المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرق بين الصديق والزنديق - الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة

[عبد الرحمن بن عبد الخالق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعتين: الثالثة والرابعة

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌الباب الأول:‌‌ الكتاب والسنة عقيدةومنهجا

- ‌ الكتاب والسنة عقيدة

- ‌الكتاب والسنة منهجًا

- ‌الباب الثاني: مجمل تاريخ الشريعة الصوفية

- ‌الفصل الأول: لمحة سريعة عن تاريخ التصوف

- ‌الفصل الثاني: لمحة عن العقيدة والشعائر الصوفية

- ‌عقيدتهم في الله

- ‌عقيدتهم في الرسول

- ‌عقيدتهم وفي الأولياء

- ‌عقيدتهم في الجنة والنار

- ‌عقيدتهم في إبليس وفرعون

- ‌اعتقادهم ففي العبادات

- ‌اعتقادهم في الحلال والحرام

- ‌اعتقادهم في الحكم والسلطان والسياسة

- ‌اعتقادهم في التربية

- ‌الباب الثالث: نشأة العقيدة الصوفية وتطورها

- ‌الفصل الأول: طريق الهداية الصوفي

- ‌الفصل الثاني: طلب الجنة والفرار من النار ليس هدفًا

- ‌الفصل الثالث: التنفير من الطريق الشرعي للهداية

- ‌الفصل الرابع: القول بالحلول

- ‌الفصل الخامس: القول بوحدة الوجود

- ‌الفصل السادس: طريقة المتصوفة في الإعراب عن عقيدتهم الباطنية

- ‌طريق الوصول إلى العلم الباطن

- ‌الذنب عند النابلسي

- ‌الفرق بين الصديق والزنديق

- ‌الشعر المنسوب إلى ابن عربي

- ‌الفصل السابع: الحقيقة المحمدية في الفكر الصوفي

- ‌الفصل الثامن: الخضر عليه السلام في الفكر الصوفي

- ‌الخضر في القرآن الكريم

- ‌الخضر في السنة

- ‌باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام

- ‌أول من افترى القصة الصوفية للخضر

- ‌الخضر يصلي على المذهب الشافعي

- ‌الخضر حنفي وليس شافعيًا

- ‌الخضر يعلم الأذكار الصوفية

- ‌الخضر الصوفي خرافة لا حقيقة

- ‌الفصل التاسع: الكشف الصوفي

- ‌الإيمان بالغيب في الكتاب والسنة

- ‌الغيب في المعتقد الصوفي

- ‌ادعاء رؤية العوالم العلوية والسفلية

- ‌الغزالي وطريق الكشف

- ‌ابن عربي والكشف الصوفي

- ‌ملك ينزل إلى الأرض على شكل خواجة

- ‌تاريخ بناء الأهرام عن طريق الكشف

- ‌الدباغ يكتشف نبيًا جديدًا اسمه هويد

- ‌أولياء أكثرهم أميون

- ‌دباغ يفضل نفسه على إبراهيم الدسوقي

- ‌دباغ يكتشف سر ليلة القدر

- ‌طبال ومغفل من أهل الكشف

- ‌الوحي الصوفي لا ينزل إذا كان أحد المنكرين حاضرًا

- ‌تقديم مذهب أبي حنيفة على سائر مذاهب الفقهاء بطريق الكشف

- ‌الفصل العاشر: المعراج الصوفي

- ‌معراج إسماعيل بن عبد الله السوداني

- ‌نفائس حقية من علوم ذوقية

- ‌كيفية صفة خلوة للمؤلف وغير ذلك من الأدعية المرجية

- ‌الفصل الحادي عشر: الولاية الصوفية

- ‌الولاية الرحمانية

- ‌الولاية الصوفية الشيطانية

- ‌مراتب الولاية عند الصوفية

- ‌القطب الغوث واحد في الزمان فقط

- ‌مدة حكم القطب ووظيفته

- ‌ابن عربي القطب الأعظم

- ‌الفصل الثاني عشر: ختم الولاية

- ‌ابن عربي وختم الولاية

- ‌محمد عثمان الميرغني وختم الولاية

- ‌أحمد التجاني وختم الولاية

- ‌الفصل الثالث عشر: الديوان الصوفي الذي يحكم العالم

- ‌هيئة الديوان

- ‌زعمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر الديوان

- ‌ساعة انعقاد الديوان

- ‌زوجات النبي صلى الله عليه وسلم والديوان

- ‌زعمهم حضور الملائكة للديوان

- ‌لغة أهل الديوان

- ‌الديوان يعقد في صحراء السودان أحيانًا

- ‌الغوث الصوفي دكتاتور كبير

- ‌أولياء ينظرون في اللوح المحفوظ

- ‌الباب الرابع: الشريعة الصوفية

- ‌الفصل الأول: الذكر الصوفي

- ‌كيفية تتلقى الأذكار عند الصوفية

