .
الإمام أبو زرعة الدمشقي
وجاء بعد الإمام أحمد بن حنبل الإمام أبو زرعة رحمه الله فقال أيضًا عن كتب الحارث المحاسبي وقد سأله سائل عنها: " إياك وهذه الكتب هذه كتب بدع وضلالات. عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب. قيل له: في هذه الكتب عبرة. بلغكم أن مالك بن أنس وسفيان الثوري والأوزاعي والأئمة المتقدمين صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء هؤلاء (يعني الصوفية) قوم خالفوا أهل العلم يأتوننا مرة بالحارث المحاسبي، ومرة بعبد الرحيم الدبيلي ومرة بحاتم الأصم ومرة بشقيق البلخي ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع " ا. هـ. (تلبيس إبليس ص166 ـ 167) .
الإمام أبو اليسر
محمد بن محمد بن عبد الكريم البزودي المتوفي سنة 478هـ ـ ببخارى:
قال في كتابه (أصول الدين) عند التعريف بالتصوف: " وأما
(الصوفية) فأكثرهم من (أهل السنة والجماعة) . وفيهم من يكون صاحب الكرامة، إلا أنه قد ظهر فيهم مذاهب ردية أكثرها ضلال وبدعة. منهم (الحبية) يقولون: إن الله تعالى إذا أحب عبدًا رفع عنه الخطاب فيحل له كل النعم ويسقط عنه العبادات ولا يبقى في حقه حظر فلا يصلون ولا يصومون ولا يسترون العورة، ولا يمنعون عن الزنا وشرب الخمر، ولا عن اللواطة ولا عن محظور ما.
ومنهم (الأوليائية) يقولون: إن الولي أفضل من النبي والرسول من الآدميين والملائكة جميعًا. ويقولون: إن الرسول دون المرسل إليه ودون المرسل، على هذا رأينا عادات الأكابر. وهؤلاء يقولون أيضًا: إذا بلغ الإنسان في العبادة الدرجة القصوى وفي الولاية الرتبة العليا لا يبقى في حقه خطاب الإيجاب ولا خطاب الحظر ويحل له كل شيء.
ومنهم (الإباحتية) يقولون: الأموال كلها على الإباحة، وكذا الفروج وليس للملاك إلا مجرد الاكتساب، ويستبيحون أموال الناس وفروج نسائهم.
ومنهم (الحلولية) وهم قوم يستبيحون الرقص والغناء والنظر إلى الشاب الأمرد المليح الصبيح، ويقولون قد حلت بهذا الأمرد الصبيح صفة من صفات البارئ، فنحن نحبه ونعانقه لأجل تلك الصفة.
ومنهم (الحورية) يقولون باستباحة الرقص والغناء والمبالغة في الرقص حتى يسقطون على الأرض من كثرة الإتعاب في الرقص، ثم يقومون ويغتسلون ويقولون إن الحور العين يحضرن (الحق أنهم كانوا ينسبون في هذا الوقت إلى أهل السنة والجماعة وكان هذا ظاهرهم ولكنهم في الحقيقة كانوا زنادقة في الباطن يضمرون عقائد الباطنية كما شرح البزدوي نفسه أحوالهم) ، ونجامعهن وكأن إبليس جامعهم لشر صنيعتهم.
ومنهم (الواقفية) يقولون: إنه لا يمكن معرفة الله تعالى، وتوقفوا في معرفة الله تعالى، وقالوا أبياتًا في الفارسية والعربية فيها:
تراكه داندكي تراتو داني تو
ترانداند كس تراتو داني بس
وقال آخر:
تاتوتوي زعلت خالي ني يا باعلل ومحك ويرا مجوي
وقال آخر:
جه خبر فهم وه، را ازتو بحقيقت تراتو داني تو
روح وقلب وخردبتوا محدث محدثات تراجه علم ازتو
وللآخر بالعربية:
لا يعرف الحق إلا من يعرفه لا يعرف القديم المحدث الفاني
(الشطر الثاني من البيت جاء مكسور الوزن)
وقالوا: إن العجز عن المعرفة هو المعرفة.
ومنهم (المتجاهلة) وهم قوم يضربون المزامير ويشربون الخمر ويأتون ببعض الفواحش ويلبسون ثياب الفسقة ويقولون: ترك الإرادة واجب فبمثل هذا تترك الإرادة.
ومنهم (المتكاسلة) رضوا بملء البطن من الطعام حرامًا كان أو حلالًا يأكلون ما يجدون حرامًا أو حلالًا، ويسكنون في الحانات لا يكسبون بل ينامون في غالب الأزمان ويصلون قليلًا قليلًا، ويأكلون كثيرًا إن وجدوه ويرقصون إن وجدوا قاريًا (أي مضيفًا من القرى بمعنى الضيافة) ، واختاروا الكسل ولا يتعلمون شيئًا ولا يتزوجون إلا أنهم لا يعتقدون مذهبًا رديًا ولا ينازعون مع أحد فهؤلاء لا بأس بهم. ومنهم العامة الأتقياء البررة، وأصحاب الكرامات يكونون أبدًا على الطهارة ويتبعون سنن النبي صلى الله عليه وسلم في المشرب والمأكل واللباس والكلام والنيام والعبادة إلا أنهم تركوا سنته في تبليغ الوحي، وفوضوا ذلك إلى العلماء. وينبغي أن يترك الإنسان الطعن في الصوفية ويقطع لسانه عنهم (قلت كيف يجب ذلك وهذه هي أحوالهم بل يجب الإنكار عليهم) ، فإن فيهم خيار الأمة، وإنما ذكرت هؤلاء لأنه ظهر في بلادنا بعض هؤلاء خصوصًا بديار فرغانة قد يحضرون بخارًا أحيانًا ثم يخرجون إذا علمناهم فهؤلاء (الأوليائية) و (الحبية) شر عباد الله مال مذهبهم إلى الزندقة.
وفي (الصوفية) قوم يدعون الإلهام يقولون: حدثني قلبي عن ربي، ثم يذكرون بعض ما وضعه (القرامطة) من الإشارات الفاسدة بالألفاظ الهائلة