- ‌التلقي من القبور

- ‌فضائل مكذوبة للأذكار الصوفية

- ‌الفصل الثاني: الشطح الصوفي

- ‌الفصل الثالث: قواعد التربية في المنهج الصوفي

- ‌أولًا ـ اتخاذ الشيخ

- ‌ثانيًا ـ مواصفات الشيخ

- ‌ثالثًا ـ آداب المريد

- ‌لا حركة ولا سكون للمريد إلا بإذن الشيخ

- ‌كتمان لشيء من الأسرار عن الشيخ

- ‌ترك العهد الصوفي كفر وردة

- ‌الفصل الرابع: الطرق الصوفية

- ‌تاريخ نشأة الطرق الصوفية

- ‌معنى الطريقة الصوفية

- ‌نماذج من الطرق الصوفية

- ‌الطريقة التجانية

- ‌ادعاء التجاني أن أتباعه يدخلون الجنة مهما عصوا

- ‌زعم التجانية رؤية الرسول في اليقظة والأخذ عنه

- ‌دعوة التجانية إلى الشرك الجلي

- ‌تفضيل التجاني نفسه على جميع الأولياء

- ‌أذكارهم وبدعهم الخاصة

- ‌الطريقة الرفاعية

- ‌من أقوال أحمد الرفاعي

- ‌الشعائر الخاصة للطريقة الرفاعية

- ‌الرفاعية في طور جديد

- ‌الدرة البيضاء

- ‌الطريقة الرفاعية والتشيع

- ‌وحدة الشعار بين الرفاعية والشيعة

- ‌الخلوة الأسبوعية

- ‌ادعاء الاختصاص بالرحمة

- ‌الفصل الخامس: مناظرة شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية للبطائحية الرفاعية

- ‌فصل فلما نهيتهم عن ذلك أظهروا الموافقة والطاعة

- ‌أنواع من تلبيسات الرفاعية

- ‌رجوع الرفاعية وإقرارهم العمل بالكتاب والسنة

- ‌فظائع الرفاعية في الصلاة

- ‌الباب الخامس: الصلة بين التصوف والتشيع

- ‌أوائل المتصوفة وعلاقتهم بالتشيع

- ‌أوجه التلاقي بين التصوف والتشيع

- ‌ادعاء العلوم الخاصة

- ‌الإمامة الشيعية والولاية الصوفية

- ‌القول بأن للدين ظاهرًا وباطنًا

- ‌تقديس القبور وزيارة المشاهد

- ‌العمل على هدم الدولة الإسلامية

- ‌الحلاج والتشيع

- ‌الحلاج داعية الإسماعيلية في المشرق

- ‌شهادة العمار الحنبلي أن الحلاج قرمطي

- ‌الحلول عند الحلاج الصوفي وعند أبي الخطاب الشيعي

- ‌الطرق الصوفية والتشيع

- ‌الطريقة البكتاشية

- ‌الطريقة البكتاشية تنتشر في مصر

- ‌أصول الطريقة البكتاشية

- ‌التكية البكتاشية

- ‌آداب الطريقة البكتاشية

- ‌آداب زيارة التكية

- ‌الأوراد البكتاشية

- ‌وأما في ورد التولي والتبري فإنهم يقولون

- ‌دور الفرس في التشيع والتصوف

- ‌الباب السادس: أئمة الإسلام والتصوف

- ‌الإمام الشافعي:

- ‌الإمام أحمد بن حنبل:

- ‌الإمام أبو زرعة الدمشقي

- ‌الإمام أبو اليسر

- ‌الإمام ابن الجوزي

- ‌الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌الإمام برهان الدين البقاعي

- ‌عقيدة ابن عربي وكيده للإسلام

- ‌منهاج الصوفية في الكيد بدعوتهم

- ‌مثالهم في الزندقة

- ‌شهادة الدكتور الشيخ تقي الدين الهلالي

- ‌سبب خروجي من الطريقة التجانية

- ‌مع الشيخ الفاطمي الشرادي

- ‌مع الشيخ عبد العزيز بن إدريس

- ‌شهادة الشيخ عبد الرحمن الوكيل

الفصل: ‌الفرق بين الصديق والزنديق

لبيان امتياز المحضرات الصفاتية، لتنفصل مجملاتها، وتبين كمالاتها، وليست المغايرة أمرًا مقصورًا، وإنما لزمت من ظهور حقائق بعض الصفات كالغفور والحليم والمنتقم بوساطة تحقق الذنب.

قال الجنيد: ما انتفعت بشيء كانتفاعي بأبيات سمعتها، وأنا مار ببعض الطرقات منها:

وإن قلت: ما ذنبي إليك؟ ** أجبتني: وجودك ذنب لا يقاس به ذنب

(الفتح ص49)

فالذنب عند النابلسي بمقتضى كلامه السابق هو أن يظن العبد أن له وجودًا مستقلًا عن وجود الله! ! ومن ظن ذلك فقد أفحش وبغى، وقال ما لم يعلم، واستدل على ذلك ببيت الشعر الذي سمعه الجنيد.

ويبالغ النابلسي أكثر من ذلك، فيزعم أن حال الذنب هو القرب من الله، وليس البعد منه. ولذلك يقول بالنص:

" فالمذنب في حال ذنبه أقرب إلى الله منه في حال طاعته "! !

‌الفرق بين الصديق والزنديق

وقد أوضح النابلسي هذه العقيدة الباطنية أكثر من ذلك عندما عقد فصلًا مطولًا قارن فيه بين الزنديق والصديق، وكانت خلاصة هذا الفصل أن الزنديق من يرى أن كفره وفسقه صادر منه فقط، وأنه مستقل بهذا الكفر. وأما الصديق فهو من يرى أن كل أفعال العباد صادرة من الله سبحانه ـ تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا ـ وأن المؤمن والكافر والفاسق والبار ما هم جميعًا إلا مظاهر مختلفة لحقيقة الرب الموجود وحده، واستدل على ذلك بقوله تعالى:{ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} [الملك: 3] ، فالمؤمن عنده والكافر من خلق الله، ولا فرق بين هذا وذاك، ومن عرف هذه الحقيقة فهو الصديق، ومن جهلها وظن أن الكافر يصنع كفره، ويخلق فعله، ويستقل

ص: 100

بأمر نفسه فهو الزنديق! ! .

ويحسن أن أنقل كلامه في هذه المسألة بنصه حتى تتضح صورة هذه العقيدة الباطنية وضوحًا لا شك فيه. يقول الشيخ النابلسي:

" واعلم أن الأديان كلها التي في العالم بالنسبة إلى المتدينين بها من الخلق تنقسم إلى قسمين: دين واحد حق وهو الإسلام، وأديان جميعها باطلة، وهي ما عدا دين الإسلام.

وأما بالنسبة إلى الخالق سبحانه وتعالى فجميع الأديان الباطلة والصحيحة مخلوقة له تعالى، وهو خالقها، وقد قال تعالى:{وله أسلم من في السماوات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه يرجعون} [آل عمران: 83] ، أي انقادوا إليه طائعين في حق المؤمنين، ومكروهين، لأنه لا خالق غيره، في حق الكافرين.

فمن نظر إلى ما يظهر من كلا الفريقين، وقال: إن جميع ذلك صواب وحق فهو الزنديق، ومن لم ينظر إلى ما يظهر من كلا الفريقين، وإنما نظر إلى يد الله العليا التي فوق أيديهم جميعًا، واعتقد أن جميع ما يصدر منها صواب وحق فهو الصديق، والفرق بينهما دقيق. لا يدرك إلا بعناية من الله تعالى وتوفيقه.

فربما يظهر الصديق في حلية الزنديق، وربما يظهر الزنديق في حلية الصديق، وموقع النظر واحد، وهو الخلق. فمن نظر إلى الخلق وقال: إنهم كلهم على الصواب: فإما أن ينظر إليهم من حيث صدورهم عن الصانع القديم، ويقول ذلك فهو الصديق. وإما أن ينظر إليهم من حيث ذواتهم ويقول ذلك فهو الزنديق.

وسبب ذلك أن من نظر إليهم من حيث صدورهم عن الصانع القديم، فحكم بالتساوي بينهم، لأن الله تعالى يقول: {ما ترى في خلق الرحمن

ص: 101

من تفاوت} [الملك: 3] ، (انظر كيف قطع النابلسي هذا المقطع من الآية عن موضعه، فبدل معناه، وموضعه هكذا: {الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور} [الملك: 3] . والتفاوت المقصود هنا هو التفاوت في خلق السماوات والأرض، لا في فعل البشر، لأن كل عاقل يعلم أن فعل البشر متفاوت، فكم بين الإيمان والكفر من تفاوت! !){الله خالق كل شيء} [الرعد: 18] ، فلا يكلف إلى الفرق والتمييز حينئذ، وهو صادق في حكمه بذلك التساوي، لأنه مأمور بالإيمان بذلك.

وأما من نظر إليهم من حيث ذواتهم، وما هم عليه من الأحوال، فحكمه بالتساوي بينهم خطأ محض وجهل. قال تعالى:{أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون} [القلم: 35: 36] . وقال تعالى: {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} [ص: 28] . وإنما يكلف إلى الفرق والتمييز حينئذ، وهو كاذب في حكمه بالتساوي بينهم، قد يشتبه كلام الصديق بالزنديق، والقصد هو الفارق، ويعرف ذلك من كلام آخر في موضع آخر كقول الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي رضي الله عنه من أبيات الفتوحات المكية:

عقد البرية في الإله عقائدًا ** وأنا اعتقدت جميع ما اعتقدوه

ومراده جميع ما اعتقدوه من حيث صدور ذلك عن الصانع القديم، فإن جميع ذلك آثار دالة عليه تعالى، لا من حيث صدور ذلك عن المعتقدين لأنها من حيث هم دالة عليهم لا عليه، وعقيدة أهل الاختصاص فيها الغفلة عن الآثار، والنظر إلى المؤثر، يعلم ذلك في مواضع شتى في كلامه " (الفتح ص85 ـ 86) .

وبهذا النقل المطول عن الشيخ النابلسي تتضح أمامنا الآن صورة العقيدة

ص: 102